قال المتنبي:
لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي
وَلِلحُبِّ ما لم يَبقَ مِنّي وَما بَقيوَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ
وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِوَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى
مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِوَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ
وَفي الهَجرِ فَهوَ الدَهرَ يُرجو وَيُتَّقيوَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا
شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِوَأَشنَبَ مَعسولِ الثَنِيّاتِ واضِحٍ
سَتَرتُ فَمي عَنهُ فَقَبَّلَ مَفرِقيوَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني
فَلَم أَتَبَيَّن عاطِلًا مِن مُطَوَّقِوَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا
عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقيسَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها
وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِإِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعًا بِهِ
تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِوَلَم أَرَ كَالأَلحاظِ يَومَ رَحيلِهِم
بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كُلِّ مُشفِقِقال امرؤ القيس:
أَغَرَّكِ مِنِّيْ أَنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي
وَأَنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِوَمَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَقْدَحِي
بِسَهْمَيْكِ في أَعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِوَبَيْضَةِِ خِدْرٍٍ لا يُرَامُ خِبَاؤُهَا
تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَلِتَجَاوَزْتُ أَحْرَاسًا وَأَهْوَالَ مَعْشَرًا
عَلَيَّ حِرَاصٍ لَوْ يُشِرُّونَ مَقْتَلِيإذا ما الثُّرَيَّا في السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ
تَعَرُّضَ أَثْنَاءِ الوِشَاحِ المُفَصَّلِفَجِئْتُ وَقَدْ نَضَتْ لنَوْمٍ ثِيَابَهَا
لَدَى السِّتْرِ إِلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِفَقَالَتْ يَمُيْنَ اللهَ ما لَكَ حِيْلَةٌ
وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ العَمَايَةَ تَنْجَلِيخَرَجْتُ بِهَا تَمْشِيْ تَجُرُّ وَرَاءَنَا
عَلَى أثَرَيْنَا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِفَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الحيّ وَانْتَحَى
بِنَا بَطْنُ حِقْفٍ ذِيْ رُكَامٍ عَقَنْقَلِإِذَا التَفَتَتْ نَحْوِيْ تَضَوَّعَ رِيْحُهَا
نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِإِذَا قُلْتُ هَاتِيْ نَوِّلِيْنِيْ تَمَايَلَتْ
عَلَيَّ هَضِيْمَ الكَشَحِ رَيَّا المُخَلْخَلِمُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفاضَةٍ
تَرَائِبُهَا مَصْقُوْلَةٌ كَالسَّجَنْجَلِكِبِكْرِ مُقَانَاةِ البَيَاضِ بِصُفْرَةٍ
غَذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرِ المُحَلَّلِِتَصُدُّ وَتُبْدِيْ عَنْ أَسِيْلٍ وَتَتَّقِيْ
بِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وجرة مُطْفِلِوَجِيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ
إِذَا هِيَ نَصَّتْهُ وَلا بمعطلوَفَرْعٍ يُغَشِّي المَتْنَ أَسْودَ فَاحِمٍ
أَثِيْثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِغَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلى العُلا
تَضِلُّ المَدَارَى في مُثَنًى وَمُرْسَلِوَكَشْحٍ لَطِيْفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّرٍ
وَسَاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِوَتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرِ شَثْنٍ كَأَنَّهُ
أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاوِيْكُ إسحلتُضِيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَا
مَنَارَةُ مُمْسَى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِوَتُضْحِيْ فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا
نَؤُوْمُ الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِإِلى مِثْلِهَا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَةً
إِذَا ما اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِتسلت عمايات الرجالِ عن الصّبا
وليسَ صِبايَ عن هواها بمنسلألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه
نصيح على تعذَاله غير مؤتلوليل كموج البحر أرخى سدولهُ
عليَّ بأنواع الهموم ليبتليفَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بجوزه
وأردف أعجازا وناء بكلكلألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي
بصُبْحٍ وما الإصْباحَ فيك بأمثَلِقال جميل بثينة:
يَهواكِ ما عِشتُ الفُؤادُ فَإِن أَمُت
يَتبَع صَدايَ صَداكِ بَينَ الأَقبُرِإِنّي إِلَيكِ بِما وَعَدتِ لناظِرٌ
نَظَرَ الفَقيرِ إِلى الغَنِيِّ المُكثِرِتُقضى الدُيونُ وَلَيسَ يُنجِزُ مَوعِدًا
هَذا الغَريمُ لَنا وَلَيسَ بِمُعسِرِما أَنتِ وَالوَعد الَّذي تَعِديني
إِلّا كَبَرقِ سَحابَةٍ لَم تُمطِرِقَلبي نَصَحتُ لَهُ فَرَدَّ نَصيحَتي
فَمَتى هَجَرتيهِ فَمِنهُ تَكَثَّريقال الشريف الرضي:
يا ظَبيَةَ البانِ تَرعى في خَمائِلِهِ
لِيَهنَكِ اليَومَ أَنَّ القَلبَ مَرعاكِالماءُ عِندَكِ مَبذولٌ لِشارِبِهِ
وَلَيسَ يُرويكِ إِلّا مَدمَعي الباكيهَبَّت لَنا مِن رِياحِ الغَورِ رائِحَةٌ
بَعدَ الرُقادِ عَرَفناها بِرَيّاكِثُمَّ اِنثَنَينا إِذا ما هَزَّنا طَرَبٌ
عَلى الرِحالِ تَعَلَّلنا بِذِكراكِسَهمٌ أَصابَ وَراميهِ بِذي سَلَمٍ
مَن بِالعِراقِ لَقَد أَبعَدتِ مَرماكِوَعدٌ لِعَينَيكِ عِندي ما وَفَيتِ بِهِ
يا قُربَ ما كَذَبَت عَينيَّ عَيناكِحَكَت لِحاظُكِ ما في الريمِ مِن مُلَحٍ
يَومَ اللِقاءِ فَكانَ الفَضلُ لِلحاكيكَأَنَّ طَرفَكِ يَومَ الجِزعِ يُخبِرُنا
بِما طَوى عَنكِ مِن أَسماءِ قَتلاكِأَنتِ النَعيمُ لِقَلبي وَالعَذابُ لَهُ
فَما أَمَرُّكِ في قَلبي وَأَحلاكِقال عروة بن حزام:
عَشيَّةَ لا خَلْفي مَكَرٌّ ولا الهوى
أَمامي ولا يَهْوى هوايَ غريبُفَوَاللهِ لا أَنْساكِ ما هَبَّتِ الصَّبا
وما عَقَبَتْها في الرّياحِ جَنوبُفَوَا كَبِدًا أَمْسَتْ رُفاتًا كَأَنَّما
يُلَذِّعُها بالمَوْقِدات طبيبُبِنا من جَوى الأَحْزانِ في الصّدر لَوْعةٌ
تَكادُ لها نَفْسُ الشَّفيقِ تَذوبُولكنَّما أَبْقى حُشاشةَ مُقْوِلٍ
على ما بِهِ عُودٌ هناك صليبُوما عَجَبي مَوْتُ المُحِبِّينَ في الهوى
ولكنْ بقاءُ العاشقينَ عجيبُقال عمر بن أبي ربيعة:
لَقَد دَبَّ الهَوى لَكِ في فُؤادي
دَبيبَ دَمِ الحَياةِ إِلى العُروقِ هل رأيت الحبّ يومًابعيداً عن المحبّ يطيبفكل ساعةٍ تمرّ دهرًاوكلّ ساعةٍ تصبح مغيبفالقلب من فرط الهوى ثملٌوالعين من حرّ البكاء لهيبوالشوق داءٌ ليس من يداويهحكيمًا كان عرّافاً