كيف تحافظ على مستوى أدائك المعتاد تحت وطأة ضغوط

كيف تحافظ على مستوى أدائك المعتاد تحت وطأة ضغوط
(اخر تعديل 2024-05-09 05:35:16 )
بواسطة

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن عالِمة النفس "أليسون بير" (Alison Beer)، وتُحدِّثنا فيه عن كيفية التغلب على ضغوطات العمل والمحافظة على مستوى الأداء المعتاد.

ما هو الاختناق:

تشرح عالمة النفس "سيان بيلوك" (Sian Beilock) مؤلفة كتاب "الاختناق" (Choke) المشكلة على الشكل الآتي: "يعبِّر مصطلح الاختناق عن مستوى أداء أدنى من المعتاد والمتوقع من الموظف بحسب قدراته ومهاراته، وهو يحدث نتيجة الضغوطات التي تفرض عليه مستوى أداء معيَّناً".

سبب ظاهرة الاختناق:

تشرح الباحثة "أليسون وود بروكس" (Alison Wood Brooks) الحائزة على شهادة الدكتوراه في "كلية هارفارد للأعمال" (Harvard Business School) أنَّ الضغوطات تؤدي إلى تحسين أداء العاملين وتحفيزهم على استثمار كامل إمكاناتهم ومهاراتهم عندما تكون ضمن حدود مقبولة، ولكنَّها تؤدي إلى تخفيض مستوى الأداء عندما تكون شديدة وغير محتملة.

يعود هذا الانخفاض في مستوى الأداء إلى السلوكات التي يلجأ إليها الفرد لتخفيف شعور القلق مثل التسويف، ويحدث الاختناق عندما يتجاوز مستوى الضغط النفسي قدرة الموظف على الاحتمال؛ إذ تختلف شدة الاستجابة للمواقف العصيبة والضغوطات العالية من فرد لآخر، ما يعني أنَّ الإجهاد الوظيفي ينجم عن طريقة تعاطي الفرد مع الضغوطات التي يتعرض لها.

تأثير المعتقدات والتوقعات في أداء العمل:

يتأثر أداء الفرد في تقييمه لقدراته والنتائج التي يتوقع أن يحققها، وتنجم المعتقدات التي تؤثر في أداء العمل عن المصدرين الآتيين:

1. العقلية الحاكمة:

تشرحُ الأستاذة في "جامعة ستانفورد" (Stanford University) ومؤلفة كتاب "العقلية: علم نفس النجاح" (Mindset: The Psychology of Success) "كارول دويك" (Carol Dweck) أنَّ المعتقدات الصادرة عن كل من العقل الباطن والواعي تؤثر في الجهد الذي يبذله الفرد في تنمية مهاراته وقدراته، وقد صنَّفت نتائج أبحاثها العقلية الحاكمة لسلوك الأفراد في نوعين: عقلية ثابتة وأخرى نامية.

يعتقد أصحاب العقلية الثابتة أنَّ قدراتهم، ومستوى ذكائهم، ومواهبهم ثابتة وغير قابلة للتطوير، كما أنَّهم يميلون لتجنب الصعوبات، ويخشون اقتراف الأخطاء، ويركزون على تحقيق نتائج عالية الجودة، ويعدون الفشل مؤشراً على تدني مستوى مواهبهم وقدراتهم الفطرية، في حين يؤمن أصحاب العقلية النامية بقدرتهم على تنمية مواهبهم ومهاراتهم وإمكاناتهم، فضلاً عن ميلهم لخوض التحديات، والاستفادة من التغذية الراجعة في تحسين أدائهم.

يميل أصحاب العقلية النامية إلى خوض التجارب التي تتجاوز مستوى قدراتهم ومهاراتهم لكي يتعلموا منها ويطورا أنفسهم حتى لو كانت محتومة بالفشل؛ بل إنَّهم يفضلون هذه التجارب على الفرص السهلة التي يمكنهم النجاح في استثمارها بكل سهولة دون أن يضطروا لبذل مجهود إضافي أو لتنمية مهاراتهم وقدراتهم.

