رهاب المسؤولية: أعراضه وعلاجه وعوامل الخطورة

رهاب المسؤولية: أعراضه وعلاجه وعوامل الخطورة
(اخر تعديل 2023-11-27 06:28:14 )
بواسطة

قد يكون هذا الرهاب نتيجة لتجربة أو نشأة مؤلمة لم يُمنح الفرد فيها الفرصة لاتخاذ الخيارات، أو تحمَّل مسؤولية كبيرة عليه في سن مبكرة، ربما يكون أيضاً مرتبطاً باضطرابات القلق، مثل اضطراب القلق العام أو اضطراب الوسواس القهري، وقد يستفيد الأشخاص المصابون برهاب المسؤولية من العلاج والأساليب المعرفية السلوكية، والعلاج بالتعرض لمساعدتهم على مواجهة مخاوفهم والتغلب عليها.

من الهام أن ندرك أنَّ تجنُّب المسؤولية يمكن أن يؤدي إلى ضياع الفرص وإمكانات غير محققة، وأنَّ طلب المساعدة قد يؤدي إلى حياة أكثر سعادة وأكثر إرضاءً.

أعراض رهاب المسؤولية:

قد تكون أعراض رهاب المسؤولية جسدية وعقلية، وربما يشعر الأفراد الذين يعانون هذا الرهاب بالشلل عند اتخاذ قرارات هامة، وربما يشعرون بالرهبة أو القلق.

التسويف هو سلوك شائع؛ إذ قد يؤخرون اتخاذ القرارات أو اتخاذ الإجراءات بسبب الخوف من اتخاذ القرار "الخاطئ"، وقد يعانون أيضاً أعراضاً جسدية مثل التعرق وخفقان القلب وضيق التنفس عند التفكير في المسؤوليات.

قد يتجنبوا في المواقف الاجتماعية الالتزام بالخطط، وغالباً ما يستخدمون الأعذار أو يؤجلون القرار حتى اللحظة الأخيرة، ويمكن أن يؤدي هذا التجنب إلى الشعور بالذنب والعار، وهذا يؤدي إلى تفاقم الخوف من المسؤولية.

إضافة إلى ذلك، قد يعانون قلة احترام الذات والثقة، والشعور بعدم الكفاية أو عدم القدرة على التعامل مع المسؤوليات التي تأتي مع الالتزام، وقد تؤدي هذه الأعراض إلى ضياع فرص النمو الشخصي والمهني، ويمكن أن تؤدي إلى الاكتئاب أو اضطرابات القلق إذا تُركت دون علاج.

من الهام للأفراد الذين يعانون هذه الأعراض أن يطلبوا المساعدة من اختصاصي الصحة العقلية، الذي يستطيع تقديم التوجيه والدعم في مواجهة مخاوفهم والتغلب عليها.

عوامل الخطورة المرتبطة بالإصابة برهاب المسؤولية:

يُعدُّ وجود تاريخ من الصدمة أو سوء المعاملة - خاصة في مرحلة الطفولة - من عوامل الخطر الذي يمكن أن يسهم في تطوير رهاب المسؤولية، فقد يشعر الأفراد الذين عانوا الصدمة أو الإساءة بفقدان السيطرة على حياتهم، وقد يعانون اتخاذ القرار وتحمُّل المسؤوليات نتيجة لذلك، إضافة إلى ذلك، تجعل سمات الشخصية مثل المثالية أو القلق الأفرادَ أكثر عرضة لتطوير رهاب المسؤولية، وقد يتجنب الأشخاص الذين يخافون من الفشل أو يخافون من إحباط الآخرين تحمُّل المسؤوليات أو اتخاذ القرارات من أجل تجنب النتائج السلبية المحتملة.

تؤدي ديناميكيات الأسرة دوراً أيضاً؛ إذ إنَّ الأفراد الذين نشؤوا في أسر لم يتقاسموا المسؤولية فيها أو وُزعت توزيعاً غير عادل قد يصابون بالخوف من تحمُّل المسؤوليات، كما أنَّ التحولات الحياتية مثل الزواج أو الأبوة أو التغييرات المهنية تؤدي إلى إثارة مشاعر القلق والخوف من تحمُّل مسؤوليات جديدة.

