تعبير عن الكرم

تعبير عن الكرم
(اخر تعديل 2023-06-08 01:09:25 )
بواسطة

الكرم هو تقديم منفعة مشروعة لكل محتاج لها مثل المال والطعام والملابس وكل ما يحتاج إليه في حياته اليومية، ومن المعلوم أن صفة الكرم عكس البخل، وهو من أشرف الصفات التي قد يتحلى بها إنسان فكل كريمٍ يُخلّد اسمه، وقد امتدح النبي الكرم والكرماء وأخبر التاريخ عنهم وقدّرهم أعظم تقدير، كما ورد ذكر الكرم في الشعر العربي، فليس لأفراد المجتمع سعادةٌ ولا اطمئنان ولا حلاوة ولا سلام، ولا استشعار للراحة والرخاء إلا بالكرم، فالكرم هو استشعار روح التعاطف والتراحم، والشعور بالغير في أوقات سعادتهم وشقائهم، وبذلك يصبح المجتمع قوة مترابطة وبنيانًا مرصوصًا يشد بعضه بعضًا، خاصة وأن الموسرين في المجتمع يُغدقون على الفقراء والبؤساء، ويخففون عنهم عوزهم وفقرهم، ويشدون أزرهم بما فتح الله عليهم.


الكرم من الصفات المحمودة بين الناس، ولكن ينبغي الحذر من الإفراط في هذا الأمر حتى لا يتجاوزه ويصبح من التبذير، أو أن يكون المرء كريمًا على الآخرين لدرجة لا تُبقي له شيئًا من المال الذي ينفقه على أبنائه وزوجه، ومن المسلمات أن الأقرباء أولى بالمعروف، فلا ينبغي الإنفاق على الآخرين بينما تعلم أن هناك من يمر بضائقة مادية شديدة كالأخ والأخت أو الوالدين والأبناء، إذ لا بأس من العطف والكرم مع من يحتاج إليه ولو بالقليل، ولكن لا ينبغي نسيان من هم أولى بذلك الإحسان.


إنّ للكُرماء أجرًا عظيمًا عند الله، فقد يفكون كربة إنسان يحتاج إلى المال أو يسهمون في تعليم شخص ما يحتاج لدفع نفقات ومصاريف دراسته ويُقعده العوز عن إتمام ذلك، فما يلبث أن يجد يدًا تمتد نحو بالعطاء فيدعو لصاحبها بالخير الكثير، ولا يخفى علينا جميعًا أن الرجل المعطاء يجد حلاوة عطائه في كل خطوة يخطوها في حياته، وبذلك يكون الله تعالى قد أكرم الكرماء برحمته وفضله.


إنّ الفرق بين الكرم والجود والعطاء ليس كبيرًا، ولكن له مجالات متعددة فمنها ما يكون في المال؛ إذ يبذل الإنسان كل ما يملك من أموال، علمًا أنّ العطاء لا يكون في المال فقط وإنما في أشياء أخرى ينتفعون بها؛ كالذهب والفضة والأنعام والحرث والخيل وكل ما يؤكل أو يشرب أو يلبس أو يستخدم للركوب أو يسكن فيها، أو دواء يمكن التداوي به، أو أن يكون الكرمُ في دفع الضرر والبأس عن الغير، كما يكون الكرم والعطاء بالعلم والمعرفة؛ فنرى كثيرًا من الناس لديهم من العلم والمعرفة، لذا تراهم يعلّمون الناس بما يعرفون ولا يبخلون عليهم بمعلومة كبيرة أو صغيرة، ومنهم بخلاء لا يحسنون إلى أحد ولا يعطونه من علمهم شيئا وإنما يستأثرون بالعلم لأنفسهم ظنًا منهم بأنه حصر عليهم.


يكون الكرم والعطاء في النصيحة أيضًا، فمن الناس من يبخل على أخيه الإنسان بالنصيحة وبما يعلم من عبارات نصحٍ تنفعه في دنياه وآخرته، ولكن الناصح الأمين يقدم لسواه النصح بكل حب وتفانٍ، ولا يعجبه وقوعه في الخطأ فيُغدقُ عليه من الكلام ما يعينه على تركِ المعاصي والآثام وكل ما فيه ضرر عليه، وما أجمله من كرمٍ حين يبذلُ المرءُ نفسه، فالجواد الكريم يعطي من كل ما يملك حتى من حنانه وحلو كلامه وسماحة وجهه، كما يعطي من وقته وراحته ويلقي سمعه ويصغي للآخرين ويحبهم ويرحمهم ويدعو ويتشفع لهم، ومن أشكال الكرم أيضًا العطاء من خلال مقدرة الإنسان وطاقاته.


