الوحدة: تعريفها وأعراضها وخطوات التعامل معها

الوحدة: تعريفها وأعراضها وخطوات التعامل معها
(اخر تعديل 2024-04-13 05:00:20 )
بواسطة

وتكمن المفارقة هنا في زيادة معاناة الأفراد من الوحدة على الرغم من التقدم التكنولوجي الذي جعل التواصل الاجتماعي أسهل من أي وقت مضى.

لقد تفاقمت أزمة العزلة الاجتماعية مع تزايد عدد الناس الذين يعيشون وحدهم، ويعزو الخبراء هذه العزلة الاجتماعية إلى تأخر الزواج، وانخفاض معدلات الإنجاب، وارتفاع معدلات الطلاق، وعيش الأفراد حتى سن متقدمة.

بدأ الباحثون في الآونة الأخيرة بدراسة تأثيرات العزلة على صحة الإنسان، وقد أُجريَت دراسة في "جامعة بريغام يونغ" (Brigham Young University) البحثية عن تأثير الوحدة والعزلة الاجتماعية وعيش الإنسان وحده طوال العمر، وحلل الباحثون بيانات جُمِعَت على مدى 35 عاماً من حوالي 3 ملايين شخص.

تعريف شعور الوحدة:

يجب توضيح الفرق بين الاختلاء بالنفس والشعور بالوحدة قبل الخوض في أساليب وتقنيات التعامل مع الوحدة؛ إذ يتيح الاختلاء بالنفس إمكانيةَ تجديد الطاقة والنشاط، وزيادة مستوى الوعي الذاتي، وهذا يعني أنَّه مفيد عندما يختاره الإنسان بملء إرادته ولا يكون مفروضاً عليه، وتكمن المشكلة الحقيقية في شعور الفرد بالوحدة في أثناء وجوده في الأوساط الاجتماعية.

حتى لو كنت تحب قضاء الوقت وحدك، فإنَّ الإفراط في هذه العزلة يؤذي صحتك، فالاختلاء بالنفس والشعور بالوحدة مفهومان مختلفان كما ذُكِر آنفاً، ولكنَّهما يتشابهان في تأثيرهما في طول عمر الإنسان؛ إذ بيَّنت نتائج دراسة "جامعة بريغام يونغ" أنَّ العزلة الاجتماعية وعيش الإنسان وحده أشد ضرراً على الصحة من مشاعر الوحدة، ويزداد خطر الوفاة بحوالي 29% في حالة العزلة الاجتماعية، و32% نتيجة عيش الإنسان وحده.

أعراض مشاعر الوحدة:

يجب أن يكون الفرد قادراً على تمييز إحساس الوحدة عن مشاعر الحزن والإحباط العابرة.

فيما يأتي 4 أعراض لمشاعر الوحدة:

1. صعوبة التواصل مع الآخرين:

يدلُّ عجز الفرد عن إقامة العلاقات الوثيقة والمثمرة على معاناته من مشاعر الوحدة، ويستطيع الإنسان أن يجري محادثات عابرة مع الآخرين بكل سهولة، ولكنَّ العلاقات المثمرة تتطلب خوض نقاشات عاطفية وشخصية عميقة وخاصة.

2. شعور مستمر بالغربة:

يشعر بعضهم بالوحدة في أثناء وجودهم برفقة الآخرين، ويدل شعور الغربة والعزلة في مكان العمل والمواصلات العامة وفي أثناء قضاء الوقت برفقة الأصدقاء على المعاناة من الوحدة.

3. صعوبة في الاندماج مع الآخرين:

الإنسان الذي يشعر بالوحدة قادر على التفاعل مع الآخرين وإبداء الود واللطف، لكنَّه يشعر بالإنهاك والاستنزاف بعد كل عملية تواصل يقوم بها، ويتعرض هذا الشخص للإجهاد عندما يقضي الوقت مع أحبته، كما أنَّه يواجه صعوبةً في التفاعل معهم، ويضطر لبذل مجهود مضنٍ حتى يندمج مع الحاضرين.

4. السلوكات المعادية للمجتمع:

قد يمتلك الفرد عدداً كبيراً من العلاقات الاجتماعية، ولكنَّه يبدأ فجأة بمقاطعة معارفه، ويرفض مقابلتهم ويتهرب منهم، ويظن الإنسان الوحيد أنَّه مرفوض من قبل الآخرين، لهذا السبب يتجنب معارفه ويحاول البقاء وحده قدر الإمكان.

تأثير الإفراط في الوحدة والانعزال:

تُعدُّ الوحدة والعزلة من أعقد العواطف الإنسانية التي يتعرض لها الجميع دون استثناء في مراحل معيَّنة من حياتهم، وتختلف هذه العواطف من حيث شدتها وتأثيرها في الصحة والحياة عموماً من فرد لآخر.

إنَّ الفرد الذي يظهِر مستويات متدنية من الوحدة ينجح في عيش حياة زوجية هانئة، والوصول لمراتب علمية عالية، وتحقيق مدخول مادي ممتاز، في حين يعاني نظيره الذي يبدي مستويات مرتفعة من الوحدة من العلاقات الاجتماعية الفاشلة، وقلة عدد المعارف، كما أنَّه يصبح أكثر عرضة للإصابة في بعض الأمراض، وتؤدي الوحدة إلى تقصير عمر الإنسان في بعض الحالات.

