عند النظر إلى المركبات الذكية، نجد أنَّ التطورات التكنولوجية تجعلها قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة وتفاعلية، وهذا يؤدي إلى تحسين أمان القيادة وكفاءتها، كما أنَّ الذكاء الاصطناعي يتيح للمركبات القدرة على التعلم من البيانات المجمعة واتخاذ قرارات دقيقة بناءً على تحليل شامل للمعلومات، فما هي التطبيقات الفعلية للذكاء الاصطناعي في المركبات الذكية؟ وكيف يمكن للتقنية أن تحسن تجربة القيادة وتسهم في تحقيق القيادة الذاتية الآمنة والفعالة؟
يشير الذكاء الاصطناعي في القيادة الذاتية والمركبات الذكية إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتمكين السيارات من قيادة نفسها من دون تدخُّل بشري، ومن هذه التقنيات:
تُستخدَم تقنيات تعلم الآلة والتعلم العميق في تدريب المركبات على تحليل وفهم البيانات، واكتساب المهارات اللازمة لاتخاذ القرارات الذكية، والتكيف مع التغيرات في البيئة المرورية، وتحسين أداءها بناءً على الخبرات السابقة وتحديث النماذج.
تُستخدَم بعض أنواع الروبوتات المتحركة في تدريب المركبات الذكية، هذه الروبوتات المتحركة تُستخدَم في بيئات محاكاة أو أرضية خاصة صُمِّمَت لتقليد الظروف المختلفة التي يمكن أن تواجهها المركبات الذكية في أثناء القيادة الفعلية، فيُستخدَم التعلم بالتعزيز لتدريب المركبات على اتخاذ القرارات الملائمة في بيئات متغيرة وتفاعلية، ومن ثم تحسين أداء المركبات الذكية.
تعد الرؤية الحاسوبية تقنية هامة في مجال القيادة الذاتية والمركبات الذكية، فمن خلالها يمكن تحليل الصور والفيديوهات والتعرف إلى الأشياء والكائنات المحيطة بالمركبة، مثل المركبات الأخرى، والإشارات المرورية، والمشاة، والعوائق الأخرى، وهذا يساعد على فهم البيئة وتحليل السياق المروري واتخاذ القرارات الملائمة للقيادة الآمنة.
تُستخدَم شبكات النيورال العصبية العميقة لتحليل وفهم البيانات الضخمة المتعلقة بالمحيط المروري والظروف الطرقية المختلفة، كما تساعد هذه الشبكات على تعلم نماذج معقدة للقيادة واتخاذ القرارات المناسبة للظروف المختلفة.
تتضمن هذه التقنيات استخدام مجموعة متنوعة من أنظمة الاستشعارات مثل الرادار والليدار والكاميرات وأجهزة استشعار أخرى؛ بهدف جمع البيانات عن المحيط المروري والذي يسهم باتخاذ القرارات الصائبة.
يُستخدَم الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات الملائمة في أثناء القيادة، مثل تحديد مسار السيارة وسرعتها وتفادي العوائق والمخاطر، وتُطبَّق تقنيات مثل تعلم التعزيز وتحسين المعرفة المكتسبة لتحقيق أفضل أداء وتعزيز السلامة.
يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة الركاب في المركبات الذكية والقيادة الذاتية، يمكن للذكاء الاصطناعي التعرف إلى تفضيلات الركاب وتوفير تجربة مخصصة ومريحة، مثل التحكم في نظام الترفيه والمعلومات وتكييف الهواء وغيرها من المرافق داخل المركبة الذكية وذلك عبر مجموعة من التطبيقات أهمها:
يُستخدَم الذكاء الاصطناعي لتطوير أنظمة القيادة الذاتية التي تهدف إلى تمكين المركبة من القيادة الآلية دون التدخُّل البشري الكامل، هذا النظام يعمل على مساعدة السائقين على القيادة الآمنة والفعالة بالاعتماد على مجموعة متنوعة من الاستشعارات مثل الرادارات والليدارات والكاميرات وأجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء والمجسات الأخرى؛ من أجل التعرف إلى إشارات المرور والتحكم في المسار والتحكم في المسافة بين المركبات والتنبيه من خطر التصادم.
تهدف هذه التطبيقات إلى تحقيق القدرة الكاملة للمركبة على القيادة من دون تدخُّل بشري، ويتضمن ذلك التعامل مع مختلف الظروف الطرقية واتخاذ القرارات الملائمة للتنقل والتفاعل مع المركبات والبنية التحتية المرورية الأخرى.
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير مركبات ذاتية القيادة لتوصيل الطرود والشحنات، وتستخدم هذه التطبيقات تقنيات الاستشعار والتخطيط والملاحة لتحقيق تسليم سريع وآمن.
يهدف هذا التطبيق إلى تحقيق نقل الركاب من دون سائق، فيُستخدَم الذكاء الاصطناعي في قيادة المركبات وتحسين تجربة الركاب من حيث الأمان والراحة.
يُستخدَم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المرورية والتنبؤ بحركة المرور وتوجيه السائقين إلى المسارات الأكثر فاعلية وتجنب الازدحام.
يُستخدَم الذكاء الاصطناعي في تطوير مركبات ذاتية القيادة للاستخدام في الزراعة، مثل الحصاد والري الذكي ورصد الحقول.
المركبات الذكية والقيادة الذاتية هي مجال يهتم بتطوير سيارات قادرة على التحرك بذكاء واتخاذ القرارات من دون تدخُّل بشري، وتعتمد هذه المركبات على تقنيات متطورة مثل الاستشعار والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لتحليل البيئة واتخاذ القرارات المناسبة في أثناء القيادة.
