شعر عن الذكريات
أرجع زمان الأمس من صفحاتي
ما أجمل الأيام بعد فواتذكرى يعود إلى الفؤاد حنينها
دومًا إذا ذاق الفؤاد بآهاتزمن تولى من ربيع حياتنا
في ظله ما أجمل الأوقاتنلهو ونمرح والسعادة عندنا
ما أصدق البسمات والضحكاتنجري ونجري ليس ندري أنها
تجري بنا الأعمار في الساعاتونلاعب المطر الخفيف إذا أتى
وعلى اليدين تساقط القطراتنبكي ونضحك تلك حال طفولة
ونصدق الأفعال والكلماتما أجمل الأيام تمضي غفلةً
زمن الصفاء يمر في عجلاتوكبرت لكني صغرت لأنني
ما زال قلبي صادق النبضاتويدوم قلبي للوفاء ونبـضه
ولسوف تشهد بالوفا أبياتيبكيت على الشّباب بدمع عيني
فلم يغن البكاء ولا النّحيبفيا أسفًا أسفت على شباب
نعاه الشّيب والرّأس الخضيبعريت من الشّباب وكنت غضًا
كما يعرى من الورق القضيبفيا ليت الشّباب يعود يومًا
فأخبره بما فعل المشيبصديقي.. أحدِّثُك اليوم عن أجملِ الذكريات
بحثتُ عليهِنّ في كلّ دغلٍ وكلِّ فلاة
وفي مُدلهِمّ الدياجيرِ والظلُمات
وفي طرقٍ بعُدت عن ضياءِ الشعور
وبين القُبور
نبشتُ دهاليز مردومةً بغبار الزمانِ
فلم ألقهُنّ بأيّ مكانِ
وحين النعاسُ غزاني
أتين مع الحُلمِ دون توانِ
يُظلِّلُهُنّ كثيفُ الدُّخانِ
ويسبقُهُنّ العبير
جلسن أمامي على بُسُطٍ من زهور
فحيّين بالعبرات
تساقطن حزنًا على الوَجنات
فأينع وردٌ وتوتُ
وضوّع مِسكٌ فتيتُ
وران السكوتُ
كأنّا لُجِمنا بسحرِ اللقاء
فمثل اشتياقي إليهنّ كُنّ إليّ ظِماء
ورحتُ أقصّ عليهنّ ما قد لقيتُ
وما قد عرانيَ بعد الفراقِ من الحسرات
فقبّلنني بالتّأوِّهِ والزفرات
قصصن عليّ الذي ما نسيتُ
وأقسمن ألاّ يُفارقنني ما حييتُ
نعم يا صديقُ هي الذكرياتُ الجميلة
وإن رقدت خلف صمتِ الأحاسيسِ ليست تموتُ:
سنينُ الدّراسةِ، والعُمُرُ الأخضرُ
ربيعُ الحياةِ، وبستانُها المزهرُ
هي اليوم واحةُ عمري الظليلة
وكم كنتُ أنعتُها النّكد المُدلهِمّ ألا تذكُرُ..؟
فلم تكُ عندي سوى زمهريرِ العناء
وقيظِ الشّقاء
تعُبُّ وتأكُلُ من مقلتيّ الحُروفُ، ورأسي
تجولُ بهِ راجماتُ الصداعِ صباح مساء
تدقّ به ألفُ مِطرقةٍ ألفُ فأسِ
مضى كلّ ذلك دون انتِباه
كأن لم يكن من فُصولِ الحياة
ومرّ قطارُ الزمانِ وخلّف أثلامهُ في الجِباه
ولكن بِوُدٍّ وطيبه
أعاد لنا كلّ ما قد محاه
من أعمارنا ذكرياتٍ حبيبه
صديقي ودِدتُ
لو انّيَ لم أغدُ يومًا كبير
لو انّي بقيتُ صغير
وما زال كلُّ الذين عرفتُ
يُنادونني يا صغير
كأُمّي
تنادي صغيري ولا تلفِظُ اسمي
عِندَما خَدَّرَ الفَناءُ شَكاتى
وَسَقانى كُؤوسَهُ المُنسَياتِبَعَثَ الشِعرُ مِن لَدُنهِ نَسيماً
فائِحَ العِطرَ طَيِّبَ النَغماتِهَزَّ قَلعَ الصِبا فَأَيقَظَ فِكرى
فَهَفَت بى سَفينَةُ الذِكرَياتِفى خِضَمِّ الأَفكارِ تَطوى بى الوَقتَ
وَتَهفو إِلى ضِفافِ الحَياةِكُلَّما حاوَلَت لَهُنَّ رُجوعا
دَفَعتَها اللَجّاتُ مِنها إِلَيهارَقَصَت فى شِراعِها الريحُ حَتّى
حَطَّمَتهُ وَحَطَّمَت دَفتَيهارَحمَةً مِنكِ يا رِياحُ وَرِفقا
وَدَعيها وَمَن يَنوحُ عَلَيهافَلَهُ فى الحَياةِ كَالبَرقِ آمالٌ
تُساريهِ فى دُجى شاطِئَيها