الخوف من التفرد: أسبابه وطرق علاجه

الخوف من التفرد: أسبابه وطرق علاجه
(اخر تعديل 2024-05-08 05:07:15 )
بواسطة

هل تنقاد لأفكار الآخرين وسلوكاتهم؟

هل تسير خلف القطيع دون أدنى تفكير أو محاكمة عقلية؟ وهل تحاول الحفاظ على عقل متفتح؟

يجاهد الناس أنفسهم للحفاظ على عقل متفتح، بيد أنَّ معظمهم يسير خلف القطيع لأسباب عديدة، ويميل معظمنا بالفطرة إلى الخضوع والحاجة إلى الانتماء، وإنَّ سعينا إلى الحصول على القبول والاستحسان من أقراننا ومجتمعاتنا متأصل في طبيعتنا الاجتماعية، ولكن إذا أردنا التميز، فعلينا التحلي بدرجة معينة من الانضباط الذاتي، وتقودنا هذه الرغبة الفطرية إلى تبنِّي معتقدات الغالبية العظمى وآرائها وسلوكاتها حتى لو كانت في بعض الأحيان لا تتوافق مع أفكارنا وقيمنا.

يقضي الخوف من التميز أو التعرض للانتقاد على التفكير النقدي ويمنعنا من استكشاف وجهات نظر بديلة، ونحن نسعى إلى الحصول على معلومات تؤكد معتقداتنا ونرفض الأدلة التي تدحضها، ويدفعنا هذا التحيز إلى إحاطة أنفسنا بأناس يفكرون مثلنا أو الإصغاء إلى وسائل الإعلام التي تؤيد وجهات نظرنا، وهذا السلوك بدوره يقوي نزعتنا للسير خلف القطيع ويحرمنا من الاطلاع على وجهات نظر مختلفة.

5 أسباب للخوف من إظهار التفرد:

1. الخوف من الرفض والنقد:

أحد أهم أسباب خوف الناس من إظهار تفردُّهم هو خشيتهم رفض الآخرين لهم وانتقادهم، فنحن مخلوقات اجتماعية بطبيعتنا، ونسعى إلى القبول والاندماج في مجتمعاتنا، وخروجنا عن الأعراف المجتمعية أو التعبير عن أفكارنا الأصلية يعرِّضنا للنقد أو الإقصاء.

الخوف من التفرد

يقودنا هذا الخوف إلى الإذعان لتوقعات الغالبية العظمى وسلوكاتها، وهذا ما يهمش تفردُّنا، لذا إذا كنت ترغب في وضع بصمتك في الحياة، وعيش حياة أشمل، وتوسيع مداركك خارج قيود ظروفك الحالية، فعليك تنمية التفرُّد والتوقف عن الإذعان للآخرين والخوف من رفضهم ونقدهم، ليس عليك أن تتبع القادة، فأنت قائد بتفرُّدك وتميُّزك.

2. الارتياح للمألوف:

يسير المرء على هوى عاداته، ويشعر بالأمان والطمأنينة في كل شيء اعتاده وألفه حتى لو لم يكن فيه خير له، فتراه يسير خلف القطيع وينصهر فيه لكي لا يمضي وحده في طريق مجهول؛ إذ يؤدي بُغض التغيير هذا والتمسك بالمألوف إلى طمس هويتنا، ويثنينا عن خوض المخاطر واغتنام الفرص.

3. المقارنة الاجتماعية والشك الذاتي:

المقارنة الاجتماعية المستمرة هي عامل آخر يقف في وجه التفرد والتميز، وتقودنا الرغبة في الاندماج والخوف من عدم القدرة على مجاراة الآخرين إلى تبنِّي أفكارهم وكبت بنات أفكارنا، ويُضعف هذا السلوك تفرُّدنا ويمنعنا من التفكير بحرية ودون خوف؛ إذ تُقوِّض مقارنة أنفسنا بالآخرين ثقتنا بأنفسنا وتقوي شكَّنا في ذواتنا، وهذا يسهِّل استسلامنا لآراء الآخرين ويعزز ميولنا للإذعان؛ لذا لا تلقِ بالاً لآراء الآخرين بك ولا لما يقولونه عنك، وصحيح أنَّ هذا صعب، ولكن لا بد من تطبيقه إذا أردتَ النجاح في حياتك.

4. الخوف من الفشل:

غالباً ما يصاحب الخوف من الفشل الخوف من التميز، وذلك أنَّ التميز يلزمه الإقدام على المخاطر والتصالح مع احتمال الفشل، فيتجنَّب معظم الناس هذا الفشل المحتمل باتباع أساليب آمنة والسير خلف القطيع، ولكن إذا أردت التميز، فاعلم أنَّ الفشل جزء أساسي من النمو والابتكار، وأنَّك لن تنجح ما لم تخاطر.

