كيف تتعامل مع الصدمات الثقافية أثناء السفر؟

كيف تتعامل مع الصدمات الثقافية أثناء السفر؟
(اخر تعديل 2024-05-10 06:14:14 )
بواسطة

كل مكان يملك قوانينه الخاصة، وعاداته، ولغته التي قد تكون غامضة على معظم الأشخاص من خارج هذا المكان، وسنتحدَّث في هذا المقال عن كيفية التعامل مع الصدمات الثقافية في أثناء السفر.

مراحل الصدمة الثقافية:

تعدُّ مراحل الصدمة الثقافية جزءاً أساسياً من فهم كيفية تأثير التغيير الثقافي في الأفراد الذين ينتقلون بين ثقافات مختلفة، وتؤثر هذه المراحل بشكل فريد في كل فرد، فكل شخص يواجهها بطريقة مختلفة، ومع ذلك، يمكن تلخيص هذه المراحل بشكل عام في أربع مراحل رئيسة:

المرحلة الأولى:

تشبه هذه المرحلة إلى حد كبير شهر العسل، وهذا ما يبدو عليه الأمر فيكون الفرد واقعاً في حب المكان الموجود به، فيكون مفتوناً باللغة، والثقافة، والطعام، والناس والطبيعة وكل شيء من حوله.

المرحلة الثانية:

تُعرَف هذه الفترة بمرحلة الإحباط في مواجهة الصدمة الثقافية، إذ يصبح كل شيء مؤلماً، وستفقد الشعور الذي كان خلال مرحلة شهر العسل، وستزداد التعقيدات بسبب حاجز اللغة، وتجد نفسك تحن إلى كل شيء في بلدك من مأكولات بلدك المحلية أو عاداتك التي من المستحيل العثور عليها.

ستظل هذه المرحلة مستمرة الظهور بشكل عشوائي طوال رحلتك، دون أن تعرف متى ستنتهي، وستشعر بأنَّها لن تنتهي أبداً، كما ستظل ملازمة لك، وكأنَّها تعاود الظهور في أوقات غير متوقعة، قد تبدأ خلال هذا الوقت بالشعور بالحنين إلى وطنك قليلاً، وربما تشعر ببعض الإحباط تجاه قرار السفر إلى الخارج.

المرحلة الثالثة:

عند الوصول لمرحلة التكيف، ستدرك أنَّ الحياة لا تتوقف عند أحد وستمضي، وعند إدراكك هذا تكون قد وصلت إلى مرحلة من الوعي والمسؤولية، وسيصبح التنقل في وسائل النقل العام أسهل.

كما ستتمكن بالفعل من إجراء محادثات قصيرة مع البائعين في الأسواق وتكوين صداقات؛ أي بمعنى آخر الانخراط في مجتمعهم والتكيف معهم، وستبدأ بالشعور بأنَّك جزء من هذا المجتمع، وهكذا ستكون بأول مراحل التغلب على الصدمات الثقافية في أثناء السفر.

المرحلة الرابعة:

تعد هذه المرحلة الأخيرة وتُعرَف بمرحلة القبول؛ أي إدراك أنَّ هذه هي الحياة في الخارج، وعلى الرغم من أنَّك قد لا تفهم كل شيء، أو حتى تحب كل شيء، لكن عند تقبُّل هذه الأمور ستكون قد وصلت إلى مرحلة من الوعي والنضج، فسوف تشعر بأنَّ هذه الأمور ليست غريبة، وقد تجد نفسك تتبنى بعض العادات والأذواق الجديدة.

يُظهِر فهم مراحل الصدمة الثقافية في أثناء السفر أنَّ التكيف مع بيئة ثقافية جديدة ليس مسألة بسيطة؛ بل إنَّ التي يجلبها الاندماج في ثقافة جديدة تتطلب صبراً وتفهماً عميقاً للعوامل المحيطة بالتفاعل الثقافي؛ وذلك من خلال التقبل والتعلم المستمر لثقافات البلد المضيف.

