الزلازل واحدة من الظواهر الطبيعية شديدة التعقيد التي لا يعلم أحد متى يمكن أن تحدث مهما بلغ من العلم والمعرفة، كما لا يمكن لفرد ما أو دولة ما مهما بلغت درجة تطورها منع حدوثها، لكن يحاول الإنسان دائماً البحث عن سبل التخفيف من آثارها عن طريق استخدام عمليات التخطيط والتصميم والتنفيذ والمتابعة، إضافة إلى إجراءات التنسيق بين المؤسسات المعنية على مستوى الدولة ككل.
لا طاقة لأيَّة دولة لتحمُّل الآثار المدمرة التي تسببها الزلازل على خططها، لا سيما في الدول النامية التي تسير في خططها التنموية، فالزلازل تسبب الانهيارات في المباني كما تسبب الحوادث والحرائق والانزلاقات الأرضية وانهيار طرق المواصلات وغير ذلك من الآثار السلبية.
على الرغم من درجة التطور التي بلغها العالم، إلا أنَّه حتى الآن ما زال يقف عاجزاً عن التحكم بالزلازل أو منع حدوثها أو حتى تحديد موقعها، ولذلك يجب أن يتعلم الناس كيف يواجهون مخاطرها، فأي إجراء وقائي سوف يخفف من الآثار محتملة الحدوث عند وقوع الزلازل؟
الزلازل هي ظاهرة جيوفيزيائية معقدة بشدة تظهر بصفة حركات عشوائية للقشرة الأرضية على شكل ارتعاش وتموج عنيفين؛ ويعود السبب في ذلك إلى إطلاق كميات هائلة من الطاقة من باطن الأرض.
بتعبير أبسط هي حركة فجائية في طبقات الغلاف الصخري للأرض نتيجة الانطلاق الفجائي والكبير للطاقة المخزونة داخل الصخور المكونة لهذه الطبقات التي تجمعت خلال مئات السنين وشكلت ما يسمى الموجات الزلزالية.
تتراوح شدة الزلازل بين هزات خفيفة قد تُحدث أضراراً بسيطة أو قد تمر بسلام دون أثر وبين هزات عنيفة تؤدي إلى تشقق الأرض محدثة أضراراً جسيمة منها الانزلاقات الأرضية وتحطم المباني العمرانية وتشقق الأرض وتحطمها ودمار شبكات الكهرباء والاتصالات وغير ذلك.
كلما كان القدر أكبر كان حجم الدمار الذي يسببه الزلزال أكبر.
كلما قل عمق البؤرة كان الدمار أكبر.
كلما وقع الزلزال في مناطق عمرانية وذات كثافة سكانية كان حجم دماره أكبر.
تسبب التربة الرسوبية تضخماً في الاهتزازات أكثر من التربة الصخرية المتماسكة.
كلما امتد زمن الزلزال كان حجم الدمار المتوقع منه أكبر.
تختلف أنواع الزلازل بحسب بؤرها ومقدار درجة الزلازل وبالبعد عن المركز السطحي للزلزال، كما تختلف الأنواع باختلاف جيولوجية المنطقة ونظام الصدوع الأرضية، إضافة إلى نوع تربة المنطقة ونوع المنشآت العمرانية الموجودة، فتوجد:
يصل عمق بؤرتها إلى 10 كم.
يتراوح عمق بؤرتها بين 10 و60 كم.
يتراوح عمق بؤرتها بين 60 و300 كم.
ما يزيد عمق بؤرتها عن 300 كم.
تتنوع أسباب الهزات الأرضية بين نوعين من الأسباب؛ السبب الأول لا دخل للإنسان فيه وهي الأسباب الطبيعية، والسبب الثاني يكون من صنع الإنسان نتيجة للنشاطات التي يمارسها على كوكب الأرض وهي الأسباب الصناعية:
تنقسم إلى نوعين؛ الأول الزلازل الواقعة على الصفائح التكتونية وهو النوع لأغلب الزلازل؛ إذ يمثل نحو 90% من الزلازل الواقعة حول العالم، والنوع الثاني هو الزلازل القارية وهي التي تقع داخل الصفائح التكتونية وما تزال أسبابها الحقيقية مجهولة حتى الآن، كما لا توجد دراسات حالية كثيرة عنها.
