يمرُّ الموظَّف خلال عملِه بمواقف عديدة، ويواجه بعض المشكلات أيضاً، فامتلاكه لمهارات التفكير الناقد يحسِّن من قدرته في التعامل مع هذه المواقف والمشكلات، وهذا ما يجعل أصحاب العمل يبحثون عن أشخاص يمتلكون مهارات التفكير الناقد؛ لأنَّهم يعرفون جيداً أنَّ مساهمات هؤلاء تطوِّر العمل الإداري داخل المؤسسة أو الشركة وتعطي قيمة مضافة للعمل، وقد كتبنا هذه السطور عن مهارات التفكير الناقد في العمل الإداري.
التفكير الناقد أحد أهم المهارات التي يُفضَّل وجودها عند الموظَّف في أغلب المهن والأعمال والوظائف؛ ويمكن تعريفه بأنَّه قدرة العامل على تحليل وتقييم المشكلات والمواقف قبل إصدار أي حكم بشأنها؛ أي إنَّ القرارات اعتماداً على مهارات التفكير الناقد، تكون أكثر منطقية، ومن ثمَّ ستعود بكثير من الفائدة على مكان العمل.
امتلاك الموظَّف مهارات التفكير الناقد تجعله أكثر قدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات، ومن ثمَّ يصبح أكثر كفاءة من غيره في اكتشاف الأخطاء والحكم عليها وتشخيصها، وليس هذا فقط؛ بل أيضاً العمل على حلها، وإيجاد الحلول المنطقية، وجمع المعلومات التي تخص العمل وتحليلها.
لقد ذكرت جامعة (Newman) الأمريكية، التفكير الناقد من بين ثلاث مهارات جعلت من الضروري وجودها عند كل موظف؛ إذ جعلت الجامعة التفكير النقدي من المهارات التي على الموظَّفين التحلي بها؛ لأنَّها تمكِّنه من طرح الأسئلة عند الحاجة، وتحليل الأدلة، واختبار الفرضيات، واستخلاص النتائج.
هذا كلُّه يؤدي إلى حقيقة مفادها أنَّ للتفكير الناقد فوائد عديدة، وفيما يأتي سنعرض فوائد التفكير الناقد في العمل الإداري:
لقد تحدَّثنا عن فوائد التفكير الناقد، ودوره في تحسين إنتاجية العمل، وزيادة مستواه، والآن وصلنا إلى النقطة الأهم، كيف يمكن تطبيق مهارات التفكير الناقد في العمل، وكيف يمكن إظهار هذه المهارات في مكان العمل، أو حتى في أثناء البحث عن وظيفة؟
شاهد بالفيديو: 6 نصائح تساعد على تنمية التفكير الإبداعي
يحتاج العمل الإداري كغيره من الأعمال والوظائف إلى امتلاك الموظَّف مهارات التفكير النقدي، وفيما يأتي سنعرض أهم مهارات التفكير الناقد التي يجب أن تتوافر في الموظَّف:
القدرة على تحليل البيانات والمعلومات، وفحص النصوص الواردة جيداً لمكان العمل، واكتشاف مواضع الخلل أو الخطأ، وهذه المهارة من أهم المهارات التي يجب توفرها في العمل الإداري، ففي حيال غياب هذه المهارة قد تقع الشركة أو المؤسسة بكثير من المشكلات، كتوظيف أشخاص غير مؤهلين، أو أشخاص لديهم مشكلات، أو يريدون العمل في الشركة لتحقيق مآرب معينة.
العمل الإداري يجبرك على كثير من التواصل مع باقي الموظَّفين ومع العملاء، وهذه المهارة إحدى مهارات التفكير الناقد الهامَّة جداً، بفضل هذه المهارة سيكون الموظَّف قادراً على إيصال أفكاره بطريقة صحيحة وبفاعلية أكبر دون الوقوع في مشكلات ناتجة عن ضعف مهارة التواصل، إضافةً إلى هذا سيكون أكثر قدرة على التعبير عن أفكاره والتواصل الكتابي مع الآخرين، ففي العمل الإداري سيكون جزء كبير من العمل معتمداً على التواصل الكتابي وإرسال الرسائل والخطابات.
لا بد للتفكير النقدي أن ينطوي على الإبداع بقدر معيَّن، فابتكار الحلول والتفكير خارج الصندوق والمرونة والخيال وبعد النظر؛ جميعها صفات يجب وجودها في الأشخاص الذين يقومون بعمل إداري.
الانفتاح على الآخرين، وعدم الانحياز لجانب محدد، وعدم الاعتماد على العواطف من الأمور الهامَّة التي يجب وضعها في بالك عند مزاولتك لعمل إداري، فمثلاً من الوارد أن يتقدَّم للعمل شخص يوجد خلاف شخصي بينك وبينه، وبحكم موقعك تستطيع التأثير في قرار توظيفه رغم كفاءته؛ وهذا طبعاً ليس تصرفاً موضوعياً أو معتمداً على مهارات التفكير الناقد في العمل الإداري.
تحتاج معظم المهن والأعمال الإدارية وغير الإدارية إلى امتلاك موظفيها لمهارة التفكير الناقد، وفيما يأتي سنعدِّد أكثر أنواع المهن التي تتطلَّب وجود هذه المهارة، وهي:
إحدى المهن الإدارية التي تحتاج إلى امتلاك موظفيها مهارة التفكير النقدي، ويرجع هذا إلى طبيعة عمل المحاسب التي تحتاج إلى تحديد أفضل طرائق تسجيل وتنظيم السجلات المالية للشركة، وكلما كان المحاسب أفضل، كان العمل أفضل وأسرع وأكثر فائدة، سواءً للشركة أم للعميل، وأيضاً فإنَّ الموظَّفين الذين يدققون السجلات والحسابات داخل شركة أو مؤسسة ما يحتاجون إلى امتلاك هذه المهارة أيضاً حتى يتمكَّنوا من تحديد مدى دقة وفاعلية طريقة عمل المحاسب.
من أكثر المهن التي تحتاج إلى امتلاك مهارة التفكير الناقد وعلى جميع المستويات هي مهنة المعلم؛ إذ يبدأ التفكير الناقد في عمل المعلم بدءاً من لحظة تحضير الدرس، مروراً بإعطائه وشرحه، ثمَّ تقييم أداء الطلاب، وانتهاءً باتخاذ القرارات بشأن أحد الطلاب أو أحد المواقف داخل الصف أو المدرسة، ناهيك عن عملية مراقبة الطلاب وسلوكاتهم وكيفية فهم المعلم لكل ما يجري داخل الصف بالطريقة المناسبة.
يحتاج القاضي إلى امتلاك مهارات عالية في التفكير النقدي بوصفه مدير قاعة المحكمة، وعليه أن يقيِّم نقدياً كل ما يجري داخل هذه القاعة من طلبات واقتراحات ومناورات بين المحامين والمدعين، إضافةً إلى الدور الرئيس في الحكم، فعلى القاضي أن يكون عادلاً وقراراته عقلانية بعيدة عن كل عاطفة.
امتلاك مهارات التفكير الناقد يعدُّ ضرورة لا يمكن تجاوزها؛ لأنَّ وجودها يعدُّ حاسماً في تحسين وتطوير ونجاح الشخص على المستوى الشخصي أولاً، ثمَّ على المستوى المهني، وكما رأينا من خلال مقالنا، فإنَّ أصحاب الأعمال يبحثون عن موظفين ممَّن يمتلكون مهارات التفكير الناقد، نظراً للفائدة الكبيرة لتلك المهارات في العمل.