ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المؤلِّفة "فانيسا فان إدواردز" (Vanessa Van Edwards)، وتُحدِّثنا فيه عن 10 أساليب للترويج الذاتي بطريقة لائقة.
ينفر الأفراد عموماً من التعامل مع شخص يبالغ في استعراض إمكاناته ومهاراته وإنجازاته، أو كثرة معارفه، أو تفوقه في مجال عمله، وهنا تبرز المشكلة الآتية: أحياناً لا تكون إنجازات الفرد واضحة للطرف المقابل، أو أنَّه لا ينال التقدير الذي يستحقه جرَّاء مساهماته وجهوده، وعندها تقتضي الضرورة أن يروِّج لنجاحه بنفسه، ويكمن الحل في الامتناع عن المبالغة في استعراض الإنجازات، وتأدية المهام على أكمل وجه؛ أي بإبراز تفوقك بطريقة لَبقة ومتواضعة.
إنَّ التفوق ينجم عن تأدية الدور الوظيفي على أكمل وجه، ومشاركة المؤهلات والإنجازات بطريقة لبقة تنمُّ عن شخصية فذَّة ومتواضعة بآنٍ معاً؛ لذا يجب أن تتقن هذه المهارة لتحقيق التقدم في حياتك المهنية، ولا سيما إذا كنت لا تميل إلى التحدث عن نجاحاتك في الأحوال العادية.
الترويج الذاتي اللبق مهارة لازمة لتحقيق النجاح المهني، وذلك للأسباب الآتية:
الترويج الذاتي يتطلَّب تحقيق نجاحات متميزة، ولأنَّ الإنجازات الاستثنائية لا تكون واضحة للعيان في كثير من الأحيان، فهذا يعني أنَّك يجب أن تقوم بعمل متميز لتستعرضه أمام الآخرين، ويمكنك تجريب الأسئلة الآتية:
أودُّ أن أستخدم تجربة صديقي رائد الأعمال "بين" (Ben)، بوصفها دراسة حالة في هذا المقال؛ إذ يقوم "بين" بجمع الأموال لاستثمارها في شركته الناشئة، وتراه في سعي مستمر إلى ترويج شركته ومهاراته والخدمات التي يقدمها، وتجدر الإشارة إلى أنَّ شركته تقدِّم خدمات متميزة في مجال بناء المواقع الإلكترونية، وإعداد خطط تسويقية للمؤلفين.
تتميَّز شركته عن الشركات المنافسة الأخرى في أنَّه يعي تماماً مُتطلَّبات تسويق الكتب، وبناء مواقع إلكترونية بارزة ومخصصة للمؤلفين بوصفه يعمل بمجال التأليف أيضاً.
هو يعمل في مجال التأليف وتصميم المواقع الإلكترونية، ما يعني أنَّه يدرك احتياجات المؤلفين على أكمل وجه، فقد سبق أن عمل مع 28 مؤلفاً لإتقان العملية.
جميع عملائه من صفوة المؤلفين الذين يودون الاستفادة من خدماته الاحترافية التسويقية عند إصدار كتبهم، فهو يعي مهاراته تماماً، ويحتاج إلى أن يروِّجها فقط.
تقتضي هذه المرحلة تقييم تجاربك الناجحة، لكي تستعرضها وقت الضرورة، يُقصَد بجوانب التميز؛ النجاحات، والمهارات، والإنجازات البارزة التي تميزك عن المنافسين، وهي لا تقتصر على الجوانب المهنية وحسب؛ بل إنَّها يمكن أن تكون مهارات شخصية، كتربية الأطفال، أو هوايات معينة، أو أعمال تطوعية، أو ممارسة نشاطات جديدة على سبيل المثال.
تساعدك الأسئلة الآتية على تحديد هذه الجوانب:
يتمتع صديقي "بين" بكثير من الجوانب التي تميزه في حياته المهنية، وقد أقنعته بمشاركة هذه النقاط مع الآخرين، وأقدِّم فيما يأتي مقتطفات من مشاركاته:
الأمر أشبه بتحضير سيرة ذاتية، أو الاستعداد لمقابلة توظيف؛ إذ يجب أن تجهِّز هذه القائمة لتكون مستعداً في المواقف الآتية:
يجب أن تكون مستعداً لمشاركة إنجازاتك البارزة وفق صيغتين مختلفتين (المقتطفات والقصص)؛ أي أن تحوِّل إجاباتك عن الأسئلة آنفة الذكر إلى مقتطفات أو قصص أو كلتا الصيغتين إن أمكن، والمقتطف هو إشارة مقتضبة وبليغة لإنجاز معيَّن، وهي مناسبة في مواقف حديث المصعد، والتعارف، والاجتماعات السريعة، والقصة هي وصف مهارة أو إنجاز معيَّن بالتفصيل المُمل، وهي مناسبة في مقابلات التوظيف، وتقييم الأداء، والخطابات.
