أهمية تطوير أدواتك

أهمية تطوير أدواتك
(اخر تعديل 2023-09-12 06:33:15 )
بواسطة

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ من المدونة "سلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتتحدَّث فيه عن أهمية تطوير أدوات عملك باستمرار، وتأثيرها في نتاجك.

يطول الوقت الذي نحتاج إليه لإنجاز العمل عند استخدامنا لأدوات متوسطة الجودة أو سيئة، حتى إن كنا نتمتع بأفضل المهارات اللازمة له، إلا أنَّ تلافي محدودية قدرات هذه الأدوات يستهلك وقتاً إضافياً، من الناحية الأخرى عندما نمتلك الأدوات الأفضل؛ أي الأدوات المناسبة، فإنَّنا نقلِّص الوقت الذي نحتاج إليه لتحقيق نتائجنا المرجوة، وهذا الوقت الذي وفَّرناه يمكننا استخدامه في مكان آخر لإنجاز أشياء أكثر أهمية.

بالعودة إلى وظيفيتي السابقة في إحدى الشركات، كانت طبيعة عملي قائمةً بشكلٍ أساسيٍّ على استخراج البيانات؛ إذ أتذكر البرنامج الذي كنت أستخدمه لجمع بيانات السوق، فقد كان مناسباً للعمل؛ لكنَّه بطيءٌ؛ إذ تستغرق كل نقرة نحو عشر ثوانٍ قبل أن تنفِّذ المطلوب، وقد تستغرق أحياناً دقائق، وفي أحيان أخرى قد يتوقف البرنامج عن العمل.

كنت أقضي بسبب هذا البرنامج ليالٍ لا تُعدُّ ولا تحصى وأنا أجمع البيانات من أجل تقاريري، دون أن أحقق النتيجة النهائية المرجوة؛ لأنَّني كنت دائماً أهمش ساعات نومي لأستطيع الالتزام بالموعد النهائي، لقد أهدرت ساعات كثيرة في كل أسبوع بسبب هذا البرنامج، وكان أسوأ استثمارٍ للوقت.

في بدايات عملي في مجال التطوير الذاتي عام 2008، أصبح للأجهزة الرقمية دور أساسي في مجالي، لأنَّني أدير عملاً عبر الإنترنت، ولكوني في بدايات العشرينيات من عمري، وما زلت أخطو أولى خطواتي في هذا المجال؛ فقد ظننت أنَّ كل ما يتطلبه الأمر هو كومبيوتر محمول عملي وبرنامج وظيفي، لكن عندما كبرت وازدادت مخاطر عملي، أدركتُ أنَّني كنت مخطئةً للغاية.

كنت أستخدم على سبيل المثال برنامجاً مجانياً يُدعى "ليبر أوفيس إمبريس" (LibreOffice Impress)، وهو بديل مجاني لبرنامج "مايكروسوفت أوفيس" (Microsoft Office)، لتجهيز شرائح عرض دورتي التدريبية، فبدأتُ باستخدامه لأنَّه كان مجانياً، وبدا مفيداً، ويبدو الأمر مناسباً للغاية، أليس كذلك؟

بمرور الوقت أدركتُ أنَّه كان يحتوي على أخطاء كثيرة، وتصيبه أعطال كثيرة لا سيما عندما أعمل على مجموعات شرائح كبيرة؛ وبذلك كنت أهدر ساعات عمل كثيرة في كل أسبوعٍ بسبب أعطال البرنامج، وأصاب بالتوتر كلما توقف عن العمل؛ ومن ثَمَّ أضطر إلى بذل جهودٍ مضنيةٍ كي أستطيع الالتزام بجدولي الزمني.

بعد أن بدأتُ باستخدام مايكروسوفت أوفيس (Microsoft Office)، أدركت كم كان برنامجي السابق _ على الرَّغم من أنَّه مجاني _ يكلفني وقتاً وطاقةً وجهداً، بالطبع لا يخلو مايكروسوفت أوفيس (Microsoft Office) من مشكلاته الخاصة؛ لكنَّه في العموم يعد نقلةً نوعيةً بالمقارنة مع "ليبر أوفيس إمبريس" (LibreOffice Impress).

عندما بدأت أسجل وأدخل عامل الصوت إلى عملي، ظننت أنَّ مجرد وجود سماعة رأس سيكون كافياً، فما هو الفرق بين سماعة وأخرى؟ لكنَّني لاحظت أنَّني غالباً ما أضطر إلى القيام بكثير من أعمال ما بعد الإنتاج، مثل إزالة الضجة في الخلفية، وتخفيف الصوت الحاد بشدة.

