إضافة إلى تحقيق أهداف أخرى منها ما يتعلق بالرأي العام، كأن يتم جذبه إلى منتج ما أو أهداف تتعلق بالسعر، كأن يتم بيع المنتج بسعر أعلى يزيد من أرباح الشركة وينال رضى الزبون في الوقت ذاته، إضافة إلى أهداف ترتبط بالجودة.
يسعى التسويق إلى إثبات تفوق المنتج على المنتجات المنافسة له، ولأنَّ التسويق يؤدي دوراً هاماً في جعل استراتيجية الشركة المنتجة تتوافق مع المتطلبات الحالية؛ تعددت أشكال وأنواع التسويق منه التقليدي عبر الإذاعة والتلفزيون والسينما وما شابه ذلك، ومنه الرقمي والمباشر والداخلي، ولكن هل سمعت عن التسويق القائم على المشاعر؟ هل اشتريت مثلاً سترة لأنَّك أحببتها؟ ما هو السبب وراء ذلك؟
اعتمدت معظم الشركات والمستثمرين على إثارة مشاعر المستهلكين المستهدَفين من التسويق، وسُمِّيَ ذلك بالتسويق العاطفي، فنحن البشر مخلوقات عاطفية بقدر ما ندَّعي أنَّنا عقلانيون ومنطقيون؛ لذا سنتعرف الآن إلى مفهوم التسويق ودوره في زيادة المبيعات.
انتشر مؤخراً مصطلح "التسويق العاطفي" بكثرة لكونه تقنية إقناع فعالة جداً، وهو نوع من أنواع التسويق الذي يعمل على الوصول إلى مشاعر المستهدفين ليتم التأثير فيهم؛ من خلال توجيه رسائل مؤثرة تستهدف مشاعر إنسانية معينة، فتصبح العلاقة بين المنتج والمستهلك أعمق، فيزداد ولاء المستهلك لماركة معينة أو محتوى أو منتج معين ولا يشترط بالتسويق أن يمس عاطفة السعادة فقط، بل يمكن دفع المستهلك للشراء من خلال مس عواطف مختلفة على الشكل الآتي:
تؤكد الدراسات أنَّ الأخبار الجيدة سريعة الانتشار، ومن ثم يحقق المحتوى الإيجابي مفعولاً قوياً على شبكات التواصل الاجتماعي أكثر من الأخبار السيئة، فيقوم المستهلك بدعمه ومشاركته.
نلاحظ ذلك عندما يتم التطرق لموضوعات إنسانية، وتُستخدَم الأغاني المؤثرة أو يُوضَّح الهدف من الإعلان بأنَّه لجمع التبرعات وتقديم المساعدات المالية لجهات منكوبة، فيولِّد ذلك الدافع الإيثار في نفس الإنسان فيشارك في الإعلان ويدعم المنتج.
لكن قليلاً ما يعتمد المسوقون على إثارة خوف الناس في الإعلان، لعدم ربط المشاعر والطاقة السلبية بمنتج معين أو ماركة، فالجميع يرغب بربط منتجه بالحب واللطف ومختلف المشاعر المريحة، ولكن في حال لم ينفع ذلك يتم الاتجاه إلى إغضاب المستهلك وإثارة الخوف لديه من عدم استخدام المنتج.
نلاحظ أنَّ انتشار مقطع فيديو يثير غضب المتابعين تجاه قضية سياسية يحصد كثيراً من المشاهدات والمشاركات، ويدفعهم للتثبت بالرأي الإنساني، وكذلك المنتجات التي يتم التسويق لها بهذا الشكل بحسب الدراسات، فما يثير قلق الإنسان يلفت انتباهه.
