تعبير عن الإيثار

تعبير عن الإيثار
(اخر تعديل 2023-06-08 01:07:29 )
بواسطة

يعني الإيثار أن يقدم المرء غيره على نفسه في منفعة أو دفع مضرة، يعتبر فضيلة من فضائل النفس التي يكف الإنسان من خلالها عن بعض الحاجات التي تخصه ويبذلها لغيره، وتتعدد صور الإيثار تعددًا واضحًا فمنها ما يتعلق بالخالق ومنها ما يتعلق بالخلق، أما الذي يتعلق بالخالق فهو من أفضل وأجل الأنواع ويعني أن يقوم المرء بكل ما يحبه الخالق ويرضيه بالرغم من كراهيته عنده وثقله عليه، أو أن يترك ما يكرهه الله تعالى وينهاه عنه بالرغم من محبته إليه ورغبته فيه واشتهائه له، أما الإيثار المتعلق بالخلق فهو ما يكون الدافع إليه الفطرة والغريزة والإيمان وحب الخير للآخرين.


ما أجملها من صفة خلقية كريمة تترك أثرًا عظيمًا في نفوس الخلق! إن الإيثار خلق عظيم يحكي كرم الإنسان وعطائه وإيثاره غيره عن نفسه؛ وإن للإيثار فوائد عظيمة تعود على الفرد والمجتمع، إذ يحقق الإيثار للإنسان رضًا نفسيًا عميقًا وسلامًا داخليًا نتيجة استبدال شعور الأنانية بسلوك البذل والعطاء، كما أن الإيثار دليل على محبة الفرد لله تعالى وسعيه نحو كسب رضاه، بشرط عدم الإضرار بمصلحة الشخص نفسه ويساعده في التخلص من الشعور بالحسد والحقد تجاه الآخرين، وبالتالي يصبح المجتمع متكافلًا ومتعاونًا إلى أقصى حد.


يجني أصحاب صفة الإيثار العديد من الفوائد العظيمة والصفات الجلية فيكون ضمن الذين أثنى الله عليهم وجعلهم من المفلحين، كما أنه وسيلة لاكتساب محبة الله تعالى، وتحقيق الإيمان المتكامل، وأهم من ذلك كله أن التخلق بالإيثار يعبر عن الاقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي عرف عنه خلق الإيثار، كما يجني الإنسان ثمار إيثاره بمحبة الناس له في الدنيا وثنائهم عليه، كما يطيب ذكره بعد وفاته ويتحدث الناس عنه بالخير، ويقود الإيثار أصحابه إلى المزيد من الأخلاق الحسنة الأخرى مثل: حب الآخرين والرحمة بهم والسعي فيما ينفعهم، والابتعاد عن الصفات السيئة كالبخل وحب النفس والطمع والأنانية وغيرها، كما يجلب الإيثار البركة في الطعام والمال والولد، وينتج عنه اكتفاء مادي واقتصادي في المجتمع.


وقد تتعدد صور الإيثار الحية في مجتمعاتنا، فقد يتنازل شاب خريج عن وظيفة كانت مُقررة له لشخص أكثر حاجة لها ويُعيل أسرة بكاملها، أو أن يتم تقديم دور في عيادة طبية لمريض أكثر حاجة من سواه لرؤية الطبيب وأخذ الإسعافات اللازمة، وقد يضحي مريض لآخر ويتنازل له عن دوره لإجراء عملية جراحية في حال كان يمكنه الانتظار قليلًا، فينقذ بذلك حياة شخص معرض للخطر في حال تأخر موعد العملية قليلًا، وينقذ أهله من مصيبة الفقد. ومن صور الإيثار الشائعة في مجتمعنا أن تأخذ إحدى المعلمات دور زميلتها في المناوبة أو دوام يوم أو اثنين لوجود سبب طارئ وعاجل وتعطيها من أيام إجازاتها.


ومن صور الإيثار أيضًا أن تتبرع إحدى النساء بمال -كانت قد خبأته لوقت الحاجة- من أجل مساعدة جارتها الفقيرة وشراء ما يسد رمقها ورمق أطفالها الجياع، أو أن تقدم زميلة لزميلتها المال الذي كانت قد حَصَلت عليه من أجل شراء ملابس العيد ولكنها قامت بتقديمه لزميلتها من أجل سداد بعض الديون المُستعجلة، أو أن يقوم الأبوين أو أحدهما ببذل كل ما يستطيعانه والتنازل عن أبسط حقوقهم من أجل إنجاح أبنائهم ودفعهم نحو نيل أعلى الدرجات، وهنالك العديد من صور الإيثار التي لا يملُّ اللسان من ذكرها وتُثلجُ الصدور وتكون نورًا يقتدي فيه رجال الأمة ونسائها.


ومن المؤكد أنّ هناك العديد من القصص التي لم تنته عند ذلك الحد وإنما استمرت لأوقات طويلة وذلك من خلال الخير الكثير الذي سيناله كل مُؤْثرٍ للآخرين على نفسه، فالله عز وجل لا ينسى الإحسان ولا ينسى المحسنين، ويدخر لهم خيرًا كثيرًا في الدنيا والآخرة، كما أن هذا الخلق الكريم سيوفر سبل العيش اللائقة ويضع كل مرئ في مكانه الصحيح، بعيدًا عن حب الذات والأنانية وتمني الأشياء الجيدة لنفسه دون الالتفات للآخرين ولمصالحهم، فيأخذ كل ذي حقٍ حقه وينتشر الحب والتعاون بين الناس إلى أقصى درجاته فيصبح التكافل عنوانًا للمجتمع والعدل نبراسًا له وتلك من الآثار الواضحة لخلق الإيثار.


ليس هناك أجمل ولا أنبل من الأشخاص الذين يؤثرون الآخرين على أنفسهم حتى لو كان بهم خصاصة ولا يملكون ما يسد رمقهم ولكنهم بالرغم من ذلك تجدهم يسعون نحو مصلحة الآخرين، فتجد أن مريضًا بحاجة للعلاج ولا يملك سوى ثمنه فيجد من هو أشد حاجة له من الدواء فيفضله عليه بلا تردد، وبالرغم من أن شعور الأنانية ساد مجتمعاتنا هذه الأيام وأصبح كل امرئٍ معتدًا بنفسه ويسعى نحو مصلحة ذاته إلّا أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أخبر أن الخير في أمته إلى يوم الدين.



لقد رَغّبت الشريعة الإسلامية والسنة النبوية بالإيثار، قال تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} ، والبر هو جامع الخيرات وهو السبيل الذي يوصل الإنسان إلى الجنة، والإنفاق يكون مما يحب الناس، وهو المحبب إلى النفوس وفي ذلك الإنفاق دلالة عظيمة على سماحة النَّفس، وكرم أخلاقها، واتصافها بالرقة والرحمة، ودلالة على محبة الله تعالى للعباد، ومِن أدلِّ الدَّلائل على محبَّة الله، وتقديم محبَّته على محبَّة الأموال، التي جُبلت النُّفوس على قوَّة التَّعلُّق بها، فمَن آثر محبَّة الله على محبَّة نفسه فاز فوزًا عظيما، وقد بينت الشريعة الإسلامية أن الإنسان لا يؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.


قد يلهمك هذا المقال لكتابة تعبير عن الإيثار: كلمات عن الإيثار.