5 أشياء تجعلك أذكى

5 أشياء تجعلك أذكى
(اخر تعديل 2024-05-07 05:56:14 )
بواسطة

كان الطلاب بالكاد يفهمون محاضراته الرائعة؛ ولكنَّهم أحبوه لحس فكاهته العالي، كما كان يقيم حفلات كبيرة في منزله، ويتوقف أحياناً لإثبات نظرية من نظرياته على منديل، وقد كان يحب إزعاج أحد زملائه في العمل، والذي لم يكن سوى العالم "ألبرت أينشتاين" (Albert Einstein).

قال "إدوارد تيلر" (Edward Teller)، وهو فيزيائي عبقري آخر عمل في مشروع مانهاتن؛ ذات مرة عنه: "كان "فون نيومان" يحادث ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات، وكأنَّه من جيله، وكنت أتساءل أحياناً عما إذا كان يستخدم الأسلوب ذاته عند التحدث إلينا"، لذا يمكن القول إنَّ "جون فون نيومان" كان أذكى شخص على الإطلاق.

الذكاء أمر هام جداً، ولكن معظم ما نسمعه عن الذكاء هو أفكار لا تمت للحقيقة بصلة، ففكرة أنَّ المرء لا يستخدم سوى 10% فقط من دماغه، هي إحدى الخرافات التي انتشرت في القرن العشرين.

لا يتمحور معدل الذكاء حول مجرد قراءة الكتب أو المهارات الأكاديمية؛ بل حول القدرة العامة على حل المشكلات، وصحيح أنَّ أمور مثل الدافع والفضول والشخصية هامة، وأنَّ معدل الذكاء ليس كل شيء، ولكنَّه يؤثر في كل شيء تقريباً، ولا عجب أن يكون الموظفون الأكثر ذكاءً في المتوسط أفضل في عملهم، ولكنَّ الأمر لا يقتصر على أنَّهم يستطيعون العمل في وظائف معقدة أكثر؛ بل يؤثر معدل الذكاء أيضاً في أداء الوظائف الأقل تعقيداً؛ فعمال النظافة ذوو معدل الذكاء العالي مثلاً أفضل في وظائفهم في المتوسط، لذا بشكل عام كلما كان معدل الذكاء أعلى، كان ذلك أفضل، وكما أنَّه في المتوسط الذكاء العاطفي ليس أكثر أهمية من معدل الذكاء العقلي عندما يتعلق الأمر بالأداء الوظيفي، ولا تقتصر فوائده على الأداء الوظيفي فقط.

فقد كشفت بعض الدراسات عن أنَّ الذكاء ينبِّئ بطول العمر، مثل تأثير تجنب التدخين تماماً، فالمشكلة هي أنَّ الذكاء يعتمد بنسبة كبيرة على الوراثة، فتبلغ نسبة وراثة الذكاء 0.5؛ وهذا يحدد إلى حد كبير معدل ذكائك الثابت، والذي يستقر بشكل عام بين سن 7 إلى 10 سنوات، وقد تطرأ تغيرات بسيطة على معدل الذكاء، ولكنَّ التغيرات الكبيرة غير محتملة للغاية، ولا تنجم عادة سوى عن معالجة عوز أو نقص، مثل عدم الحصول على التعليم في مرحلة الطفولة، أو نقص اليود، كما أنَّ تأثير معظم التدخلات في تعزيز الذكاء ضئيل للغاية، والذي يتلاشى عموماً فور انتهائها، مثل:

  • الألعاب المخصصة لتدريب الدماغ.
  • تسجيل الأطفال في الروضة.
  • امتلاك "عقلية النمو".

