3 طرق للتعامل مع عدم اليقين (الجزء الأول)

3 طرق للتعامل مع عدم اليقين (الجزء الأول)
(اخر تعديل 2023-11-12 06:00:20 )
بواسطة

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّنة "سيلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتُحدِّثنا فيه عن نهجها وتجربتها الشخصية في التعامُل مع عدم اليقين في الحياة.

عدم اليقين في الحياة:

وقعت صديقتي في حالة من عدم اليقين في أثناء انتظارها رد الشركة؛ لأنَّها لن تستطيع التفكير بخططها المستقبلية حتى يصلها الرد، فمن ناحية يُرجح أن يُقبَل طلبها لأنَّ المبلغ معقول، لكن من ناحية أخرى قد يُرفض لأنَّ رب العمل المحتمل في وضع أقوى.

يناقش المقال من هذا المنطلق مسألة التعامل مع عدم اليقين وإدارته.

كيفية التعامل مع عدم اليقين:

لا بدَّ أن يواجه المرء مواقف عدم اليقين في أوقات معينة من حياته شاء أم أبى، وإنَّ حالة صديقتي آنفة الذكر لخير مثال على عدم اليقين في الحياة، ووُجِب عليَّ أنا شخصياً التعامل مع عدم اليقين مرات عدة في الماضي، وأذكر منها ما يأتي:

  • وُجِب عليَّ عندما تخرجت في المدرسة الثانوية اختيار دراستي الجامعية، واتخاذ القرار النهائي خلال فترة قصيرة جداً، كان قراري هاماً جداً؛ لأنَّه سيحدِّد مسار حياتي المهنية، فلا بدَّ من اعتماد الخيار المناسب، غمرني شعور عدم اليقين عندئذٍ لمعرفتي المتواضعة بشأن البرامج الدراسية وقلة خبرتي الحياتية في تلك المرحلة من حياتي، كان اتخاذ مثل هذا القرار الهام في عمر مبكِّر وخلال فترة زمنية قصيرة جداً أمراً عصيباً جداً.
  • عندما كنت في عملي السابق، أردت في مرحلة معينة تغيير واجبات الوظيفة لأكتسب بعض الخبرة من العمل في قسم مختلف، فرضت عليَّ إجراءات الشركة الروتينية الانتظار لشهور عدة قبل تنفيذ مطلبي، شعرت خلالها بعدم اليقين جراء عدم اتضاح وقت تنفيذ هذا الإجراء.
  • واجهت أقسى مواقف عدم اليقين عندما استقلت من وظيفتي لمباشرة عملي الخاص في مجال الكوتشينغ، فنتجت حالة عدم اليقين وقتئذٍ من جهلي لوقت انطلاقتي بالعمل وبدء كسب المال؛ ذلك أنَّ العمل كان ما يزال قيد الانطلاق ولا يوجد دخل مادي، كما ساورتني الشكوك بأنَّ مشروعي سيبوء بالفشل.
  • تعلَّمت من كل تجربة أن أتعامل مع عدم اليقين وألا أسمح له بالسيطرة عليَّ، ثم استطعت في النهاية التغلُّب على العراقيل ومعالجة المشكلات وتحقيق أهدافي.

    إقرأ أيضاً: البقاء على أعتاب حافة عدم اليقين

    نستطيع التعامل مع مسألة عدم اليقين باتباع النهج المناسب، ونقدِّم فيما يأتي 3 طرائق فاعلة للتعامل معه:

    1. التركيز على الجوانب التي تستطيع التحكُّم بها:

    عليك أن تركِّز على الجوانب التي تستطيع التحكم بها، وتتغاضى عما يقع خارج نطاق سيطرتك.

    توجد عوامل تستطيع التحكم بها في المواقف جميعها التي تتعرض لها في حياتك، ويجدر بك التركيز عليها، وأخرى لا تستطيع التحكم بها، وفي هذه الحالة تستطيع أن تفعل ما بوسعك للتأثير فيها دون الإفراط في التفكير فيها.

