موضوع تعبير عن الطفولة

موضوع تعبير عن الطفولة
(اخر تعديل 2023-06-08 01:09:09 )
بواسطة

يعيش الإنسان مراحل مختلفة في حياته، ولكل مرحلة ميزاتها وتفاصيلها وذكرياتها، وكلما انتقل الإنسان من مرحلة إلى أخرى استرجع ذكرياته السابقة في مرحلة عمرية سابقة، وتبسم تبسمًا يوحي بحنين خفي لتلك الأيام، وفرح داخلي أنه اجتاز تلك المرحلة بسلام واطمئنان، إلا أن مرحلة من هذه المراحل يبقى لها وقع خاص وذِكْر مميز لا يُنسى، وهي مرحلة الطفولة، ولعل هذه التميز في هذه المرحلة يعود إلى كونها مملوءة بالذكريات المشتركة بين الإنسان نفسه عندما كان طفلًا وبين أهله خصوصًا وباقي الأقارب والمعارف عمومًا، فكلما تذكر الأهل شيئًا من هذه الذكريات عادوا للماضي وبدؤوا بسرد تفاصيل الطفولة التي عاشها ابنهم وأخبروه عن براءته وتصرفاته.


عندما يسمع الإنسان هذه التفاصيل يشعر بفرح داخلي وإن كان لا يتذكرها على الإطلاق، إلا أنه يرسم لها ملامح خاصة في ذاكرته كي لا ينساها، وكي يسردها لأولاده في المستقبل، ومن ناحية أخرى عندما تكون هذه الذكريات مملوءة بالحب والحنان من الأهل للطفل فإن هذا سيجعلها أكثر ثباتًا ورسوخًا في القلب والعقل، ولذلك تُعد الطفولة أيامًا لا تُنسى، حتى إن الإنسان عندما يتزوج ويصبح لديه أولاد، يأتي الأجداد ويقولون لأحفادهم إنهم يتصرفون مثل تصرفات والدهم أو والدتهم عندما كانوا أطفالًا، فهذا يؤكد عمق هذه الذكريات، فلو صار للإنسان أحفاد فإنه لا يمكن أن ينسى ذكريات الطفولة التي عاشها هو نفسه، والتي عاشها أطفاله من جهة أخرى.


كيف تُنسى أيام الطفولة وهي أكثر الأيام براءة ونقاء وصدقًا، الطفل يتصرف على فطرته وغريزته لا يعرف حقدًا أو كرهًا وإساءة، والأهل يبذلون الغالي والنفيس ليروا البسمة تزين وجه طفلهم، لا يشعرون بأي ضيق من صوته أو تصرفاته لأنهم على وعي أنه يفعل ذلك ببراءة الأطفال المحبوبة، وعذوبة قلوبهم المرغوبة، هي حقًا ذكريات لا تُنسى لأن كل يوم كان يكبر فيه ذلك الطفل كان يكتسب شيئًا جديدًا في حياته ويتعلمه، فتعمر الفرحة قلب الأهل وهم يرون الطفل يكبر أمامهم ويشتد عوده، وهم يحسنون تربيته

وتوجيهه، كي يكبر هذا الطفل محافظًا على القيم الثابتة التي ستُغرس في تفكيره، ولكي يخبروه عندما يكبر عن تلك الذكريات الجميلة، ذكريات الطفولة النقية.


ينظر الكثير من الأهل إلى أن مرحلة الطفولة هي مرحلة اللعب والأكل والاهتمام بالطفل فقط من ناحية لباسه ونومه وطعامه، إلا أن التربية وعلماءها لهم رأي مخالف تمامًا، وهذا الرأي يعود أساسًا إلى تعاليم الدين الإسلامي وهدي السنة النبوية الشريفة، إذ إن تربية الطفل تبدأ من اللحظة الأولى التي يرى فيها نور الحياة، بل إن بعض الآراء تتجه إلى أن التربية تبدأ وهو جنين في رحم والدته، فكم هي مهمة مرحلة الطفولة، وكم هي عظيمة المهام التي تقع على عاتق الأهل فيها، فالطفل وإن كان لا يتكلم ولا يمتلك الكثير من المهارات، إلا أن حواسه تعمل فهو يرى ويسمع ويقلّد كل شيء، وهذا يعني أنه سيتعلم بالقدوة، إما أن تكون قدوة صالحة فيثمر هذا الطفل أخلاقًا فاضلة عندما يكبر، أو سيكون الأمر بالعكس وعندها لن يكون هذا الطفل كما يحب له أهله عندما يكبر.