يحدث هذا النوع من الزلازل نتيجة لتحرك الصفائح التي تشكل القشرة الأرضية؛ وذلك نتيجة لتراكم الإجهادات الداخلية في الصخور الواقعة على حدود الصفائح، وعندما تصبح هذه الإجهادات أكبر من قيمة الإجهادات القصوى التي يمكن للصخور تحملها تتشكل الفوالق (الصدوع).
مع استمرار الإجهادات تتكاثر الشقوق في السطح القريب حتى تؤدي بدورها إلى تحرك الصخور بشكل فجائي وانطلاق كمية كبيرة من الطاقة محدثة الزلازل، والزلازل التكتونية تمتاز بشدتها؛ إذ تُحدث دماراً وخراباً كبيرين جداً، ومن أشهر الأمثلة زلزال "سان فرانسيسكو" في عام 1906م الذي أدى إلى تشكل فالق "سان أندرياس".
تندفع الصخور المنصهرة التي تعرف بـ "الماغما" أو "الصهارة" أو "المهل" باتجاه الطبقات الخارجية؛ إذ تتراكم الإجهادات على هذه الطبقات وتزيد من احتمال حدوث صدوع وحركات اهتزازية في القشرة، ويرافق هذا النوع من الزلازل تدفق الصهارة إلى الخارج، وهذه الزلازل محدودة المساحة، كما يمكن أن تحدث بشكل متواصل لفترات طويلة نسبياً، ومثال هذا النوع هو بركان "باندائي سان" في "اليابان" عام 1888م الذي حدث نتيجة ثوران بركان ضخم.
تحدث نتيجة الانهيارات الداخلية في عمق الأرض ويكون تأثيرها محدوداً ومحلياً وصغيراً مثل انهيار الكهوف.
التفجيرات النووية والكيميائية، الضجيج، الحفريات واستخراج المياه الجوفية والسوائل والنفط.
يتسبب هذا الحزام بنسبة 70% من زلازل العالم.
يمتد هذا الحزام من جنوب شرق آسيا ويمر بأندونيسيا وسومطرة وهيمالايا وإيران وتركيا واليونان وإيطاليا، ويتسبب هذا الحزام بنحو 20% من زلازل العالم ويكون تأثيره شديداً في أندونسيا ويقل في المناطق الأخرى.
يمتد الأول على طول المحيط الأطلسي، ويمتد الثاني من جنوب شرق المحيط الهادي باتجاه المحيط الهندي، والفاعلية الزلزالية لهما ضعيفة إذا ما تمت مقارنتها بحزام حلقة النار وحزام الألب.
هي الأحزمة الزلزالية الأقل فاعلية يمتد واحد منها في أمريكا الشمالية.
يسمى أيضاً بزلزال "هاو" الذي وقع في يوم 23 من شهر كانون الثاني/ يناير في عام 1556م في مقاطعة "شانشي" في "الصين"، وذهب ضحيته أكثر من 83 ألف ضحية.
يعرف بزلزال سومطرة، وقد سجلت قوَّته بـ 9.3 على مقياس العزم، وسبب موجات تسونامي وصلت حتى 30م، وقد تسببت هذه الأمواج بقتل نحو 227 ألف إنسان من 14 دولة.
المعروف بزلزال "تانغشان" العظيم الذي وقع في "تانغشان" في "الصين"، وذلك في يوم 28 من شهر تموز/ يوليو في عام 1976م، وسبب وفاة 665 ألف ضحية، وذكرت مصادر أنَّ قوَّته بلغت 8.2 على مقياس ريختر وتبعته هزة أرضية بشدة 7.1.
