ما من أحدٍ آخر على استعداد لتقديم التضحيات التي تقدِّمُها كلَّ يوم، وهذا ما يجعل عالم ريادة الأعمال صعباً وغير منصفٍ؛ إذ تحتاج الشركات في مراحلها المبكِّرة إلى إحراز تقدُّم كبير بموارد محدودة، وقد يؤدي ذلك إلى مشكلات تنظيمية أكثرها شيوعاً هي:
يشبه إنشاء مشروع تجاري قيادة سيارة في مدينة مزدحمة؛ إذ ينتقل سائقو سيارات الأجرة من مسارٍ إلى مسار معظم الوقت ويقودون بسرعة وتهوُّر لإيصال الركَّاب إلى وجهتهم بأسرع وقت ممكن، وإن لم يقلُّوا أحداً بعد يقودون ببطء، لكن أيضاً بتهوُّر للبحث عن أيِّ ركاب محتملين، ناهيك عن الضجيج المستمر لصفَّارات إنذار سيارات الشرطة والإطفاء وشاحنات القمامة، وهذا وضعٌ جنوني.
الآن تخيل لو أُزيلت جميع الأضواء والمسارات ولافتات حدود السرعة وإشارات المرور، إضافة إلى تدفُّق المشاة والسيارات من كل حدب وصوب، ويجب أن تقود بأمان على الرَّغم من كلِّ ذلك، يصبح الأمر حالة من الفوضى، وتُعرَّف الفوضى على أنَّها حالة ارتباك واضطراب تام، أو عدم القدرة على التحكم بسلوك الأفراد وخط سير الأحداث، أو بمعنى آخر حالة غياب النظام.
هذا ما يعنيه أن تكون رائد أعمال بغياب الأدوات المناسبة للإدارة، وتصبح حينها ريادة الأعمال أشبه بالقيادة في مدينة مزدحمة دون أي مسارات أو حدود للسرعة أو لافتات توقف أو إشارات مرور.
شاهد بالفديو: 6 دروس ينبغي تعلّمها في الريادة من ستيف جوبز
لأنَّك إضافة إلى كونك الأكثر تفانياً، أنت أيضاً الأكثر عاطفية، والأكثر إرهاقاً، والأكثر مزاجية، والأكثر إحباطاً، وغيرها كثير؛ فغالباً ما يحدُّ الضغط والعاطفة والرهبة في كونك رائد أعمال من بصيرتك وقدرتك على ضبط سلوكك بما يساعد على تفادي إثارة الفوضى في بيئة العمل.
غالباً ما تكون الصفات التي ساعدتك على ابتكار المشروع من اندفاع وإبداع وثقة بالنفس، هي ذاتها ما يمنعك من تنفيذه على أرض الواقع.
أنت لست بحاجةٍ إلى إصلاح مئات المشكلات؛ وإنَّما تحتاج إلى إصلاح نفسك وحسب؛ ولا يعني هذا أنَّ ثمة خطب ما فيك، فمن الطبيعي أن تكون غارقاً في المسؤوليات، لكن ريادة الأعمال تعلُّمك التواضع؛ إذ يجب تعلُّم أن تكون رئيساً لنفسك لكي تتعلم كيف تترأس عملك وتديره إدارة صحيحة، وهذا ليس أمراً سهلاً.
من الصعب تقبُّل حقيقة أنَّك السبب في تخبط شركتك، لكن بمجرد الاعتراف بذلك، والانفتاح على التعلم وتحسين أدائك ونقاط ضعفك، ستنجز أشياء رائعة كثيرة.
تقبَّل هذه الحقيقة، وسوف تحرر إمكاناتك.
إنَّ وظيفتك هي إصلاح هذه المشكلات؛ ففي النهاية أنت القائد، ويجدر بك أن تدير الفوضى بصرف النظر عن الضغط أو العاطفة أو المتعة أو الألم أو نقص الخبرة أو الافتقار إلى البصيرة، لكن في أثناء قيامك بالعمل الشاق، تذكَّر أنَّك أنت أعظم أداة لديك لتحويل الفوضى إلى نظام، وتحقيق حلمك في الحياة ورؤيته ينمو بنجاح.