الإنسان الكريم الجواد يقدم المعونة، كما يقدم خدماته للآخرين ويُعطيهم من جهوده ويعينهم في ما يمتلك من الدواب والسيارات التي يمكن للآخرين حمل أغراضهم عليها، كما أن إماطة الأذى عن الطريق وعن المرافق العامة هو شكلٌ من أشكال الكرم والأخذ بأيدي العاجزين نحو بر الأمان، والقيام بأعمالهم والسعي في مصالح الناس والتعب من أجل تقديم المساعدة لهم والسهر في خدمتهم، ومن أرقى صور التضحية أن يصل الإنسان إلى مرحلة التضحية بحياته كالمجاهد الذي يجاهد في سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة دينه وابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى، فتلك هي أبرز صور وأنواع الكرم.


حثّت الشريعة الإسلامية الناس على الكرم ومدحتهم أيما مديح، وقد جاء في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تحث على الكرم والإنفاق، كما أن الله عز وجل ربط البر بالإنفاق من ما يحب عباده والله وحده يعلم ما ينفقون وما يقدمون، وجعل الإسلام الإنفاق الطريقة المثلى للنجاة من عذاب النار، وقد حثّ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الإنسان على الإنفاق بكافة الطرق والوسائل المشروعة بالرغم من أنه قد يشقُ ذلك على الإنسان؛ فالنفس الإنسانية تحب المال بطبعها وتحب اكتنازه والزيادة فيه، وقد اهتم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بزرع هذه الخصلة في أصدقائه حيثُ حبب إليهم الإنفاق وقرّبه من نفوسهم، كما بشر أصحابه بأن هناك جزاء لمن أنفق في سبيل الله.


بينت الشريعة الإسلامية أن للكرم أهمية كبيرة في المجتمع؛ فهو يقوي عملية التكافل بين أفراد المجتمع الواحد، ويضمن للفقير عيش حياة ذات مستوى مناسب، ويستر على الأرملة ويراعي حياءها فيكفيها مد يديها للغرباء، كما يكفل لليتيم حقوقه، وقد شجعت الشريعة الإسلامية على الكرم حتى تنمو التجارة وتزداد رؤوس الأموال وتزدهر الصناعات، والعديد من الأنشطة الاقتصادية التي تسهم في تقليل البطالة ورفع عجلة الاقتصاد، وكل ذلك لا يتحقق إلا بالكرم والعطاء، وقد أظهرت الكثير من المواقف من حياة رسول الله محمد -عليه الصلاة والسلام- أهمية الكرم فقد ضرب أروع الأمثلة على ذلك، فالكرم من الصفات الأصيلة في نفسه -صلى الله عليه وسلم-.


يتجلى جمال الكرم الذي حثت عليه الشريعة الإسلامية في أن يجود الإنسان بما لديه ويعطي على نحو سخي دون النظر إلى ما أعطى والتفكير في ذلك أو الندم على ما قدّم، وبذلك يتضح لنا أن الكرم والجود والعطاء من الأوامر الإلهية كما أنه منهج حياة رسول الله -عليه السلام- الذي طبقه وعلمه للناس، فقد كان كريمًا مع الجميع ولا يمنع عنهم شيئا فتبعه الصحابة -رضي الله عنهم- وعملوا بمثل ما عمل، وحرص النبي محمد -عليه السلام- على تربية أصحابه وتعليمهم الجود والكرم وحثهم على ذلك فتبعوه فرحين، وكان كل ذلك في سبيل مرضاة الله وليس طلبًا للسمعة أو طمعًا في مغنم، وهنالك الكثير من قصص الكرم والإنفاق، فقد ضرب أبو بكر وعثمان -رضي الله عنهما- أروع القصص في ذلك، كما أنّ لقصة أبي الدحداح الذي أعطى بستانه مقابل نخلة في الجنة وقعًا كبيرًا في حياة المسلمين جميعًا، وكل ذلك كان في سبيل الله سبحانه وتعالى.


تبع المسلمون نهج النبي محمد -عليه السلام- وصحابته الكرام، فقد امتدت صفات الكرم حتى يومنا هذا وذلك في مجتمع انتشرت فيه الجمعيات الخيرية التي تهتم بشؤون الفقراء والمساكين والأيتام فترعاهم وتقوم على مصالحهم تجمع لهم الزكاة وتقدم لهم الصدقات فتُوزّع على كل محتاج وفقير، وقد لا يكون مصدرها الحكومات بل هي قائمة على جود وكرم أهل الفضل والسخاء، كما نرى في رمضان انتشار ظاهرة موائد الإفطار التي أُعِدّت للصائمين وأبناء السبيل ومن ضاقت بهم سبل العيش وانقطع عنهم كل ما يمكن أن يسد رمقهم.