أما عن التحذيرات التي سبقت حدوث هذا الزلزال، فقد تم الإبلاغ عن ارتفاع منسوب المياه في بئر خارج مدينة "تانغشان" ثلاث مرات قبل يوم واحد من وقوع الزلزال، كما اندفع الغاز من بئر آخر في يوم 12 من شهر تموز/ يوليو، وأخذت قوَّته تزداد في يومي 26 و27 من شهر تموز/ يوليو، والجدير بالذكر أنَّ "وانج تشينجمين" (Wang Chengmin) الذي كان يعمل في مكتب الرصد الزلزالي بالدولة توقع حدوث زلزال في منطقة "تانغشان" قبل نصف شهر تقريباً.
وقع في مدينة "حلب" في "سورية" في يوم 11 من شهر تشرين الأول/ أكتوبر في عام 1138م، وصُنف رابع أخطر زلزال عبر التاريخ وفقاً لهيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية؛ إذ بلغ عدد الضحايا الذين سقطوا بسبب هذا الزلازل 230 ألف ضحية، وقُدرت شدته بـ 8.5 درجة على مقياس ريختر.
وقع في يوم 26 من شهر كانون الثاني/ يناير في عام 2004م، وقد أدت الموجات المائية إلى تشريد أكثر من 200 ألف شخص، فقد دمرت آلاف المنازل على شواطئ سومطرة والهند وتايلاند والمالديف وسيريلانكا، كما وصل تأثير هذا الزلزال إلى شواطئ عمان؛ إذ بلغت شدة الزلزال 9 درجات.
وقع في يوم 8 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في عام 2005 وقتل أكثر من 87 ألف إنسان وأصيب ما يقارب 187 ألفاً، وقد ألحق أضراراً جسيمة بكل من "الهند" و"باكستان".
وقع في يوم 11 من شهر آذار/ مارس في عام 2011، وتسبب بمقتل أكثر من 197 ألف إنسان وفُقد أكثر من 2556 إنساناً وإصابة 6242 آخرين.
تسبب زلزال "هايتي" الذي وقع في يوم 12 من شهر كانون الثاني/ يناير في عام 2010م بقتل ما يقارب 316 ألف ضحية ونزوح نحو 1.3 مليون إنسان.
وقع في يوم 6 من شهر شباط/ فبراير في عام 2023م، وذهب ضحيته نحو 40 ألف إنسان بين سورية وتركيا، وتركز الدمار تركيزاً أساسياً في مدينة "كهرمان مرعش" و"غازي عنتاب" وفي كل من المدن السورية "حلب" و"إدلب" و"اللاذقية".
حتى الآن لم يستطيع الإنسان التنبؤ بحدوث الزلازل ولم يبتكر أيَّة آلة تمكِّنه من ذلك، وكل ما تمكَّن من فعله هو دراسة النشاط الزلزالي للمنطقة ورسم الخرائط الزلزالية لها، كما أنَّه قام باستخدام بعض المؤشرات للاستدلال على وقوع الزلزال منها ظهور تشققات دقيقة، نمو شقوق سابقة، حدوث تغيرات في الحقل المغناطيسي الأرضي، حدوث تغيرات في نسبة المياه الجوفية، حدوث تغيرات في الحرارة، حدوث تغيرات في التركيب الكيميائي للمياه، حدوث تغيرات في الموجات السيسمية.
الزلازل ظاهرة كونية معقدة لا يعلم الإنسان متى يمكن أن تقع، وكل ما يمكن فعله هو اتخاذ بعض من الإجراءات الوقائية قبل حدوثها من أجل محاولة تجنُّب الأضرار ممكنة الحدوث؛ لذا يجب على الناس جميعاً التدرب على مواجهة الزلازل وكيف يجب أن يتصرفوا عند وقوعها، فكل إجراء وقائي يمكن أن يُتخذ يخفف على الفرد وعائلته الوقوع في خطر كبير.