5 أشياء تجعلك أذكى:

لا يمكننا تحسين جيناتنا الوراثية، ولكنَّ جزءاً من سبب انخفاض معدل ذكائنا يعود إلينا، فيمكننا القيام بعدة أمور فعَّالة لنحرص على تحقيق أقصى استفادة من ذكائنا، ولا يسعنا زيادة ذكائنا بنسبة عالية، ولكن يمكننا أن نفعل الكثير لنخفف من قلة ذكائنا، لذا إليك فيما يأتي 5 أشياء تساعدك على ذلك:

1. نيل قسط كاف من النوم:

قد تبدو نصيحة بديهية، ولكن كما قال المؤلف "كريستوفر هيتشنز" (Christopher Hitchens): "على المرء ألا ينسى أبداً مدى فائدة العادات البديهية"، فبقدر ما قد يبدو الأمر بديهياً، إلا أنَّنا لا ننال قسطاً كافياً من النوم؛ إذ يقول "ماثيو ووكر" (Matthew Walker)، وهو باحث في مجال النوم في جامعة "كاليفورنيا" (UC): "لا يحصل ثلثا البالغين في جميع الدول المتقدمة على ثماني ساعات من النوم الموصى بها ليلاً".

نيل قسط كاف من النوم؛ هو سر الإدراك المعرفي، والذي يضعف بشدة نتيجة الحرمان من النوم؛ فتُظهر دراسات تربوية أنَّ فقدان ساعة من النوم يجعل تفكير طالب في الصف السادس كتفكير طالب في الصف الرابع؛ فهناك علاقة واضحة بين النوم والدرجات التي يحصل عليها الطلاب: "نال الطلاب الذين حصلوا على علامة ممتازة متوسط ​​نوم أكثر بحوالي خمسة عشر دقيقة من الطلاب الذين حصلوا على علامة جيدة جداً، والذين بدورهم حصلوا على متوسط ​​نوم أكثر بخمسة عشر دقيقة من الطلاب الذين كانت علاماتهم جيدة، وهكذا"، حتى إنَّنا نتخذ قرارات أفضل بعد الحصول على ليلة هانئة من الراحة.

قد تقول إنَّك لا تنال قسطاً كافياً من النوم، ولكنَّ هذا لا يؤثر فيك؛ إلا أنَّ مَثَل مَن يدَّعي ذلك كمثل مَن يقول إنَّه يستطيع القيادة وهو تحت تأثير التخدير، ففي الدراسات لا يدرك الأشخاص المحرومون من النوم مدى اختلالهم؛ فبعد مرور بضعة أيام فقط على الدراسة، ذكر المشاركون في المجموعة التي نامت لأربع وست ساعات أنَّهم شعروا بالنعاس قليلاً، ولكنَّهم أصروا على أنَّهم تكيفوا مع حالتهم الجديدة، وحتى بعد 14 يوماً قالوا إنَّ النعاس لم يؤثر فيهم، إلا أنَّ أداءهم في الحقيقة كان قد تراجع.

قد تتساءل: ألا توجد طريقة سهلة للحفاظ على القدرات الذهنية دون الحصول على ما يكفي من النوم؟

قد يساعد شرب القهوة والتدخين على ذلك؛ فيعمل الكافيين والنيكوتين على تعزيز القدرات العقلية بصورة مؤقتة، ولكنَّهما سيف ذو حدين، فمن الواضح أنَّ التدخين يضر بصحتك، وعلى الرغم من أنَّ تناول كميات معتدلة من الكافيين هو أمر صحي، إلا أنَّه يمكن أن يؤثر تأثيراً كبيراً في قدرتك على النوم.

تُظهر الدراسات أنَّ أغلب التأثير السلبي الذي يؤدي إلى تدني درجات طلاب الجامعات ناتج عن النعاس في أثناء النهار بسبب الكافيين وقلة النوم.

شاهد بالفديو: 9 نصائح لتصبح أكثر ذكاءً وتميزاً

2. ممارسة التمرينات الرياضية:

العقل السليم في الجسم السليم؛ فوفقاً للأدلة العلمية الحالية إنَّ ممارسة الرياضة هي أفضل طريقة لتعزيز وظيفتك المعرفية، وقد تعزز مم ارسة التمرينات الرياضية عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ (BDNF)؛ وهذا يزيد قدرتك على التعلُّم بنسبة 20%، كما ويصبح التحكم المعرفي أفضل بشكل ملموس بعد جلسة تمرين واحدة فقط.

إذا أردت الاحتفاظ بدرجة ذكائك مع تقدمك في العمر، فإليك ما يأتي: "كشف تحليل لستة عشر دراسة مستقبلية شملت أكثر من 160 ألف فرد عن أنَّ المستويات المعتدلة من التمرينات الرياضية تقلل من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر بنسبة 45%"، إذاً الاعتناء بجسدك من خلال النوم الكافي وممارسة الرياضة هو أمر في هام جداً.

