أصبحت النشاطات اللاصفية جزءاً لا يتجزأ من تجربة التعلم الشاملة للطلاب، فهي الفرص التي يتاح للطلاب خلالها التعلم بخلاف المقررات الدراسية المعتادة، والتي يمكن أن تشمل مجموعة متنوعة من النشاطات مثل العروض المسرحية، والأندية الطلابية، والنشاطات الرياضية، والمسابقات، والرحلات المدرسية، والخدمة المجتمعية، وحل المشكلات العلمية، والتطوع، وغير ذلك كثير، فالنشاطات اللاصفية هي تلك التجارب التعليمية التي تتجاوز الكتب والمقاعد والمعلمين، وتأخذ الطلاب في رحلة نحو اكتشاف مواهبهم واهتماماتهم، وتتيح لهم الفرصة لاكتساب مهارات جديدة، وبناء علاقات اجتماعية، وتوسيع آفاقهم، وبالطبع، التعلم من خلال التجربة العملية.
النشاط اللاصفي، هو المفتاح لتحقيق فهم عميق للدور الحيوي الذي يمكن للمدرسة أن تؤديه في عملية التعلم، فقد أصبح جزءاً أساسياً من تجربة التعلم الحديث متجاوزاً مفهوم الصف الدراسي التقليدي، ويمكن تعريف النشاط اللاصفي على أنَّه أي نشاط تعليمي يحدث خارج البيئة الصفية التقليدية ويشمل تفاعلاً نشطاً بين الطلاب والمواد التعليمية، وبتعبير أدق هو أي نشاط تعليمي أو تعلمي مخطط ومقصود يتم خارج البيئة المدرسية أو خارج الفصل الدراسي التقليدي.
تهدف هذه النشاطات إلى تعزيز التعلم العملي والتفاعلي، وتشجيع الطلاب على المشاركة النشطة وتطبيق المفاهيم الأكاديمية في الحياة اليومية، وتتم تحت إشراف وتوجيه إدارة المدرسة والمعلمين، كل في مجال تخصصه، وبخلاف الصفوف التقليدية التي تستند إلى الدروس المقررة والمناهج المحددة، تتيح النشاطات اللاصفية للطلاب الفرصة لاختيار مجالات تهمهم والتفاعل معها بشكل أكثر حرية.
إنَّ فهم الأهداف المحددة للنشاطات اللاصفية يساهم في توجيه الجهود التعليمية نحو تحقيق أقصى استفادة منها، وضمان تنمية مهارات الطلاب وتعزيز تفاعلهم الاجتماعي والنفسي، من أهم أهداف النشاط اللاصفي ما يأتي:
يسعى النشاط اللاصفي إلى مساعدة الطلاب على فهم المفاهيم الدراسية بشكل أفضل عن طريق تطبيقها في سياقات حقيقية.
يهدف النشاط اللاصفي إلى تنمية مهارات الطلاب في التعاون، والتواصل، والابتكار، وحل المشكلات، والقيادة وغيرها.
يشجع النشاط اللاصفي الطلاب على البحث والاكتشاف بأنفسهم وتطوير مهارات البحث والاستقصاء.
يسعى النشاط اللاصفي إلى مساعدة الطلاب على تجربة مجالات جديدة واكتشاف مواهبهم واهتماماتهم الخاصة.
من بين أهداف النشاط اللاصفي، مساعدة الطلاب على بناء الثقة بأنفسهم وتحقيق النجاح في مجالات خارج الحصص الدراسية التقليدية.
يسعى النشاط اللاصفي إلى تنمية قدرات الطلاب في التفكير النقدي والتحليلي وتوليد الأفكار الإبداعية.
تُكتَسَب الميول من خلال التفاعل مع البيئة ولا تُوَرَّث.
إضافة إلى ما سبق هناك بعض الأهداف الأخرى للنشاط الصفي وهي:
شاهد بالفديو: 10 طرق لتنمية الذكاء والقدرات العقلية عند الأطفال
لا ينبغي أن يتحول النشاط اللاصفي إلى لهو ولعب وإضاعة وقت، بل يجب أن يحقق أهدافاً تربوية مخططة، فلا تُختار النشاطات اللاصفية اختياراً عشوائياً، ولكنَّها تحتاج إلى أسس وقواعد مدروسة تراعي كل من المادة الدراسية، وطبيعة الموضوع في المادة الدراسية، وطبيعة المتعلمين، وتوفير الإمكانات المادية والبشرية والمكتشفات العلمية وظروف المتعلمين الاجتماعية والاقتصادية ونوعية الفروق بين المتعلمين، ومن بين المعايير:
يجب أن يتناسب النشاط اللاصفي مع الهدف العام للمنهاج التعليمي، ويساهم في تنمية المهارات والمعرفة التي يجب على الطلاب اكتسابها، على سبيل المثال، إذا كان هدف المنهاج التعليمي في المدرسة هو تعزيز الوعي بالبيئة والمساهمة في حمايتها، في هذه الحالة، يجب أن يتوافق النشاط اللاصفي مع هذا الهدف ويسهم في تحقيقه.
