أثر الألعاب الإلكترونية على الأطفال

أثر الألعاب الإلكترونية على الأطفال

هل يَظهَر أثر الألعاب الإلكترونية في الأطفال ويصل إلى طريقة تفكيرهم وسلوكاتهم، أم أنَّه لا يتعدى كونه وسيلة للترفيه وتضييع الوقت والتعلُّم في الوقت نفسه؟ وهل يمكن أن تؤدي الألعاب الإلكترونية إلى نتائج سلبية، أم أنَّ الاستخدام المنضبط لهذه الألعاب الإلكترونية سينعكس إيجاباً على حياة الأطفال ويساهم في تنمية ذكائهم وتطوير عقولهم؟

ستجد في هذا المقال إجابات واضحة عن كل الاستفسارات السابقة، كما أنَّنا سنتطرَّق إلى أثر هذه الألعاب الإلكترونية في التعليم وكيف يمكن تسخيرها لخدمة الأطفال ولمصلحة تطويرهم تعليمياً من تطبيق مبدأ تكنولوجيا التعليم في ميدان التربية والتعليم.

1. ما هي أضرار الألعاب الإلكترونية؟

استطاعَت الألعاب الإلكترونية اليوم - والتي تُعَدُّ شكلاً من أشكال التعليم والترفيه - أن تشغل حيزاً كبيراً من أوقات أطفالنا في كل أنحاء العالم، ويرجع هذا إلى العديد من الأسباب أهمها مجاراة التطور التكنولوجي الذي طال كل جوانب حياة الطفل، إضافةً إلى تنوع وتعدد أشكال وأنواع هذه الألعاب؛ فمنها ألعاب الذكاء وألعاب الحرب والتخطيط والألعاب التعليمية؛ وبذلك فهي تلبي الأذواق المختلفة للأطفال وتراعي حاجاتهم الجديدة.

على الرغم من الشعبية الكبيرة للألعاب الإلكترونية لدى أطفال العالم أجمع، إلَّا أنَّ استخدامها بشكل مفرط ومُبالَغ فيه له الكثير من الأضرار والآثار السلبية في الطفل وطريقة تفكيره وسلوكه وحتى في ثروته اللُّغوية وطريقة تصرفه، فكم مرة صادفنا طفلاً يكاد لا يرفع رأسه عن شاشة التاب أو الهاتف المحمول، وكم مرة رأينا طفلاً عاجزاً عن ابتكار أيَّة طريقة للعب والتسلية خارج حدود هاتفه المحمول، وكم عدد نوبات الغضب التي شهدناها لمجرد سحب الهاتف المحمول من يد الطفل!

يُعَدُّ اللعب أداة تعلُّم وتنشيط للقدرات العقلية للطفل، وتُعَدُّ مرحلة اللعب المرحلة الأولى التي يبدأ فيها الطفل باكتشاف العالم من حوله، ويكتسِبُ من خلالها الكثير من المعلومات ويتعرَّف إلى الكثير من الحقائق سواء من خلال استخدام أدوات اللعب أم من خلال تفاعله معها الذي يُكسِبُهُ كثيراً من المهارات والخبرات بعيداً عن التلقين والحشو.

من خلال اللعب يدرك الطفل الحجوم والأشكال والأوزان، كما أنَّ اللعب في المراحل العمرية الأكبر يأخذ شكلاً منضبطاً أكثر فيحتاج من الطفل الالتزام بمجموعة من القواعد والضوابط، وهذا ما يُنمِّي لديه كثيراً من مهارات التفكير ويرتقي بأسلوب تفكيره ويُنمِّي من مهاراته الاجتماعية، إضافةً إلى العديد والعديد من الفوائد الأخرى المتعلقة بالذاكرة والنطق والضبط الذاتي.

تخيَّل إذاً ما الذي يحدُث عندما تتجاهل كل هذا لتضعَ طفلك وجهاً لوجه ولساعات طويلة أمام شاشة رقمية لا يمكنه التفاعل معها بالطريقة الصحيحة، ولنتخيَّلْ مقدار التحجيم لعقله وقدراته عندما نتركه لفترات طويلة مأخوذاً بتلك الألعاب الإلكترونية، وبعيداً عن العالم الحقيقي.