نصائح للتعامل مع الصدمة الثقافية:

بعد تعرُّفنا إلى مراحل الصدمة الثقافية سنذكر لكم في هذه الفقرة بعض النصائح للتعامل مع الصدمة الثقافية، وفيما يأتي خمس نصائح للنجاة منها:

1. افعل شيئاً واحداً صعباً يومياً:

يعد تحدي النفس من خلال أداء مهمة صعبة على الأقل من أفضل الاستراتيجيات المفيدة بالنسبة إلى الفرد، ويُفضَّل أن تكون المهمة اجتماعية، فقد تكون مجرد شراء البقالة، ولكن في أيام أخرى، يتطور الأمر إلى لقاءات مع الأجانب أو تناول العشاء مع زملاء العمل، وإنَّ التركيز المستمر على نمو الشخصية يمثل استراتيجية فعالة للتغلب على تحديات الصدمة الثقافية.

2. تحدَّث مع الآخرين:

أفضل وسيلة للتغلب على الصدمة الثقافية في أثناء السفر هي التواصل مع أفراد آخرين يشاركونك نفس التجربة، وعندما تتحدث معهم عن مشكلاتهم ومناقشة طرائق حلها، ومن خلال تقديم الدعم لبعضكم، فيتيح هذا التواصل فرصة الحصول على التعاطف والفهم الحقيقي لما يدور من حولك.

3. خصِّص وقتاً لنفسك:

يعد تخصص بعض الوقت لنفسك، وتذكُّر أهمية إيجاد لحظات هادئة في يومك أمراً هاماً، فمن الممكن القيام بقراءة كتاب، أو كتابة يومياتك، أو حتى الخروج للجري، وفي حال كنت تحتاج إلى الاسترخاء، فربما يكون من المفيد الاستمتاع بالهدوء في الحدائق أو الاستماع إلى تسجيلات موسيقية مريحة؛ وبهذه الطريقة، تكتسب مساحة للتفكير بما فعلت وما ستفعل في المستقبل.

4. عزِّز ثقتك بنفسك:

يعد تعزيز الثقة أمراً ضرورياً عندما يجد الشباب والمراهقون أنفسهم في بيئة جديدة بعيداً عن الأسرة والأصدقاء، فسوف يترتب عليهم التغلب على التحديات وحل المشكلات بأنفسهم، وإنَّ هذه الاستقلالية التي يتم تطويرها بشكل مستقل تمنح المراهقين شعوراً بالثقة مبنية على الإنجازات الشخصية.

5. تدرَّب على القبول:

كلما أسرعت في تقبل الصدمات الثقافية ومدى اختلاف كل شيء، أسرعت في العثور على ذاتك وشعرت بالاستقرار في موقعك الجديد، وستشعر كأنَّك في منزلك.

هكذا يتبين أنَّ التفاعل مع الصدمة الثقافية يعد جزءاً حيوياً من رحلة العيش في بيئة جديدة، فمن خلال وسائل متنوعة كتعلم اللغة وفهم الثقافة المحلية واكتساب المعلومات المسبقة، يمكن للفرد تجاوز التحديات بثقة وسهولة أكبر، بالاعتماد على الفهم العميق للعادات والتقاليد.

شاهد بالفيديو: لماذا يعد السفر والعيش في مكان آخر أمراً مفيدا؟

طرائق التخلص من الصدمة الثقافية:

يصبح التفاعل مع ثقافات جديدة ومجتمعات مختلفة أمراً ضرورياً ومفروضاً على الجميع؛ وذلك بسبب التحولات والتطورات المتسارعة في عصرنا الحالي، سواء كان ذلك بسبب السفر أم العمل، وسنتحدث في هذه الفقرة عن بعض طرائق التخلص من الصدمة الثقافية:

1. تعلُّم اللغة الأم قبل السفر:

يعد تعلم اللغة الأم للبلد المسافر إليه وسيلة بسيطة وفعالة بشكل لا يُصدَّق حتى يتكيف الفرد بسرعة مع أي ثقافة أخرى، وذلك للتخلص من الحاجة إلى التظاهر وتأدية أدوار غير حقيقية مع السكان المحليين.

