ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتُقدِّم لنا فيه بعض النصائح لتخطي حاجز الخجل عند الحديث أمام جمع من الناس.
كان دوري في وظيفتي التالية يتركَّز بأكمله على التحدُّث أمام مجموعات صغيرة تصل إلى عشرة أشخاص كلَّ يوم؛ إذ كنت حينها أُشرف على مجموعات ضمن برامج للعلاج السلوكي المعرفي، ولم يكن يوجد سحرٌ جعلني فجأة قادرةً على فعل ذلك.
كنت ما أزال في البداية متوترة للغاية؛ لكنَّ الرغبة في الوظيفة أعطتني الدافع للمحاولة؛ لذا إن كنتَ ترغبُ في رفع ثقتك في نفسك في أثناء التحدُّث أمام الجمهور لا يمكنك الانتظار حتى تشعر بمزيد من الثقة؛ وإنَّما سوف تبني ثقتك في نفسك تدريجياً بعد ذلك؛ لذا انتهز الفرص للتحدُّث إلى المجموعات بانتظام؛ بدءاً بمجموعة صغيرة.
هل توجد مساحة لتقديم تقرير في أثناء الاجتماع الأسبوعي لفريقك؟ أو تدريب بعض الموظفين الجدد؟ أو التحدُّث إلى مجموعات من الطلاب عن طبيعة عملك؟
ثاني أهم شيء حدث لي هو أنَّني مع مضي الوقت وازدياد خبرتي اكتشفتُ أنَّه لم يحدث شيء فظيع في أثناء خطاباتي، حتى لو نسيت لوهلة ما أريد قوله أو تلعثمت من وقت إلى آخر لطالما كنتُ قادرةً على الاستمرار، ولم أمُت، ولم يكن الأمر يعنيني في اليوم التالي؛ وبذلك تعلَّم عقلي أنَّه ليس من الضروري أن أشعر بالقلق الشديد قبل التحدُّث أمام الناس؛ لأنَّ احتمال الفشل الذريع ضئيل جداً.
لكنَّ هذا لا ينجح على المستوى الفكري وحده؛ إذ يمكنك أن تقول لنفسك إنَّه لا يوجد ما تخشاه، أو أن تتخيَّل الجمهور بمظهر مضحك، أو أيٍّ من الحيل المعتادة للتحدُّث أمام الجمهور؛ لكنَّ عقلك لن يقتنع بذلك؛ فمثل أيِّ رهابٍ آخر سوف تتعلم فقط أن تكون أقلَّ خوفاً حين تواجه الموقف المخيف مراراً دون حدوث أمرٍ سيئ، ومع التحدُّث بانتظام قلَّلَت هذه المعرفة من مقدار القلق الذي عانيتُه إلى حد كبير تدريجياً.
شاهد بالفيديو: 8 نصائح تساعدك على التحدث أمام الجمهور دون قلق
يواجه معظمنا حالة من القلق حين يضطرون إلى التحدُّث أمام الآخرين مهما اعتادوا ذلك، إنَّه خوف طبيعي أن نشعر بالقلق بشأن كيفية معاملتنا مع الآخرين، كما يُعرِّضنا التحدُّث أمام الآخرين لأحكام الناس؛ لذا بالطبع نشعر بالضعف؛ لكنَّ الهام هو أنَّ لا بأس بالشعور بالتوتر، وإلقاء الخطاب على الرغم من ذلك؛ إذ يحدث ذلك للجميع، ولا يجب أن تدع مشاعرك تملي عليك أفعالك.
في معظم الحالات نبدو أقلَّ قلقاً في نظر الآخرين ممَّا نحن عليه في الحقيقة، ونادراً ما يُطابِق مظهرنا وملامحنا ما نشعر به داخلنا، وبالعودة إلى النقطة السابقة فإنَّ معظم الأشخاص الذين حضرتُ خطاباتهم كانوا يشعرون بالتوتر، ولكن هل لاحظتُ ذلك حقاً؟ على الأرجح لا، وعلى الرَّغم من ارتعاش أيديهم أو ارتعاش أصواتهم من وقت إلى آخر، ولكن حتى لو لاحظنا تلك الارتعاشات الصغيرة هي ليست العنصر الرئيس الذي نتلقاه؛ فنحن حاضرون للتركيز على المعلومات التي نتلقاها ومعالجتها، وليس للقلق حيال شكل المتحدث أو شعوره.
عادةً ما تزيد شدَّة قلقي قبل التحدُّث أمام الجمهور حتَّى يومنا هذا، وقبل موعد الخطاب بقليل أشعر بأنَّني بخير تماماً، وأؤمن بأنَّني لن أكون متوترة هذه المرة، وأنَّني تحررت من الأمر أخيراً، ولكن قبل خمس دقائق من التحدُّث يبدأ شعور القلق، ويبلغ ذروته حين أقف أمام الناس في بادئ الأمر، ثمَّ بطريقة عجيبة بعد دقيقة أو دقيقتين من الحديث يبدأ القلق بالتلاشي، فأتوقف عن التركيز على نفسي وعلى مخاوفي، وينتقل تركيزي إلى الرسالة التي أحاول إيصالها.
إذا كنت ترغب في بناء ثقتك للتحدُّث أمام الجمهور، فعليك تحدي نفسك والقيام بذلك من وقت إلى آخر، حتماً ستشعر بالتوتر؛ إذ يحدث ذلك للجميع، ولكن سوف يتحسن الأمر كلَّما فعلت ذلك؛ لذا فإنَّ تقبُّل ذلك واجتياز المحادثات الأولية المحطِّمة للأعصاب سيساعدك على التحدُّث أمام الجموع بصورة أكثر راحة حين تحتاج إلى ذلك لاحقاً.