شاهد بالفديو:ما هي مراحل عملية التسويق؟
يؤدي التسويق العاطفي دوراً هاماً في التأثير في قرارات الشراء وزيادة الانتماء لماركة معينة، وفيما يأتي ما يبرز أهميته:
والبشر بطبعهم لا ينسون الانطباع الأول عن الأشخاص أو الأشياء المحيطة وكل ما يتعرضون له، فالمنتج المعروض بشكل سيئ سيبقى رد فعلك تجاهه سلبياً حتى بعد التجربة والتأكد من جودته، وخلاف ذلك صحيح أيضاً.
فالإنسان يتعلق بما يعيد ذكرياته له وخاصة الذكريات السعيدة، فأنا أذكر إعلان نوع من الشوكولا لأنَّ والدي يحب هذا النوع، والشركات المسوقة تعمل على هذه النقاط.
فيرتبط الإعلان بشكل أساسي بالشعور ووجهة النظر التي يمتلكها المستهلك تجاه القضية التي يتحدث عنها الإعلان.
فقد يمتلك منتجان الجودة والسعر نفسه، ولكنَّ الإعلان هو مايحدد المنتج الناجح بينهما، ويشجّع ذلك ردود الأفعال التي يلاحظها المستهدَف مقابل الإعلان من تعليقات ومشاركات.
التي تجعل المستهلك يشعر بالانتماء تجاه الشركة وملزماً بالبقاء معها ومخلصاً لها، وكلما زادت الردود الإيجابية تجاه المنتج، زاد الولاء للشركة المنتجة.
فيفكر في وجهة نظره تجاهها، ومن ثميبقى ذلك الإعلان عالقاً في عقله ويزداد تقديره للشركة المنتجة.
تُتَّبَع استراتيجيات محددة في معظم الحملات التسويقية العاطفية، وهي كما يأتي:
يسبق الحملة الإعلانية بحث تسويقي دقيق للتعرف إلى الجمهور معرفة حقيقية، بحيث تُحدَّد الأشياء التي يمكنها إثارة عواطف المستهلكين المستهدَفين من العملية التسويقية، إضافة إلى إجراء بحث عن المنتجات المنافسة المشابهة لمعرفة ما إن كان أحدهم قام بحملة تسويق عاطفي، لعدم القيام بحملة مشابهة أو التطرق لموضوعات تثير مشاعر سلبية لدى المستهدَفين.
يتم العمل على إنشاء مادة إعلانية تشجع الإبداع والابتكار؛ لأنَّ هذا النوع من الإعلانات يبقى محفوراً في ذاكرة الكثيرين؛ لذلك يُسلَّط الضوء من خلال الإعلانات على إنجازات شخصية لأشخاص معروفين، وقد شاهدنا ذلك في الإعلانات التي يظهر فيها الرياضيون والفنانون فيشيرون إلى الإنجازات والمصاعب التي تغلبوا عليها.
يثير دخول موقع معين في إعلان مشاعر الحب والسعادة لمن يسكن هذا المكان، فيدفعه لدعم المنتج لشعوره بالارتباط به كالارتباط بالمكان، أو يتم الإشارة إلى مكان يحدث فيه ما يثير اهتمام المستهلكين من أحداث إيجابية أو سلبية فيدعو الإعلان إلى دعم قضية معينة.
يمكن للشركات ربط المنتج بالأهداف التي يسعى إليها المستهلك والأشياء التي يتمنى الحصول عليها أو المشاعر التي يرغب بها، فمثلاً شاهدت إعلاناً مؤخراً لمواد غذائية معلَّبة ينوّه إلى أنَّها الحل لمن يريد تحضير الطعام بسرعة بعد يوم طويل من العمل أو لمن يسكن وحيداً، ولأنَّ المستهلك يرغب بالوصول إلى شعور الراحة بسهولة تحضير الطعام؛ سيشعر أنَّه وجد الحل الذي يساعده على الشعور بالقليل من السعادة.
يشعر الإنسان بالحب أو الحنين عند ذكر مناسبات وتواريخ تهمه وتذكِّره بلقاءات وأشخاص عزيزين أو تجارب مميزة، فيشعر بالارتباط والحب نحو المنتج الذي يتم التسويق له.
