إضافة إلى التعرف إلى فوائد الذكاء الاصطناعي في تحسين قطاع النقل واللوجستيات والتحديات التي يواجهها هذا القطاع في تطبيق التقنيات الحديثة، مثل الحاجة إلى بنية تحتيَّة متطورة وتدريب العاملين على استخدام هذه التقنيات، وبشكل عام، يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على كيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة في تحسين قطاع النقل واللوجستيات، وكيفية تجاوز التحديات التي تواجهها هذه الصناعة.
يشير قطاع النقل واللوجستيات إلى المجال الذي يتضمن جميع النشاطات المرتبطة بنقل وتوزيع البضائع والمواد والمنتجات من مصادرها إلى وجهاتها المختلفة، ويتضمن هذا القطاع نشاطات عديدة، مثل الشحن والنقل والتخزين والتغليف والتوزيع والإدارة اللوجستية وغيرها.
تتضمن الشركات التي تعمل في هذا القطاع شركات الشحن والنقل والشحن الجوي والبحري والبري، وشركات الخدمات اللوجستية والتخزين والتوزيع والتجارة الإلكترونية وغيرها، ويعد هذا القطاع حيوياً للاقتصاد العالمي، فيؤدي دوراً أساسياً في تلبية احتياجات الأسواق المختلفة وتعزيز التجارة الدولية وتحسين سلاسل التوريد العالمية.
مع التطورات التكنولوجية الهائلة التي يشهدها العالم اليوم وبدء ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة زادت أهمية الذكاء الاصطناعي زيادة كبيرة في إدارة الخدمات اللوجستية وسلاسل التوريد، فقد أصبح جزءاً حيوياً من هذه الصناعة، ومن المتوقع أن يؤدي هذا التحول إلى إعادة تشكيل هذه الصناعة في المستقبل.
مع ذلك، فإنَّ الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات ضخمة في مجال التكنولوجيا، إضافة إلى الحاجة إلى خدمات أفراد محترفين ومتخصصين في مجالي الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات، وقد أكد خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي أنَّ الاهتمام الحالي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي يرجع في الأساس إلى عدة عوامل رئيسة، مثل:
يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين الكفاءة والتحكم في سلاسل التوريد وإدارة الخدمات اللوجستية، ويمكن أن يساهم في تحسين القرارات التي تتعلق بالإنتاج والتخزين والتسليم والتوزيع، فالاستثمار في هذه التكنولوجيا يمكن أن يكون مفيداً للشركات التي تعمل في هذه الصناعة، ويمكن أن يساعدهم على التكيف مع التحولات الحالية والمستقبلية في هذه الصناعة.
قبل استخدام الذكاء الاصطناعي، كانت شركات الخدمات اللوجستية تعتمد على فرق متخصصة في التحليل والبحث لتحليل الكميات الضخمة من البيانات التي تنشأ من العمليات اليومية لديهم، ومع تقدُّم التكنولوجيا، بدأت الشركات في اعتماد الذكاء الاصطناعي لتبسيط كثير من عمليات سلاسل التوريد والأعمال اللوجستية، وهذا أعطاهم ميزة تنافسية عن غيرهم.
لكن رغم ذلك ما زال استخدام الذكاء الاصطناعي محدوداً في قطاع النقل واللوجستيات؛ بسبب حاجة الشركات إلى استثمارات رأسمالية كبيرة وتغييرات تنظيمية للاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي في مجال سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية.
لقد أظهرت دراسة أجرتها شركة ماكنزي أنَّ الشركات التي اعتمدت على الذكاء الاصطناعي حققت استراتيجية استباقية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، وزيادة في هوامش الربح بنسبة تزيد على 5%؛ لذا يجب على الشركات تطوير أطر عمل تبين كيف يمكن للعمال التكيف مع الذكاء الاصطناعي والتشغيل الآلي، ويتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى في تحسين قطاع الخدمات اللوجستية.
إنَّ فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع النقل واللوجستيات عديدة، وتتضمن:
يستخرج الذكاء الاصطناعي البيانات من العمليات اللوجستية ويحللها بسرعة ودقة، وهذا يسهل عملية اتخاذ القرارات ويحسن من عمليات التخطيط والتوزيع، ومن ثم يزيد من الكفاءة العملية.
يحسن الذكاء الاصطناعي سلاسل التوريد بتحسين التوزيع والتخزين والتوصيل، وهذا يساعد على تقليل التكاليف وتحسين الخدمات والتسليمات.
يراقب الذكاء الاصطناعي العمليات ويحللها بدقة لتحسين الأمان والسلامة، والتأكد من التزام العمال بالإجراءات الأمنية والصحية.
يحسن الذكاء الاصطناعي تجربة العملاء؛ من خلال تحسين مستوى الخدمات وتقليل مدة التسليم وتحسين المواعيد النهائية للتسليم.
يحلل الذكاء الاصطناعي البيانات بدقة ويحسن العمليات ويحد من الأخطاء البشرية، وهذا يساعد على تحسين الجودة والكفاءة والتحكم في الأخطاء.