وضعنا مهارات "بين" ضمن جدول كالآتي:
القصص المقتطفات المهارات كان تأليف كتابي تجربة.... احتل قائمة أكثر الكتب رواجاً في الولايات المتحدةأصبح "بين" بهذه الطريقة قادراً على ترويج نفسه بكل سهولة في جميع المواقف، فالمسألة أشبه بالتحضير لمقابلات التوظيف؛ إذ ينبغي أن تذكر مهاراتك والقصص والأرقام التي تثبتها؛ أي يجب ذكر عدد العملاء في مقتطف مقتضب (طريقة مناسبة للحديث في وسائل الإعلام وحديث المصعد)، والعملاء الناجحين (مناسبة للخطابات وشهادات العملاء).
شاهد بالفيديو: بناء العلاقات: 8 قواعد للترويج الذاتي
تعدُّ الإثباتات إضافة رائعة لعملية الترويج الذاتي؛ وذلك لأنَّك ستدع الحقائق والأرقام تبرز تفوقك في مجال عملك بدل أن تتحدث عن نفسك طوال الوقت وتبدو مغروراً للطرف الآخر.
نقدِّم فيما يأتي أمثلة عن الإثباتات:
يستطيع "بين" أن يستشهد بأرقام مبيعاته، وبحقيقة أنَّ كتابه تصدَّر قائمة أكثر الكتب رواجاً في الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكنه أن يستفيد أيضاً من شهادات العملاء على موقعه الإلكتروني، ويسرد قصص نجاح خططه التسويقية مع مؤلفين بارزين، ويذكر أنَّه عمل مع عملاء من دور نشر "راندوم هاوس" (Random House) (وهي أكبر دار نشر كتب باللغة الإنجليزية بالعالم)، و"كراون" (Crown)، و"بينغوين" (Penguin)، و"هدسون ستريت بريس" (Hudson Street Press).
مع أنَّنا أعددنا قائمة ترويج الإنجازات على مبدأ إعداد السيرة الذاتية، فإنَّها تختلف عنها؛ وذلك لأنَّ سرد الإنجازات بهذه الطريقة يعدُّ تفاخراً، ومن ثمَّ يخلِّف انطباعاً سلبياً لدى الطرف الآخر، فضلاً عن شعوره بالملل من حديثك.
نصائح لاستعراض الإنجازات:
يمكن أن ينفِّر التواضع الشخص الذي تحاوره، فعلى سبيل المثال، لقد قابلت منذ فترة شخصاً أخبرني أنَّه درس في جامعة "هارفارد" (Harvard)، لكنَّه ذكر هذه المعلومة بلهجة سلبية دفعتني إلى الاعتقاد بأنَّها كانت تجربة قاسية بالنسبة إليه، فسألته عن الموضوع، وأخبرني أنَّ التجربة بحدِّ ذاتها كانت موفَّقة، لكنَّه يواجه صعوبة في مشاركة هذه المعلومة بنبرة إيجابية واستخدامها لصالحه، لا جدوى من مشاركة الإنجاز ما لم تكن متحمِّساً حياله، أو يمكنك في هذه الحالة أن تذكره ضمن قصة مطولة.
عندما يستفسر أحدهم عن مجال عملك، عندئذ يمكنك أن تجيب عن سؤاله وتستفيد من الفرصة في مشاركة أحد إنجازاتك باقتضاب، لكن إيَّاك أن تأتي على ذكر أي من إنجازاتك عندما يدور النقاش عن المسائل العائلية مثلاً.
تقتضي هذه الطريقة تحفيز الطرف المقابل على الاستفسار عن إنجازاتك على صعيد العمل؛ وذلك من خلال مشاركة أحد إنجازاتك باقتضاب خلال الحديث، وعندها ستعرف فيما إذا كان مهتماً بمعرفة المزيد، فعلى سبيل المثال، دائماً ما يخبر "بين" الآخرين بأنَّه كاتب، فإذا سأله أحدهم عن مؤلفاته، عندئذ يمكنه أن يذكر كتابه الذي تصدَّر قائمة أكثر الكتب رواجاً في الولايات المتحدة الأمريكية.
