9 مهارات للوقاية من الانتكاس بعد التعافي من
ما هو انتكاس الإدمان؟
انتكاس الإدمان هو حدث وعملية في آنٍ واحد، ويُعرَّف الانتكاس بأول استخدام للمواد المخدرة أو الكحول بعد فترة من التعافي، بينما يُعَدُّ الانتكاس استمراراً في الاستخدام بعد الانتكاس الأول.
غالباً ما تبدأ عملية الانتكاس قبل أن يبدأ الفرد بتعاطي المواد، فقد يبدأ بالتخلي عن بعض التغييرات التي قام بها الفرد في أثناء العلاج، والعودة إلى الأنماط القديمة، وتشمل علامات الإنذار المبكر لعملية الانتكاس ما يأتي:
إضافة إلى هذه العلامات الشائعة، قد تكون للمرضى علامات فريدة تشير إلى ابتعادهم عن العلاج، ومن الهام مساعدة المرضى على التعرف إلى علامات الإنذار الخاصة بهم لعملية الانتكاس، وذلك لزيادة الوعي الذاتي وتعزيز العلاج.
يُظهِر البحث أنَّ نسبة نحو 60% من الأفراد ذوي الاعتماد على المواد يدخلون في نهاية المطاف في التعافي المستمر، فيجب أن يدعم الأطباء محاولات المرضى للتعافي بصرف النظر عن عدد مرات المحاولات السابقة والانتكاس، وبعض فترات العلاج قد يكون لها تأثير إيجابي تراكمي، وهذا يؤدي إلى تحقيق التعافي المستمر.
عوامل خطر الانتكاس:
أحد الأسباب الشائعة للانتكاس هو عدم استعداد المريض تماماً لما تتضمنه عملية التعافي؛ إذ يفترض عدد من الأشخاص أنَّه بعد التوقف عن تعاطي المواد، سيكون أسوأ شيء قد ولَّى في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، ثم يمكنهم التساهل على جهود التعافي، وهذا افتراض غير صحيح، فمن الهام توعية المريض بأنَّ التعافي يتطلب جهداً دائماً ومستمراً للتقدم والحفاظ على التحسن في العلاج.
تم تحديد عوامل نفسية واجتماعية عدة بوصفها عوامل خطر للانتكاس، ومنها:
عند العمل مع كبار السن، يجب أيضاً أخذ عوامل الخطر الخاصة بالشيخوخة في الحسبان، مثل العزلة الاجتماعية، والوحدة، وفقدان الأحباء، والاكتئاب، والحالات الطبية المتزامنة، ولضمان تعافٍ مستمر وناجح، يجب على المريض الحصول على الدعم والإرشاد المناسبَين لمعالجة جميع العوامل التي قد يواجهها.
توجد أيضاً عوامل أكثر تحديداً في الحياة اليومية قد تزيد من خطر الانتكاس، مثل التواصل المستمر مع الأشخاص الذين يتعاطون المواد أو يبيعونها، والوجود في مكان تعاطي المواد، والانعزال عن الآخرين، وعدم التواصل مع شبكة الدعم الموجِّهة للتعافي في حالات الضيق.
تشمل العوامل الداخلية الأخرى وجود مشكلات صحية نفسية أو جسدية غير معالجة، والشعور بالملل، والغضب، والوحدة، والتعب، وتشمل العوامل الخارجية أو البيئية أن تعيش في حي يشهد نشاطاً عالياً لتعاطي المواد، أو العيش بالقرب من حانة، أو التعرض للمواد في البيئة الشخصية أو المهنية.
قد تكون المحفزات المرتبطة بالماضي في تعاطي المواد أيضاً عوامل خطر للانتكاس، فيجب على المرضى استكشاف عوامل الخطر الشخصية خلال مرحلة العلاج.
