بداية السنة تضع جدولاً مليئاً بالأهداف لتكتشف في نهايتها أنَّك لم تنجز حتى هدفاً واحداً، وعلى الرَّغم من ذلك تعود لتضع الأهداف ذاتها مرة أخرى، هذا الأمل الموجود لديك والذي يدفعك إلى التفاؤل هو أمل غير منطقي ومخادع، وفي الواقع أنت مصاب بمتلازمة الأمل الكاذب.
هل يوجد حل؟ هل يوجد تفسير لما يحدث معك؟ إذا أردت إجابات عن هذه التساؤلات تابع القراءة.
من الطبيعي جداً أن يسعى كل إنسان منا إلى الأفضل، ومن الطبيعي أن نضع قائمة كبيرة بالأهداف ونصبَّ جهودنا في سبيل تحقيق هذه الأهداف، وغير الطبيعي يبدأ عندما نلاحظ أنَّنا مراراً وتكراراً، وطوال سنوات طويلة ما زلنا نفشل في تحقيق ما نصبوا إليه؛ لكنَّنا على الرَّغم من ذلك مصرين على وضع القائمة ذاتها كل عام، لنعيش الفشل مرة أخرى.
يدفعنا هذا كلُّه إلى التساؤل، أين المشكلة؟ ما هو السبب الذي يدفعنا إلى إعادة الأهداف ذاتها؟
ببساطة لدينا أمل، كما قال الكاتب السوري الكبير "سعد الله ونوس": "نحن محكومون بالأمل"، لكن هل من المنطقي أن تكون موظفاً من الدرجة العاشرة، دون أي محاولات، ودون أي جهد وتعب، وتتأمل إدارة الشركة التي تعمل بها، وهل من المنطقي أن يكون هذا الهدف هدفك مع بداية كل عام جديد؟ بالطبع لا.
بناء على ذلك فإنَّ متلازمة الأمل الكاذب تعني شعورنا بأمل كاذب ووهمي يدفعنا إلى توقع نتائج عظيمة وغير متناسبة مع الإمكانات المتوفرة لدينا، ودون مراعاة العوامل والخطط التي يجب علينا الالتزام بها في سبيل تحقيق أهدافنا مهما كانت صغيرة؛ فالأمل الزائف إذاً لا يتعلق بإحداث تغييرات حقيقية في حياتنا بقدر ما هو محاولة لتحسين مشاعرنا، ولنحسَّ بأنَّنا أفضل فقط.
متلازمة الأمل الكاذب محاولة للهروب من الواقع نحو الخيال، وهذا ما سيُحوَّل إلى إدمان فيما بعد، مثلاً عندما تضع في بالك هدفاً ما، يجب أن تتوقع أنَّ عوامل عدة ستكون مؤثرة في تحقيقك لهذا الهدف، ويجب أن تنظم خطة وتضعها مراعياً الفترة الزمنية التي تحتاج إليها لتحقيق هدفك، ومدى الإمكانات المتوفرة لديك، ومدى صعوبة هدفك أو سهولته، وتجزئة هدفك إلى أهداف صغيرة ومراقبة مقدار الإنجاز الذي تحققه وغيرها أمور كثيرة.
في حالة الأمل الكاذب تكون توقعاتك غير منسجمة وغير متلائمة مع واقعك، والأمل الذي تبني عليه أحلامك ليس متيناً؛ لأنَّه غير حقيقي وكاذب، وهذا طبعاً ما يجعل خطتك مباشرة سائرةً إلى الفشل.
جميعاً نتمنى تغيير أحوالنا وتحسينها، وجميعاً نريد الأفضل ونسعى إليه، وهذه هي بداية شعورنا بالأمل، لكن في أحيان كثيرة تفوق توقعاتنا الواقع، ويبدأ عقلنا بنسج حكايات للنجاحات تفوق قدرتنا الحقيقية، وهذه هي العقبة الأولى في سبيل تحقيق هدفنا، فعلى سبيل المثال نبدأ بدراسة مقررنا الدراسي وما إن نكمل دراسة المحاضرة الأولى حتى نغرق في أحلامنا الوردية، ونشعر بأنَّنا قادرون على إكمال بقية المحاضرات بالهمة نفسها والنشاط، ونبدأ بتخيل خطاب التكريم المجهز لنا، والطريقة التي سنخبر بها أهلنا أنَّنا كنا من الأوائل على الدفعة، والواقع أنَّنا لم ننجز بعد إلا جزءاً صغيراً من المقرر وأنَّ نشاطنا هذا سيبدأ بالتراجع ما إن نصل إلى نصف المقرر، وفي كل مرة يحدث الأمر نفسه.
