ما هي مدرسة المستقبل؟
في عصر تتسارع فيه التغيرات وتدخل التكنولوجيا في صلب حياتنا اليومية، نجد أنفسنا أمام تحديات جديدة في مجال التعليم، فهل يمكن لمدرسة واحدة مواكبة هذه التغيرات وتلبية احتياجات الأجيال الصاعدة؟ في الإجابة عن هذا السؤال يطرح القائمون على تطوير التعليم رؤية تحويلية للتعليم فيما يسمى "مدرسة المستقبل"؛ مدرسة جديدة تستند إلى التقدم التكنولوجي والتطور المعرفي للمجتمع.
إضافة إلى كونها مركزاً للإبداع والابتكار، فإنَّها تعمل على إعداد طلاب المستقبل وتجهيزهم بالمهارات والمعرفة التي تمكِّنهم من التفاعل مع التغيرات سواء في المجتمع أم في سوق العمل، فالمدرسة المستقبلية بمعلميها الملهمين المدربين وبالتكنولوجيا الحديثة تأمل أن تكون محطة في التعلم المستدام المتساوي والمتنوع، بحيث توفِّر التعلم لكل فرد وفق احتياجاته الفردية، وهنا في هذا المقال ستجد ما تحتاجه من معلومات عن مدرسة المستقبل.
ما هي مدرسة المستقبل؟
مدرسة المستقبل هي المدرسة الفعالة ذات الكفاءة التي تسهم في بناء شخصيات أبنائها وإعدادهم للحياة، وهي مدرسة تعلِّم الطلاب كيف يصلون بأنفسهم إلى المعلومة، وكيف يستفيدون من المعلومة بالاعتماد على أسلوب حل المشكلات الذي يعزز مهارات التفكير العليا لديهم من تحليل وتركيب وتصنيف وتقويم.
إذاً، هي مدرسة مختلفة عن المدارس وذات منظومة متكاملة، ولها رسالة وأهداف وخطط، وتملك إدارة ذاتية لبرامجها المدرسية، وتهتم باستخدام التكنولوجيا الحديثة للحصول على المعلومات، وتشجع الطلاب على التعلم الذاتي وتربيهم على مجابهة التحديات العلمية والثقافية المتجددة من فعل العولمة الاقتصادية والفضائية المعاصرة، إضافة إلى دورها في تنمية مهاراتهم وتزوِّدهم بما يؤهلهم للعيش بفاعلية وتحقيق التكيف مع مجتمعهم المتطور.
أهداف مدرسة المستقبل:
مدرسة المستقبل ليست مجرد مدرسة تقدِّم المعرفة التقليدية؛ بل هي تصوُّر كامل للتعليم يعكس تحديات الزمان ويستند إلى تطلعات المستقبل، وقد تختلف أهداف مدرسة المستقبل من مدرسة إلى أخرى وتعتمد على رؤية ومهمة المدرسة نفسها، ومع ذلك، إليك بعض الأهداف العامة لمدارس المستقبل:
شاهد بالفديو: ما هي أهمية التعليم المدمج؟
السمات المميزة لمدرسة المستقبل:
تجمع مدرسة المستقبل بين الأمل والتحدي، فهي مؤسسة تعليمية لديها رؤية تتلاءم مع تطلعات المستقبل، وتوجد مجموعة من السمات والخصائص التي تجعل مدرسة المستقبل فريدة ومتطورة، وأبرزها:
تتجاوز أساليب التلقين، وتستعيض عنها بتعليم الطلبة التفكير، وتعمل على تسليحهم بالقيم والمهارات النافعة، وتتكامل فيها الأهداف المعرفية والوجدانية، وهكذا تندمج عقول المعلمين والمتعلمين في مدرسة المستقبل، لإنشاء جيل قادر على توظيف معلوماته ومهاراته بكفاءة، ولتحقيق أهداف آمنة، وإشباع حاجات مجتمعه، وإيجاد حلول ناجعة لمشكلاته، والدفاع عن حقوقه ومكتسباته.
إقرأ أيضاً: التحديات التي تواجه معلمي المدارس والمدراء في ضوء مدرسة المستقبل
نماذج مدارس المستقبل:
فيما يلي بعض النماذج المحددة لمدارس المستقبل ولها 5 نماذج وهي:
1. المدرسة المتعلِّمة:
هي المدرسة التي تتمحور حول مبدأ (التربية المستدامة وأنَّ التعليم عملية مستمرة مدى الحياة ولجميع الفئات والمستويات البشرية).