قد يكون الاختيار للنشاط اللاصفي هو إقامة حملة توعية بالبيئة في المدرسة، أو مشاركة الطلاب في تنظيف الحديقة المدرسية وزرع الأشجار، وعقد ورش عمل عن كيفية توفير الطاقة والحفاظ على الموارد الطبيعية، وهذا النشاط ممتع ويساهم أيضاً في تحقيق هدف الوعي بالبيئة وتعزيز المشاركة المجتمعية بين الطلاب.
يجب أن يكون النشاط اللاصفي قابلاً للتنفيذ ويعتمد على الموارد المتاحة في المدرسة أو المجتمع المحلي، مثلاً إذا كانت المدرسة تفتقر إلى ملعب رياضي، يمكن اختيار نشاط رياضي لاصفي مثل رياضة المشي أو رياضة اليوغا التي يمكن ممارستها من دون الحاجة إلى معدات رياضية خاصة.
يجب أن يكون النشاط اللاصفي مناسباً للطلاب ومتناسباً مع قدراتهم واحتياجاتهم العمرية والفكرية والاجتماعية، فإذا كنا نتحدث عن مجموعة عمرية من الطلاب في المرحلة الابتدائية، قد يكون مناسباً اختيار نشاط لاصفي مثل ورشة العمل في فنون الحرف اليدوية، هذا النشاط سيكون مناسباً لهم من الناحية العمرية وسيسمح لهم بتطوير مهاراتهم الفنية بشكل ممتع ومفيد، إضافة إلى ذلك، سيسمح هذا النشاط بتعزيز التفاعل الاجتماعي والتعلم التعاوني بين الأطفال.
يجب أن ينوع ويتوزع النشاط اللاصفي بين مجموعة من المجالات والنشاطات المختلفة، مثل الثقافة، والرياضة، والفنون، والعلوم، والخدمة المجتمعية، لتنمية مهارات الطلاب وتوسيع آفاقهم.
يجب أن يتضمن النشاط اللاصفي فرصاً لمشاركة الطلاب والتفاعل مع الآخرين وتطبيق المفاهيم والمعارف التي تعلموها في الصف بطرائق عملية وتطبيقية، مثلاً إذا كان هدف النشاط اللاصفي هو تعزيز فهم الطلاب للعلوم البيئية، يمكن تنظيم رحلة ميدانية إلى منتزه طبيعي محلي وخلال الرحلة، يتعاون الطلاب في جمع البيانات البيئية مثل درجات الحرارة ومستويات الرطوبة وأنواع النباتات والحيوانات الموجودة، وبعد الرحلة، يحللون هذه البيانات ويعدون تقريراً يشمل استنتاجاتهم واقتراحات للمحافظة على المنتزه، ومن خلال هذا النشاط، يشارك الطلاب بنشاط في تطبيق المفاهيم العلمية بشكل عملي، ويتفاعلون مع بيئتهم ويساهمون في الحفاظ عليها.
يجب أن يتم تقييم النشاط اللاصفي وتحليل نتائجه وتأثيره في الطلاب، واستخدام هذه المعلومات لتحسين وتطوير النشاطات اللاصفية، على سبيل المثال، إذا تم اختيار نشاط لتعليم الطلاب مهارات الإلقاء والتحدث أمام الجمهور، يمكن أن يتضمن هذا النشاط تسجيل أداء الطلاب في أثناء تقديمهم لعروضهم، ومن ثم استخدام هذه التسجيلات لتقييم أداء الطلاب وتحليل نقاط القوة والضعف، ووضع الخطط لتحسين الأداء في المرات القادمة.
هي التطبيقات التي يتم استخدامها خارج الفصل الدراسي لتعزيز وتعميق المفاهيم والمعارف التي تم تعلمها في الصف، ويمكن استخدام تلك التطبيقات للاستزادة من المعرفة وتطوير المهارات وتعزيز التفكير النقدي والتنمية الشخصية:
إنَّ قراءة الكتب والروايات الإضافية تساعد الطلاب على تعميق مفاهيم المناهج الدراسية وتوسيع المعرفة.
استخدام محركات البحث والمواقع التعليمية للبحث عن معلومات إضافية عن الموضوعات التي تمت دراستها في الصف.
تعزز المشاركة في النشاطات المجتمعية والخدمة الاجتماعية التفاعل الاجتماعي والتواصل والمساهمة في بناء المجتمع.
استخدام الألعاب التعليمية والتطبيقات المتعلقة بالتعليم لتحفيز الطلاب وتعزيز تعلمهم في بيئة تفاعلية وممتعة.
يساعد إنشاء العروض التقديمية والنشاطات الفنية المتعلقة بالموضوعات المدروسة على تعزيز التعبير الإبداعي وتحسين مهارات الاتصال.
تعزز ممارسة الرياضة والنشاطات البدنية اللياقة البدنية والصحة العامة.
توفر زيارة المتاحف والمعارض والمواقع الثقافية والعلمية فرصاً للتعلم العملي والاستكشاف خارج الفصل الدراسي.
