3 أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك بين الحين والآخر

3 أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك بين الحين والآخر
(اخر تعديل 2024-05-06 06:42:17 )
بواسطة

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّنة "آنجل كرنوف" (Angel Chernoff)، وتُحدِّثنا فيه عن 3 أسئلة يجب أن يطرحها الفرد على نفسه بين الحين والآخر.

بدت علامات الاستفهام على محيَّا الجار ورد قائلاً: "ما هذا الامتحان؟"، فأكد "سقراط" مجدداً: "امتحان الفلترة الثلاثي"، ثم أردف قائلاً: "الفلتر الأول هو الحقيقة، فهل أنت واثق أنَّ القصة حقيقية وصحيحة؟".

رد عليه الجار: "كلا، لست متيقناً من صحتها، فقد سمعتها للتو من أحد معارفي".

أجاب "سقراط" بسرعة: "حسناً، لننتقل إلى الفلتر الثاني، فهل ثمة خير في القصة التي تنوي أن تخبرني إياها؟".

أجاب الجار: "لا، على النقيض من ذلك، إنَّ القصة في حقيقة الأمر...."، وقاطعه "سقراط" مجدداً قبل أن يكمل كلامه قائلاً: "أنت تنوي إخباري بقصة لست متيقناً من صحتها، وهي قطعاً غير حسنة".

"هذا صحيح"، أكد له الجار، فرد عليه "سقراط": "لا بأس بذلك ما زال بإمكانك أن تثبت صحة سرد القصة، فهل ثمة فائدة أو قيمة أو عظة من سرد القصة؟"، ومن ثم فكر الجار قليلاً قبل أن يجيب: "كلا، أعتقد أنَّ القصة ليست..."، وقاطعه "سقراط" للمرة الأخيرة قائلاً: "أنت تنوي إخباري بقصة لست متأكداً من صحتها، وهي قطعاً غير حسنة ولا مفيدة بأي شكل من الأشكال؟"، وعندها طأطأ الجار رأسه، وأردف "سقراط" قائلاً: "لا يوجد سبب وجيه لسرد القصة، وليس ثمة حجة منطقية لتُصدقها أساساً"، وعندها همَّ الجار بمغادرة المكان.

أسئلة بسيطة يجب أن تطرحها على نفسك بين الحين والآخر:

لم تتغير أسس الحياة كثيراً عن العهد القديم، ولا سيما فيما يتعلق بالقصص التي يحكيها الأفراد لأنفسهم وللآخرين؛ إذ يهدر الإنسان حصة كبيرة من وقته كل يوم على تضخيم الأمور وتهويل الأحداث ونقل الشائعات والإفراط في القلق والتفكير، ويبدأ معظم الأفراد يومهم بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي دون وجود أسباب وجيهة تدعو لهذا السلوك، ويمكن تفسير هذا السلوك بميل الفرد لتجنب أفكاره والهرب من همومه وواقعه والمسؤوليات والمهام الواقعة على عاتقه، وهي دوافع تتعارض مع الأسس التي سنَّها "سقراط": الحقيقة، والخير، والفائدة.

تقدم الحياة فرصاً لا حصر لها لاكتشاف الحقيقة، والخير، والفائدة، لكنَّ الإنسان يبقى في غفلة من أمره ويمتنع عن استثمار هذه الفرص دون أن يلاقي عواقب أفعاله وقراراته الخاطئة على الأمد القصير، وتبدأ تبعات التقصير والغفلة بالظهور على الأمد الطويل فجأة ودون سابق إنذار.

تتمثل علامات هذه الغفلة في شعور الفرد بفقدان السيطرة على حياته ونَدمه على قراراته وخياراته السابقة، لذا إياك أن تقع في شرك الغفلة، وتذكر نصيحة "سقراط" التي تقتضي التركيز على الحقيقة والخير والمنفعة.

شاهد بالفيديو: 6 أسئلة هامّة لمعرفة ما تريد أن تنجزه بحياتك

فيما يأتي 3 أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك بين الحين والآخر:

1. هل القصص التي تحكيها لنفسك صحيحة؟

يكوِّن الإنسان قصصاً عن التجارب والظروف التي يخضع لها، وهي تحدد وجهات نظره وطريقة تعاطيه مع ما يحدث في حياته، ويبحث الإنسان في تجاربه عن الأدلة التي تؤكد صحة قصته ويرفض الاعتراف بكل ما يتعارض معها، وهو ما يؤثر في قراراته ووجهات نظره.