لماذا تُعَدُّ مهارات الوقاية من الانتكاس هامة؟
تُعَدُّ مهارات الوقاية من الانتكاس ضرورية لتعلُّم عيش حياة سعيدة في مرحلة التعافي، ويمكن للشخص يوماً بعد يوم أن يتعلم تنفيذ هذه المهارات التي تساعد على تجنب الانتكاس وعيش حياة تتخطى توقعاته الأكثر تفاؤلاً.
عملية التعافي من الكحول أو المخدرات هي عملية نمو شخصي مع وجود مراحل تطورية، ففي أيَّة مرحلة من مراحل التعافي، يوجد خطر للانتكاس، وهذا يجعل معرفة وفهم مهارات الوقاية منه هامين جداً، وتشمل بعض أشهر المحفزات للانتكاس:
تقوم معظم مراكز علاج إدمان الكحول والمخدرات بتثقيف العملاء فيما يتعلق بتقنيات الوقاية من الانتكاس ومساعدتهم على تعلُّمها للحفاظ على التعافي وتحقيق الأهداف قصيرة وطويلة الأمد، وتوجد مجموعة متنوعة من أدوات الوقاية من الانتكاس يمكن للشخص تنفيذها في روتينه اليومي للمساعدة على تجنبه.
يوجد اعتقاد شائع بأنَّ مهارات الوقاية من الانتكاس يجب استخدامها فقط عندما يشعر شخص ما برغبة في التعاطي، ومع ذلك، يجب تنفيذ مهارات الوقاية من الانتكاس في جدول وروتين الشخص المتعافي يومياً لتجنب أو تقليل خطر الرغبات.
اقرأ أيضا: مراحل الإدمان على المخدّرات وطرق العلاج
9 مهارات للوقاية من الانتكاس بعد التعافي من الإدمان:
إليك أهم 9 مهارات للوقاية من الانتكاس:
1. العناية بالنفس:
تشمل أعراض السحب بعد الإدمان المشتركة مثل الأرق والإرهاق؛ إذ يقول مكتب الخدمات الخاص بإدمان الكحول والمواد في "نيويورك" (OASAS) إنَّ هذه الأعراض هي محفزات شائعة للانتكاس، فمن خلال ممارسة التمرينات الرياضية واتباع نظام غذائي متوازن، يمكن للشخص تحسين نوعية نومه.
يمكن القيام بذلك من خلال إعداد واتباع جدول منتظم للنوم والتمرين وتناول الطعام، وبفعل ذلك، يمكن للشخص إعادة تدريب الجسم للنوم بشكل أفضل وسيساعد أيضاً على تقليل خطر الانتكاس.
2. "ج.غ.و.ت" (HALT):
"ج.غ.و.ت" أو (HALT) هي اختصار للشعور بالجوع، والغضب، والوحدة، والتعب، فعندما تشعر برغبة في التعاطي، أو تشعر عموماً بالقلق أو "عدم الراحة"، اسأل نفسك هل تشعر بأي من هذه الأعراض.
أكثر الحوافز شيوعاً لدى الكحوليين والمدمنين الذين يتعافون هي الجوع والغضب والوحدة والشعور بالتعب، فمن خلال إجراء مراجعة منتظمة لحالتك باستخدام (HALT)، يمكنك مساعدة نفسك على تجنب خطر الانتكاس.
3. التأمل اليقظ:
يعزز التأمل اليقظ قدرة الأفراد على التوعية الذاتية، فعندما نكون أكثر وعياً، يمكننا التعامل بشكل أفضل مع محفزات الانتكاس المحتملة؛ إذ أظهرت دراسة من معهد البحوث الوطني أنَّه يوجد تحسن كبير في حالات الأفراد الذين يتبعون برنامج التأمل اليقظ للوقاية من الانتكاس مقارنة بالذين لا يمارسونه.
يظل الأفراد الذين يستخدمون التأمل اليقظ مقلعين وصحيين لفترة أطول، وتقل رغبتهم، ويزداد وعيهم وقبولهم؛ لذا يتم تشجيع المشاركين على تعلُّم "التحكم" في رغباتهم بدلاً من محاربتها.