تعزز كتابة المقالات والقصص والمدونات ونشرها عبر الإنترنت أو في الصحف المدرسية المهارات الكتابية وتشجع الطلاب على مشاركة أفكارهم وآرائهم.
يساعد إجراء التجارب والأبحاث العلمية في المنزل أو المختبرات الخارجية على توطيد المفاهيم العلمية وتطوير مهارات البحث والتحليل.
استخدام تكنولوجيا التواصل مثل البريد الإلكتروني والدردشة والمنتديات للتفاعل مع الطلاب الآخرين والمشاركة في مناقشات ومشاريع مشتركة.
الأدوات المستخدمة في النشاطات اللاصفية متنوعة ومتعددة وتختلف حسب نوع النشاط الذي يتم تنفيذه، ومن أهم الأدوات اللاصفية المستخدمة نذكر:
مثل الألغاز والألعاب اللوحية والتحديات المنطقية، والتي تساعد على تطوير المهارات العقلية والتفكير الإبداعي.
يُستخدَمفي إجراء نشاطات تعليمية وترفيهية وتفاعلية عبر استخدام البرامج والتطبيقات وصفحات الويب المحددة للنشاطات.
يمكن استخدامها لتوفير نشاط تفاعلي يعتمد على الاستماع والمشاهدة مثل استخدام الأفلام والأغاني والتسجيلات الصوتية.
مثل الأقلام الملونة والقلم الرصاص والألوان المائية والفرش والأقمشة الملونة، وذلك في نشاطات مثل الرسم والتلوين والتصميم الفني.
مثل القص واللصق والخياطة والحياكة والخشب والطين، فتُستخدَم في نشاطات الحرف التي تهدف إلى تنمية المهارات اليدوية والإبداعية.
مثل الكرات والأقمشة والحبال والألعاب الرياضية الصغيرة، وتستخدم في نشاطات الألعاب الجماعية والرياضية.
يمكن استخدامها لتنفيذ نشاطات القراءة والكتابة والنقاش وتنمية المعرفة والإبداع.
شاهد بالفديو: فوائد التعلم باللعب للأطفال
عندما نتحدث عن النشاطات اللاصفية في المدرسة، نجد أنَّها تمثِّل جزءاً رائعاً من تجربة التعلم التي تتخطى حدود الصفوف الدراسية، لكن مع ذلك، إنَّ هذا النوع من النشاطات يواجه بعض التحديات والعوائق التي تقف عائقاً في وجه تحقيق الاستفادة القصوى منه، وأبرز تلك المعوقات:
قد يكون لدى الطلاب والمعلمين وقت محدد للقاء خارج الصف، وغالباً ما تكون الجداول المدرسية مكتظة بالمواد الدراسية الأساسية، وهذا يترك مساحة محدودة للنشاطات اللاصفية.
قد يحتاج النشاط اللاصفي إلى موارد إضافية مثل كتب أو معدات أو زيارات ميدانية والتي قد لا تكون متاحة بشكل كاف.
يصعب تنفيذ النشاطات اللاصفية في ظل بعض القيود في المنهج الدراسي، مثل قيود: الإطار الزمني الضيق، ضرورة إنهاء محتوى المنهاج الدراسي، نظام التقييم الصارم وغيرها.
قد يواجه بعض الطلاب صعوبة في المشاركة في النشاطات اللاصفية خارج الصف الدراسي لأسباب شخصية أو اجتماعية.
قد يتطلب النشاط اللاصفي تكاليف إضافية مثل تنظيم الرحلات أو دورات تدريبية، والتي قد تكون صعبة للحصول عليها في ظل قلة الموارد.
قد تحدث قلة التزام من الطلاب أو قلة تعاون من أولياء الأمور في النشاط اللاصفي، وهذا يجعل من الصعب تنفيذ النشاطات بشكل فعال.
في بعض الأحيان، قد تكون هناك قيود في المساحة الجغرافية المحيطة بالمدرسة التي تعوق تنفيذ النشاطات اللاصفية.
قد تكون قدرات بعض المعلمين محدودة في تنظيم وتنفيذ النشاطات اللاصفية، وهذا يعوق تنفيذها بشكل جيد.
تعد النشاطات اللاصفية ضرورة حيوية لتنمية وتعزيز المهارات الشخصية للطلاب وتعزيز روح الفريق والتعاون بينهم، وجزءاً لا يتجزأ من عملية التعليم التي تهدف إلى تطوير جوانب الشخصية المختلفة في الطلاب، وتعزز النشاطات اللاصفية الثقة بالنفس وتنمي القدرة على اتخاذ القرارات، وهي فرصة للطلاب للتواصل مع أقرانهم والتعرف إلى ثقافات وأراء مختلفة، وهذا يسهم في ترسيخ قيم التسامح واحترام الآخرين في نفوسهم، ومن الضروري أن يتعاون الأهل والمعلمون لتوفير ودعم هذه الفرص للطلاب، فبذلك ستحقق نتائج إيجابية على مستوى التعليم بشكل عام والفرد بشكل خاص.