من الطرائق الأكثر فاعلية لاكتساب اللغة الأم لبلد ما بسرعة، هي الانضمام إلى دورة لغة في أثناء وجودك في البلد أو الإقامة في بيت عائلة محلية.

يُظهِر الخبراء أنَّ فصل اللغة الأكاديمي يكون أكثر فائدة من الفصول الاقتصادية، كما يُطلَب في الجامعات بوصفه شرطاً أساسياً للقبول الدراسي، وهذا يتيح للطلاب الحصول على وحدات دراسية إضافية وفهم أفضل لمراحل صدمة الثقافة.

إضافة إلى ذلك، يظهر أنَّ تعلُّم القليل من اللغة الأم قبل وفي أثناء الإقامة في الخارج يساهم بشكل كبير في تسهيل عملية التكيف مع البيئة الثقافية المحيطة.

2. عدم سماع تجارب الآخرين السلبية:

لا تسمح لتجربة سيئة مع أحد السكان الأصليين بتغيير رأيك عن البلد بأكمله، فسوف تواجه تحديات مختلفة عند التفاعل مع السكان المحليين، وهذه التحديات قد تكون ناتجة عن سوء الفهم.

يعد حاجز اللغة بحد ذاته جداراً فاصلاً يمنع التفاهم بينك وبين السكان المحليين، وقد ينتج عن ذلك تفسير أي تصرف من قبل السكان بشكل سلبي، فمن الضروري البقاء منفتحاً وصبوراً ومحاولة التكيف، وبالأخص في حالات النزاع، التي من المفضل حلها بأقصى قدر من الفهم والوعي دون أن تترك الأفكار السلبية تؤثر في تصرفاتك وعقليتك.

لحل النزاعات البسيطة، يمكنك ببساطة الابتعاد، فلا تستحق تلك التجارب السلبية التافهة أن تؤثر في تجربتك الشاملة في الخارج، ولا تدع الصدمة الثقافية تقف أمام فرصة الدراسة في الخارج، فتوجد دائماً عدة طرائق لتجاوز هذه الصدمة والاستمتاع بتجربة السفر الفريدة.

3. قراءة الروايات والكتب عن تاريخ وثقافة البلد المضيف

حتى إذا كنت تجيد استخدام اللغة الأم في بلدك المضيف بشكل تقريبي، فلا تنسَ أنَّ ثمة جوانب أخرى من التعلم، وذلك عندما يتعلق الأمر بفهم الثقافة، فقبل مغادرتك، اغمر نفسك بقراءة الروايات وكتب التاريخ وكل ما يمكن العثور عليه عن البلد المضيف.

يمكنك أيضاً الاستفادة من مشاهدة بعض الأفلام التي قد تجدها في عدة مواقع وتطبيقات على سبيل المثال Netflix، فمن خلال البحث عن بعض الأفلام الوثائقية الأجنبية للبلد المضيف ستتعرف إلى ثقافة البلد.

سيمنحك هذا تفهماً أعمق يسهم في توجيه تفاعلاتك في بلدك الجديد وفهم ما يمكن توقعه عند التعامل مع الاختلافات الثقافية في الخارج.

في الختام:

لقد أدركنا أهمية فهم كيفية التعامل مع الصدمات الثقافية في أثناء السفر، وإنَّ القدرة على التأقلم والتفاعل بفاعلية مع بيئات جديدة تسهم بشكل كبير في تحسين تجربة السفر.

كما يظهر التفاعل والاحترام للعادات والتقاليد المحلية، والتعلم المستمر عن الثقافات الأخرى، والاستعداد لمواجهة التحديات، بوصفها أدوات قوية تمكننا من تجاوز الصدمات الثقافية، وبفضل هذه الاستراتيجيات، يمكننا تحويل هذه التحديات إلى فرصٍ للنمو الشخصي وتوسيع آفاقنا.