بناءً على ما سبق وذكرناه يبدو من الواضح أنَّه من الممكن أن يكون أثر الألعاب الإلكترونية في الأطفال سلبياً في كثير من الأحيان، وخاصةً مع الاستخدام المفرط لها وغير المدروس، وقد أثبتَتْ دراسات تربوية وأبحاث طبية عديدة وجود كثير من الأضرار الناتجة عن الجلوس الطويل أمام الشاشات.

فيما يأتي سنُعدِّد بإيجاز أكثر الأضرار المنتشرة للألعاب الإلكترونية:

  • تؤثر الألعاب الإلكترونية بشكل سلبي في ذاكرة الطفل وتضعفها على الأمد الطويل.
  • يكون الضرر والخطر الذي تسببه الألعاب الإلكترونية كبيراً جداً في حال وصل الطفل إلى مرحلة الإدمان عليها؛ إذ قد يصل إلى مرحلة إصابة الأطفال بما يُسمى التوحُّد الإلكتروني؛ فتَظهَر على الطفل أعراض التوحُّد نفسها لكنْ مع إزالة المسبب "إدمان الألعاب الإلكترونية" يعود الطفل إلى طبيعته، إضافةً إلى الآثار النفسية والاجتماعية الأخرى التي تجعل الطفل أكثر انعزالاً وأقل قدرة على التواصل مع الآخرين.
  • تؤثِّر الألعاب الإلكترونية أيضاً في الأطفال من ناحية مدى تطور الثروة اللغوية لديهم، ومن الممكن أن تسبب تأخُّراً في النطق والكلام.
  • تؤدي إلى إجهاد الدماغ والعيون وهذا ما قد يتطوَّر إلى مشكلات أخطر مستقبلاً.
  • تُسبِّب السمنة والكسل والخمول بسبب قلة الحركة وخاصةً أنَّ الكثيرين من الأطفال يتناولون الطعام في أثناء لعبهم بالألعاب الإلكترونية، وهذا حقيقةً ما يضاعف الخطر ويزيده.
  • تؤدي إلى مشكلات في العمود الفقري بسبب الجلوس لمدة طويلة أمام الألعاب الإلكترونية وأغلب الأحيان يكون الجلوس بطريقة خاطئة.
  • تؤثر الألعاب الإلكترونية أيضاً في التحصيل الدراسي للأطفال في عمر المدرسة، وخاصةً في حال وصول الطفل إلى مرحلة الإدمان على الألعاب الإلكترونية وقضائه فترات طويلة أمام الشاشات.
  • يكون ميل الطفل إلى العدوانية وعدم القدرة على ضبط الأعصاب أيضاً من السلوكات الناتجة عن أثر الألعاب الإلكترونية في الأطفال.

شاهد بالفديو: 10 أسباب لمنع الطفل من الألعاب الإلكترونية!

2. نصائح للتقليل من خطر الألعاب الإلكترونية على الأطفال:

من الصعب جداً فصل الطفل عن واقعه ومن غير المجدي أيضاً محاولة عزله عن التطورات المحيطة به، لكنْ في الوقت نفسه من الخطأ الانغماس في ممارسة هذه الألعاب الإلكترونية وعدها وسيلة لإلهاء الطفل وإشغاله لفترات طويلة بالشكل الذي يتيح لنا بصفتنا بالغين القيام بأعمالنا دون إزعاج؛ لذلك سنقدم لكم فيما يأتي مجموعة من النصائح التي تساعد على ضبط الأمر وتحويل هذه الألعاب من أداة خطر على أطفالنا إلى أداة فاعلة في تعزيز ذكائهم وقدراتهم:

احرصْ على تنويع عوالم الطفل:

فلا يجب أن تقتصر هذه العوالم بحال من الأحوال على جهاز رقمي ومجموعة من الألعاب الإلكترونية؛ إذ يجب على الطفل أن يأخذ نصيبه من اللعب ومن الركض في الهواء الطلق والنشاطات التي تساعده على التعرُّف إلى العالم المحيط به، كما يجب تعويده على القيام بنشاطات أخرى يحبها كالرسم والقراءة والرياضة وغيرها، وعند القيام بهذا فإنَّ الطفل نفسه لن يطيل صبره على هذه الألعاب الإلكترونية؛ بل سيشعر بالملل منها ويتركها.