    مثال: عندما باشرت العمل على مدوَّنتي "بيرسونال إكسيلينس" (Personal Excellence)

    شاهد بالفيديو: 7 طرق سحريّة لتبسيط الحياة

    لننظر في وضعي عندما بدأت مشروع الكوتشينغ الخاص بي، لا بدَّ أن تكون فترة انطلاقة أي مشروع ناشئ مليئة بعدم اليقين، وأفكار وتساؤلات عن زمن الانطلاقة الفعلية للمشروع وبدء تحقيق إيرادات، وشكوك فيما إذا المشروع سيبوء بالفشل.

    كانت فترة مقلقة بحق، ومع ذلك أدركت أنَّ لا داعي للخوف، وقرَّرت مواجهة مخاوفي، تبيَّن لي أنَّ السبب الرئيس لحالة القلق التي أعيشها يكمن في مشكلات التدفق النقدي، وعدم اليقين من نجاح مشروعي، وعندها طرحت الأسئلة الآتية على نفسي:

    • "كيف أستطيع ضمان تحقيق النجاح في مشروعي؟".
    • "ما الذي يتعيَّن عليَّ فعله في حال عدم تحقيق إيرادات بعد فترة زمنية محدَّدة من بدء المشروع؟".

    كان الهدف من هذه الأسئلة التركيز على الجوانب التي أستطيع التحكُّم بها، كاستراتيجية العمل وتنمية مهاراتي وإعداد محتوى متميِّز واستقطاب عملاء، أمَّا بالنسبة إلى الجوانب الواقعة خارج نطاق سيطرتي فإنَّي كنت أبذل ما بوسعي لتحقيقها دون أن أقلق بشأنها، ونذكر من هذه الجوانب رغبة وسائل الإعلام بإجراء مقابلة معي، وفيما إذا كانت مقالاتي ستتصدَّر نتائج البحث في "جوجل" (Google).

    سرعان ما حظيت المدوَّنة باهتمام الجمهور جرَّاء تركيزي على الأعمال التي أستطيع القيام بها، بدلاً من تشتيت أفكاري بالقلق بشأن بقية الجوانب، لم أشغل بالي بالاحتمالات المستقبلية، وانكببتُ على العمل على المحاور جميعها التي يمكن التحكم بها، وهو ما أدَّى بدوره إلى تحقيق نتائج سريعة.

    الانتقال من مركز الضبط (Locus of Control) الخارجي إلى الداخلي.

    عليك أن تحوِّل تركيزك من مركز الضبط الخارجي إلى الداخلي.

    يعني مركز الضبط الخارجي تصوُّر المرء أنَّ البيئة الخارجية تتحكَّم بحياته أكثر ممَّا يفعل هو، فعلى سبيل المثال إذا كنت تحسب أنَّ الاقتصاد أو الحكومة أو الأفراد الآخرين يتحكَّمون بسعادتك ونجاحك في الحياة أكثر مما تفعل أنت، عندئذٍ لديك مركز ضبط خارجي.

    يعني مركز الضبط الداخلي تصوُّر الفرد أنَّه يتحكَّم بحياته أكثر مما تفعل البيئة الخارجية، فعلى سبيل المثال إذا كنت تحسب أنَّك مسؤول عن سعادتك ونجاحك، عندئذٍ يكون لديك مركز ضبط داخلي.

    يتميز الأفراد ذوو الضبط الداخلي بروح المبادرة ومستويات سعادة أعلى من ذوي الضبط الخارجي؛ لقدرتهم على التعامل مع عدم اليقين ومشكلات الحياة بسهولة.

    يمكن للفرد استحضار بعض الطمأنينة في حالات عدم اليقين عبر التركيز على الجوانب الخاضعة لسيطرته، أما بالنسبة إلى بقية الجوانب العصيَّة على التحكم، يستطيع أن يبذل ما بوسعه للتأثير فيها دون إفراط التفكير بشأنها؛ أي بتعبير آخر ينبغي التركيز على الفعل بدلاً من القلق.

    في الختام:

    لقد تحدَّثتُ في هذا الجزء من المقال عن تجربتي في التعامُل مع عدم اليقين، واستعرضتُ النهج الذي اتَّبَعته في هذا الصدد، واقترحتُ الطريقة الأولى من طرائق التعامُل مع عدم اليقين وهي التركيز على الجوانب التي يمكن للمرء التحكم بها وعدم القلق بشأن الأمور الواقعة خارج نطاق سيطرته، وسأكمل حديثي في الجزء الثاني والأخير من المقال عن بقية الطرائق مع ذكر أمثلة شخصية.