2. المدرسة الإلكترونية:
هي التي يعمل بها الحاسب الآلي والتقنيات الحديثة في جميع العمليات الإدارية.
3. المدرسة النوعية:
هي التي تتبنى مبدأ الجودة الشاملة، وتركز على مبدأ (التحسين المستمر) سواء في التحصيل الدراسي أم الأساليب الدراسية.
4. المدرسة التعاونية:
هي المدرسة التي تتبنى مبدأ (التعليم التعاوني) القائم على التعاون بين المعلم والطالب والتعاون بين المعلمين بعضهم بعضاً في تطوير أساليبهم.
5. المدرسة المبدعة:
هي التي تتبنى مبدأ (تشجيع وتنمية ملكة الإبداع) بشرط أن تتوفر البنية التحتية المناسبة لتفعيل ملكة الإبداع لدى الفرد.
تقنيات التعلم والتعليم في مدرسة المستقبل:
فيما يلي بعض تقنيات التعلم والتعليم التي من المحتمل أن تصبح شائعة في مدرسة المستقبل:
1. البريد الإلكتروني:
يساعد على إيجاد حلقة سريعة بين المتعلمين وأولياء الأمور والمجتمع المحلي المحيط بالمدرسة من حيث تبادل الرسائل والمعلومات والبيانات والأبحاث.
2. المكتبة الإلكترونية:
تجمع أوعية ورقية مخزَّنة إلكترونياً على وسائط ممغنَطة أو مُلَيزَرَة، وأوعية غير ورقية في ملفات (مؤلفين أو ناشرين)، أو قواعد بيانات متاحة عن طريق الأقراص المبرمجة أو الاتصال المباشر.
شاهد بالفديو: أفضل 8 استراتيجيات تعلم نشط للناس المشغولين
3. عرض الدروس إلكترونياً:
يقوم المعلم بتحضير موضوعاته ودروسه باستخدام الكمبيوتر المخصص لهذا الغرض أو باستخدام الفيديو التفاعلي، ومن قاعدة بيانات المدرسة يتم تحميل الدرس في الموعد المحدد، ويطلع الطالب إلكترونياً على الدرس في أثناء الراحة أو بعد مواعيد الدراسة أو في منزله.
4. الدردشة:
هذه البرامج هي إحدى وسائل الاتصال بين المدرسين والمتعلمين عبر الإنترنت للرد على الاستفسارات والأسئلة، ويمكن لهذه الوسيلة أن تجمع عدداً من المتخصصين في مجال واحد وأماكن متعددة والنقاش في موضوع ما بالصوت والصورة.
5. الكتاب الإلكتروني:
هو أي كتاب أو مطبوع عموماً على هيئة رقمية إلكترونية، يوزَّع إلكترونياً وتتم قراءته بأجهزة الحاسب أو المساعِدات الشخصية الرقمية المختلفة.
6. الصفوف الذكية:
عبارة عن معمل حاسب آلي ذي مواصفات عالية يُستخدَم للتدريب ولتدريس المواد الدراسية، ويسهِّل عملية الاتصال بين المعلم والمتعلم من جهة والمتعلمين فيما بينهم من جهة أخرى.
7. التعليم الافتراضي:
يعتمد على استخدام التقنيات الحديثة من حاسب آلي وشبكة إنترنت بحيث تتوفر للطالب مصادر معلومات في حال عدم وجود المدرس أو وجوده عن بُعد.
في الختام:
بعد معرفة الآفاق التي تقدِّمها مدرسة المستقبل للتعليم والمتعلمين، لا بد من تطوير مدارسنا الحالية لتناسب متطلبات العصر الحديث والتطور التكنولوجي المستمر، فإنَّ مدرسة المستقبل هي حلم يراود عدداً من الشغوفين بتحسين نظام التعليم.
على الرغم من التحديات التي تواجهها هذه الفكرة، إلا أنَّها تمثل إمكانية حقيقية لتحقيق تغيير جذري في التعليم وصناعة جيل متعلم وواعٍ ومستعد لمواجهة تحديات المستقبل، لذلك يتعين على المجتمع توحيد الجهود من أجل تحقيق هذا الحلم والاستثمار في مستقبل أبنائنا ومستقبلنا.