احرصْ كل الحرص على أن تكون موجوداً بجانب الطفل عند لعبه بالألعاب الإلكترونية:

وذلك لأنَّك تستطيع بطريقتك توجيه كل حركة أو سلوك يقوم به الطفل بما يضمن مصلحته ويقوي عقله وينمِّي ثروته اللغوية؛ وبذلك يتحول من مجرد متلقٍّ إلى فاعل ومحور في عملية اللعب.

نظِّم الوقت واضبطه:

ولا ترضخ إلى الطفل وتجاريه مهما فعل في محاولة منه لزيادة الوقت المُخصَّص للَّعب بالألعاب الإلكترونية.

اكتشِف المواهب التي يتمتع بها طفلك:

واعمل على تنميتها بعيداً عن التكنولوجيا والألعاب الإلكترونية والشاشات الرقمية.

3. فوائد الألعاب الإلكترونية:

قد يكون في الحديث عن أضرار الألعاب الإلكترونية وآثارها السلبية في الأطفال دون التطرُّق إلى فوائدها كثيرٌ من الإجحاف بحقها، وهنا وقبل البدء بتعداد الفوائد الكثيرة للألعاب الإلكترونية لا بدَّ من التأكيد على فكرة هامة جداً؛ وهي أنَّ المشكلة ليست في الألعاب الإلكترونية بحدِّ ذاتها؛ وإنَّما في طريقة التعاطي معها والإفراط في استخدامها، باختصار يُمكِنُنا القول إنَّ الألعاب الإلكترونية سلاح ذو حدين، فإذا ما استُخدِمَت بالطريقة الصحيحة، حقَّقَت كثيراً من الفوائد للطفل وانعكست إيجاباً على حياته وقدراته، ومن هذه الفوائد:

إمكانية استثمار الألعاب الإلكترونية في مجال التعليم:

وتُعَدُّ هذه الفائدة من أهم فوائد الألعاب الإلكترونية، ويرجع استخدام الألعاب الإلكترونية في التعليم إلى الأسباب والميزات الآتية: استخدام الألعاب الإلكترونية للمؤثرات السمعية والبصرية يجعلها تثير أكثر من حاسة لدى الطفل، وهذا ما يجعل المعلومات المقدَّمة من خلالها أكثر تأثيراً وأبقى أثراً.

المساعدة على تشبُّع الميل الفطري للعب الموجود عند الطفل:

ومساعدته على مواكبة التطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم، فالشخص الأُمِّي اليوم ليس مَن لا يعرف القراءة والكتابة؛ بل مَن لا يعرف التعامل مع التكنولوجيا.

تنمية الانتباه البصري والاتِّساق الحسي الحركي عند الطفل:

وذلك لأنَّ أكثر هذه الألعاب تتطلب من الطفل الانتباه إلى أكثر من مكان في الشاشة والرد عليها في الوقت ذاته.

تطوير مهارات حل المشكلات:

سواء من خلال حل مجموعة من الألغاز للتقدُّم باللعب، أم من خلال العقبات التي يواجهها البطل.

في الختام:

في نهاية مقالنا عن أثر الألعاب الإلكترونية في الأطفال، يبدو واضحاً أنَّ هذه الألعاب من الممكن أن تكون أداة فعَّالة للتعلُّم ولتطوير خبرات الأطفال ومهاراتهم وتعزيز خبراتهم، ومن الممكن أيضاً أن تكون مصدراً لكثير من الآثار السيِّئة والمشكلات التي لا تتوقف عند حدٍّ معيَّن؛ بل تطال كل جانب من جوانب نمو الطفل وتطور شخصيته، وحقيقة القرار الفصل في هذا الأمر يكون بيد المربين الذين تقع على عاتقهم مَهمَّة وضع الضوابط الصارمة التي تَسمَح بوصول الفوائد إلى الأطفال ومنع الضرر عنهم.