5. جهل الذات:

في عالم يسير بخطى متسارعة وتشتد فيه المنافسة، قد يفقد الناس الصلة بذواتهم الحقيقية؛ إذ يؤدي الضغط الناجم عن حاجة الأفراد إلى التزام الأعراف والتقاليد المجتمعية إلى كبت تفرُّدهم وصرف انتباههم عن اكتشاف اهتماماتهم وشغفهم وقيمهم، وبالنتيجة يعيشون حياة مملة لا إبداع فيها ولا إثارة، فإذا لم تعرف نفسك حق المعرفة وتسبر أغوارها، فلن تستطيع إظهار تفرُّدك أبداً.

التغلب على الخوف وإظهار التفرُّد:

اعلم أنَّ العقل ليس له حدود، وأنَّك تستطيع التغلب على ظروفك والأفكار والمعتقدات التي تقيد إبداعك، إليك بعض الطرائق التي تساعدك على اختيار طريقك بنفسك، والحفاظ على عقل متفتح، وإظهار تفرُّدك:

1. تعزيز قبول الذات والثقة:

تعزيز قبول الذات والثقة أمر هام جداً لإظهار التفرد، لذا أدرك أنَّ كل شخص لديه نقاط قوة ونقاط ضعف، ووجهات نظر مختلفة، فعندما تعزز ثقتك بنفسك يسهل عليك إظهار تفرُّدك والتصرف على سجيتك.

شاهد بالفيديو: صفات الشخصية المتفردة وطرق التعامل معها

2. تحدي المعتقدات المُقيِّدة:

حدد المعتقدات المقيدة التي تمنعك من إظهار تفرُّدك، وأجرِ محاكمة منطقية، واستكشف القصص التي ترويها لنفسك عن حاجتك إلى الإذعان، وقيِّم مدى صحتها، واعلم أنَّ النمو الحقيقي وإحراز التقدم يستدعيان الخروج من منطقة راحتك.

3. اختيار الصحبة الصالحة:

ابحث عن المجموعات أو المنتورز أو الأصدقاء الذين يشجعون التفرد ويحتفون به؛ إذ توفر لك البيئة التي تقدر الإبداع وتنوع وجهات النظر الدعم والتحفيز اللازمَين للتعبير عن تفرُّدك.

4. ممارسة اليقظة الذهنية والتأمل الذاتي:

مارِس التأمل الذاتي بانتظام لتفهم قيمك وشغفك وتطلعاتك فهماً أعمق؛ إذ تجعلك ممارسة اليقظة الذهنية مثل التأمل، أكثر وعياً بأفكارك وعواطفك، وهذا يتيح لك اتخاذ خيارات واعية تتفق مع ذاتك الحقيقية.

5. تقبُّل الفشل والتعلُّم من النكسات:

تقبُّل الفشل بوصفه فرصة للنمو هو أمر هام جداً، واعلم أنَّه لا محيص عن النكسات والأخطاء، ولكن فيهما دروس وعبر، لذا كن مرناً وثابر واجتهد لتتغلب على التحديات وتمضي في طريقك نحو التفرُّد.

6. تنمية الانضباط الذاتي:

يساعد الانضباط الذاتي الأفراد على السيطرة على ردود أفعالهم وسلوكاتهم، ويُسهِّل عليهم توجيه أفكارهم وأفعالهم في الاتجاه الذي يريدونه؛ إذ توجد عدة تمرينات للانضباط الذاتي تساعدك على تطوير هذه المهارة.

في الختام:

إنَّ إظهار تفرُّدك ورفضك الإذعان على ما في ذلك من صعوبة، يُهيئ لك أسباب النجاح ويتيح لك عيش حياة هانئة ويسهم في الخير العام؛ لأنَّك بسلوكك هذا تشجع الابتكار والتقدم، وبمواجهة الخوف من التميز والحفاظ على عقل متفتح يمكننا إنشاء عالم يحتفي بالتنوع، ويشجع الأفراد على إطلاق العنان لطاقاتهم الكامنة، لذا ليس عليك قبول أفكار الآخرين وآرائهم، وإنَّما عليك احترامها وتقديرها، وأنت كذلك لديك الحق في حرية التفكير وإبداء الرأي دون خوف أو تردد، وبهذه العقلية ترى العالم كما هو في الواقع، ودون تحيُّز.