مفهوم مثل القبول، والتخلي عن السيطرة الشخصية، والصلاة، والتأمل هي علامات تميِّز التأمل اليقظ، فيمكن ممارسة التأمل اليقظ الذي وضعه مؤسس (Spirit Rock) "جاك كورنفيلد" عن طريق ترديد عبارات ثلاث مرات مع التركيز على تنفسك:
- قد أمتلئ بالرحمة والمحبة.
- قد أكون بحالة جيدة.
- قد أكون سلمياً ومرتاحاً.
- قد أكون سعيداً.
المفهوم الأساسي للتأمل هو الانتباه أو التركيز على ما تقوم به؛ إذ تكون مع من تكون، ولتصبح أكثر انتباهاً، ما عليك سوى ملاحظة ما تفعله دون حكم، فقد يكون من المفيد كتابة نشاطاتك اليومية وتتبُّعها باستخدام هاتفك الذكي لتوجيه الانتباه إلى ما تقوم به، وما تفكر فيه، وما تشعر به، وقد يؤدي ذلك إلى رؤى هائلة وتمكين مواجهة الرغبات.
4. التعرُّف إلى محفزاتك:
قد تكون المحفزات داخلية (القلق، والاضطراب، والضغط، والغضب، وانخفاض تقدير الذات) أو خارجية (الأشخاص، والأماكن، أو الأشياء التي تذكِّر الشخص بماضيه في التعاطي)، فإنَّ إعداد قائمة بالدوافع الداخلية والخارجية يُعَدُّ وسيلة فعالة للتعرف إلى محفزات الفرد وتقليل خطر الانتكاس.
5. الانضمام إلى مجموعة دعم:
المشاركة بانتظام في مجموعة دعم - مثل "مجموعة الكحوليين المجهولين" (AA) أو "مجموعة المتعاطين المجهولين" (NA) - توفِّر الدعم، والمساءلة، والتعليم، والقدرة على التعرف إلى أقران يفهمون ما تمر به.
قد يكون الراعي والنظير والداعم عناصر هامة في عملية التعافي، كما يقلل ذلك من خطر الانتكاس بشكل إضافي؛ إذ يقلل من مشاعر الوحدة وخطر العزلة، وهما من المحفزات الشائعة للانتكاس.
شاهد بالفيديو: كيف تتعامل مع مدمن المخدرات؟
6. تقنيات التأريض:
يكون التوتر والقلق غالباً هما أكبر العقبات عندما يتعلق الأمر بعملية التعافي؛ إذ إنَّ تقنية التأريض هي تقنية فعالة للوقاية من الانتكاس، وتُعرَف أيضاً بتقنية التأقلم 5-4-3-2-1.
تأخذك هذه التقنية خلال الحواس الخمس لتركيز الانتباه على اللحظة وتجنب أفكار استخدام الكحول أو المخدرات الأخرى، والقلق، والحديث السلبي للذات، وأيَّة فكرة أو شعور غير صحي قد يدفع شخصاً للرغبة في اللجوء إلى التعاطي مجدداً.
تبدأ الخطوات الخمس بأخذ بضعة أنفاس عميقة، تتبعها الخطوات الآتية:
- تسمية خمسة أشياء تراها حولك.
- تسمية أربعة أشياء يمكنك لمسها حولك.
- تسمية ثلاثة أشياء يمكنك سماعها حولك.
- تسمية شيئين يمكنك شم رائحتهما حولك.
- تسمية شيء واحد يمكنك تذوقه حولك.
أنهِ هذا التمرين بتنفس عميق وطويل، فالتركيز على حواسك سيساعدك على زيادة الوعي بالذات وزيادة التفاعل مع البيئة، وهذا يساعدك على إنجاز المهام اليومية، وتجاوز الأفكار أو الأحاسيس غير الصحية، والشعور بالتحكم أكثر والإحساس بانخفاض العبء، وتقليل خطر الانتكاس.