شاهد بالفيديو: 6 خطوات أساسية لتربية الأطفال على تحمل المسؤولية.

المخاوف المرتبطة برهاب المسؤولية:

يُعدُّ الخوف من الفشل من المخاوف الرئيسة المرتبطة برهاب المسؤولية، فقد يشعر الأفراد المصابون بهذا الرهاب أنَّهم غير قادرين على تحمُّل المسؤوليات أو أدوار اتخاذ القرار، وهذا يؤدي إلى الخوف من ارتكاب الأخطاء أو الفشل في مهامهم، وقد يؤدي هذا أيضاً بدوره إلى الخوف من أن يُحكم عليهم أو ينتقدهم الآخرون، ومن ثم قد يؤدي إلى تفاقم القلق.

الخوف الشائع الآخر المرتبط بفوبيا المسؤولية هو الخوف من الإرهاق، فقد يشعر الأفراد المصابون بهذا الرهاب أنَّ ثقل مسؤولياتهم أكبر من أن يتحمَّلوه، وهذا يؤدي إلى الشعور بالتوتر والقلق وحتى الذعر، وهذا ربما يجعلهم يتجنبون المسؤوليات تماماً، الذي بدوره يؤدي إلى مزيد من القلق والشعور بالذنب.

إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي رهاب المسؤولية أيضاً إلى الخوف من النجاح، وقد يشعر الأفراد المصابون بهذا الرهاب أنَّ النجاح في مسؤولياتهم أو مهامهم سيؤدي إلى مزيد من المسؤوليات أو التوقعات، والتي قد تكون ساحقة أو مخيفة، وهذا الخوف من النجاح قد يعوق الأفراد عن تحقيق إمكاناتهم الكاملة، وقد يؤدي إلى الشعور بالإحباط والندم وتدني احترام الذات.

علاج رهاب المسؤولية:

عادةً ما يتضمن علاج رهاب المسؤولية مزيجاً من العلاج والأدوية.، فالعلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو علاج شائع الاستخدام لهذا الرهاب، والذي يركِّز على تغيير أنماط التفكير والسلوكات السلبية، وسيعمل المعالج مع المريض لتحديد الأسباب الجذرية لخوفه من المسؤولية، ومساعدته على تطوير استراتيجيات لإدارة هذه المخاوف والتغلب عليها.

يمكن أيضاً استخدام علاج التعرض، وهو نوع من العلاج المعرفي السلوكي، لتعريض الفرد تدريجياً للمواقف التي تثير خوفه من المسؤولية، من أجل مساعدته على بناء الثقة والتغلب على مخاوفه.

إضافة إلى العلاج النفسي، يمكن أيضاً استخدام الأدوية للتخفيف من أعراض رهاب المسؤولية، ويمكن وصف مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق للمساعدة على إدارة مشاعر القلق والخوف الشائعة مع هذا الرهاب، ومن الهام التحدث مع اختصاصي الصحة العقلية لتحديد ما إذا كان الدواء ضرورياً ولتحديد نوع الدواء الأكثر فاعلية.

قد تكون تقنيات المساعدة الذاتية مفيدة أيضاً في إدارة رهاب المسؤولية، وتشمل هذه الأساليب تمرينات اليقظة، وممارسات الرعاية الذاتية، وتقنيات الحد من التوتر، وقد تساعد هذه الممَّارسات الأفراد على إدارة قلقهم وبناء الثقة بالنفس، والتي تساعد بدورها على التغلب على خوفهم من المسؤولية.

مفتاح علاج رهاب المسؤولية هو طلب المساعدة من اختصاصي الصحة العقلية الذي يستطيع تقديم التوجيه والدعم والعلاج الشخصي، ومن خلال العلاج والدعم المناسبَين، يمكن للأفراد الذين يعانون رهاب المسؤولية تعلُّم كيفية إدارة مخاوفهم وتحمُّل مسؤوليات جديدة بطريقة صحية ومُرضية.

عواقب رهاب المسؤولية:

قد تكون عواقب رهاب المسؤولية كبيرة وبعيدة الأمد، وقد يفقد الأفراد الذين يعانون هذا الرهاب فرصاً للنمو الشخصي والمهني؛ لأنَّهم قد يتجنَّبون تحمُّل مسؤوليات جديدة أو اتخاذ قرارات هامة، وهذا قد يؤدي إلى الركود وعدم الإنجاز في الحياة، وربما يؤثِّر أيضاً في علاقاتهم الشخصية؛ فقد يكافحون من أجل الالتزام بعلاقات طويلة الأمد أو قد يتجنبون وضع الخطط مع الأصدقاء والعائلة، وهذا يؤدي بهم إلى الشعور بالعزلة والوحدة.

يؤثِّر الخوف من المسؤولية أيضاً في الصحة العقلية والرفاهية، وقد يعاني الأفراد المصابون برهاب المسؤولية أعراض القلق والاكتئاب، وهذا قد يؤدي إلى الشعور باليأس والعجز، وقد يؤدي تجنب المسؤولية أيضاً إلى الشعور بالذنب والعار؛ إذ قد يدركون أنَّ خوفهم يمنعهم من تحقيق أهدافهم والعيش حياة مُرضية.

ربما تكون عواقب رهاب المسؤولية مالية أيضاً؛ إذ إنَّ تجنب القرارات المالية أو المهنية الهامة يمكن أن يؤدي إلى ضياع الفرص والخسائر المالية، وقد يؤثِّر ذلك في قدرتهم على إعالة أنفسهم وأحبائهم، وهذا يؤدي إلى مزيد من التوتر والقلق.

الوقاية من رهاب المسؤولية:

يركز منع رهاب المسؤولية إلى درجة كبيرة على ديناميكيات الأسرة الصحية والتدخل المبكر عند ظهور الأعراض لأول مرة، ويستطيع الوالدان المساعدة على منع تطور رهاب المسؤولية في أطفالهم من خلال تشجيع الاستقلال واتخاذ القرار منذ الصغر، ومشاركة المسؤوليات في الأسرة، وقد يساعد ذلك الأطفال على بناء الثقة وتعلم إدارة المسؤوليات بطريقة صحية، وهذا يقلِّل من خطر تطوير الخوف من المسؤولية في وقت لاحق في الحياة.

إضافة إلى ذلك، يستطيع الوالدان محاكاة سلوكات صنع القرار الصحية وتعليم أطفالهم آليات التأقلم الصحية لإدارة التوتر والقلق، ومن خلال توفير بيئة داعمة ومفتوحة لأطفالهم، يساعد الوالدان على منع تطور رهاب المسؤولية.

التدخل المبكر هام أيضاً في منع رهاب المسؤولية، فإذا بدأت أعراض القلق أو التجنب في الظهور، فمن الهام طلب المساعدة من اختصاصي الصحة العقلية، ويساعد التدخل المبكر الأفراد على تطوير آليات تأقلم صحية ومنع ظهور أعراض أكثر حدة.

إضافة إلى ذلك، ربما تكون ممَّارسة تقنيات اليقظة والرعاية الذاتية مفيدة في منع تطور رهاب المسؤولية، ويمكن أن تساعد هذه الأساليب الأفراد على إدارة قلقهم وبناء الثقة، والتي قد تساعد على تحمُّل المسؤوليات واتخاذ القرارات الهامة.

في الختام:

رهاب المسؤولية هو الخوف من التعهد بالالتزامات وتحمُّل المسؤوليات التي قد تكون لها تأثيرات كبيرة في الحياة الشخصية والمهنية للفرد، ويمكن أن تشمل أعراض هذا الرهاب القلق والتسويف والتجنب، وهذا قد يؤدي إلى ضياع الفرص وعواقب سلبية، ومع ذلك يستطيع الأفراد مع العلاج والدعم الصحيحين، تعلُّم كيفية إدارة مخاوفهم وتحمُّل المسؤوليات بطريقة صحية ومُرضية.

قد يكون العلاج السلوكي المعرفي والأدوية وأساليب المساعدة الذاتية فعَّالة في إدارة الأعراض، ويمكن أن يساعد التدخل المبكر وديناميكيات الأسرة الصحية على منع تطور رهاب المسؤولية، ومن الهام التعرف إلى عواقب هذا الرهاب وطلب المساعدة إذا لزم الأمر، لتحسين جودة الحياة وتدبير الأعراض.