تمثِّل المقابلة الشخصية مرحلة من مراحل البحث عن العمل، فهي المرحلة الثانية من مراحل الحصول على عمل، وفي كثير من الأحيان تمثِّل العامل الحاسم في قبولك أو رفضك، فكلما كنت متفوقاً فيها، وأثبتَّ ذاتك خلالها، كانت فرصتك أكبر بالحصول على الوظيفة التي تحلم وترغب بها.
المقابلات الوظيفية هي المقابلات التي تعتمدها المنظمات والشركات وأصحاب العمل بهدف اختيار أفضل العاملين من حيث القدرة والكفاءة والموهبة لشغل وظيفة محددة، فهي تمثِّل صيغة رسمية يقوم بها صاحب العمل أو مَن ينوب عنه بهدف إجراء تقييم شامل للمتقدِّمين لشغل هذه الوظيفة.
تهدف هذه المقابلات عادةً إلى التعرف إلى الجوانب الشخصية والمعرفية والثقافية للفرد المُتقدِّم على الواقع، وتقييم مدى صلاحية هذا المرشح لشغل الوظيفة.
المقابلة الشخصية هي الخطوة الحيوية في رحلة السعي إلى الحصول على وظيفة؛ إذ يُكرِّس الأفراد أوقاتهم ومؤهلاتهم وخططهم من أجل النجاح فيها، فهي خطوة حاسمة من أجل تحقيق هدفك بشغل هذه الوظيفة التي تقدَّمت إليها؛ ولذلك من الطبيعي الشعور بالقلق أو الخوف والتوتر، لكنَّ الأفضل هو من يستطيع التخلص من هذه المشاعر والمضي بنجاحٍ في المقابلة، فالبقاء فيها للأفضل دائماً.
تختلف أشكال المقابلات الوظيفية وأساليب إجرائها بحسب الهدف الذي ينشده أصحاب العمل ونوع الكفاءات التي يرغبون بالحصول عليها، كما تساهم خصائص السوق في اختيار الأشكال والأساليب التي تجري فيها المقابلات الوظيفية.
المقابلات الوظيفية ليست بالأمر البسيط، سواء على من يجري المقابلة، أم على الذي يخضع لها، فكلاهما يحتاج إلى التحضير الجيد لها، فهي عملية استكشاف متبادل؛ إذ توفِّر فرصةً للمُتقدِّم ليعرض إمكاناته، واستكشاف الجوانب المختلفة عن نشاطات الشركة، وطبيعة الوظيفة، والتفاصيل المتعلقة بها، وكذلك تمثِّل فرصةً لمسؤول التوظيف للاستفسار عن الجوانب التي يريدها واستكشاف سِمات المتقدِّم وصفاته.
إذا أردت التقدم إلى وظيفة ما، ينبغي لك أولاً أن تجمع أكبر قدر من المعلومات عن الشركة وصاحبها أو مديرها، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، لا سيما عن دور الوظيفة التي تتقدَّم إليها في تحقيق تلك الأهداف، كما يُفضَّل أن تتعرف إلى الأشخاص المسؤولين عن المقابلة الوظيفية، وتتعرَّف إلى مجالات عملهم، وإن كان في الإمكان معرفة اهتماماتهم، كما ينبغي لك التعرف إلى نشاطات الشركة أو المنظمة وأعمالها وخدماتها والفئة التي تستهدفها بهذه الخدمات.
يجب أيضاً عدم إغفال تاريخ الشركة، وكم من الوقت مضى على وجودها، وما حققته من إنجازات، ويُفضَّل أن تدخل إلى موقع الشركة أو المنظمة على شبكة الإنترنت وتطَّلع على كل ما يتعلق بها: (نوع المنظمة، وأهدافها، ورسالتها، ورؤيتها، وتاريخها، وأخبارها، ونشاطاتها، ومنافسيها، وعملائها، وأصولها، والرواتب، والفروع، وأي الكفاءات يحتاجون إليها).
شاهد بالفيديو: 6 طرق لزيادة فُرص النجاح في مقابلات العمل
بعد أن تجمع المعلومات سيصبح في إمكانك توقُّع بعض الأسئلة التي يمكن أن يطرحها مسؤولو التوظيف عليك، اكتب ما تتوقعه من أسئلة، ودوِّن إجاباتك عليها؛ فذلك سيفيدك بترتيب أفكارك، عليك تحديد أهدافك والمهارات التي تملكها والتي يمكن أن توظفها في العمل المُتقدِّم إليه.
أجرِ تدريباً وحدك على طريقة دخولك أمام اللجنة أو مسؤول التوظيف وطريقة الجلوس والإجابة، ويُفضَّل إجراء التجارب أمام أفراد مُقرَّبين منك، سواء من عائلتك، أم من أصدقائك؛ وذلك من أجل أخذ الملاحظات وتلافيها قبل الدخول إلى المقابلة الحقيقة.