تشبِّه إحداهن الخلافات الزوجية والتعب النفسي الذي ينجم عنها بقصة قديمة يقوم فيها مجموعة من العميان بلمس حيوان الفيل للمرة الأولى في حياتهم لاكتشاف ماهيته وتحديد أوصافه؛ إذ يلمس كل واحد منهم جزءاً مختلفاً من جسم الفيل، ولكنَّهم يكتشفون عند مقارنة الملاحظات أنَّهم يختلفون في توصيف الفيل وهو ما يؤدي إلى نشوب الخلافات والتوتر فيما بينهم.

العميان والفيل

يتعرض كثير من الأفراد لتجارب صادمة في حياتهم مثل فقدان أحد الأحبة إثر حادث أليم أو مرض خطير، ويقاسي بعضهم مرارة الخيانة، أو الفصل من الوظائف التي يعتمدون عليها في إعالة أنفسهم، أو الرفض بسبب التمييز العنصري والعرقي.

تؤثر تجارب الماضي الأليمة في وجهات نظر الأفراد وقراراتهم في الوقت الحاضر، وهي المسؤولة عن تكوين ما يُسمَّى بالآلية الدفاعية النفسية، وتنشط هذه الآلية الدفاعية الغريزية عندما يتعرض الفرد لموقف أو تجربة جديدة يجهل نتائجها المستقبلية، ولا يمتلك معلومات وافية عن طبيعتها؛ إذ يحاول الدماغ في هذه الحالة التغلب على شعور الخوف من المستقبل، ونقص المعلومات من خلال استرجاع القصص القديمة التي تشعره بالراحة والسيطرة على حياته.

يميل الإنسان إلى تعويض المعلومات الناقصة وتأويل ما يحدث في حاضره من خلال استخدام القصص والتجارب السابقة، وهو ما يساعده على فهم الأحداث والظروف الجارية في كثير من الأحيان، وتبرز المشكلة عندما لا تكون هذه القصص متعلقة بتجارب الحاضر ولا تساهم في تفسير الظروف المحيطة؛ بل إنَّها يمكن أن تعوق تقدم الفرد وتدفعه إلى تكوين وجهات نظر ومواقف خاطئة، وهو ما يؤدي إلى إلحاق الأذية بالفرد وبأحبته.

يمكن التغلب على هذه المشكلة عن طريقة إدراك القصة التي تتحكم بوجهات نظرك وموقفك تجاه التجربة التي تخوضها في الحاضر، ولا تسمح لها بالتحكم في قراراتك وأفعالك، لذا عليك أن تحلل التجربة بواقعية وموضوعية، وتلاحظ ما يحدث فيها دون أن تفترض أحكاماً مسبقة، فهل أنت واثق من صحة القصة؟

حاول أن تفكر بالمشاعر والقرارات والتصرفات التي تمليها عليك هذه القصة، ومن ثم عليك أن تقوم بعد ذلك بتكوين وجهات نظر وملاحظات عن التجربة بعد استبعاد تأثير القصة، لذا حاول أن تبذل ما بوسعك لتحسين طريقة تفكيرك وتكوين وجهات نظر سوية حتى يتسنى لك أن تتخذ قرارات بنَّاءة وتعيش حياة سليمة على الرغم من التحديات التي تواجهها.

2. ما هي الجوانب الحسنة التي يمكنك أن تركز عليها الآن؟

تلقيت البريد الإلكتروني الآتي من أحد القراء، وأنا أشاركه هنا بعد أن حصلت على إذنه:

