ومع اتجاه المنظمات عامة نحو اقتصاد المعرفة، ازداد الاهتمام والتركيز على هذه المواهب وعلى كيفية البحث عنها وإيجادها وإدارتها بالطريقة الصحيحة؛ من أجل تحقيق الاستفادة منها والحفاظ عليها.
الموارد البشرية هي الأساس في إبداع المنظمات ومصدرها التنافسي والسبيل لتحقيق النتائج المتميزة وتخطِّي جميع العقبات؛ من خلال الاعتماد على كفاءتهم وتميزهم في تحقيق أهداف المنظمة.
لقد ظهر مفهوم إدارة المواهب لاكتشاف ورعاية المواهب داخل المنظمة والبحث عنها خارج المنظمة واستقطابها أيضاً بوصفها العنصر الحيوي الذي يسهم في تحقيق الأداء العالي، ونظام إدارة المواهب، نظام حديث نسبياً استُخدِم لأول مرة في التسعينيات عندما انتشرت عبارة (الحرب من أجل المواهب)، التي اشتعلت بين المنظمات والشركات المختلفة من أجل اجتذاب الموهوبين وأصحاب الكفاءات وتوفير كافة الظروف سواء المادية أم التنظيمية للحفاظ عليهم، وأصبح نظام إدارة المواهب مع مرور الوقت من استراتيجيات المنظمات في التغيير والتطوير، فهو من الاستراتيجيات الحديثة في إدارة الأعمال التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من برامج التطوير القيادي.
يُطلَق لفظ الموهبة عادة في اللغة العربية على الأفراد الذين يمتازون بدرجة من الذكاء العالي، لكن في الحقيقة الموهبة في عالم الأعمال تعني القدرة العالية في مجال معين أو المقدرة الكبيرة التي تنتج عن التدريب، فليس من الضرورة أن ترتبط الموهبة بالذكاء فقط، فالموهبة هي مجموعة خصائص تميِّز فرداً عن غيره من الأفراد، وتنتج عن خبرته ومعرفته ومهاراته وعاداته التي يمكن أن تتطور من خلال التجارب العملية.
المواهب هنا تشير إلى الأفراد الذين يمتلكون المهارات والقدرات التي تمكِّنهم من قيادة المنظمات بنجاح وإدارة رحلة التغيير فيها، كما تشير إلى المعرفة الجماعية والخبرات والقيم والسلوكات التي يتم إحضارها للتأثير في عمل المنظمة إيجاباً، فالمواهب هم الأفراد القادرون على إحداث الفرق في أداء المنظمة.
يعمل الفرد الموهوب بكثير من الحماسة، فلا يستسلم للعوائق الموجودة بل دائماً ما يلجأ إلى البحث عن حلول لها سواء داخل المنظمة أم في البيئة الخارجية.
يستطيع الفرد الموهوب تنظيم معلوماته واستخدامها استخداماً صحيحاً وفعالاً عبر أدنى قدر من التوجيه.
يعطي الفرد الموهوب أفكاراً جديدة غير مطروقة سابقاً.
لا يتشبث الموهوب برأي أو يصر على نمط محدد من التفكير؛ بل يغير من طريقة تفكيره بحسب المعطيات الراهنة.
يقترح عدد كبير من الأسئلة أو الحلول.
يهوى الفرد الموهوب البحث عن كل ما هو جديد.
يبدي اهتماماً واضحاً فيما يدور حوله من أحداث فينتبه لأدق التفاصيل.
يمارس الفرد الموهوب النقد البناء ويبتعد كل البعد عن الانتقاد اللاذع غير المبني على أسس صحيحة.
يستطيع الفرد الموهوب التعبير عن نفسه تعبيراً صحيحاً، ويحسن الاستماع إلى الآخرين بحب وشغف واهتمام بالغ.
الفرد الموهوب يتمتع بالصفات القيادية، فيفرض احترامه على الآخرين ويتمتع بدرجة كبيرة من الاتزان الانفعالي.
الموهوب يستطيع فهم التفاصيل بسرعة كما لا يتردد في اتخاذ خطوات المبادرة.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتوظيف أفضل موظف ممكن.
استُخدِم مصطلح (إدارة المواهب) لأول مرة في عام 1997 من قبل شركة ماكينزي Mckinsey؛ وذلك عندما صاغوا التعبير (الحرب من أجل المواهب)، فوصف مستشارو ماكنزي الوضع آنذاك بشديد الخطورة ووجود النقص الكبير بالأفراد المؤهلين القادرين على شغل إدارة الأقسام.
لقد انطلقت فكرة شركة ماكنزي في إدارة المواهب من أنَّ كل العمليات التي تتطلب تحسين أداء الأفراد والتي من شأنها تحقيق النجاح للمنظمة تحتاج إلى وجود المواهب، وإنَّ إدارة هذه المواهب ورعايتها تمثِّل جزءاً أساسياً من عمل المنظمة بشكل يومي، فاعتماد المنظمة من أجل تحقيق النجاح يجب أن يتركز على هذه المواهب وتطويرها.
إقرأ أيضاً: دور الرقابة الإدارية في نجاح المنظمات
تتألف إدارة المواهب من مجموعة كبيرة من المدخلات منها:
تعبر عن استراتيجيات إدارة المواهب وأهمها استراتيجية جذب المواهب، استراتيجية تنمية المواهب، استراتيجية الاحتفاظ بالمواهب.
تتمثل في أداء الأفراد المتميز والذي ينعكس في الإنتاجية والجودة والكفاءة.
تمثل هذه الاستراتيجية نقطة البداية في عمل إدارة المواهب، فتحدِّد خصائص الموهوبين المطلوبة من خبرة ودرجة المهارة التي تلائم الوظيفة ومتطلباتها، فتحقق ذلك من خلال وضع توصيف وظيفي يوضح واجبات الوظيفة ومتطلبات شاغلها.
تركز إدارة المواهب في جذب الموظفين على اسم المنظمة وسمعتها، وتوفير نظام عادل من الأجور والحوافز، وربط المكافأة بالأداء، وتوفير مختلف الحوافز المعنوية والمادية المرتبطة بالجوانب الاجتماعية والصحية وسواها.
تتم تنمية المواهب من خلال التركيز على نقاط قوة الموهبة والتدريب عليها من أجل تقويتها، فتعتمد على وضع البرامج اللازمة من أجل إمداد تلك المواهب بالخبرات والمهارات اللازمة لعمل المنظمة.
هي الجهود التي تبذلها المنظمة للاحتفاظ بالموظفين الموهوبين وتقلل من معدل دورانهم، فتتخذ إدارة المواهب كافة الإجراءات اللازمة لمنع ترك المواهب للعمل.
تدرك إدارات المنظمات المختلفة أنَّ الموهبة المتفوقة والمتميزة هي الميزة الأساسية لكل منظمة، فهي القادرة على تحقيق وزيادة الميزة التنافسية والتركيز على نجاح المنظمة وجعلها في موقع متميز بين المنظمات الأخرى؛ لذا فقد تبنت معظم المنظمات في الوقت الحالي فكرة الموهبة وأصبحت إحدى استراتيجياتها التي لا غنى عنها والتي تعمل على تطويرها باستمرار بالشكل الذي يخدم تحقيق أهدافها ومصالحها.