لا يكون الطعام محصورًا على موائد الرحمن، وإنما تُقام الولائم للأهل والعائلة في رمضان من أجل تقوية الروابط الاجتماعية والأسرية بشرط عدم الإسراف والاقتصاد في كل ما يقدمون؛ إذ إنّ هناك فرقًا بين الإسراف والكرم والاقتصاد والبخل، من صور العطاء أن يهرع المسلمون إلى دعم إخوانهم في الدول الإسلامية المجاورة التي تتعرض للحروب والزلازل والكوارث المدمرة، إضافة إلى انتشار دور الأيتام التي يرعاها أهل الخير والكرم، إلى جانب انتشار المراكز الطبية التي تعمل بأسعار رمزية أو حتى دون أجر.


مما لا يمكن إنكاره أنّ للكرم أهمية كبيرة سواء على صعيد الأفراد أم المجتمعات، فهي من الصفات الحسنة التي تنتشر بها السعادة بين البشر، فهي دليل عظيم على حسن ظن الإنسان بخالقه، فهو يعلم أن الله سيعوضه خيرًا على كرمه وإنفاقه ويرسل له من الخير ما لم يكن في حسبانه، فإعطاء المال والتصدق به لا ينقصُ من المال شيئًا، بل على العكس فقد وعد الله تعالى عباده المنفقين بالخير الكثير والعوض الكبير في الدنيا والآخرة، كما للكرم والجود والعطاء دلالة على قوة الإيمان وكماله وحسن الإسلام، وقد وعد الله عز وجل المنفقين بإكرامهم في الدنيا ورفع ذكرهم في الآخرة، فكل كريم يحبه الله ويحبه عباده وتراه قريبًا من قلوب الناس يحبونه ويسعدون بوجوده ويمتدحون كرمه وعطاءه ويدعون له بالخير الكثير.


يتصف الكريم بقلة أعدائه وخصومه فقد لا تجد له كارهًا ولا مبغِضًا فهو أعطى حتى عمّ عطاؤه على الجميع، فلا تجد فقيرًا إلا مدّ له يد العون، ولا تجد محتاجًا إلا وفي بيته بعضٌ من مال ذلك الرجل، ولا تجد أرملةً أو يتيمًا إلا وقد أجزل بعطائه عليه، ومن أهمية الكرم أنّ للكريمِ أياديَ بيضاء تمتد إلى أقصى حد فلا يقتصر بكرمه على الأقارب والأصدقاء، وإنما تجد له أثرًا واضحًا في كل زمان ومكان، وإن كان شديد اليسر كثير المال رأيت له خيرًا في دولٍ أخرى بمريضٍ سمع شكواه أو بأرملةٍ وصله أنينها فهو لا يعرف أيًا منهم ولكن لا يجدُ بأسًا من مد يد العون لهم وحتى السفر إليهم كي لا تعلم يسراه بما قدمت يمناه، لله درّك من كريم!.


الكريم ينثر عبق الخير في كل مكان وزمان حتى في الطرقات التي يسلكها ولو لأول مرة، فتراه يمشي بين الناس سعيدًا بما أعطى غير نادمٍ على شيء ولا حتى يُحصي عددًا، فهو ذلك الذي لا يتوقف الناس عن ذكره ويمتدحه الناس، وقد يظل ذكره معروفًا بين الخلق كلهم إلى ملايين السنين وعلنا لا ننسى كرم حاتم الطائي بالرغم من أنه كان يعيشُ الجاهلية. وللكرم أهمية عظمى في نشر التكافل بين الناس واتساع مساحاته حتى تصبح من الصفات التي تعم المجتمع فينتشر التواد والتراحم بين الخلائق وفي المجتمعات، كما للكرم أهمية أيضًا في زيادة البركة في المال والولد والرزق بكل أشكاله، حتى العمر يصبح فيه بركة والوقت وكل شيءٍ يملكه الإنسان.


يشعرُ الكريم بروح الجماعة فلا يكون وحيدًا منفردًا بعيدًا عن بقية الناس إلا في شؤونه الخاصة، فهو جزءٌ لا يتجزأ عن الجماعة؛ لأنّ جميع أفراد المجتمع وحدة واحدة لا يمكن تجزئتها، إنّ للكرم والجود والعطاء أهمية قُصوى في تزكية النفس وتطهيرها من مشاعر الأنانية ورذائل الشح والطمع، وله دور كبير في حل المشكلات وسد حاجات ذوي الاحتياجات من أفراد المجتمع.


قد يفيدك الاطلاع على المقال التالي للاستعانة به في كتابة تعبير عن الكرم: أقوال وحكم عن الكرم.