الطفولة هي مرحلة تكوين الشخصية ورسم حدودها ومعالمها الواضحة، إذ تقوى شخصية الطفل بالحب والكلمة الطيبة والنظرة الحانية والبسمة الصادقة، وتضعف وتتقهقر بالغضب والعنف والصراخ والإهمال وعدم إعطائه حقه في كل تفاصيل حياته، وكثيرة هي القيم التي يمكن غرسها في الطفل مثل: الحب والاحترام والصدق والأمانة والتواضع والكرم ، وذلك كله عن طريق القدوة وتخيّر كل كلمة تُلفظ أمامه، إذ يمكن القول إن هذا الطفل مثل الاسفنجة، فالاسفنجة تمتص الماء، وهو يمتص السلوك والتصرفات التي يراها ويسمعها، وبذلك سيكون الطفل انعكاسًا لأهله ولتربيتهم ولأخلاقهم وتعاملهم معه.


إنّ التركيز على السنوات السبع الأولى من حياة الطفل والتخطيط السليم والمنطقي لرسم شخصيته وتكوينها وتهذيبها سيجعل منه شابًا قويمًا مستقيمًا ملتزمًا قادرًا على معرفة الصحيح من الخطأ، عنده محاكمة عقلية ومنطقية لكل ما يدور حوله وكلما أُشبعت عاطفة الحب عند الطفل كلما اشتد قوة وصلابة ولم ينجرف وراء تيارات الخداع التي تودي بحياة الشباب وتجرفهم إلى مزالق مميتة في نهاياتها.


يحتفظ الأهل بكثير من تفاصيل أبنائهم وهم أطفال، مثل الملابس والألعاب والصور والتفاصيل التي تجعلهم في اتصال قوي دائمًا، وتجعل قلب الأهل يلين تجاه أولادهم مهما أخطؤوا أو أساؤوا عندما يكبرون، وهي من ناحية أخرى ذكريات عندما يراها الشاب وينظر إلى تصرفاته في طفولته، ويرى كم تعب الأهل وانشغلوا به وبتفاصيله والاهتمام به، سيشعر بالمزيد من الإجلال والاحترام لهم، وسيزداد حبًا لهم، ويسعى جاهدًا لإكرامهم ورد ذلك الجميل العظيم لهم، والذي مهما حاول لن يوفيهم جزءًا صغيرًا منه، لأنه يقوم بذلك ردًا على المعروف، بينما هم قاموا بذلك دون انتظار أي مقابل أو أجر أو حتى كلمة شكر.


إنّ منجم ذكريات الطفولة هو القادر على التذكير بكل هذه الأمور، وهو بالفعل منجم لأن الذكريات الموجودة فيه أغلى من كل كنوز الدنيا على قلب الأهل وقلب الأولاد، وما أحلاها من ذكريات عندما تكون مملوءة بالحب والصدق والنقاء، وعندما تكون بعيدة عن أساليب التربية الخاطئة والمدمرة لشخصية الطفل، وعندما يكون الأهل بالفعل هم خير قدوة وخير مربٍّ لابنهم أو ابنتهم منذ نعومة أظفارهم، يهتمون براحتهم وصحتهم وطعامهم ونومهم، ويهيئون لهم الأجواء المناسبة لهم، ويعطونهم حقهم من الوقت للنقاش والحوار والتعلم والتعليم، وهذا الكلام ليس قليل الشأن في مرحلة الطفولة كما يظن البعض، فلا بد من طرح نقاشات مع الطفل وإن كان غير قادر على الكلام، وهذا كله سيجد الأهل نتيجته عندا يبدأ الطفل بنطق كلماته ويحاول عرض رأيه وأفكاره.