"سوف تخضع مريضتي الصغيرة البالغة من العمر 10 سنوات لعملية جراحية جديدة نتيجة إصابتها بنوع نادر وخطير من السرطان، ولقد سبق أن أجرت 14 عملية جراحية في السنوات الثلاث الماضية، ولكنَّها مع ذلك تترفع عن الشكوى والتذمر من وضعها الصحي، وأنا واثقة أنَّ موقفها من المرض وقبولها لما يحدث معها هو سبب صمودها حتى هذه اللحظة على الرغم من أنَّ حالتها تسوء وفرصة شفائها ضعيفة، وإنَّها تعيش حياتها بشكل طبيعي فتراها تلعب مع بقية الأطفال، وتقضي أوقاتاً طيبة مع عائلتها، ولقد سبق أن وضعت أهدافاً ذكية وواقعية للسنة المقبلة، وهي تعمل على تنفيذها الآن، وإنَّني أستمد الإلهام والدافع للتركيز على الجوانب الحسنة في حياتي وتكوين مواقف ووجهات نظر إيجابية تجاه ما يحدث معي من قصص هؤلاء الأطفال القادرين على مواصلة حياتهم بحماسة وشغف على الرغم من الظروف القاسية التي يتعرضون لها بسبب المرض، ولقد ساعدتني أحاديثي مع هذه الفتاة الصغيرة على إدراك الأفكار التي تؤذيني، وتقدير النعم التي أحظى بها في حياتي، وصرت أقدِّر نعمة الصحة وأعي التوفيق والخير في حياتي بعدما كنت أقضي كثيراً من الوقت في الندم والتحسر على ما آلت إليه حياتي، وأطمع بمزيد من النجاح والتوفيق والمتعة دون أن أقدِّر ما أمتلكه، وكانت هذه الأفكار السلبية تتحكم بموقفي تجاه الحياة وقدرتي في إحراز التقدم والنجاح في تحقيق الأهداف الهامة بالنسبة إلي".

يقابل الإنسان في حياته أشخاصاً تعرضوا لمآسي وتجارب أليمة، ويدرك عندها التوفيق والنعم التي يحظى بها، والأفكار التي تمنعه من تقدير الخير والبركة في حياته.

يجب عليك أن تقبل ظروف حياتك كما هي، وتقوم بما يلزم لتحقيق النجاح والتقدم دون أن تقلق أو تخشى النتائج، أو تبالغ في التفكير بصعوبات الحياة، لِتركز على حاضرك، ولِتعمل بطريقة مدروسة خطوة تلو أخرى، وتبذل قصارى جهدك في محاولاتك.

فيما يأتي 15 نعمة يستخف كثير من الأفراد بوجودها في حياتهم:

  • نعمة الحياة.
  • نعمة البصر والقدرة على رؤية المناظر الطبيعية الخلابة.
  • نعمة السمع التي تتيح إمكانية سماع الأصوات المطربة مثل هدير الموج وتغريد الطيور.
  • نعمة الصحة والقدرة على المشي والتنزه في الخارج والاستمتاع بدفء أشعة الشمس.
  • نعمة الطعام الكافي.
  • نعمة المسكن.
  • نعمة اللباس.
  • التوفيق الذي يساعدك على التغلب على الأزمات القاسية لتتعلم وتنضج.
  • الطموح، والشَّغف، والدافع، والحرية التي تتيح لك إمكانية الاعتماد على نفسك في اتخاذ القرارات، ويدل على ذلك شعورك بالقلق في كثير من الأحيان بشأن مستقبل حياتك، وعملك، وعائلتك.
  • نعمة الصحة، والقدرة على التماثل للشفاء إذا أصابك المرض.
  • الصديق أو القريب الذي يفتقدك وينتظر مقابلتك بفارغ الصبر.
  • شخص مقرب تسترجع معه الذكريات الجميلة.
  • نعمة الماء النظيف القابل للشرب.
  • إمكانية استخدام الإنترنت.
  • القدرة على القراءة.

إنَّك تعيش حياة كريمة وهانئة أكثر من معظم الناس، ولكنَّك تعجز عن إدراك النعم التي تحظى بها ويفتقر إليها غيرك، ويكمن سر السعادة في شعور الامتنان وتقدير النعم الصغيرة منها والكبيرة طوال الوقت.

3. ما هي الأفعال المفيدة التي يمكنك أن تقوم بها في الوقت الحالي؟

ينجح الفرد في تحقيق الأهداف المرجوة عندما يعمل على تحسين طريقة تفكيره وسلوكاته وأفعاله على أرض الواقع، ومن غير المنطقي أن تكرر أفعالك وتصرفاتك بحذافيرها مرة تلو أخرى وتتوقع الحصول على نتيجة مختلفة.