ليس بالضرورة أن يُطرَح عليك في المقابلة ما توقعته من أسئلة، لكنَّ تدريبك على طرائق الإجابة سوف يساعدك على تلافي الأخطاء أو الشعور بالإحراج والتوتر، ويجب أن تحضر نفسك بحيث تستطيع إيصال كل ما تريده في غضون مدة قصيرة تتراوح بين (10 إلى 15) دقيقة، ويُحبَّذ أن تسجِّل ما تقوله من أجل مراجعة الكلمات بحذر وتدارك الأخطاء المحتملة.
يقول أستاذ التسويق في جامعة "بنسلفانيا الأمريكية": "إذا أردتم الظفر بوظيفة، فعليكم بالتفاصيل الصغيرة؛ إذ أصبح المظهر الخارجي يؤدي دوراً رئيساً في الحصول على وظيفة مهما كانت ثقافتك ومعدلك".
المظهر الخارجي يعكس روحك، كما يؤدي دوراً رئيساً في نجاحك؛ لذا يجب أن تهتم بمظهرك الخارجي، وبملابسك، وطريقة تنسيقها، والألوان المناسبة للمقابلة، وابتعد عن التكلف والبهرجة والتصنع، واختر الملابس ذات الطابع الرسمي الأنيق والألوان الهادئة المريحة للنظر، وكلما اقتربت الملابس من نمط الملابس التي يرتديها العاملون الموجودون في المنظمة كان أفضل، لا داعي أن تكون الملابس غالية أو فخمة؛ بل يكفي أنَّها نظيفة ومرتبة وتحمل التناسق فيما بينها، ومن سبل العناية بالمظهر الخارجي أيضاً تمشيط الشعر، وتقليم الأظافر، والحرص على الرائحة العطرة.
احرص على أن تصل على موعد مقابلتك تماماً، فالتأخر سيكون سبباً في خسارتك؛ لذا يجب عليك أن تستطلع مكان المقابلة قبل موعد المقابلة، وتحدِّد ما يجب عليك فعله، لكيلا تتأخر عن موعدها أو يحصل سوء تقدير في الوقت.
المقابلة الوظيفية هامَّة جداً، فهي التي تشكِّل الانطباعات الأولى، ويُحكم عليك من خلالها؛ لذا احرص على أن تكون في حالة نفسية مستقرة في يوم المقابلة، وابتعد عن كل ما قد يؤثر فيها ويجعلك تغضب أو تشعر بالتوتر، فعليك أن تثبت ذاتك، وتفرض حضورك؛ وذلك لن يحدث ما لم تتحلَّى بالثقة بنفسك، وتشعر بأنَّك قادر على أن تثبت جدارتك وكفاءتك وحقك في الحصول على هذه الوظيفة.
ينبغي ألا تقاطع المتحدث في أثناء المقابلة مهما كان نوع الكلام الذي يقوله، وحتى إن كان لديك اعتراض عليه، وفي حال وجود اختلاف في وجهات النظر، يجب عليك إبداء رأيك بكل لباقة واحترام، واستخدام العبارات التي تنمُّ عن احترام شديد للآخر، ولا تبدِ العناد، أو تتمسَّك برأيك بشدة؛ بل حاول الانتقال إلى موضوع آخر.
شاهد بالفيديو: كيف تكتب سيرتك الذاتية بشكل احترافي
قد تُطرح عليك أنواع مختلفة من الأسئلة؛ علمية، أو عن حالتك الاجتماعية، أو عن مهاراتك، وعن جوانب شخصية مختلفة؛ لذا كن مستعداً لأي نوع منها، ولا تبدِ أيَّ خوف.
قد يُتاح لك في أثناء المقابلة الوظيفية طرح الأسئلة، عليك استغلال الفرصة وطرح أسئلة للحصول على مزيد من المعلومات عن الشركة أو المكان الذي ترغب بالعمل فيه، مثل (عدد ساعات العمل، ومكان العمل، والراتب، وشركاء العمل، والمدير المباشر لك).
عليك أن تحرص على أن تقدِّم الأوراق الشخصية الثبوتية الخاصة بك بصورة مرتبة ونظيفة وضمن ملف واحد.
حتمية البحث عن عمل تستطيع من خلاله كسب رزقك وإثبات نفسك هي أمر لا مفر منه؛ لذا عليك الحرص على اختيار المكان الذي يمكن أن تحقِّق فيه ذاتك ويشعرك بالرضى، وهذا لن يحدث دون التحضير الجيد المسبق، فاحرص على تنمية مهاراتك ومواهبك، وتعلم الأشياء الجديدة باستمرار من أجل النجاح في مساعيك، فالتحضير للمقابلات الوظيفية هي الجزء الأهم لحصولك على الوظيفة المناسبة؛ لذا لا تدَّخر جهداً في سبيل التدرب عليها، واكتساب كل ما يمكن من شأنه أن يدفعك لتجاوزها بنجاح.