ما هي تداعيات الأُبوَّة المفرطة؟

ما هي تداعيات الأُبوَّة المفرطة؟
(اخر تعديل 2024-04-22 06:07:14 )
بواسطة

ما هي الأُبوَّة المفرطة؟

الأُبوَّة المفرطة هي نمط لتربية الأطفال يتميز بتطبيق مستويات غير مناسبة للتطور من السيطرة والمساعدة على الأطفال، عادةً في سن المراهقة والشباب، ينطوي هذا النهج في التربية على درجة عالية من السيطرة الأبوية، والحماية المفرطة، والمشاركة في كل جانب من جوانب حياة الطفل.

يُشار إلى هذا النمط من التربية في بعض الأحيان بمصطلح "التربية المروحية"، أو "التربية خارجة السيطرة"، أو "التربية الجزازة"، أو "تربية الحماية الزائدة"، أو "التربية المكثفة".

يفرط الوالدان المفرطان بالتربية بحماية أطفالهما من الضرر وضمان نجاحهم، وغالباً ما يتوقعان المشكلات ويساعدان أطفالهما على إنجاز المهام بصرف النظر عما إذا كانت توجد حاجة إلى المساعدة أم لا.

على الرغم من الفوائد المحتملة، قد يعوق هذا الأسلوب في التربية تطور الأطفال وعملية تعلُّمهم، فبدلاً من السماح لأطفالهما باتخاذ قراراتهم الخاصة، يراقب الوالدان باستمرار أطفالهما، ويحلان جميع مشكلاتهم، ويحميانهم من الإحباط، ويتخذان جميع قراراتهم عنهم.

تشمل قصص الوالدين المفرطين في التربية كتابة الوظائف لأطفالهما أو المشاجرة مع أساتذة المدرسة بشأن الدرجات، ويشتهر بعض الوالدين بالتدخل حتى بعد التخرج من الكلية، فيشاركان مشاركة كبيرة في عملية تقديم طلبات التوظيف لأطفالهما، ومقابلات العمل، ومفاوضات الراتب.

قد تمتد الأُبوَّة المفرطة إلى مكان العمل، وتؤدي إلى سلوكات مثل حضور الوالدين لمعارض التوظيف بدلاً من أبنائهما الكبار، أو الاتصال بالشركة للشكوى من تقييمات الأداء، أو حتى محاولة التفاوض على رواتب أعلى لأطفالهما.

علامات الأُبوَّة المفرطة:

إليك بعض أمثلة عن الأُبوَّة المفرطة:

  • أداء واجبات المنزل أو مشاريع المدرسة بدلاً من الطفل.
  • الاتصال بالمعلم وطلب تحسين الدرجة.
  • مرافقة الطفل في مقابلة عمل.
  • الشكوى من التقييم السلبي والتفاوض بشأن الراتب نيابة عنه.
  • تولِّي مهمة ما عندما يشعر الطفل ببعض الصعوبة.
  • التخطيط والإشراف التفصيلي على نشاطات الطفل.
  • المطالبة بأن يحصل كل طفل على جائزة في المسابقات.
  • عدم السماح للطفل باتخاذ قرارات مثل اختيار الكلية.
  • ملء استمارات التقديم للجامعة وكتابة مقالات التقديم بدلاً من الطفل.
  • الاحتفاظ بالطفل، حتى المراهق، مع والديه في جميع الأوقات.

تداعيات الأُبوَّة المفرطة على الأطفال:

لقد صاغ أطباء النفس والمختصون بتربية الأطفال مصطلح "التربية المروحية" في ستينيات القرن الماضي؛ إذ يُعرَف الوالد المروحي بأنَّه شخص يكون مفرط الحماية أو مهتماً بشكل مفرط بحياة طفله.

تتضمن بعض الأمثلة عن ذلك إخبار الطفل كيف يلعب بشكل صحيح، أو تفريش أسنان الطفل عندما يكون في سن 12 ويتمتع بصحة جيدة، أو إكمال مشروع علوم الطفل بالنيابة عنه، أو قطع اللحم على طاولة العشاء لصبي عمره 16 عاماً، أو التحدث إلى أستاذ جامعي بشأن درجات طالب بالغ.

أن تكون والداً مشاركاً ليس أمراً سيئاً، فالانخراط في حياة الطفل قد يزيد من ثقته، ويبني رابطة أقوى بين الوالدين والطفل، ويزيد من فرص أن يصبح الطفل شخصاً بالغاً ناجحاً، لكن أين هي الخطوط التي تفصل بين الوالد المشارك بشكل فعال والوالد المشارك بشكل زائد؟

عموماً، نشأ الأطفال في السبعينيات مع حرية اللعب في الخارج حتى غروب الشمس وشرب الماء من خرطوم الحديقة عند العطش، فإذا سقط الطفل، كان الوالد يقول: "أنت بخير، قف ونظف الأتربة عن سروالك"، وبعد أكثر من 30 عاماً لاحقاً، بتنا نعيش في عصر يلعب فيه الأطفال داخل المنزل، فإذا أرادوا الخروج، يلعبون في الفناء الخلفي، وعموماً، يشرب الجميع ماء مصفَّى، ويعقم يديه لصد الجراثيم والعوامل المُمرِضة.

بسبب بعض هذه التجارب التي نشأ بها الوالدان، يطوِّران أفكارهما الخاصة المتعلقة برغبتهما في تربية أطفالهما، فربما كانت لديهما حاجة إلى تعلُّم كيفية غسل الملابس ودفع الفواتير في سن مبكرة؛ لأنَّ والديهما كانا دائماً في العمل، وربما تعرضا للعض من قِبل كلب في طفولتهما؛ لذا لا يرغبان الآن في أن يكون أطفالهما قريبين من الكلاب.

شاهد بالفديو: 11 نصيحة كي تصبح والداً أفضل

بصرف النظر عن الحالة، توجد أسباب عدة جيدة لتفسير لماذا يحاصر الوالدان أطفالهما؛ إذ يرغب الوالدان في تحقيق الأفضل لأطفالهما وحمايتهم، فإنَّها غريزة طبيعية للوالدين وهي حماية أبنائهما من الضرر، ومن الضروري منع الطفل من وضع يده على موقد ساخن أو مطاردة كرة في شارع مزدحم.

لكن وسط القلق بشأن الحفاظ على سلامة الأطفال والتركيز على تربية أطفال ناجحين، يكون من السهل أحياناً تجاوز الفوائد التي يمكن أن تجلبها الأخطاء والإحباطات للأطفال.

أظهرت الدراسات أنَّ التدخل المفرط في حياة الطفل قد يشجع على القلق، كما أظهرت دراسة أُجرِيت في عام 2012 في جامعة "ماكواري" في "سيدني، أستراليا" أنَّ الأطفال في سن الأربع سنوات الذين أظهروا علامات على القلق، كانت لديهم أمهات مشاركات جداً أو أمهات تم تشخيصهن بمرض القلق، وبحلول سن 13، كان هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للتشخيص بالقلق السريري.

للذهاب أبعد من ذلك، أظهرت دراسة نُشِرت في مجلة الدراسات الطفولية والأسرة في عام 2013 أنَّ الطلاب الجامعيين الذين تمت "تربيتهم بشكل مفرط" يبلِّغون عن عدم رضاهم عن الحياة.

قد ينمو الأطفال الذين لديهم والدان مسيطران بشكل مفرط دون الثقة في مهاراتهم، فإذا كان الأطفال عادةً ما يعتمدون على والديهم للقيام بالأشياء بالنيابة عنهم، فقد لا يعرفون كيفية القيام بالأشياء بأنفسهم مثل غسل الملابس أو دفع الفواتير، والرسالة التي يتلقونها من هذا هي أنَّهم غير جديرين بما فيه الكفاية للقيام بهذه الأمور.

من الهام أن ندرك كيف يؤثر قلقنا الشخصي في الأطفال الذين نربيهم، فمن خلال التأكد من سلامة طفلك من الأذى الذي قد يتسببه كلب، هل أنت أيضاً تمنعه من معرفة فرح وفوائد وجود حيوان أليف؟ وهل سيبدأ طفلك بتجنُّب الأماكن التي تحتوي على كلاب؟ قد تعلِّم هواجسنا الشخصية الأطفال أنَّ العالم هو مكان مخيف وأنَّ التحديات التي تجعلهم يتحدون فيها تجربة أشياء جديدة هي شيء سيئ.

كل تجربة يخوضها الطفل هي فرصة للتعلم، وتحديد ما إذا كانت مهمة مناسبة لعمر الطفل هي وسيلة لمساعدته على البدء بالتحرك الطبيعي نحو الاستقلال، فمن خلال إفراطنا في التربية، نعرض أنفسنا لخطر منع أطفالنا من تجربة فرح الكسب من خلال العمل الجاد، وتطوير مهارات حل المشكلات للتعامل مع الأخطاء، ورؤية العالم بعيون مليئة بالأمل والفضول.

إيجابيات التدخل الوالدي الزائد:

على الجانب الآخر، يتناقض هذا التحذير مع الأدب الذي يُظهِر أنَّ التدخل الوالدي قد يساعد على التنمية الصحية؛ ففي الأسر التي يشارك فيها الوالدان بانتظام في حياة أطفالهما ويقدِّمان الدعم المناسب لتطورهم، يميل الأطفال إلى التفوق أكاديمياً وعاطفياً، وبناء علاقات أفضل مع أقرانهم.

على وجه التحديد، يرتبط ارتفاع مستويات دعم الأم بالسلوك الاجتماعي المقبول والأمل في الشبان، إضافة إلى ذلك، عند إجراء استطلاع للرأي، عُدَّ الأطفال الذين تورط والداهم في التدخل الوالدي أنَّهم إيجابيون تجاههما، وعلى وجه الخصوص، وصفوهما بأنَّهما مشاركان وداعمان عاطفياً، على الرغم من أنَّهم شعروا بأنَّهم لم يُمنَحوا ما يكفي من الحرية.

في النهاية، قد يكون التدخل الوالدي ذا فائدة كبيرة للأطفال؛ إذ يشير الأدب المتعلق بالتربية المروحية إلى أنَّه نوع التدخل الوالدي بدلاً من الكمية التي ستؤثر في رفاهية الطفل وقدرته على أن يصبح شخصاً بالغاً متكيفاً.

أنماط التربية:

أولاً: الوالد المتساهل

السمات الشائعة:

  • استجابة عالية، ومطالبة منخفضة.
  • يتواصل بشكل مفتوح، وعادةً ما يترك لأطفاله القرار بدلاً من إعطاء التوجيه.
  • القواعد والتوقعات إما أنَّها لا تُحدَّد أو تُفرَض نادراً.
  • غالباً ما يبذل جهداً كبيراً للحفاظ على سعادة أطفاله، وأحياناً على حسابه الخاص.
  • الوالد المتساهل أكثر عرضةً لتولِّي دور الصداقة بدلاً من الدور الوالدي مع أطفاله.
  • يفضِّل تجنُّب الصراع، وغالباً ما يستسلم لنداءات أطفاله بأول علامة من علامات الضيق.
  • يسمح لأطفاله بفعل ما يشاؤون، ويقدِّم توجيهاً محدوداً.

ثانياً: الوالد السلطوي

السمات الشائعة:

  • استجابة عالية، ومطالبة عالية.
  • يحدد قواعدَ وتوقعاتٍ واضحةً لأطفاله مع ممارسة المرونة والتفاهم.
  • التواصل المتكرر؛ إذ يستمع ويأخذ في حسبانه أفكار ومشاعر وآراء أطفاله.
  • يسمح بحدوث العواقب الطبيعية (على سبيل المثال، يفشل الطفل في الاختبار عندما لا يدرس)، ولكنَّه يستفيد من تلك الفرص لمساعدة أطفاله على التفكير والتعلم.
  • الوالد السلطوي حنون وداعم، وغالباً ما يكون على معرفة بحاجات أطفاله، ويرشد أطفاله من خلال مناقشات مفتوحة وصادقة لتعليم القيم والاستدلال، كما يميل الأطفال الذين يكون لديهم والد سلطوي إلى أن يكونوا ملتزمين ذاتياً وقادرين على التفكير بأنفسهم.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء

ثالثاً: الوالد المهمل

السمات الشائعة:

  • استجابة منخفضة، ومطالبة منخفضة.
  • يترك أطفاله في الغالب للعناية بنفسه؛ ربما لأنَّه غير مبالٍ بحاجاتهم أو مشغول بأمور أخرى.
  • يقدِّم قليلاً من الرعاية والتوجيه والاهتمام.
  • غالباً ما يكافح مع مشكلات تقدير الذات الخاصة به، ويواجه صعوبة في تكوين علاقات وثيقة.
  • تُعرَف هذه الطريقة أحياناً بالتربية غير المشاركة، وتتمثل في إحساس عام باللامبالاة.
  • الوالد الإهمالي لديه تفاعل محدود مع أطفاله، ونادراً ما يطبق القواعد، ويُنظَر إليه على أنَّه بارد ولا يهتم، لكن ليس دائماً عن عمد؛ إذ يكافح غالباً مع قضاياه الشخصية.

رابعاً: الوالد الاستبدادي

السمات الشائعة:

  • مطالبة عالية، واستجابة منخفضة.
  • فرض قواعد صارمة دون مبالاة لمشاعر أطفاله أو احتياجاتهم الاجتماعية والعاطفية والسلوكية.
  • غالباً ما يقول: "لأنَّني قلت ذلك" عندما يستفسر طفله عن أسباب قاعدة أو عقوبة ما.
  • التواصل هو في الغالب في اتجاه واحد من الوالد إلى الطفل.
  • تستخدم هذه الطريقة القاسية للتربية التأديب الصارم، وغالباً ما يبرر الوالد الاستبدادي ذلك باسم "الحب القوي".
  • في محاولة لتحقيق السيطرة التامة، غالباً ما يتحدث الوالد الاستبدادي إلى أطفاله دون رغبة في الحصول على مدخل أو ردود فعل.

في الختام:

إنَّ الأُبوَّة المفرطة التي تتسم بالتدخل الزائد والرعاية الفائقة، قد تحمل آثاراً غير مرغوب فيها في تطور الأطفال، وعلى الرغم من الرغبة الطبيعية للآباء في حماية أطفالهم وضمان نجاحهم، يتعين عليهم أيضاً فهم أهمية منح الأطفال مساحة لاتخاذ قراراتهم وتحمُّل مسؤولياتهم، وبالتوازن بين الدعم اللازم ومنح الحرية، يمكن للأهل تشجيع نمو أطفالهم بطريقة تعزز استقلاليتهم وتطويرهم الشخصي.