7. التنفس العميق:
التنفس هو شيء جوهري للحياة، كما تعلم، وما لا يعرفه كثير من الناس أنَّه يمكن التحكم في حياتك ببساطة عن طريق تغيير أنماط التنفس، فالنفس ليس فقط متصلاً بوظائف أساسية مختلفة في جميع أنحاء جسمك، لكن له أيضاً تأثير كبير في كيمياء دماغك؛ إذ يؤثر التنفس تأثيراً كبيراً في مشاعرك ويساعد على تنظيم مزاجك العام، ولهذا السبب يُعَدُّ التنفس العميق ضرورياً لصحتك العقلية.
يحفز التنفس العميق النواقل العصبية في دماغك؛ إذ تفرز بعض منها مواد كيميائية توفِّر الراحة والسعادة وتقلل الألم، فالتنفس العميق - الذي يؤدي إلى زيادة تدفق الأوكسجين - يشجع جسمك أيضاً على التخلص من السموم.
تقنية التنفس العميق المفيدة هي 4 × 4؛ فخذ نفساً عميقاً من خلال أنفك مع نفخ بطنك لمدة أربع ثوانٍ واحبسه، ثم ازفر وأنت تَعُدُّ لمدة أربع ثوانٍ، ويجب أن تشعر بحركة حجابك الحاجز في أثناء التنفس وصعود بطنك وهبوطه؛ إذ إنَّ التنفس العميق تقنية ممتازة للوقاية من الانتكاس؛ وذلك لأنَّه يمكن استخدامه تقريباً في أي مكان دون أن يعلم أحد بذلك.
8. إعداد قائمة بجهات الاتصال الطارئة:
عندما تشتاق أو تشتهي المواد، قد يكون التحكم في هذا الشعور صعباً، خاصةً في بداية عملية التعافي، وإحدى المهارات المفيدة جداً للوقاية من الانتكاس هي إعداد قائمة بأفراد العائلة أو الأصدقاء الذين يتعافون أيضاً والذين يمكنك الاتصال بهم للحصول على الدعم.
قد يساعدك وجود شخص آمن للتحدث معه على التغلب على الشوق والتحكم بمشاعرك وتذكُّر لماذا لا ترغب في العودة إلى السلوكات السابقة، والاحتفاظ بهذه القائمة معك في جميع الأوقات أمر هام؛ وذلك لأنَّها مصدر سريع التوفر يمكنك استخدامه بسرعة.
9. إعادة شريط الماضي:
إذا وجدت نفسك تشعر برغبة في الشرب أو التعاطي وتفكر فيما يجب عليك القيام به، فمن المفيد إعادة شريط الماضي أولاً، ولتشغيل الشريط، يجب عليك أن تتخيل في عقلك ما سيحدث حتى النهاية، فتخيَّل ما سيحدث في المستقبل القريب والبعيد إذا قررت الشرب أو التعاطي مجدداً، فكر في العواقب التي ستحدث إذا تعاطيت مقابل بقائك دون تعاطٍ، فقد يساعد ذلك على اتخاذك لقرار وتقليل خطر الانتكاس.
في الختام:
قد يكون خوف الانتكاس شديد الإعاقة، ومع ذلك، يجب ألا يكون كذلك عندما تكون مستعداً تماماً بمجموعة من استراتيجيات التعامل الصحية؛ إذ يساعد تنفيذ هذه التقنيات للوقاية من الانتكاس في جدولك اليومي كثيراً على تقليل خطره والتعافي منه، فاتصل بمقدِّم علاج متخصص لمعرفة مزيد من المعلومات عن برامج العلاج لتعلُّم مزيد عن مهارات الوقاية من الانتكاس واحصل على المساعدة اليوم.