يحلل الذكاء الاصطناعي البيانات ويتنبأ بالأحداث التي يمكن أن تؤثر في العمليات اللوجستية، وهذا يساعد على اتخاذ القرارات والتخطيط اللازم لتفادي المشكلات المحتملة.
لذلك يحسِّن استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع النقل واللوجستيات الكفاءة والجودة والأمان وتجربة العملاء، ويساعد على تحسين التخطيط والتوزيع والتحكم في الأخطاء.
يمكن استخدام العديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين قطاع النقل واللوجستيات، ومن بين هذه التقنيات:
يمكن استخدام هذه التقنيات لتحليل البيانات الكبيرة والمعقدة المتعلقة بالنقل واللوجستيات، وهذا يساعد على تحسين التنبؤات وإدارة المخزون وتحسين عمليات الشحن والتوزيع.
يمكن استخدام بيانات الاستشعار عن بعد لتحسين عمليات النقل واللوجستيات، على سبيل المثال، يمكن استخدام بيانات الأقمار الاصطناعية لتحديد المواقع الجغرافية للشحنات وتحديد الطرق الأفضل للشحن والتوزيع.
يمكن استخدام الروبوتات والأتمتة لتحسين عمليات النقل واللوجستيات، على سبيل المثال، يمكن استخدام الروبوتات لتحميل وتفريغ الشحنات وتنظيمها في المستودعات.
يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الأخرى، مثل الشبكات العصبية الاصطناعية والتعلم التعاوني والتعلم العميق المتعلق بالذكاء الاصطناعي، لتحسين عمليات النقل واللوجستيات.
يمكن أن تُستخدَم تقنيات التعرف إلى الصورة والصوت في بعض الطرائق في قطاع النقل واللوجستيات، وذلك لتحسين الكفاءة والدقة في عمليات مختلفة عديدة، من أمثلة ذلك:
على سبيل المثال، يمكن استخدام تقنيات التعرف إلى الصورة في النقل البري؛ من خلال تحليل الصورة الملتقطة من كاميرات السيارات والشاحنات، ويمكن للنظام التعرف إلى المركبات وتحديد المواقع والوجهات والأوزان والأحجام، وتوفير البيانات المفيدة للمشغلين لتحسين الكفاءة في العمليات وتقليل التأخير في التسليم.
كما يمكن استخدام التقنيات ذات الصلة في النقل البحري والجوي والنقل الداخلي، باختصار، يمكن القول إنَّ استخدام تقنيات التعرف إلى الصورة والصوت في قطاع النقل واللوجستيات يساعد على تحسين الكفاءة والدقة والأمان في عديد من العمليات المختلفة.
توجد عدة معوقات قد تؤثر في استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع النقل واللوجستيات، ومن بين هذه المعوقات:
يعد التحول إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع النقل واللوجستيات مكلفاً، فيتطلب تحديث الأنظمة وتدريب العمال على استخدام التقنيات الجديدة وشراء المعدات اللازمة.
قد تواجه الشركات صعوبة في جمع الكمية الكافية من البيانات المطلوبة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي؛ لذا قد يكون من الصعب تحسين الكفاءة باستخدام هذه التقنيات.
يمكن أن تواجه الشركات صعوبة في التعامل مع القضايا القانونية والأخلاقية المتعلقة بجمع وتحليل البيانات الخاصة بالعملاء والموظفين، ويجب على الشركات مراعاة حماية الخصوصية وإدارة المخاطر المتعلقة بالبيانات.
قد يواجه بعض العملاء والموظفين صعوبة في الثقة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد يتطلب ذلك التوعية والتدريب لزيادة الثقة والقبول.
يجب على الشركات تحديث الأنظمة والتكنولوجيا باستمرار للتأكد من توافقها مع التقنيات الجديدة، وهذا يتطلب القدرة على التكيف والتغيير.
يمكن أن يؤثر السلوك البشري في دقة نماذج الذكاء الاصطناعي، وقد يتطلب ذلك تدريب الموظفين على التعامل مع التقنيات الجديدة وتحسين السلوكات لتحسين دقة النماذج.
يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع النقل واللوجستيات التغلب على بعض المعوقات، ولكن مع التطور التدريجي للتقنيات وتحسين القدرات، يمكن تحقيق الفوائد الكبيرة التي توفرها هذه التقنيات.
لا يمكن لأحد عاقل اليوم أن ينكر الأهمية الكبيرة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، وليس قطاع النقل واللوجستيات بمنأى عما يحدث، بل على العكس تماماً، إنَّ استخدام الذكاء الاصطناعي يساعد على تحسين قطاع النقل واللوجستيات مساعدة كبيرة، وخاصة عندما نتحدث عن مدن كبرى مثل طوكيو مثلاً.
إنَّ ما قدمناه في هذا المقال ليس إلا مروراً سريعاً على فوائد الذكاء الاصطناعي وتحسين قطاع النقل واللوجستيات، وبالتأكيد هذه الفوائد ستكون أكثر قوة وظهوراً عندما يُقضى على جميع المعوقات التي تحول دون استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع.