الذكاء الاصطناعي وتحسين كفاءة استخدام الطاقة
سبب تفعيل دور الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد:
أحد أبرز وأهم التحديات الكبيرة التي تواجه الدول حول العالم هو تخفيض انبعاثاتها الكربونية؛ وذلك بهدف التصدي لما يُعرَف بآثار التغير المناخي، الأمر الذي يتطلب وجود أدوات معينة لقياس ومقارنة وحساب الانبعاثات الصادرة من مختلف العمليات التشغيلية لأيَّة شركة كانت وفي مختلف القطاعات، وهذا كان سبب استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد، وخاصةً للشركات المصدِّرة لمكونات الطاقة الشمسية، وكذلك النفط وكمية الانبعاثات الهائلة الصادرة عنها.
على سبيل المثال، طوَّرت جهات عدة منصات قائمة على برامج الذكاء الاصطناعي، وهذه المنصات لا تحدد الانبعاثات الكربونية في النطاقين الأول والثاني فحسب؛ بل تحدد أيضاً الانبعاثات في النطاق الثالث، وهي الانبعاثات الكربونية التي تنشأ على طول سلسلة القيمة الكاملة للشركة، والتي تُعَدُّ صعبة التحديد بدقة في الحالة العادية.
أهمية الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة:
يدخل الذكاء الاصطناعي في مجالات كثيرة لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة دون هدر، واستثمار أدنى حد منها، ومن ثم هذا نوع من الحفاظ عليها، إضافة إلى وجود فوائد أخرى لنتعرف إليها معاً:
مستقبل الذكاء الاصطناعي في استخدام الطاقة والموارد:
تعتمد شبكات الطاقة الذكية على تكنولوجيا المعلومات اعتماداً أساسياً، ومن ثم فهي تحتاج إلى الإنترنت احتياجاً كبيراً وإلى قوة حاسوبية ومعالجية للحفاظ على كفاءة التشغيل، وهذه الصناعات أصبحت السبب الأكبر وراء انبعاثات الغازات التي تؤدي إلى حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، وخاصةً في السنوات الأخيرة مع تحوُّل معظم الشركات لاستخدام الآلة، وكذلك الاعتماد كلياً على الإنترنت بنسبة تتراوح بين 30- 40%.
بناءً على ذلك، فإنَّ مستقبل الذكاء الاصطناعي في استخدام الطاقة والموارد مرتبط بحاجة المستثمرين إلى حل المشكلات التي يسببها إنتاج أجهزة حاسوبية ذات قدرة تشغيل كبيرة، وكذلك الحد من تأثير ذلك في البيئة، ولحسن الحظ، فإنَّ رواد الصناعة، وخاصةً شركات صناعة أجهزة الحاسوب وتكنولوجيا الاتصالات، ومراكز البيانات يدركون أهمية هذه الخطوة، وأثر استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، ويتخذون خطوات صحيحة لتقليل الانبعاثات بطرائق عدة، ومنها الاستثمار في محركات أقراص صلبة، وكذلك شاشات موفِّرة للطاقة، وخلايا جديدة ذات كفاءة عالية بتوفير الطاقة.
إضافة إلى ذلك، تراقب مراكز البيانات درجات حرارة الغلاف الجوي وتجميع المعلومات، وأما شركات الاتصالات فإنَّها تحسِّن حزم الشبكة، والمحطات التي تعمل على الطاقة الشمسية، والألياف البصرية الصديقة للبيئة.
كيف يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطاقة؟
كلنا نعرف أنَّه لا يُتَحكَّم بالتغيرات التي تحدث في الطبيعة والطقس، وهذا الأمر قد يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة إلى المستثمرين، ويحولهم نحو استخدام مصادر الطاقة التقليدية ليلبوا الحاجات المتزايدة للمستهلكين، ومن هنا دعونا نتساءل "كيف يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطاقة، وخاصةً أنَّ مصادر الطاقة المتجددة غير ثابتة أو موثوقة وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالطقس؟".