3. الهدوء:

يمكن أن يكون محرك سيارتك أقوى محرك في العالم، ولكن إذا تسلم شخص آخر عجلة القيادة، فلن تصل إلى المكان الذي تريد الوصول إليه، لذا يمكن أن تربكك المشاعر الاندفاعية، وتؤثر في حكمك على الأمور؛ فحتى لو كان معدل ذكائك عالياً، ولكنَّك تتأثر في فيض من المشاعر، فلن تتخذ قرارات حكيمة.

يشير العلماء إلى الحفاظ على الهدوء في "التحكم في المشاعر المُستثارة"، فعندما تبدأ في الشعور بالتوتر، أرخِ نفسك عبر التنفس العميق؛ إذ ساعد تعليم المجندين مراقبة تنفسهم على زيادة معدلات نجاحهم في القوات الخاصة للبحرية الأمريكية من 25% إلى 33%، فلم يخافوا أو يفشلوا أو يستسلموا.

عندما تعلم أنَّك ستواجه أمراً صعباً خذ ما يكفي من الوقت للاستعداد له؛ ذلك لأنَّ الشعور بالسيطرة يقلل من التوتر ويحافظ على صفاء الذهن؛ إذ يبدو الأمر بسيطاً، ولكنَّه فعَّال جداً، لذا جرِّب أن تسأل شخصاً عن عمله الذي يكسب منه لقمة عيشه وهو نزع فتيل القنابل: ما هو أهم أمر للحفاظ على الهدوء واتخاذ القرار الصحيح؟ ستجيبك: معرفة الخطوة التالية التي عليك القيام بها، والتركيز على ذلك.

كما ذكرنا الذكاء ليس كل شيء؛ فهو أمر يفيد في اتخاذ قرارات بسيطة وواضحة، ولكن بالنسبة إلى القرارات المعقدة، فيمكن أن يأتي التفكير العقلاني بنتائج عكسية؛ إذ تُظهر الأبحاث أنَّ اتباع حدسك في مثل هذه القرارات يمكن أن يكون غالباً الخيار الأفضل، ولا سيما إذا كنت خبيراً في مجالك.

إذاً، يمكن أن تكون العواطف مفيدة؛ لذا علينا أن نأخذ بها لاتخاذ قرارات ذكية، ولكن دون أن نخضع لسيطرتها.

4. التركيز:

الإنترنت ميدان فسيح لاختبار العقول؛ فإما أن يقودك إلى نور العلم والمعرفة، أو يؤدي بك إلى ظلام الجهل؛ لأنَّ قضاء كثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي بات بؤرة ثقافة الغضب الحديثة، سيؤدي بك إلى اضطرابات لا تحمد عقباها، وذلك من كثرة الموضوعات التافهة التي تُنشَر فيها، وأما عن ثاني شيء له ذات القدرة على إرهاقنا وتحفيزنا بإفراط في نفس الوقت، فهو تعدد المهام؛ إذ يُظهر علم الأعصاب أنَّ عقلك لا يمكنه القيام بمهام متعددة، وقد تعتقد أنَّك تجيد ذلك، ولكن هذا يشبه اعتقادك بأنَّك لا تتأثر في قلة النوم.

لذا لا تثق باعتقادك هذا أيضاً، فالتنقل بين مهمة وأخرى ليس بالأمر السهل بالنسبة إلى عقلك، فيتأثر تركيزك وانتباهك في كل مرة تبدل فيها المهام، وهذا الأمر الذي يعادل انخفاضاً في معدل الذكاء بمقدار 10 نقاط، وعلى الجانب الآخر الشيء المشترك الذي تُظهره الأبحاث بين المبرمجين الأكثر إنتاجية؛ هو العمل في بيئة خالية من التشتيت، لذا إذا أردتَ أن توظفَ كامل ذكائك، فضع هاتفك على الوضع الصامت، وابتعد عن كل التطبيقات التي تسرق انتباهك، وخصص وقتاً معيناً للتحقق من البريد الإلكتروني والرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي، ومن ثم أوقف تشغيل الإشعارات؛ إذ يسمح هذا لعقلك بالعمل بكامل طاقته ويشجعك على بذل جهد أكبر لإنجاز عمل مميز.

