من الحق في الحياة والنمو الصحي، إلى الحق في التعليم والمشاركة في القرارات التي تؤثر في مستقبلهم، هذا المقال سيكون دليلك لمعرفة كيف تؤدي المواثيق والاتفاقيات الدولية دوراً هاماً في تعزيز وحماية حقوق الأطفال على مستوى العالم.
خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، كان الأطفال عرضة للاستغلال، مثل العمل القسري والعبودية، ومع بداية القرن التاسع عشر، شهدنا نمواً في الوعي بحقوق الأطفال؛ فقد تحسنت ظروف العمل بفضل حركة إصلاحية نشطة، من ثم تمثلتْ في مطالب بوضع قوانين تحمي حقوقهم؛ ولكنَّ اهتمامات الدول بتطبيق تلك الحقوق والقوانين، كانت متباينة؛ بسبب الاختلاف في الأيديولوجيات، وفي إطار هذا التطور، تم اعتماد إعلان جنيف 1924، الذي وضع أسساً لحماية الأطفال من العمل القاسي وسوء المعاملة.
بعد ذلك أصدرتِ اللجنة الاجتماعية للهيئة الدولية، إعلاناً عالمياً، يحتوي على عشر مبادئ رئيسة تُعنى بحقوق الأطفال في نموهم الصحي، والتعليم، والحماية من جميع أشكال الاستغلال والعنف دون تمييز بينهم، وهذا الإعلان؛ أدى إلى إنشاء صندوق الأمم المتحدة للطفولة في عام 1946، ومن ثم تحول إلى وكالة دائمة باسم صندوق الأمم المتحدة في عام 1954.
في عام 1959، تم اعتماد اتفاقية حق الطفل من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذه الاتفاقية كانت خطوة هامة في تحديد حقوق الأطفال على الصعيد الدولي، لكنَّها لم تكن قانونية التنفيذ، وفي عام 1989، شهدنا اعتماد اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والتي أصبحت الوثيقة الدولية الأكثر تأثيراً في تعريف حقوق الطفل، وهذه الاتفاقية شملت حقوق الأطفال مثل: الحق في الحياة، والتنمية، والمشاركة، وحماية الأطفال من الاستغلال، وبعد اعتماد اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، تمت إضافة بروتوكولات اختيارية لها، لتسلط الضوء على قضايا مثل: بيع الأطفال، والاستغلال الجنسي، والمشاركة المسلحة للأطفال.
بعد هذه التطورات، نظمت القمة العالمية للأطفال في عام 1990، وأصدرت "استراتيجية العالم من أجل الأطفال"؛ بهدف تحسين حياة الأطفال في مختلف جوانبها، إضافة إلى ذلك، أدرجت حقوق الطفل بوصفها جزءاً من الأهداف الإنمائية للألفية للأمم المتحدة بعد تلك القمة، وهو الأمر الذي أكسب حقوق الأطفال تفهماً عالمياً أكبر، لأهميتها في تحقيق التنمية المستدامة.
إضافة إلى ذلك، في عام 2006، تمت إضافة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؛ لحماية حقوق الأطفال ذوي الإعاقة، وتعزيز مشاركتهم في المجتمع، وجميع هذه المبادرات والتطورات، تعكس التزام المجتمع الدولي بحماية حقوق الأطفال وضمان حياتهم ورفاهيتهم.
التعليم ليس مجرد وسيلة لنقل المعرفة؛ بل هو حق أساسي لكل طفل، ويمكن أن يكون البوابة لتحقيق أمور أخرى في حياتهم، ومن خلال الاتفاقيات والمواثيق الدولية، تم وضع إطار قانوني قوي لحماية حقوق الطفل في مجال التعليم، أهمها:
هذه الاتفاقية تؤكد على حق الطفل في التعلم، وتشجع على تطوير التعليم الأولي والمجاني.
تهدف إلى القضاء على التمييز في التعليم، وتعزيز الفرص المتساوية للوصول إلى التعليم.
تعزز حق الجميع في التعليم الأساسي، وتلزم الدول بتقديم التعليم الأساسي بشكل مجاني وإلزامي.
ويشمل هذا البروتوكول القضايا التي تؤثر في حق الأطفال في مجال التعليم، ويعمل على حمايتهم من مخاطر مثل الاستغلال الجنسي.
تؤكد على الحاجة إلى تحقيق التعليم للجميع دون تمييز، وتشجع على توسيع فرص التعليم للأطفال والكبار.
يحمي حقوق الأطفال الذين يتأثرون بالنزاعات المسلحة، ويشدد على حقهم في التعليم والوصول إليه.
هذه الاتفاقية تشدد على حق الأطفال في عدم التعرض لأي نوع من أنواع الاستغلال، مثلا لاستغلال الاقتصادي والاستغلال الجنسي، وتحظر الاتفاقية أيضاً بيع الأطفال واتجارهم.
يهدف إلى مكافحة بيع الأطفال، واستغلالهم والتجارة فيهم، بما في ذلك حمايتهم من العنف، والاستغلال الجنسي.
يهدف إلى حماية الأطفال الذين يتأثرون بالنزاعات المسلحة من العنف والاستغلال.
تتعامل هذه الاتفاقية مع قضايا العنف ضد الأطفال وتحث على حمايتهم.
تحظر الاتفاقية الاستغلال الاقتصادي للأطفال، وتلزم بتوفير التعليم الأساسي والمجاني للأطفال.
