موضوع تعبير عن التعليم

موضوع تعبير عن التعليم

التعليم هو عملية تلقي وأخذ المعلومات من مصادرها، وهو لا يقتصر على المعلم الذي يلقّن طلابه المعلومات ويُعلمهم داخل الغّرف الصفية، لكن التعليم له عدد كبير من المصادر والموارد التي نستطيع من خلالها أخذ المعلومات والاستفادة منها في حياتنا العلميّة والعمليّة، فالتعليم يفتح مداركنا ويوسع مدى تفكيرنا، ويُنمّي قدراتنا العقليّة وأخلاقنا وأفكارنا ويسمو بنا، بل هو أساس بناء الحضارات والأمم، وعلى الرغم من وجود العديد من المصادر حولنا للتعليم، إلا أنّ المصدر المهم المشهور هو التعليم المدرسي والجامعي.


يمكننا تحصيل التعليم واكتسابه من مصادر عديدة ومتنوّعة، وبفضل التطوّر التكنولوجي الكبير والثورة المعلوماتيّة الهائلة أصبح التعليم أكثر سهولة وفي متناول الجميع ولا يقتصر على المدارس والمعاهد والجامعات.

ومن أهم مصادر وطرق تحصيل التعليم المُعلم: وهو من أقدم وسائل التعليم وأكثرها فاعليّة ونجاحًا، والتعليم داخل الغرف الصفيّة من طُرق التعليم القديمة والمُجدية، إذ يقوم المعلم بشرح كل ما يحتاجه الطالب بطريقة سهلة تصل جميعهم دون استثناء، وفي الوقت نفسه يجيب على أسئلة طلابه واستفساراتهم، إذ يستفيد الطلاب من معلوماته الكثيرة وعلمه الغزير.


ومن طرق تحصيل التعليم أيضًا الكِتاب، فهو طريقة قديمة جدًا في تحصيل العلم والارتقاء بالنفس والرّوح، والتعليم بوساطة الكتاب من أرقى الطرق وأكثرها تنوعًا، فأنت تنتقل من حقل إلى حقل ومن إلى موضوع، فمن حقل العلوم إلى حقل الرياضيات إلى حقل الدين إلى حقل التاريخ دون كلل أو ملل، ومن دون أي جهد تبذله، فقد تقرأ الكتاب وأنت جالس أو واقف أو حتى وأنت في الحافلة، وهذه ميزة مهمة للكتاب، فالكتاب خير صديق في هذا الزمان.


ومن الطرق الأخرى لتحصيل العلم هو الإنترنت، فقد أصبح الإنترنت الوسيلة الأسرع والأسهل في الحصول على المعلومة، بضغطة زر واحدة ستحصل على كل ما تريد من معلومات، فهو من طرق التعليم الشائقة السهلة والتي تقدّم لك معلومة كافية ووافيّة في ثوانٍ معدودة.


ولا يمكننا إغفال دور وسائل الإعلام المختلفة، والتي تقوم بإيصال العلم والمعلومة عن طريق إعلامها المرئي والمسموع، ولهذا النوع من التعليم دوره الكبير في نشر التعلم بأنواعه وأشكاله كافة، عن طريق البرامج الوثائقيّة والبرامج الترفيهيّة والتعليميّة والتثقيفيّة المتنوّعة التي تعدّ عاملاً مهمًا في زيادة ثقافة ووعي المشاهد واطّلاعه على العديد من الأمور من حوله، إضافة لتجارب الآخرين ونتائج أبحاثهم، وأخذ أفكار تساعده في نمو الفكر والعقل معًا.


وبغض النظر عن الوسيلة التعليميّة، فالتعليم له أثرٌ عظيم في نفوس وعقول الآخرين، إذ يرتقي بهم التعليم إلى أعلى المراتب وأرفع الدرجات، وهو أيضًا نوع من الأجر الذي يُثاب المعلم أو كاتب المعلومات عليه مثلما يثاب عليه الباحث عن العلم إذا كان يقصد من علمه نفع نفسه وأمته ووطنه، فالتعليم أثره دائم ومستدام إلى الأبد.


الأحاديث النبويّة الشريفة كثيرة تلك التي ما برحت تحث على سلك سبل العلم والتعليم حتى الصعبة منها والبعيدة ، بل كان للعلماء والمتعلمين مكانة كبيرة ومنزلة عظيمة ورفيعة عند الله تعالى، ففي الحديث النبوي الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا ، سلك اللهُ به طريقًا من طرُقِ الجنَّةِ ، وإنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنع ، وإنَّ العالمَ لَيستغفرُ له مَن في السمواتِ ، ومن في الأرضِ ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ ، وإنّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ ، وإنَّ الأنبياءَ ، لم يُوَرِّثوا دينارًا ، ولا درهمًا ، إنما وَرّثوا العلمَ ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ].


إن للتعليم مكانة رفيعة في الأديان السماويّة والشرائع والمجتمعات الإنسانيّة كافة ، فلا بدّ من وجود بعض الطّرق التي تُمَكننا من تطوير التعليم والنهوض به لأعلى المستويات، ومن أهم طرق الارتقاء بالتعليم توفير البيئة الصفيّة والأدوات المناسبة داخل الغرف الصفيّة، وتهيئة المباني والمدارس والجامعات التي تتمّ فيها عملية التعليم من خلال وضع المرافق المناسبة والوسائل التعليميّة المتطوّرة والحديثة، وتأهيل المعلم وإعطائه الدورات التعليميّة التي تساعده على إيصال المعلومات إلى طلابه بطريقة سهلة وبسيطة تصل إلى الجميع دون استثناء، ومحاولة الابتعاد عن التلقين ما أمكن والاعتماد على أسلوب الفهم، فأسلوب الفهم يساعد على ترسيخ المعلومة في عقل المتلقّي فيحفظها ويستحضرها عند الحاجة إليها فيفيد منها ويفيد غيره.