سيكون للطفولة منجمًا حقيقيًا بهذه التفاصيل والطرق الصحيحة للتربية لا يمكن الاسغناء عنه أو التفريط به ولو بكنوز الدنيا كلها، بل لعله سيكون إرثًا عظيمًا يتوراثه الأبناء من جيل إلى جيل، ويضيفون إليه ما يتناسب مع عصرهم وزمانهم في تربيتهم لأطفالهم، ويحتفظون به كي تبقى تلك الذكريات نورًأ يضيء قلوبهم، وأملًا يشع في حياتهم، فكم من موقف يذكره الأهل لأولادهم عن طفولتهم فتملأ البسمات أرجاء المنزل وهم يضحكون على تلك البراءة، وهذا هو الكنز الحقيقي الذي ينشر البهجة والسعادة في قلب الجميع.


إنّ مرحلة الطفولة هي مرحلة عمرية مهمة لا بد أن تكون مملوءة بناحيتين مهمتين وهما: التعلم واللعب، يمكن أن يكون هذان الجانبان مدموجين معًا أي: التعلم باللعب، وهذا يعني أن الأهل لا بد لهم أن يختاروا الألعاب التي تعلم الأطفال القيم والأخلاق والمهارات الحياتية الضرورية لهم في حياتهم وهم أطفال وعندما يكبرون، لا أن تكون هذه الألعاب عشوائية وغير مبنية على أسس تعليمية تعليمية، أو أن تكون ألعابًا تشوه المفاهيم السلوكية لدى الأطفال، فهذه المرحلة جميلة ببراءتها ونقائها حتى في اللعب والتعلم.


أكثر زمن ينعم فيه الإنسان بمساحة من اللعب والتعلم هو مرحلة الطفولة، وذلك لأن كل وقته للعب والتلسية والاستمتاع بكل وقته، وهنا يأتي دور الأهل في توجيه هذا اللعب بما يخدم مصلحة الطفل ومستقبله وسلوكه وتفكيره، وبهذا تكون الطفولة مرحلة للعب والتسلية وغرس القيم وتوجيه السلوك إلى ما فيه خير ونجاح وتميز في مراحل قادمة، وأكثر ما يميز اللعب في مرحلة الطفولة بساطته وجماله ونقاؤه، من خلاله يتعلم الطفل الصدق والأمانة والمشاركة مع الآخرين، يعرف قيمة تعدد الأشخاص من حوله، ودور كل واحد منهم في حياته، ويتعلم كيف يمكن أن ينجح من دون أن يؤذي الآخرين أو يتعدى على حقوقهم، ويتعلم أيضًا أن الأخلاق هي أساس كل شيء حتى في اللعب، ولذلك من الضروري أن يكون هذا اللعب موجهًا من قبل الأهل ومراقَبًا بكل تفاصيله وطرقه حتى يتأكدوا من صحة ما يقوم به الطفل ومناسبته له ولعمره ولسلوكه.


تبقى ذكريات اللعب هي الأنقى والأجمل، ومع ذلك لا يمكن للأهل أن ينسوا الأيام الأولى التي يضع طفلهم قدمه في المدرسة، وكيف كانت فرحتهم عندما كتب أول حرف، وشكّل أول جملة، وأجرى أول عملية حسابية، وحصل على أول شهادة، عندها يشعرون أنهم بدؤوا بجنْي ثمار تعبهم، مُتناسين كل لحظة تعب أو سهر أو إرهاق، لا يتذكرون إلا الطيب الجميل من هذا الطفل الذي بدأت بذور العلم تُغرس في عقله النقي البريء الصادق، فما أبهاها من مرحلة وما أحلى ذكرياتها التي لا تنتهي ولا تُنسى!.


لقراءة المزيد، انظر هنا: عبارات عن أيام الطفولة.