3 أسباب للتركيز على السعادة المصطنعة

3 أسباب للتركيز على السعادة المصطنعة
(اخر تعديل 2023-10-07 06:06:14 )
بواسطة

وفقاً لعالِم النفس الاجتماعي "دان جيلبرت" (Dan Gilbert)، يوجد نوعان من السعادة؛ الأول هو سعادةٌ طبيعيةٌ يشعر بها الإنسان عندما يقوم بتحصيل رغباته، والثاني هو سعادةٌ مصطنعةٌ يصنعُها عندما لا يحصل على ما يريده، وهنا يبرز السؤال الآتي: "هل ثمة نوع أفضل من الآخر؟"، يمكنك أن تكتشف الإجابة بنفسك من خلال قراءة هذا المقال.

مفهوم السعادة المصطنعة:

لا بُدَّ أنَّك سمعتَ عن أشخاص تعرَّضوا لأحداث صادمة أو تجارب فاشلة مُخيِّبةٍ للآمال، وصرَّحوا بعدها بأنَّهم أفضلُ حالاً على الرَّغم من عدم تحقيق رغباتهم، وأنَّهم راضون عن التجربة تماماً.

تبيَّن أنَّ هؤلاء الأشخاص لا يعيشون حالة إنكارٍ للأزمة التي تعرضوا لها، أو لفرط تفاؤل غير عقلانيٍّ؛ بل إنَّ شعورهم بالسعادة يعود إلى السعادة المصطنعة بالفعل.

يقول عالِم النفس الاجتماعي "دان جيلبرت" في أحد "مؤتمرات تيد" (Ted Talk) إنَّ الإنسان يقوم باصطناع السعادة عندما لا يحصل على ما يريدُه أو عندما يتعرَّضُ لتجربةٍ قاسيةٍ؛ كأن يُدان بجريمةٍ لم يقترفها ويقضي سنوات طويلة في السجن، فيصف شخصٌ أُدين بجريمةٍ لم يقترفها ما مرَّ به بأنَّه "تجربة عظيمة"، ومن غير المنطقي أن يشعر الإنسان بمثل هذا الشعور بعد قضاء سنوات طويلة في السجن بسبب جريمة لم يقترفها أساساً.

قد يظنُّ بعض الأشخاص أنَّ مثل هؤلاء الأشخاص يعيشون حالة إنكار ويخدعون أنفسهم، ويستحيل أن يكونوا سعداء فعلاً بعد هذه التجارب الصادمة، ولكن تفيد التجارب بأنَّ هذا الشعور ممكن.

شاهد بالفيديو: أنت لا تجد السعادة بل تبنيها كاتارينا بلوم Katarina Blom

استخدام الذاكرة غير الواعية للشعور بالسعادة:

أجرى عالِم النفس الاجتماعي "جيلبرت" تجربةً على مرضى فقدان الذاكرة التقدمي الذين فقدوا قدرتهم على تكوين ذكريات جديدة، وعُرِضَ عليهم في البداية 6 لوحات للرسام الفرنسي "كلود مونيه" (Claude Monet)، وطُلِبَ منهم تقييمها وفق مقياسٍ تصاعديٍّ من 1 إلى 6 من الأجمل إلى الأقل جمالاً، ثمَّ أخبرهم بعد انتهاء عملية التقييم بأنَّه سيُهدي كلَّاً منهم إمَّا اللوحة رقم 3 أو اللوحة رقم 4 تقديراً لمشاركتهم؛ فاختاروا جميعاً اللوحة رقم 3 نيابةً عن اللوحة رقم 4، وغادر الباحثون الغرفة، ثمَّ عادوا، وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ المرضى لن يتذكروا فريق الباحثين ولا الجزء الأول من التجربة التي أُجريَت سابقاً، وطلب الباحث من المرضى أن يُعيدوا تقييم اللوحات مجدداً.

فيما يأتي النتائج المثيرة للاهتمام:

وضع الأفراد اللوحة رقم 3 في المرتبة 2؛ أي في مرتبة أعلى ممَّا سبق، وأصبحت اللوحة رقم 4 في المرتبة 5؛ أي أقل من السابق، وبيَّنت النتائج أنَّ الأفراد أصبحوا سعداء باللوحة التي امتلكوها أكثر من السابق، وقلَّ إعجابهم باللوحة المرفوضة على الرَّغم من عدم امتلاكهم لأي ذاكرة واعية بشأن اللوحات.

اكتشف العالِم "جيلبرت" من خلال التجربة أنَّ الأفراد يصطنعون سعادتهم الخاصة بصورة لا واعية، وأنَّ هذه القدرة غير الواعية على اصطناع السعادة تحدث غالباً في المواقف الخارجة عن سيطرة الإنسان؛ أي إنَّ الإنسان يمتلك قدرة طبيعية على زيادة رضاه عن نتيجة تجربة خارجة عن إرادته.

أسباب الاهتمام بالسعادة المصطنعة:

فيما يأتي 3 أسباب للتركيز على السعادة المصطنعة:

  • السعادة المصطنعة ليست شعوراً وهمياً أو حالة إنكار، كما أنَّ العقل البشري لا يختلقها فقط في حالة الاستياء عندما لا يحصل على ما يريده؛ بل هي آلية طبيعية موجودة ضمن الدماغ البشري، وتقتضي وظيفتها مساعدةَ الإنسان على النظر إلى الظروف والتجارب غير المثالية نظرةً إيجابية، والشعور بالرضى عن التجربة، وهو ما يؤدي إلى زيادة الشعور بالسعادة عند الحاجة.
  • تُعَدُّ القدرة على اصطناع السعادة مهارة بالغة الأهمية في الحياة؛ لأنَّ الإنسان لا يستطيع أن يحصل على كل ما يريده على الدوام، ولا بدَّ أن يتعرض الإنسان لمشاعر الخيبة في بعض مراحل حياته، وعندها سيحتاج إلى مهارة اصطناع السعادة والتكيف ورؤية الجوانب الإيجابية في الحياة، ويفتقر المصابون بالاكتئاب إلى القدرة على اصطناع السعادة في أغلب مواقف حياتهم؛ لهذا السبب يعجزون عن رؤية الجوانب الإيجابية في الحياة.
  • لا يستطيع الإنسان أن يُقدِّر مدى السعادة التي سيشعر بها في مواقف الحياة بدقة؛ إذ لن يتسنى للفرد أن يعرف مدى السعادة التي سيشعر بها حتى يخوض التجربة أو الموقف فعلياً؛ ما يعني أنَّ القدرة على اصطناع السعادة تساعدنا على التغلب على مشاعر عدم اليقين الناجمة عن جهلنا للنتيجة المستقبلية.
  • في الختام:

    يتركب شعور البهجة الذي يشعر به الإنسان من كلٍّ من السعادة الطبيعية والمصطنعة على حدٍّ سواء، وهما متساويتان في الأهمية وتساعدان الإنسان على عيش حياة متوازنة.

    تتيح السعادة الطبيعية للإنسان إمكانية الاستمتاع بالتجارب والمواقف المبهجة، وتساعده السعادة المصطنعة على التأقلم وقبول وتقدير ما يقوم به عندما لا يحصل على نتيجة مثالية، وعندما تبدأ بتدريب قدرتك على اصطناع السعادة؛ فإنَّك ستكتشف أنَّ بعض المواقف ليست بالسوء الذي تبدو عليه في البداية.