يجب عليك أن تتحمل مسؤولية قراراتك وأفعالك دون أن تلقي اللوم على الآخرين إذا واجهت مشكلة أو باءت محاولاتك بالفشل، وحبذا لو تبدأ بتغيير عقليتك، وتحسين عاداتك، واتخاذ زمام السيطرة على حياتك؛ إذ تعتمد جودة حياتك على خياراتك وأفعالك.

يواجه بعض الأفراد صعوبةً في الالتزام بقراراتهم وتنفيذ الأفعال والإجراءات التي تعهدوا بالوفاء بها؛ بسبب عاداتهم اليومية، ويعتمد نجاح الإنسان في الحياة على العادات والأفعال الصغيرة اليومية، فحياتك ثمرة عاداتك، وإنَّك لن تقدر على إحراز التقدم أو تحسين حياتك حتى تغير أفعالك اليومية؛ إذ يكمن سر النجاح في العادات وأنماط الحياة اليومية، وهذا يعني أنَّ النجاح لا يتحقق بين ليلة وضحاها، فهو حصيلة العادات والأفعال اليومية التي تؤتي ثمارها مع مرور الوقت.

يحدث الفشل بشكل تدريجي بالطريقة نفسها أيضاً؛ وهذا يعني أنَّ عاداتك اليومية وعجزك عن الالتزام وتقصيرك يوماً تلو آخر يلحق بك فشلاً ذريعاً ومفاجئاً مع مرور الوقت دون سابق إنذار، ولا يحدث هذا الفشل نتيجة حدث أو مشكلة معيَّنة؛ بل إنَّه ينجم عن الأفعال الصغيرة اليومية.

5 عادات هدامة تلحق الفشل بالأعمال التجارية عند تكرارها:

  • إهمال تفقد الحجوزات.
  • تأجيل إجراء المكالمات الضرورية.
  • تجاهل مطالب واحتياجات العملاء باستمرار.
  • الامتناع عن التحديث والابتكار.
  • عدم الالتزام بتأدية الأعمال الصغيرة الروتينية اللازمة لتحقيق النجاح.

يؤدي هذا التقصير والإهمال مع مرور الوقت إلى فشل المشروع التجاري فجأة ودون سابق إنذار، ويعود هذا الفشل الذريع والمفاجئ إلى العادات والأفعال اليومية البسيطة، وهو لم ينجم عن حدث معيَّن بحد ذاته.

تمرين عملي يساعدك على إدارة وقتك وحياتك:

فيما يأتي تمرين عملي يساعدك على إدارة وقتك وحياتك، ولا سيما إذا كنت تهدر كثيراً من الوقت في القيام بأفعال غير مفيدة ولا تساهم في تحقيق أهدافك:

  • اكتب تفاصيل محددة عن ظروف حياتك الراهنة، فهل ثمة ما يزعجك؟ وهل أنت عاجز عن إحراز التقدم في حياتك؟ وما هي التغييرات التي تحتاج إلى إجرائها؟
  • أجب عن السؤال الآتي: ما هي العادات اليومية التي ساهمت في وصولك لهذا الوضع؟ وعليك أن تكون صادقاً مع نفسك في تحديد هذه العادات والأفعال اليومية.
  • كتب تفاصيل محددة عن التغييرات التي تتمنى أن تطرأ على ظروفك، وكيف يمكنك أن تزيد سعادتك؟ وما هي خصائص الظروف الحسنة بالنسبة إليك؟
  • أجب عن السؤال الآتي: ما هي العادات اليومية التي يمكن أن تساعدك على تغيير وضعك وتحقيق أهدافك؟
  • عليك أن تفكر بالخطوات والأفعال اليومية الصغيرة التي تساعدك على إحراز التقدم التدريجي صوب أهدافك.

    في الختام:

    لقد حان الوقت لتتخلص من عاداتك القديمة، ومن ثم تبدأ رحلة النجاح والتقدم في حياتك، وليس ثمة طائل ولا فائدة من التمسك بنمط حياتك المريح، فهو لن يساعدك على تحقيق أحلامك وطموحاتك، لذا تذكر أن تطرح على نفسك الأسئلة الواردة في المقال بين الحين والآخر حتى يتسنى لك أن تضفي مزيداً من الحقيقة، والخير، والفائدة على حياتك.