لم ألمس الفرق إلى أن حدَّثتُ سماعتي، وبدأت أوفر ساعات من التعديل في كل تسجيل، ولم تكن جودة الصوت فقط هي ما تحسَّن؛ لكنَّني شعرت بتحسن في أذني أيضاً؛ لأنَّني لم أعد أسمع أصوات حادة.

متى يجب أن تُحدِّث أدوات عملك؟

لا يقتصر تعريف الأدوات المناسبة بكونها الأدوات التي تعمل؛ بل إنَّه يعني امتلاكك لأدوات يمكنك استخدامها بسلاسةٍ، كأنَّها جزءٌ منك، فيجب أن تكون أدواتك مكمِّلةً لمهاراتك وموهبتك، لا أن تستنزفك وتحبطك، وأن تساعدك على أن تصل إلى أعلى مستويات إنتاجيتكَ، لا أن تضطر إلى هدر ساعات في معالجة عيوبها.

باختصار، تحدد مهاراتك وأدواتك نتيجة الوقت الذي تقضيه في إنجاز العمل، فإذا كانت مهاراتك والأدوات التي تستخدمها في عملك رديئة ستكون النتيجة رديئة، وإذا كانت مهاراتك رائعة والأدوات التي تستخدمها مميزة، فتحصد نتيجةً رائعة.

إليك خمس إشارات لتعرف أنَّه حان موعد تحديث أدواتك:

  • الوقت الذي تقضيه في إصلاح أعطالها أطول من الذي تقضيه في استخدامها بالعمل.
  • إنَّك تشعر بالإحباط من أدواتك معظم الوقت.
  • لا تساعدك أدواتك على أن تكون منتجاً.
  • إنَّك غالباً ما تستخدم هذه الأدوات في عملك، وتؤثِّر في نتائجك.
  • تكاليف الاحتفاظ بها (خسارة الإنتاجية وهدر الوقت والإحباط) تفوق التكاليف (المالية) لشراء أدواتٍ جديدةٍ.

شاهد بالفيديو: 10 أفكار مدهشة تساعدك على تطوير ذاتك

بعض أنواع الأدوات:

مع أنَّ أدوات اليوم هي أجهزة تقنية، فإنَّ كلمة "أداة" تشير إلى أي شيء تستخدمه في عملك أو حياتك، فيمكن أن تكون الأداة برنامجاً ما أو جهازاً أو شيئاً غير تقني، وبالنسبة إلى معظمنا، إنَّ أدواتنا هي على الأرجح الكومبيوتر المحمول، والهاتف الجوال، وربما الجهاز اللوحي، إضافة إلى الأدوات الأخرى المتعلقة بطبيعة عملنا.

إليك أمثلة لبعض الأدوات بناءً على طبيعة العمل:

  • منتج الفيديو: كاميرا فيديو ومعدات إضاءة وأجهزة صوتية وكمبيوتر محمول وبرامج تحرير الفيديو وبرامج تحرير الصوت.
  • الخبَّاز: فرن وموازين وورق الزبدة والخفاقة والخلاطات والقوالب ومراقيق العجين، وغيرها من أدوات الخَبز الأخرى.
  • الرسام التوضيحي: برنامج للرسم وجهاز لوحي للرسم وكمبيوتر محمول ومستلزمات الرسم.
  • النجَّار: مطرقة وشريط قياس وأدوات قطع ومِفك براغٍ وبراغٍ ومسامير وأدوات التحديد.
  • مالك شركة: كمبيوتر محمول وهاتف وبرنامج محاسبة، وبرنامج إدارة العملاء وأدوات إدارة المشاريع وأدوات تحرير المستندات والبريد الإلكتروني.

تحقيق التوازن بين تكاليف الأداة وفوائدها:

عندما يتعلق الأمر بالتحديث وشراء منتجات تحسِّن حياتك، من الهام أن تنظر إلى الأمر بوصفه استثماراً، لا سيما إن كانت له تأثيراتٌ مباشرةٌ، أو غير مباشرةٍ في نتائج عملك وقدرتك على الإبداع وتحسين جودة حياتك.

إن وجدت شيئاً ما مكلفاً، فكِّر بالمنافع بعيدة الأمد التي ستنالها منه، مثل توفير الوقت، وتحسين مستوى السلامة، ورفع مستوى جودة العمل، ففجأة سيتضح لكَ أنَّ الأمر ليس مجرد إنفاقٍ؛ بل إنَّه استثمارٌ لتطوير ذاتك وتحسين حياتك.