ويمكننا النهوض بالتعليم أيضًا عن طريق الابتعاد عن اعتبار المُعلم المصدر الرئيس لتلقين المعلومة، فمتى تنوّعت مصادر التعلم ستتوسّع المدارك وترتقي الأفكار، واستخدام تكنولوجيا التعليم والتي تعني تعليم الأفراد من خلال الأساليب المنهجيّة، وتحقيق الأهداف التعليميّة بكفاءة وفعاليّة، وتطوير المناهج التعليميّة لكي تتناسب مع تطوّر العالم والأجيال وتتناسب مع متطلبات سوق العمل، وإعطاء المعلم الرواتب المُجزية والحوافز التي تتناسب مع تعبه وجهده حتى لا يلجأ إلى إعطاء الدروس الخصوصيّة التي تؤثّر على أداء المعلم داخل الغرف الصفيّة وتشتت تفكيره وتُجهده وتحدّ من عطائه، وتوظيف جميع الطرق التعليميّة وتنويعها في سبيل الوصول إلى تعليم أفضل.


ولا بد من إثراء المحتوى الرقمي على الإنترنت بالمعلومات الصحيحة والدقيقة والمُثبتة علميًا، لتكون موثوقة عند الرجوع لها، وإنتاج الأفلام الوثائقيّة التعليميّة والتثقيفيّة التي تستهدف الأطفال منذ مراحل صغيرة، لكي ترسخ في ذهنه المعلومات منذ صغره، فالعلم في الصّغر كالنقش في الحجر، واستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة والوسائط المتعددة لإيصال المعلومة للطلاب مثل: استخدام الألواح الذكية والداتا شو وغيرها من الوسائل التي تسهّل عمليّة التعليم بل وترتقي بالتعليم جملة وتفصيلًا.


ولا يمكننا إغفال وسيلة جديدة وحديثة للتعليم وتتماشى مع متطلبات العصر والتقدّم التكنولوجي والرقمي، وهي التعلّم عن بُعد، والتي ظهرت وانتشرت مؤخرًا نتيجة ظروف جائحة كورونا، ولكنها أثبتت أنها وسيلة مهمة لإيصال المعلومة للطالب أينما كان، وقد أصبح التعليم عن بُعد في وقتنا الحالي وسيلة أساسيّة للتعليم لا يمكننا الاستغناء عنها، والمقصود بالتعليم عن بُعد هو تدريس الطلاب أونلاين، إذ يتم إرسال المحاضرات والدروس والواجبات المدرسيّة للطلاب عبر الإنترنت، ويحضر الطلاب محاضراتهم ودروسهم وهم جالسين في منازلهم من وراء الشاشات.


وبالرغم من اضطرارنا في البداية إلى استخدام التعليم عن بُعد إلا أننا لا نستطيع إنكار أهميته حاليًا، فالتعليم عن بُعد أدى إلى زيادة فرص التعلّم، وجعل العمليّة التعليميّة أكثر مرونة، بل طوّر من مهارات وكفاءات المعلمين والطلاب على استخدام وسائل الاتصال الحديثة والاستفادة منها، بعيدًا عن التعليم التقليدي، وقلل من كلفة التعليم المدرسي والجامعي دون التأثير على جودته، بل ونشر التعليم وأتاحه للجميع دون معاناة الخروج من المنزل، وجعلنا نواكب تطوّرات تكنولوجيا التعليم التي تعتمدها بعض الدول العُظمى وجعلنا نصفُّ مصافها في نشر العلم والتعليم.


إن التعليم وسيلة لجعل الفرد قادرًا على الإبداع والابتكار والتفكير الناقد، وهو الطريق لمعرفة الإنسان حقوقه وواجباته، و زيادة الوعي داخل المجتمعات، وإبعاد الأفكار والسلوكيات المنحرفة وتعديل سلوكيات الأفراد والجماعات، والتعليم أساس بناء المجتمعات والأمم، ودليل على التقدّم الحضاري والتكنولوجي، وهو الفارق بين المجتمعات المتقدّمة والمجتمعات المتأخرة، فهو يؤثّر في جميع مناحي الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، وهو طريق لتحقيق المساواة والعدالة فيما يتعلق بتوزيع فرص العمل بين الأفراد.


الشخص المؤهّل المتعلّم يمكنه تطوير مهاراته بما يتوافق وسوق العمل فيحصل على وظيفة تحسّن ظروفه المعيشية وترتقي به، مما يجعله عنصرًا فاعلاً قادرًا على خدمة وطنه وأمته، فهو سلاح الفرد، وأساس الرفاهيّة والسعادة للبشر جميعًا، وهو عمود بناء الحضارات والتقدّم في الأزمان قاطبة، وهو السبيل لتنمية الدول والنهوض بها وهو الطريق الوحيد للقضاء على الجهل والتخلّف والفقر والأميّة، ولا تقل أهميته عن أهمية الماء والهواء للإنسان في كل زمان ومكان.


قال الشاعر معروف الرّصافي في وصف العلم:

وليس الغنى إِلا غِنَى العلم إِنه

لنور الفتى يجلو ظلامَ افتقارهِ

ولا تحسبنَّ العلمَ في الناسِ منجيا

إِذا نكبت أخلاقُهم عن منارهِ

وما العلمُ إِلا النورُ يجلو دجى العمى

لكن تزيغُ العينُ عند انكساره

فما فاسدُ الأخلاقِ بالعلمِ مفلحا

وإِن كان بحراً زاخرا من بحارهِ