تمثل اتفاقية حقوق الطفل الاتفاقية الأولى التي يصادق عليها حوالي من 190 دولة، وتتضمن كافة حقوق الطفل، وأصبحت قانوناً دولياً، كما أنَّها أعطت الحق للدول التي قامت بالتصديق عليها، حق التحفظ على بعض المواد التي جاءت فيها، والتي لا تتماشى مع خصوصيتها، ومددت هذه الاتفاقية سن الطفولة حتى 18 عام، كما حددت الاتفاقية آلية مناسبة لمتابعة تنفيذ الدول لبنود الاتفاقية، وفيما يأتي أهم ما جاء في هذه الاتفاقية:
تؤكد الاتفاقية على حق الأطفال في الحياة وحمايتهم من القتل، وأي تهديد لحياتهم.
تنص الاتفاقية على حق الأطفال في الحصول على اسم وجنسية، والتسجيل بالسجل المدني.
تلزم الاتفاقية الدول بضمان توفير التعليم الأولي الجيد، والتعليم الأساسي، وتعزيز التعليم الثانوي.
تشجع الاتفاقية على تمكين الأطفال من التعبير عن آرائهم، والمشاركة في القرارات التي تؤثر فيهم.
تلزم الاتفاقية الدول بحماية حقوق الأطفال ذوي الإعاقة، وتوفير الدعم اللازم لهم.
تشدد الاتفاقية على حقوق الأطفال اللاجئين والمهاجرين، وحمايتهم.
تهدف الاتفاقية إلى مكافحة جميع أشكال الاستغلال والعنف ضد الأطفال، مثل الاستغلال الجنسي والعمل القاسي.
تلزم الاتفاقية الأطراف بحماية الأطفال في النزاعات المسلحة، وتجنب تجنيدهم في الصراعات.
تشدد الاتفاقية على حق الأطفال في الرعاية، والتنشئة الجيدة،والاهتمام بصحتهم وغذائهم.
إنَّ تحقيق حقوق الطفل هو مسعى لا غنى عنه، فالأطفال يمثلون مستقبلنا، ويجب أن نعمل جميعاً على توفير بيئة آمنة ومستدامة لهم؛ ومع ذلك تتعرض هذه الجهود لعدة تحديات في عصرنا الحالي، وبالمقابل تتوفر عدة فرص يمكن استغلالها لإعطاء الطفل حقوقه:
يؤدي الفقر إلى صعوبة وصول الأطفال إلى التعليم، والرعاية الصحية الجيدة، ويعرِّضهم لخطر العنف والتغذية غير الملائمة، وهذا ينتهك حقوقهم الأساسية.
غياب العدالة الاجتماعية قد يكون تحدياً لتطبيق حقوق الطفل؛ فيؤدي إلى تفاقم الفوارق بين الأطفال من حيث الوصول إلى التعليم، والرعاية الصحية، والفرص الاقتصادية، وهذا يتسبب في انتهاك حقوق الأطفال، ويجعل بعضهم أكثر تضرراً وضعفاً من غيرهم.
الأطفال اللاجئين والمتضررين من النزاعات، يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية، فيجب تجنب استغلالهم بشتى الأشكال، ويجب توفير حمايتهم، وتأمين فرص تعليمية لهؤلاء الأطفال.
الأطفال ما زالوا عرضة للعنف الجنسي والاستغلال في العديد من المجتمعات؛ لذا يجب تعزيز الوعي، وتشديد القوانين لمكافحة هذه المشكلة.
يعوق التمييز بين الأطفال بناءً على الجنس، أو العرق، أو الديانة، أو الإعاقة، تحقيق حقوق الطفل؛ لذا يجب التركيز على المساواة والعدالة.
يجب أن تسعىالحكومات لتحسين حماية حقوق الأطفال، من خلال تطوير وتعزيز التشريعات والأنظمة القانونية التي تعترف بحقوق الطفل، وتكفل حمايتها وتطبيقها.
يمكن أن يكون التعليم والتثقيف الفعال والمتاح للجميع وسيلة للتغلب على الفقر، وتعزيز حقوق الطفل.
يجب تشجيع المشاركة الفعالة للأطفال في صنع القرار، وتقديم وجهات نظرهم.
من خلال حملات التوعية والتثقيف المتعلقة بحقوق الطفل، فيمكن أن تسهم في تقليل التمييز والعنف.
الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، يجب أن يعملوا معاً لضمان تحقيق حقوق الطفل.
يمكن استخدام التكنولوجيا لتوجيه الجهود نحو تحقيق حقوق الطفل، وزيادة الوصول إلى الخدمات.
التعاون الدولي يسهم في تعزيز حقوق الطفل من خلال تبادل المعرفة، والتجارب، ودعم التنمية في البلدان الأقل نمواً.
يجب على الحكومات والمجتمع الدولي الاستثمار في البرامج، والمشاريع التي تدعم صحة وتعليم الأطفال، وتعزز حياة طفولتهم.
نحن ندرك أهمية حقوق الطفل ودورها الحيوي في بناء مستقبل أفضل وأكثر عدالة للأجيال القادمة، من خلال الاتفاقيات والمعاهدات الدولية؛ فتم تطوير إطار قانوني قوي لحماية حقوق الأطفال، وتعزيز رفاهيتهم؛ لكنَّ العمل على تحقيق هذه الحقوق ما زال يتطلب جهداً دائماً، وتفانياً من الجميع؛ لذا يجب ترسيخ التزامنا بحماية حقوق الأطفال وتعزيزها، ويجب على الحكومات والمجتمع الدولي والمجتمعات المحلية والأفراد، أن يعملوا معاً من أجل تحقيق هذا الهدف، ويجب علينا أن نكون صوتاً قوياً للأطفال الذين ليس لديهم صوت، ونعمل على إنشاء بيئة آمنة وصحية لنموهم وتطورهم.