أيضاً قد يكون من أهدافنا إنقاص وزننا، نفقد القليل من الوزن ونشعر بالرضى؛ لكنَّنا بعد فترة نتخاذل قليلاً، فيدفعنا شعور الرضى الذي حققناه في وقت ما إلى إعادة تعيين وقت آخر لتنفيذ الهدف، ونشعر بأنَّنا قادرون على الالتزام بالخطة وتحقيقها.
المشكلة دائماً تكون في أنَّنا في حالة متلازمة الأمل الكاذب يكون تركيزنا على النتائج، بدلاً من كيفية تحقيقه، ويفسر الأمر على أنَّ مشاعر الرضى التي شعرنا بها في البداية قد جلبت معها مشاعر كبيرة من التفاؤل تسيطر على الإنسان وتجعله يشعر بأنَّه قادر على تحقيق هدفه وأكثر، لكن سرعان ما يُصدم بالواقع ليكتشف أنَّه لن يتمكن من ذلك.
تترتب على متلازمة الأمل الكاذب نتائج سلبية عديدة وعواقب نفسية سيئة وسنذكر فيما يأتي أكثر هذه النتائج انتشاراً:
يحدث الفشل كما أسلفنا بسبب التفاوت الكبير بين إمكانات الشخص وبين توقعاته، وبسبب عدم منطقية الأهداف وعدم القدرة على تحقيقها؛ إذ تُعدُّ التوقعات المبالغ فيها، والثقة المبالغ فيها من الأمور الجوهرية لمتلازمة الأمل الكاذب؛ فالنتيجة الطبيعية للأهداف غير الواقعية هي الفشل.
الفشل المتكرر يؤدي إلى تدني احترام الشخص لنفسه، فيشعر بالعجز وعدم القدرة على تحقيق ما يسعى إليه.
على الرَّغم من النتائج السلبية لمتلازمة الأمل الكاذب توجد أيضاً بعض النتائج الإيجابية، مثل الثقة بالنفس التي قد تنقذنا من بعض الإحباطات والمواقف السيئة.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح للتخلص من مشاعر الخوف من الفشل
الأمل إن لم يكن مقترناً بالسعي الجاد والحقيقي إلى التغيير ليس أملاً حقيقياً؛ بل هو كما ذكرنا لا يتعدى كونه أملاً كاذباً ومزيفاً، حبة مسكن تحتال بها على وجعك؛ لكنَّك تعرف جيداً، أنَّ لا شيء سيتغير؛ لذلك يجب أن تبدأ بالفعل العمل على تغيير نظرتك هذه إلى الأمل.
فيما يأتي مجموعة من النصائح التي ستساعدك على التخلص من متلازمة الأمل الكاذب:
يجب أن ندرك جيداً أنَّ قيمة الأمل تأتي من الأثر الذي يتركه والتغيير الذي يُحدثه في حياتنا؛ فالأمل إن لم يكن مصحوباً بالعمل الحقيقي والسعي الجاد ليس أكثر من أوهام تجعلنا نشعر بالسعادة، لكن مؤقتاً ودون أي إنجاز حقيقي، وحتى يكون أملنا قابلاً للتحقيق يجب أن نسعى إلى أن تكون أهدافنا متطابقةً مع مهاراتنا وقدراتنا، فلا نبالغ ولا نبحث، نظرة موضوعية ومنطقية فقط ستكون كافية لنختار الهدف الذي نستطيع تحقيقه، وكل مرة نستطيع أن نرفع السقف قليلاً حتى نصل في النهاية إلى حلمنا الحقيقي ونقضي على متلازمة الأمل الكاذب التي جمَّدتنا لسنوات في مكاننا.