شاهد بالفديو: أنواع الذكاء الثمانية

5. طلب المساعدة:

لن يكتمل ما تتعلمه حتى تعتاد على طلب المساعدة عند الحاجة إليها؛ فالحياة ليست كالمدرسة التي كان أخذ إجابات شخص آخر فيها يُعدُّ غِشَّاً؛ إذ لا يمكنك تعلُّم أذكى الطرائق للتعامل مع الأمور بنفسك؛ بل عليك بطلب النصح دوماً.

قد تعتقد بأنَّ الناس مشغولون ولا يريدون مساعدتك، ولكنَّ اعتقادك خاطئ؛ فقد أفاد بحث بما يأتي: "لقد قلل الناس من احتمالية موافقة الآخرين على طلب مباشر للمساعدة على نسبة تصل إلى 50%"، أو قد تعتقد بأنَّهم سيغضبون منك ويعتقدون بأنَّك غبي، ولكنَّ ذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة.

يقول الأستاذ "آدم غرانت" (Adam Grant) في كلية "وارتون" لإدارة الأعمال (Wharton): "تُظهر الأبحاث أنَّ المشرفين صنفوا الطلاب الذين يطلبون المشورة والمساعدة باستمرار من زملائهم ذوي الخبرة على أنَّهم أفضل من أولئك الذين لا يطلبون النصيحة والمساعدة نهائياً"، والأفضل من مجرد طلب المساعدة من حين لآخر هو البحث عن "منتور" مناسب، والذي سيكون بمنزلة داعم لعبقريتك.

أجرى المؤلف "ميهالي تشيكسينتميهالي" (Mihaly Csikszentmihalyi) في كتابه "الإبداع" (Creativity) مقابلات مع أكثر من 91 شخصاً من أكثر الأشخاص ذكاءً في العالم ومن ذلك 14 شخصاً فاز بجائزة نوبل، ووجد أنَّ القاسم المشترك بينهم؛ هو أنَّه كان لكل واحد منهم تقريباً "منتور" بحلول الوقت الذي دخلوا فيه إلى الجامعة.

في الختام:

هل يقل ذكاؤنا مع تقدمنا في السن؟

يجيب العلم عن ذلك بالنفي والإيجاب؛ إذ تُظهر الأبحاث أنَّ ثمة نوعين من الذكاء: السائل والمتبلور، فالذكاء السائل هو القدرة على المعالجة، ومعرفة الأمور دون علم سابق بها، أما الذكاء المتبلور؛ فهو أقرب إلى الخبرة، ويعتمد أكثر على التعلُّمِ والمعلومات المسبقة.

يتناقص الذكاء السائل بسرعة مع تقدمنا في السن؛ فيبدأ بالانخفاض في سن 25 عاماً تقريباً؛ ولكنَّ الذكاء المتبلور لا يصل إلى ذروته حتى سن الستين، ومن المعروف أنَّ كبار علماء الرياضيات والفيزياء يقدمون أفضل أعمالهم في النصف الأول من عمرهم، وبينما عادة يبدع المؤلفون العظماء في أعمالهم الفنية في النصف الثاني من حياتهم، لذا مع تقدمك في العمر ركز على تطوير المهارات والمعرفة؛ فربما لا يبقى معدل ذكائك كما هو، ولكن يمكنك تعويض ذلك ببذل الجهد وتعزيز المهارات، لذا زد خبرتك في مجال غني يثير شغفك، واستمر في التعلُّم، فقد لا تكون ذكياً كالشباب، ولكن إذا ركزتَ على زيادة معلوماتك في مجال عملك، فلن يتمكنوا من مواكبة تقدمك.

إقرأ أيضاً: 8 عادات يوميّة تزيد الذكاء

معدل الذكاء ليس كل شيء؛ بل مجرد مقياس لإمكاناتك، ولكن ما يهم حقاً هو ما تختار فعله باستخدام هذا الذكاء؛ فصحيح أنَّ "جون فون نيومان" كان من عباقرة زمانه، إلا أنَّه اختار توظيف ذكائه في صناعة القنابل الهيدروجينية التي أودت بحياة الكثيرين.