الأشياء المصنوعة بحب مميزة دائماً، وإيصال هذه الفكرة للجمهور المستهدف يلفت الانتباه ويدفع لتجربة المنتج سريعاً، ويتم ذلك من خلال تعبير الشركة عن حبِّها للمنتج وشغفها بإسعاد الجمهور، فالإنسان يُقدِّر من يحبه ويسعى إلى إسعاده فتنشأ علاقة ودية بين الطرفين.
تترك الألوان أثراً في نفس مَن يشاهدها فتعتمد الشركات على الألوان في إيصال فكرة معينة للجمهور، فمثلاً لاحظت في إعلان لماركة ملابس نسائية الاعتماد على الألوان المفرحة القوية كاللون الأحمر والبرتقالي والأصفر للإشارة إلى الفتاة المفعمة بالنشاط والحيوية.
توجد عدة قصص مميزة في الحياة، والتي يمكن ربطها بمنتج معين، فتدفع كثيراً من الناس إلى التفكير في أحلامهم وأهدافهم بجدية وتُشعِرُهم بالأمل بتحقيق الحلم، فيدفعهم ذلك إلى تجربة المنتج فربما تصبح قصته الخيالية حقيقة يوماً ما.
من خلال الأمثلة الحقيقية التي سنذكرها الآن ستتأكد من أهمية التسويق العاطفي في زيادة المبيعات:
نلاحظ أنَّ الإعلانات التابعة لهذه الشركة لا تتحدث عن الميزات التقنية بل تعمل على إنشاء فكرة تُميِّز هذه الشركة عن غيرها، فتؤكد فكرة تميُّز مالكي منتجاتها.
تقيم هذه الشركة اتصالات شخصية مع المعجبين بها، وتسمح لمعجبيها بالتأثير في جميع مقاطع الفيديو، وهذا ساهم بجذب كثير من المتابعين لتجربة المنتجات والتفاعل مع الإعلانات.
تعمل هذه الشركة على توجيه المرأة لما يزيد من جمالها ونضارتها، فتربط شعور الثقة بالنفس والجمال بمنتجاتها، فيزداد حرص النساء على شراء تلك المنتجات دوناً عن غيرها.
تعمل الشركة على إيصال شعور الرَّاحة للمستهلك من خلال إقناعه بأنَّ منتجاتها تلبي احتياجاته المختلفة وتشبع رغباته فيشعر بالراحة في حياته.
شاهد بالفديو: 5 خطوات عملية لبناء ثقافة مبيعات ذات ذكاء عاطفي
الإنسان كائن عاطفي مهما بلغت قوته ورجاحة عقله؛ وهذا ما دفع الشركات إلى اعتماد أسلوب جديد من التسويق وهو التسويق العاطفي، الذي يعمل على إثارة عواطف الإنسان السلبية أو الإيجابية، فيلفت الإعلان انتباهه وتدفعه تلك المشاعر إلى تجربة المنتج، ويؤدي التسويق العاطفي دوراً هاماً في زيادة المبيعات، فيعطي الجمهور الانطباع الأول عن المنتج والذي يصعب تغييره أو نسيانه.
كما أنَّه يعمل على بناء علاقة وثيقة ووديَّة بين المنتج والمستهلك، فيشعر الأخير بالولاء للشركة، ويمتنع عن تجربة المنتجات المنافسة، وتتبع الشركات استراتيجيات محددة عن اعتماد أسلوب التسويق العاطفي كأن يُربَط المنتج بتواريخ معينة أو أماكن أو يتم سرد قصة حقيقية تحفز المستهلك لتحقيق أحلامه، ويُعتمَد على ألوان ترتبط بمشاعر معيَّنة، وقبل ذلك كله يُجرى بحث عن الجمهور المستهدَف لتحديد مشاعره وحاجاته بدقة.