2. الأحكام المتوقعة:

يتأثر مستوى أداء العمل في ردود الفعل المتوقعة من الآخرين، وقد بينَت الأبحاث العلمية أنَّ الخوف من التقييمات السلبية يجعل الفرد العامل أكثر عرضة للاختناق الوظيفي؛ أي يمكن أن يعاني الفرد من حالة الاختناق بسبب الخوف من تقييم أدائه وانتقاده.

إنَّ القدرة على تأدية المهام بالجودة المطلوبة تحت وطأة الضغوطات والظروف المجهدة هي واحدة من أهم المهارات التي ينبغي تنميتها.

تجربة اختناق شخصية:

دخلتُ مجال التدوين في الآونة الأخيرة بناءً على شغفي ورغبتي الشخصية، وإنَّه قرار أجَّلته لفترة زمنية طويلة بسبب خوفي من الفشل؛ إذ تملَّكني الذعر عندما نشرتُ مقالاً في إحدى مجموعات "فيسبوك" (Facebook) للحصول على تغذية راجعة من الخبراء متوقعةً أسوأ الاحتمالات الممكنة، ولكن لحسن الحظ لاقى المقال استحسان الجمهور وتلقيتُ تغذية راجعة إيجابية دحضَت كافة مخاوفي وتوقعاتي السلبية، كما تلقيتُ دعوتين للكتابة في مدوَّنتين شهيرتين.

كنت سعيدة ومتحمسة جداً، وأردتُ أن أبذل ما بوسعي لأقدم أفضل ما عندي، وهنا بدأت مشكلة الضغط، ومن ثم حاولتُ جاهدةً أن أختار موضوعاً مفيداً للقراء، ولكن عبثاً لم يخطر ببالي أي فكرة، وكنت على وشك التعرض للاختناق، ومن ثم حدث موقف ساعدني على إدراك حالة الضغط التي سيطرت علي.

أرسلت لي صديقتي رابط مقالها الجديد، فأجبتها مازحةً بأنَّني أشعر ببعض الغيرة والحسد من شدة إعجابي بالمقال، وردت عليَّ مازحةً بدورها: "لا تقلقي، يمكنني أن أعلمك مبادئ الكتابة". وأدركتُ في تلك اللحظة أنَّ المهارات بالفعل قابلة للتطوير والتنمية، ولا يعني التعرض للصعوبات أنَّني أفتقر لموهبة الكتابة.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح لتقديم تغذية راجعة بناءة ومؤثرة

نقلة نوعية حصلت معي:

كنت أعتقد باطنياً أنَّ نجاح مقالي الأول لا يعدو كونه مجرد صدفة لن تتكرر مجدداً، وذلك على الرغم من إيماني بقدرة الإنسان على تنمية مهاراته ومواهبه في عقلي الواعي، واكتشفتُ وقتئذٍ أنَّني المسؤولة عن شعوري بالضغط، وبدأتُ أنظر للدعوة من زاوية مختلفة كلياً، ومن ثمَّ قررتُ أن أتعاملَ مع الدعوة على أنَّها فرصةً لتطوير مهاراتي، وتنمية موهبتي بالكتابة بدلاً من أن أركزَ على تجنب الفشل.

اقرأ أيضا: ملخص كتاب "الموهبة وحدها لا تكفي أبداً" للكاتب جون سي ماكسويا

الختام:

في نهاية المطاف، من الضروري أن تتذكر أن الصحة النفسية والجسدية أهم من أي شيء آخر. لذا، يجب عليك العناية بنفسك والاسترخاء بانتظام لتحافظ على مستوى أدائك المعتاد تحت ضغوط العمل. لا تنسى أن تستمع إلى جسدك وعقلك، وتعطيهما الاهتمام والراحة التي يحتاجانها لتحقيق أقصى إنتاجية ونجاح في حياتك المهنية.