يؤدي الطقس غير المتوقع إلى حدوث زعزعة في استقرار إمدادات الطاقة المتولدة عن مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، الأمر الذي يزيد الضغط على قطاع الطاقة المتجددة لتحقيق ما يُعرَف بالتوازن الفعال بين العرض والطلب.
يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في بعض الشركات الحديثة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، من خلال التنقيب عن معلومات وبيانات جديدة لأبحاث الغلاف الجوي المرتبطة بالمراكز الوطنية، لتصل إلى تقارير الطقس بمستوى عالٍ من الدقة والتفصيل، فيكون دور الذكاء الاصطناعي في التنقيب العميق والبحث عن مجموعة البيانات الناتجة عن تقارير الأقمار الصناعية المحلية، ومحطات الطقس، ومزارع الرياح أيضاً، وبعد ذلك ينظِّم ويُحدِّث الخوارزميات التي تُجرى التنبؤات بناءً عليها.
نظراً لتجميع الشبكات الذكية اليوم بيانات الطاقة من مصادر متنوعة، مثل الطاقة الشمسية والرياح والكهرباء، أصبح تشغيل هذه الأنظمة أمراً بغاية التعقيد، لكن مع دور الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، أصبحت لدينا القدرة على تحليل مجموعة البيانات الضخمة هذه، وهذا يحقق الاستقرار وكذلك الكفاءة العالية لمصادر هذه المعلومات.
يُستَخدَم أيضاً الذكاء الاصطناعي في زيادة استقرار الشبكات، عن طريق إعادة برمجتها مع البيانات السابقة المتعلقة بتقلبات الطاقة ونقاط الضعف الواقعة على الشبكة؛ إذ تُعَدُّ الشبكة الجديدة التي ستستجيب استجابةً أكبر وأكثر سلاسة للأحداث الكبرى المتغيرة بمفردها فقط.
الذكاء الاصطناعي لخفض استهلاك الطاقة والموارد:
عند بحثنا عن الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد، لا بد لنا من أن نتطرق إلى دور الذكاء الاصطناعي في خفض استهلاك الطاقة والموارد، فمثلاً في المباني التي تستخدم الأجهزة الذكية التي تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي، تخفض هذه الأجهزة مستوى استهلاك الطاقة، عن طريق قياس وتنظيم والتحكم بأنظمة التسخين والتبريد بالاعتماد على الحاجة الفعلية لها، ومثال عن ذلك سنذكر مستشفى "سانت فنسنت" في الولايات المتحدة الأمريكية التي تحقق 20% من توفير الطاقة عن طريق تطبيق نظام ذكي للتحكم بالطاقة موجود في أجهزة التكييف والتبريد.
كذلك شركة "ديب مايند" المقامة في لندن عام 2010 التي استحوذت شركة "جوجل" عليها فيما بعد، فقد حققت هذه الشركة نجاحاً باهراً بمساعدة الذكاء الاصطناعي في خفض استهلاك الطاقة المستخدَمة في تبريد مراكز بيانات "جوجل" بنسبة تعادل 40% تقريباً؛ إذ توضح شركة "جوجل" أنَّ البيانات قد جُمِعَت عن طريق آلاف أجهزة الاستشعار الحديثة، وتضمنت المعلومات التي جُمِعَت كلاً من نسبة استهلاك الطاقة وكذلك درجة الحرارة.
اعتمدت "جوجل" على الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، من خلال التعلم الآلي الذي استُخدِم للتنبؤ بالوقت الفعلي الذي يحتاجه الأشخاص لمشاهدة مقاطع "يوتيوب" المستهلِكة لكمية أكبر من البيانات، فمن خلال هذه المعلومة، تُحسِّن مستوى التبريد المطلوب، ومن ثم تخفض الشركة استهلاك الطاقة إلى حد كبير جداً.
أمثلة عن الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد:
ذكرنا لكم آنفاً الدور الكبير للذكاء الاصطناعي في توفير الطاقات، وإليكم بعض الأمثلة عن الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد:
في الختام:
تثبت تجربة الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد أنَّ مستقبل الطاقة المتجددة غير مؤكد، إلا أنَّ الذكاء الاصطناعي سيؤدي دوراً ذا أهمية عالية في تطوير هذا القطاع.