فيما يأتي:

4 أضرار للوحدة:

1. زيادة شعور الإرهاق:

تتأثر صحة الإنسان النفسية والجسدية في إحساس الوحدة، وقد تبين أنَّ الفرد الذي يظهر مستويات عالية من الوحدة يميل لتناول الأطعمة المريحة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكريات، كما أنَّه يعاني من الأرق وانخفاض جودة النوم؛ إذ يتحسن أداء الفرد ويكون مفعماً بالطاقة والحيوية مع تزايد مستويات السعادة والرضى في الحياة.

2. الشيخوخة المبكرة:

تؤدي الوحدة إلى ارتفاع مستويات التوتر النفسي، وهو ما يؤثر بدوره في العمليات الخلوية التي تجري ضمن الجسم، وبالنتيجة يصبح الإنسان أكثر عرضةً للإصابة بالشيخوخة المبكرة.

إنَّ الفرد الذي يظهِر مستويات عالية من الوحدة يكون أكثر عرضة لإدمان المشروبات الكحولية، وهو ما يؤثر سلباً في أداء الخلايا، ويسبب ظهور أعراض الشيخوخة مثل التجاعيد والخطوط الناعمة على الجلد.

3. ضعف جهاز المناعة:

بيَّنت الأبحاث العلمية أنَّ أضرار الوحدة تعادل تدخين 15 سيجارة باليوم الواحد، وهي تزيد من خطر الوفاة في سن مبكرة بحوالي 50%، لذا تؤدي العزلة الاجتماعية الطويلة إلى إضعاف جهاز المناعة، كما أنَّها تجعل الفرد أكثر عرضةً للإصابة بالالتهابات وأمراض القلب وغيرها من الأزمات الصحية الخطرة.

4. الوفاة في سن مبكرة:

تشرح الباحثة "جوليان هولت-لوندستاد" (Julianne Holt-Lundstad) أنَّ "مخاطر الوحدة شبيهة بتأثيرات البدانة التي يعدها المعنيون في قطاع الصحة العامة أزمة حقيقية، لذا يجب علينا أن نبدأ بالتعامل مع تأثير العلاقات الاجتماعية في الصحة بشكل جدي".

بيَّنت نتائج الدراسة أنَّ شعور الوحدة يزيد من خطر الوفاة بنسبة 26%.

شاهد بالفديو: 7 مبادئ للتغلب على الخوف من الوحدة

كيف تتعامل مع الوحدة؟

كشفت نتائج الدراسة أنَّ العلاقات الاجتماعية مفيدة لصحة الجسم وإطالة عمر الإنسان، ولكن لا يكفي أن تزيد عدد معارفك أو تخرج برفقة أصدقائك وأحبتك بانتظام حتى تعالج مشكلة الوحدة؛ بل يجب عليك أن تتبع خطة شاملة تساعدك على التخلص من هذه المشاعر، وفيما يأتي 3 خطوات للتعامل مع مشاعر الوحدة وزيادة شعور الرضى في الحياة:

1. التخلص من المعتقدات المقيدة:

تتولد جميع العواطف السلبية مثل الوحدة نتيجة المعتقدات المقيدة ونظرة الفرد الدونية تجاه نفسه وشعوره بعدم الاستحقاق، ولا يستطيع الإنسان أن يلبي احتياجاته الغريزية من الحب والتواصل ما لم يؤمن بحقه في الحصول عليها.

2. الرعاية الذاتية:

تتأثر العواطف الإنسانية بشكل مباشر في مدى اهتمام الفرد بصحته النفسية والجسدية، ولهذا السبب بالتحديد تترافق مشاعر الوحدة مع أعراض الاحتراق النفسي والتوتر، لذا يجب على الإنسان أن يعطي الأولوية لصحته النفسية والجسدية من خلال ممارسة التمرينات الرياضية، والتأمل، واليوغا، وممارسات الرعاية الذاتية ضرورية للتغلب على شعور الوحدة.

3. العطاء ورد الجميل:

العطاء هو واحد من الاحتياجات الغريزية في النفس الإنسانية وفيه يكمن الغرض من الحياة؛ إذ يمكنك أن تغير نظرتك تجاه نفسك والحياة التي تعيشها عندما تبذل وقتك وجهدك في مساعدة المحتاجين، وتساعدك هذه الطريقة على التخلص من عقدة النقص وزيادة شعور الامتنان والانتماء للمجتمع.

يدعو الباحثون في "جامعة بريغام يونغ" إلى أخذ هذه الدراسة على محمل الجد وعدِّها تحذيراً ينذر بحدوث عواقب وخيمة في المستقبل ما لم يتم التعامل مع مشكلة الوحدة، وقد أفادت عالمة النفس "هولت_لانستاد" بأنَّ الوحدة "مسألة خطرة يجب أن نأخذها على محمل الجد حتى نحافظ على صحتنا، لذا يجب عد الوحدة قضية صحة عامة".

يقول "تيم سميث" (Tim Smith) أحد المشاركين في الدراسة: "تفيد الدراسة بأنَّ التفكير الإيجابي يساهم في تحسين الوظائف العاطفية والجسدية".

في الختام:

يجب عليك أن تتخذ قرارك وتستفيد من الخطوات الواردة بالمقال في التخلص من مشكلة الوحدة، فتساعدك هذه الخطوات على تحسين جودة حياتك وإطالة عمرك.