بالطبع، إن لم تكن الفوائد تسوِّغ الكلفة، فيجب عندها ألا تشتري، ففي المجتمعات المادية تجد الناس يهبون لشراء أحدث إصدار من أجهزة آي فون (iPhone)، أو كمبيوتر محمول جديد دون النظر إلى القيمة، فبالنسبة إلى هؤلاء الناس، فإنَّ الأجهزة التقنية تُعدُّ شيئاً للتباهي به، عوضاً عن ارتباطها بعملهم.

شاهد بالفيديو: مهارات تطوير الذات

ما أتكلم عنه هنا مختلفٌ؛ إنَّني أتحدث عن ضرورة وعيك بأهمية أدواتك في نتاج عملك وصحتك، وأن تستثمر في الأدوات التي تهم فعلاً.

بصفتي شخصاً تربَّى على إنفاق أمواله في المكان المناسب، فإنَّني أدرس دائماً سعر أي أداة عمل بالمقارنة مع الفائدة التي ستقدمها لي، وأوازن بين نتائج عدم امتلاكها مثل خسارة السلامة وفقدان الإنتاجية والجودة وتكلفتها المادية، مع التوفير المالي الذي ستحققه عندما تختار الخيار الأرخص، أو تمتنع عن تحديث أدواتك، فإنَّ هذه التكاليف غير المرئية ستشكل جزءاً من قرارك الذي سيتحتم عليك أن تعوِّضه لاحقاً.

لقد ساعدني إدراك هذا الأمر على اتخاذ قرارات ما كنت لأتخذها لو أنَّني ركَّزت على السعر فقط بوصفه عاملاً وحيداً في اتخاذ القرار، فإنَّ كلامنا هنا عن شيء تستطيع شراءه، لا شيء يجب أن تبيع نصف مدخرات حياتك لتشتريه.

أسأل نفسك إن كانت أيُّ أداة من أدواتك تستنزفك، قارن بين كلفة الاستمرار باستخدامها ومنافعها، وفكِّر ما إن كان الوقت قد حان لاستبدالها، لا تسمح للأدوات غير المناسبة بأن تعوق تقدمك؛ لذا بدِّل أدواتك إلى أخرى يمكنها أن تواكب سرعة تقدمك، وتساعدك على أن تزيد من إنتاجيتك، وتلائم طريقة تفكيرك، كما أنَّ المثل يقول: "قل لي من تعاشر، أقل لك من أنت"، فإنَّ جودة أدواتك وكفاءتها تعطي صورةً واضحةً عن عملك، فعندما تستخدم أدوات رديئة، سيؤثر ذلك في جودة إنتاجك.

إقرأ أيضاً: 13 طريقة فعالة لتطوير الذات

لكن لا تستثمر أدواتٍ أفضل في حالةٍ وحيدةٍ، ألا وهي ألا تكون لديك المهارات المناسبة للعمل، على سبيل المثال، المصور الذي يشتري معدات تصوير باهظةَ الثمن لتعويض افتقاره إلى مهارات التصوير، أو مصوِّر الفيديو الذي يقتني معدات فيديو بأسعارٍ عاليةٍ، وبرامج تعديل عوضاً عن تحسين مهاراته، أو مالك الشركة الذي يشتري كل أداة وخدمة عوضاً عن بناء عمله الخاص، والحصول على أول عملائه بدايةً، في هذه الحالة عليك أن تعمل على تحسين مهاراتك أولاً، مما سيساعدك أيضاً على معرفة مزيدٍ من الأمور عن نقاط ضعفك وأسلوبك وتوجهاتك، فعندما تسبق مهاراتك أدواتك، طوِّر تلك الأدوات لتحسن نتاج عملك.

في الختام:

ماذا عنك؟ هل أنت معطل حالياً بسبب أدواتك؟ إليك ثلاثة أسئلة لتتأمل فيها ملياً:

  • ما هي الأدوات الخمس التي تقضي معظم وقتك باستخدامها في عملك وحياتك؟
  • أي واحدةٍ من هذه الأدوات تسبب لك المتاعب، أو تحد من أدائك؟
  • هل حان الوقت لتطويرها أو تغييرها؟
  • عندما تجهز نفسك بأفضل المعدات، احرص على التجهُّز بأفضل المهارات أيضاً.