في هذا المقال سوف نستكشف بعض الخطوات العملية التي يمكنك اتخاذها لتصبح أكثر استقراراً من الناحية النفسية، مثل تطوير مهارات اليقظة، والانخراط في التمرينات المنتظمة، والبحث عن الدعم الاجتماعي، وتعلُّم مهارات التأقلم الفعَّالة، وممارسة الرعاية الذاتية، ومن خلال دمج هذه الاستراتيجيات في روتينك اليومي، يمكنك تطوير قدر أكبر من الاستقرار العاطفي، وتحسين شعورك العام بالرفاهية، وتنمية حياة أكثر استقراراً وإشباعاً، فإذا كنت من المهتمين فتابع معنا.
يشير مفهوم الاستقرار النفسي والمعروف أيضاً باسم الاستقرار العاطفي إلى القدرة على الحفاظ على حالة عاطفية مستقرة ومتَّسقة بصرف النظر عن الظروف الخارجية أو الضغوطات التي نتعرض لها، وهو أيضاً حالة من الرفاهية العاطفية والعقلية، تتميَّز بإحساس بالهدوء، والمرونة، والقدرة على التعامل بفاعلية مع الإجهاد والتحديات.
الأشخاص الذين يتمتعون بالاستقرار النفسي قادرون عموماً على الحفاظ على مزاج جيد وإيجابي نسبياً حتى في مواجهة الظروف الصعبة، ولديهم شعور بالسيطرة على عواطفهم وسلوكاتهم، وهم قادرون على تنظيم ردود أفعالهم تجاه المواقف المختلفة، ويميلون إلى امتلاك نظرة إيجابية للحياة، ويكونون قادرين على إيجاد المعنى والهدف في تجاربهم.
يتميَّز الاستقرار النفسي أيضاً بإحساس بالوعي الذاتي، والقدرة على تحديد وإدارة عواطف المرء، والأشخاص المستقرون نفسياً قادرون على التعرُّف إلى تجاربهم العاطفية والاستجابة لها بطريقة صحية وقابلة للتكيف.
يمكن أن يحسِّن الاستقرار النفسي الصحة العقلية لعدة أسباب، أهمها:
يميل الأفراد المستقرون نفسياً إلى الشعور بمشاعر أقل سلبية؛ مثل القلق، والاكتئاب، والغضب، وهم أكثر قدرة على تنظيم عواطفهم والتعامل مع الضغوطات، وهذا يقلِّل من احتمالية الإصابة بمشكلات الصحة العقلية.
يميل الأشخاص المستقرون نفسياً إلى امتلاك استراتيجيات أفضل للتعامل مع المواقف الصعبة، وهم أكثر عرضة للانخراط في حل المشكلات، وطلب الدعم من الآخرين، وهذا يمكن أن يقلِّل من تأثير الضغوطات في صحتهم العقلية.
يميل الأفراد المستقرون نفسياً إلى زيادة احترام الذات، والشعور بتقدير الذات، وهذا يمكن أن يحميهم من تطور مشكلات الصحة العقلية، ويساعدهم على التعافي بسرعة أكبر من النكسات.
يرتبط الاستقرار النفسي بمزيد من المرونة، وهذا يشير إلى القدرة على التعافي من الشدائد، فالأفراد المستقرون نفسياً هم أكثر استعداداً للتعامل مع تقلبات الحياة التي يمكن أن تحميهم من تطور مشكلات الصحة العقلية.
يميل الأشخاص المستقرون نفسياً إلى الحصول على شبكات دعم اجتماعي أفضل التي يمكن أن توفِّر حاجزاً ضد الإجهاد، وتحسين نتائج الصحة العقلية، ومن المرجح أن تكون لديهم علاقات قوية مع الأصدقاء والعائلة توفِّر لهم الدعم العاطفي في الأوقات الصعبة.