تشمل التطورات الحالية في المركبات الذكية والقيادة الذاتية:
طُوِّرَت أنظمة مساعدة في القيادة التي تستخدم تقنيات الاستشعار للكشف عن المخاطر وتحذير السائقين منها، مثل نظام التحكم في التوجيه والفرامل التلقائي.
طُوِّرَت تقنيات التحكم عن بُعد للسماح للمركبات بالتحرك ذاتياً دون وجود سائق في الداخل، وهذا يسهم في تحسين الكفاءة والسلامة.
طُوِّرَت نظم الاتصال المتقدمة لتمكين المركبات الذكية من التواصل مع بعضها بعضاً ومع البنية التحتية للطرق، وهذا يساهم في تحسين تنسيق الحركة وتفادي الحوادث.
تُجرِي شركات تصنيع السيارات والجهات البحثية اختبارات وتجارب عملية لتحسين أداء المركبات الذكية وتجربتها في ظروف مختلفة ومتنوعة.
مع ذلك، تواجه المركبات الذكية والقيادة الذاتية تحديات مستقبلية تشمل:
تحتاج المركبات الذكية إلى تقنيات استشعار متطورة وقوة محوسبة عالية؛ لمعالجة البيانات بسرعة واتخاذ القرارات الصحيحة في ظروف القيادة المختلفة.
يجب حل تحديات السلامة المتعلقة بالتفاعل بين المركبات الذكية والمركبات التقليدية والمشاة، وضمان أنظمة القيادة الذاتية قادرة على تجنب الحوادث والمخاطر بفاعلية.
يتطلب تطبيق المركبات الذكية والقيادة الذاتية إعادة النظر في التشريعات والقوانين المرورية؛ لتنظيم استخدامها وتحديد المسؤوليات والضوابط القانونية.
قد يؤدي توسع استخدام المركبات الذكية والقيادة الذاتية إلى تغيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة، مثل تأثيرها في سوق العمل وصناعة النقل والتأمين.
يشير الابتكار في مجال القيادة الذاتية إلى تطوير تقنيات وحلول جديدة؛ لتحسين أداء المركبات المزودة بنظم القيادة الذاتية، وشهد هذا المجال تجارب ناجحة لعدة شركات ومنصات تقنية، لكنَّه يواجه أيضاً تحديات لتحقيق التطورات المستقبلية، من الحالات الناجحة:
هي واحدة من الشركات الرائدة في مجال المركبات الذكية والقيادة الذاتية، منذ تأسيسها في عام 2003، وضعت الشركة هدفاً رئيساً لتحويل صناعة السيارات من خلال تطوير وتصنيع سيارات كهربائية ذكية ومبتكرة، فقدمت تيسلا عديداً من الابتكارات في مجال المركبات الذكية والقيادة الذاتية، أبرزها نظام Autopilot هو نظام للسائقين يتيح التحكم في السرعة والابتعاد التلقائي والتحكم في المسار والتغيير التلقائي للمسار والتحكم في الوقوف وغيرها، ومع ذلك، يتطلب استخدام النظام المراقبة المستمرة والتدخل البشري في الحالات التي يتعذر فيها على النظام التعرف إلى المواقف المعقدة.
كما تعمل تيسلا على تطوير تقنية القيادة الذاتية الكاملة Full Self-Driving دون أي تدخُّل بشري، وتتضمن هذه التقنية مجموعة واسعة من المستشعرات والكاميرات والرادارات والليدارات، إضافة إلى تطبيقات التعلم العميق والذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات السيارة والبيئة المحيطة واتخاذ القرارات الملائمة للقيادة.
هي شركة نقل تكنولوجيا شهيرة تقدِّم خدمات الركوب المشترك في جميع أنحاء العالم، استثمرت في السنوات الأخيرة في مجال المركبات الذكية والقيادة الذاتية؛ بهدف تطوير تقنيات جديدة لتحسين تجربة الركاب وتحقيق القيادة الذاتية في المستقبل.
تعاونت uber مع عدة شركاء تقنيين وتصنيع سيارات لتحقيق أهدافها في المركبات الذكية والقيادة الذاتية، فأطلقت في عام 2015 برنامجاً تجريبياً للسيارات ذاتية القيادة في مدينة بيتسبرغ، الولايات المتحدة، واستخدمت في هذا البرنامج سيارات مجهزة بتقنيات متقدمة مثل الكاميرات والرادارات والليدارات والاستشعارات الأخرى للتحكم في القيادة الذاتية.
لقد غيرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال المركبات الذكية والقيادة الذاتية من طريقة تفكيرنا وتفاعلنا مع السيارات، فقدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة لتحسين السلامة والكفاءة وتوفير تجربة قيادة فريدة ومريحة، وكما قال العالِم الفيزيائي الشهير ستيفن هوكينج: "ربما يكون الذكاء الاصطناعي الحدَّ الأكبر في تطوير الحضارة منذ اختراع النار، فقد يحمل الذكاء الاصطناعي القدرة على تعزيز قدراتنا وتحسين حياتنا بشكل لا يمكن تصوره"، فهذه الكلمات تعكس أهمية وتأثير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تقنيات المركبات الذكية والقيادة الذاتية.
ما يزال الطريق إلى تحقيق القيادة الذاتية بالكامل طويلاً ويحتاج إلى تجارب واختبارات مكثفة وتحسينات مستمرة، لكن مع التزايد السريع لقدرات التكنولوجيا والاستثمارات المتزايدة في هذا المجال، فإنَّنا ننظر إلى مستقبل مشرق تصبح فيه المركبات الذكية والقيادة الذاتية جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.