يقتضي أسلوبه إثارة فضول الطرف الآخر، ودفعه إلى الاستفسار عن أعماله عوضاً عن مشاركتها من تلقاء نفسه في بداية الحديث، لا بأس بعدم اهتمام الآخرين بالاستفسار عن المزيد، فهذا يعني أنَّهم على الأرجح غير مهتمين بإنجازاتك أو مجال عملك.
هذه الملاحظة هامة جداً؛ لأنَّك يجب أن تُبدي اهتماماً بدورك بحياة وإنجازات الطرف الآخر، ولا تجعل من نفسك محور النقاش؛ وذلك من خلال الاستعانة بالنصائح الآتية:
يجب أن تكون عملية استعراض الإنجازات مقتضبة بحيث لا تلغي مشاركة الطرف الآخر في الحديث، فإذا سألت محاورك عن بداياته في مجال عمله وتحدَّث لمدة دقيقة واحدة، فعندها يجب أن تتحدث لمدة دقيقة بدورك، وينمُّ هذا التصرف عن احترام الطرف الآخر، ويمنعك من جعل تجربتك محور الحديث.
يجب أن تنقل محور الحديث إلى الطرف الآخر بعد أن تنتهي من ترويج نفسك حتى لا تتوقف المحادثة عند هذا الحد، فكثيراً ما تتوقف المحادثات عن طريق الصدفة، أو لأنَّ الأطراف لا يجدون موضوعاً مناسباً لاستئناف النقاش.
يستخدم "بين" الأسلوب الآتي للاستعلام عن إنجازات الطرف الآخر: "لقد تصدَّر كتابي قائمة أكثر الكتب مبيعاً في أمريكا قبل عدة سنوات، وأنا أعمل حالياً في مساعدة المؤلفين على ترويج كتبهم وزيادة مبيعاتها، هل سبق أن فكَّرتَ بتأليف كتاب عن حياتك؟"؛ بهذه الطريقة سيتسنَّى للطرف الآخر مشاركة تجربته وإنجازاته.
أجريت محادثة مع وكيل رياضي منذ فترة في إحدى الفعاليات الاجتماعية، وأودُّ أن أشير هنا قبل أن أكمل سرد الموقف بأنِّي لا أهتم بالرياضة، ولا أتابع مستجداتها، وقد بدأ هذا الوكيل يستعرض أو بالأحرى يتفاخر بعمله مع نخبة الرياضيين، وراح يذكرهم بالاسم، كنت محرجاً جداً، لكنِّي حقاً لم أعرف هؤلاء الرياضيين، ومع ذلك استمر بتعداد مزيد من الأسماء، وزاد شعوري بالإحراج، كان يجب أن يدرك أنَّه يروِّج لنفسه أمام الشخص الخاطئ، ويتوقف عن سرد مزيد من الأسماء، لكنَّه لم يفعل.
عليك أن تضع الأسئلة الآتية في الحسبان في المواقف المشابهة:
يهدف "بين" إلى مقابلة ومساعدة مزيد من المؤلفين، وبناءً عليه يُعدُّ خطة الترويج الذاتي؛ إذ يستفسر "بين" في البداية فيما إذا كان محاوره قارئاً مضطلعاً، فهو على الأرجح لن يهتم بأسماء المؤلفين الذين يعمل معهم "بين" ولن يميِّزهم بالأساس إذا لم يكن قارئاً ضليعاً، وبعدها سيحاول معرفة مدى اهتمام الشخص المقابل بتأليف كتاب، فإذا لم يكن عازماً على التأليف أبداً، فعندئذٍ سيشاركه "بين" بعض القصص المُلهمة، ويطلب منه أن يعرِّفه إلى أفراد ملهمين، يساعده هذا الأسلوب على ترك انطباع حسن لدى محاوره، ما يدفع الأخير إلى تقديمه إلى عملاء محتملين.
تكثر انشغالات والتزامات الأفراد في أيامنا هذه، ومن ثمَّ يجب أن تحرص على ترك انطباع بارز ومساعدة الآخرين على تذكُّر خدماتك، ويمكنك الاستفادة من الأساليب الآتية في هذا الصدد:
هل تعامل السيارات في متجرك بعناية كما تعامل الأطفال؟ يمكنك أن تشارك هذا المجاز وتطلق على نفسك لقب "جليس السيارات"، بهذا الأسلوب سيتذكَّرك الناس بسهولة أكثر من قولك: "أفضل متجر للسيارات في شرق المدينة".