شاهد بالفيديو: 8 تصرفات لا يفعلها الأشخاص الأقوياء عاطفياً
يمكن أن يحسِّن الاستقرار النفسي الصحة البدنية من خلال عدة أمور، من أبرزها:
الأفراد المستقرون نفسياً هم أكثر قدرة على إدارة التوتر والقلق، وهذا يمكن أن يقلِّل من تأثير الإجهاد في الجسم، وقد رُبِطَ الإجهاد المزمن بمجموعة من المشكلات الصحية، مثل أمراض القلب، والأوعية الدموية، وضعف جهاز المناعة، ومشكلات الجهاز الهضمي.
يميل الأشخاص المستقرون نفسياً إلى الحصول على نوم أفضل، وهذا قد يكون له تأثير إيجابي في الصحة البدنية، والنوم الجيد هام للصحة العامة، ويرتبط بانخفاض مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
الأفراد المستقرون نفسياً هم أكثر عرضة للانخراط في سلوكات صحية؛ مثل التمرينات المنتظمة، والأكل الصحي، وتجنب السلوكات المحفوفة بالمخاطر؛ مثل التدخين، والإفراط في شرب الخمر، ويمكن أن تساعد هذه السلوكات على منع مجموعة من المشكلات الصحية.
رُبِطَ الاستقرار النفسي بتحسين وظائف الجهاز المناعي؛ إذ يؤدي جهاز المناعة دوراً رئيساً في الدفاع عن الجسم ضد المرض، ويمكن أن يساعد نظام المناعة القوي على الحماية من العدوى والمشكلات الصحية الأخرى.
قد يكون الأشخاص الذين يتمتعون بالاستقرار النفسي أفضل استعداداً للتعامل مع الأمراض المزمنة؛ مثل مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وهم أكثر عرضة لمتابعة خطط العلاج، والانخراط في سلوكات الرعاية الذاتية، التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج صحية أفضل.
شاهد بالفيديو: 8 نصائح يومية لتحظى بصحة جيدة
يمكن أن يحسِّن الاستقرار النفسي الإنتاجية؛ وذلك من خلال:
يميل الأفراد المستقرون نفسياً إلى التركيز جيداً، وهذا يمكِّنهم من تحسين الإنتاجية، وأيضاً تقلُّ احتمالية تشتيتهم بسبب المشاعر السلبية، ويمكنهم البقاء في العمل لفترات أطول من الوقت.
يميل الأشخاص المستقرون نفسياً إلى أن يكونوا أكثر عقلانية وأقل اندفاعاً في اتخاذ قراراتهم، وهم أقل عرضة للتأثر بالعواطف عند اتخاذ القرارات، وهذا قد يؤدي إلى نتائج أفضل وتحسين الإنتاجية.
يميل الأفراد المستقرون نفسياً إلى امتلاك مستويات أعلى من التحفيز، ومن المرجَّح أن يكونوا أكثر ثباتاً في متابعة أهدافهم، وهم أقل عرضة للإحباط بسبب النكسات، وهم مجَّهزون لمواصلة التركيز على أهدافهم.
يرتبط الاستقرار النفسي بالإبداع المعزَّز؛ إذ يمكن أن يؤدي إلى أفكار جديدة ومبتكرة، ومن ثمَّ تحسين الإنتاجية؛ فيميل الأفراد المستقرون إلى أن يكونوا أكثر انفتاحاً ومرونة في تفكيرهم، وهذا قد يؤدي إلى حلول إبداعية للمشكلات.
يميل الأشخاص المستقرون نفسياً إلى امتلاك مهارات شخصية أفضل، والتي يمكن أن تحسِّن الإنتاجية في فريق العمل، وهم أكثر قدرة على التواصل بأسلوب فعَّال وحل النزاعات والتعاون مع الآخرين.
يمكن أن يحسِّن الاستقرار النفسي من مرونة الإنسان لعدة أسباب، منها:
الأفراد المستقرون عاطفياً هم أكثر قدرة على تنظيم عواطفهم، وهذا يمكن أن يساعدهم على التعامل مع التوتر والشدائد، وهم أقل عرضة لأن تطغى عليهم المشاعر السلبية، ويكونون أكثر قدرة على الحفاظ على الشعور بالتوازن.
