أهم عادة عمل للروائي إرنست همنغواي: توقَّف عن

أهم عادة عمل للروائي إرنست همنغواي: توقَّف عن
(اخر تعديل 2023-07-27 06:36:17 )
بواسطة

فمن خلال القراءة عن الأشخاص الذين أبدعوا في مجالاتهم، ستتعلَّم كثيراً عن كيفية إنجازهِم للعمل، ويُعدُّ كتاب "الطقوس اليومية" (Daily Rituals) للكاتب ميزن كاري (Mason Curry) عملاً رائعاً تستقي منه الإلهام عن عادات الأشخاص المثيرين للاهتمام.

من المؤكد أنَّ كل من حقق شكلاً من أشكال النجاح حققه من خلال العمل؛ لكنَّ العمل يمكن أن يتمَّ بطرائق مختلفة؛ فمعظم الناس تقريباً لديهم عادات وإجراءات عمل مختلفة، وما يُناسب بعضهم، قد لا ينجح مع بعضهم الآخر.

كما قد تُلاحظ كثيراً من أوجه الشبه بينهم، وأنَّ لديهم عادات خاصةً بهم في الوقت نفسه، وعلى سبيل المثال، يتحدَّث الفنان آندي وارهول (Andy Warhol) في كتابه "فلسفة آندي وارهول" (The Philosophy of Andy Warhol) عن جولة له في مدينة نيويورك في أيام الأحد الممطرة، كان هذا واحداً من الأمور المفضلة بالنسبة إليه، والذي ساعده على ابتكار أفكار جديدة ومنحَه الإلهام.

كان وارهول شخصيةً مثيرةً للاهتمام، وفريداً من نوعه؛ لكنَّ حاله كان أيضاً مثل حالِ الجميع، فكانت لديه عيوبه؛ إذ وظَّف أشخاصاً لكتابة كتبه على سبيل المثال.

كان الروائي إرنست همنغواي (Ernest Hemingway) الشخص الوحيد الذي لم يكن مضطراً للقيام بذلك، فهو ليس فقط أحد الكتَّاب العظماء؛ بل كانت لديه أيضاً عادةُ عمل تشاركَها مع كُتَّابٍ آخرين قدموا أعمالاً رائعة، ومن أهم الدروس التي قد تعلَّمتها من همنغواي ما يأتي:

"توقف دائماً في ذروة إنجازك، ولا تفكر في الأمر أو تقلق بشأنه حتى تبدأ الكتابة من جديد في اليوم التالي، بهذه الطريقة سيعمل عقلك الباطن على الفكرة طوال الوقت، لكن إذا فكرت في الأمر بوعيٍ أو قلقت بشأنه، ستقتل الفكرة وسيُصاب عقلك بالتعب قبل أن تبدأ".

هذا مقتبسٌ من كتاب "همنغواي والكتابة" (Hemingway on Writing) للكاتب لاري دبليو فيليب (Larry W. Phillip)، ويُعدُّ أحد أهم الكتب التي تتناول مهارة الكتابة، ومصدرَ إلهام رائعاً فيما يخصُّ عادات العمل.

معرفة الوقت المناسب للتوقف:

هل اختبرت ذلك الشعور حين يجب عليك إنجاز العمل لأنَّ لديك موعداً نهائياً، فتستمر بالعمل عليه، وتواصل التفكير في الموضوع حتى عندما تتوقف.

تكمن مشكلة الانغماس في العمل بأنَّه يأتي بنتائج عكسية؛ إذ تلتزم بعملك بجديةٍ مبالغ بها، فتأخذ عملك إلى المنزل أيضاً، وتُقحمه في حياتك الشخصية، وهذا ما يؤثِّر سلباً في حضورك بين أفراد أسرتك، والأهم من ذلك، أنَّك تُرهق نفسك بالتفكير به بشكل دائم، ما يجعلك تفقد الدافع.

بدلاً من ذلك، توقَّف عن العمل في ذروة يومك، كما يقول همنغواي: "توقف عندما يكون إنجازك بأعلى مستوياته"، وقد يكون هذا من أصعب الأمور التي عليك تعلُّمها.

هل سبق لك أن شاهدت فيلماً وفكرت عندما انتهى بأنَّه استغرق وقتاً طويلاً؟ هذا ما تفعله عندما تعمل أكثر من اللازم في أيِّ يوم من الأيام؛ لكنَّ البراعة تكمن بالتوقف تماماً عند النقطة التي تفكر فيها أنَّك تستطيع العمل لساعةٍ إضافية، أو كتابة 500 كلمة أخرى، أو كتابة فصل آخر من التقرير، أو إنهاء تصميم آخر، أو الرد على 10 رسائل بريد إلكتروني إضافية.

إيَّاك أن تفعل ذلك، واتركه ليومِ غد؛ لأنَّك دائماً ما ستكون منشغلاً بأمر ما في هذه الحالة، كما أنَّ من السهل المتابعة من حيث توقفت في اليوم السابق.

شاهد بالفيديو: 7 استراتيجيات للتعافي من إرهاق العمل

كيف تتوقف عن التفكير بشأن العمل؟

يتضمَّن كتاب فيليب "همنغواي والكتابة" اقتباساً مثيراً للاهتمام يوضِّح وجهة نظر همنغواي حيال الأمر: عندما سُئل همنغواي: "كيف تستطيع تجنُّب القلق؟" كان جوابه: "بتجاهُل الأمر، وبمجرد أن تبدأ في التفكير به، توقّف وفكّر في أمرٍ آخر، عليك أن تتعلم ذلك".

كان همنغواي رجلاً عملياً، لكن بصراحة، ما من حل سحري للتوقف عن القلق والتفكير، والطريقة الوحيدة لمعالجته من وجهة نظر عملية تكمن بتعلُّم كيفية التوقف عن التفكير عندما لا يكون مفيداً.

إذا كان التأمل أو القراءة أو الجري قد يُساعدك؛ افعل ذلك، وبصرف النظر عن الوسيلة التي تستخدمها، فمن الهام أن تُركِّز على ذات الهدف دائماً، وهو التوقُّف عن التفكير حين لا يُجدي ذلك نفعاً.

في الختام:

جرِّب طريقة همنغواي هذه، والأمر سهل للغاية؛ فحدسُك ينبئك أنَّك في ذروة يومك، وهو الصوت الوحيد الذي عليك الإصغاء إليه، وعند هذه النقطة، توقَّف.

انظر إلى حياتك بوصفها فيلماً، هل تريده حقاً أن يطول وهو مملٌ بهذا الشكل؟ بالطبع لا، فالمُخرِج الجيد يعرف متى يتوقف، والأمر ينطبق عليك كذلك.