تمتلك معظم الشركات والأفلام الناجحة شعارات خاصة بها؛ لذا ننصحك بابتكار لقب أو شعار يناسب تطلعاتك المهنية.
يهدف الترويج الذاتي عادةً إلى الحصول على مشروع، أو صفقة عمل، أو فرصة عمل، أو إثارة إعجاب أحد الأشخاص، يرغب "بين" بالعمل مع مزيد من المؤلفين الناجحين، وتراه يخبر الآخرين بمطلبه، ويحاول ترك انطباع جيد حتى يتذكروه، ثمَّ يطلب منهم تقديمه لعملاء محتملين.
شاهد بالفيديو: كيف تبني علاقات عمل جيّدة؟
في حال كنت تشعر بالإحراج من مشاركة المقتطفات والقصص بصورة غير مباشرة مع الآخرين، عندئذٍ يمكنك أن تضع شعارات حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي على بطاقة أعمالك، وتنشر شهادات العملاء على موقعك الإلكتروني، وتكتب شعارك على حساب "لينكد إن" (LinkedIn) الخاص بك، أو في توقيع بريدك الإلكتروني؛ أي يمكنك أن تروِّج لنفسك على مواقع التواصل الاجتماعي وموقعك الإلكتروني من خلال إعداد محتوى يبرز إنجازاتك ومهاراتك.
يكره "بين" أن يتفاخر بعدد عملائه والمبيعات التي يحققها أمام الآخرين؛ لذلك ينشر هذه الأرقام في حسابه على موقع "لينكد إن"، وفي الصفحة الرئيسة لموقعه الإلكتروني، كما أنَّه يحرص على تقديم بطاقة الأعمال الخاصة به، ويطلب من الناس التواصل معه على موقع "لينكد إن"، وبهذه الطريقة يضمن اطلاعهم على الأرقام دون أن يفتح الموضوع معهم من الأساس.
تُحدَّث قائمة الترويج الذاتي كل فترة مثلما تُحدَّث السيرة الذاتية، بحيث تُضاف التجارب الناجحة، والقصص، والإنجازات يومياً، أصنِّف أنا شخصياً قوائمي بحسب الحاجة، ولدي مستند في برنامج "وورد" (Word) مؤلَّف من ورقات تحمل العناوين الآتية:
أدوِّن في كل ورقة مجموعة المقتطفات والقصص، وأُحدِّثها كلما طرأت قصة جديدة، أو أحرزت نجاحاً بارزاً، ويمكنك أن تضبط رسالة تذكير في تطبيق التقويم لتحديث القائمة دورياً، فبهذه الطريقة سيتسنَّى لك الرجوع إلى الصفحة المناسبة من القائمة، سواء كنت بصدد إجراء مقابلة، أم نقاش مع عميل محتمل، أم غيرها من المواقف، وتساعدك هذه القائمة على ترتيب أفكارك، وترويج خدماتك باحترافية؛ إذ يمكن أن تواجه صعوبة في تذكُّر إنجازاتك وإقناع الآخرين بتميُّزك عندما لا تعد قائمة منظَّمة ومصنَّفة بحسب الموقف.
عليك الالتزام بالنصائح الآتية:
ليس لائقاً أن تجادل من يمدحك، ولا ينمُّ هذا التصرف عن تواضعك بالأساس، ومن ثمَّ يجب أن تعرب عن حماستك، وتكتفي بشكر الطرف المقابل على لطفه.
يجب أن تطلب تغذية راجعة في نهاية النقاشات، أو مقابلات تقييم الأداء؛ إذ تساعدك التغذية الراجعة السلبية على تحسين أدائك، في حين يمكنك إضافة نظيرتها الإيجابية إلى قائمتك.
يجب أن تركِّز على التواصل البصري، والمصافحة، والتعريف عن نفسك أمام جميع الحضور خلال الاجتماعات، حتى تتسنَّى لك مشاركة إنجازاتك وترك انطباع حسن.
تذكَّر أنَّك تستحق الثناء، وأنَّ إنجازاتك جديرة بالذكر، وبناءً عليه يجب أن تشارك مواهبك مع الآخرين حتى تنال التكريم الذي تستحقه.