يميل الأشخاص الذين يتمتعون بالاستقرار النفسي إلى امتلاك مهارات أفضل في التعامل مع التحديات والنكسات، ومن المرجَّح أن ينخرطوا في حل المشكلات، ويطلبوا الدعم الاجتماعي، والذي يمكن أن يساعدهم على التغلب على المحن والتعافي بسرعة أكبر.
يرتبط الاستقرار النفسي بزيادة الكفاءة الذاتية، وهذا يشير إلى إيمان الشخص بقدرته على التغلب على التحديات وتحقيق أهدافه، ومن المرجَّح أن يتمتَّع الأفراد المستقرون نفسياً بحسِّ الكفاءة الذاتية، وهذا يساعدهم على المثابرة في مواجهة الشدائد.
يميل الأفراد المستقرون إلى أن يكونوا أكثر قابلية للتكيف، وأكثر مرونة في تفكيرهم، وهذا يساعدهم على التكيف مع المواقف والتحديات الجديدة، وهم أقل عرضة للوقوع في أنماط التفكير السلبية، ويكونون أكثر قدرة على التعامل مع التحديات بعقلية النمو، ومن ثمَّ تحسين مرونتهم.
أن تصبح شخصاً مستقراً نفسياً هي عملية قد تستغرق وقتاً وجهداً، لكن ثمَّة خطوات يمكنك اتخاذها لتعزيز الاستقرار النفسي، وهذه بعض الاقتراحات:
اليقظة هي أن تكون حاضراً وموجوداً في الوقت الحالي، وأن تهتم بأفكارك ومشاعرك دون إصدار أحكام، ويمكن أن تساعدك ممارسة اليقظة على أن تصبح أكثر وعياً بتجاربك العاطفية، وتطوِّر تحكُّماً أكبر في ردود أفعالك تجاهها.
لقد ثبت أنَّ التمرين الرياضي فعَّال في الحدِّ من التوتر والقلق والاكتئاب؛ إذ يمكن أن يساعدك الانخراط في ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام على بناء المرونة وزيادة إحساسك بالسعادة.
يمكن أن يساعدك بناء شبكة دعم قوية على التعامل مع التوتر والشدائد؛ لذلك ابحث عن الأصدقاء وأفراد العائلة الذين يمكنك التحدث معهم عن مشاعرك وتجاربك.
يمكن أن يساعدك تعلم مهارات التأقلم الفعَّالة على إدارة التوتر، وتقليل التأثير السلبي لأحداث الحياة الصعبة؛ لذلك ابحث عن تلك المهارات في العلاج النفسي مثلاً، أو كتب المساعدة الذاتية لتعلم مهارات التأقلم الفعالة.
أن تصبح مستقراً نفسياً هي رحلة تتطلَّب الصبر والجهد والالتزام، ولكنَّ الفوائد تستحق منك المثابرة والعناء، وكما ذكرنا آنفاً فمن خلال التركيز على تطوير اليقظة لديك، وممارسة بعض التمرينات الرياضية بانتظام، وتلقي الدعم الاجتماعي، وتعلم مهارات التأقلم، والرعاية الذاتية، والمرونة، يمكنك تنمية رفاهية عاطفية أكبر.
تذكَّر أنَّ رحلة كل شخص نحو الاستقرار النفسي مختلفة عن رحلة شخص آخر؛ لذلك يجب أن تجد الاستراتيجيات التي تناسبك، سواء كنت تسعى إلى الحصول على دعم من اختصاصي الصحة العقلية، أم تُجري تغييرات صغيرة ومستدامة في روتينك اليومي؛ فإنَّ كل خطوة تتخذها نحو مزيد من الاستقرار النفسي، هي خطوة نحو حياة أكثر إرضاءً وذات مغزى.
تأكَّد أنَّك مع العقلية السليمة والاستراتيجيات الصحيحة، يمكنك تنمية المرونة العاطفية والاستقرار اللذين تحتاج إليهما لتزدهر في السراء والضراء.