دور الامتنان في تحقيق السعادة

دور الامتنان في تحقيق السعادة
(اخر تعديل 2024-04-03 05:56:15 )
بواسطة

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتُحدِّثنا فيه عن أهمية ممارسة الامتنان لتحقيق السعادة.

يتميز بعض الأشخاص بإيجابيتهم وتفاؤلهم، وامتناعهم عن تهويل هموم الحياة أو الشكوى المستمرة بشأن توافه الأمور؛ وهذا لا يعني أنَّ حياتهم وردية بالكامل وخالية من المشكلات والهموم، وهنا يبرز التساؤل الآتي: "ما هو سر سعادة هؤلاء الأشخاص؟".

كثيراً ما يُساء استخدام كلمة "السعادة" على الرَّغم من بساطتها، ويظن الجميع أنَّ السعادة حالة عقلية، وهذا تعريف خاطئ؛ لأنَّ السعادة حالة عقلية إيجابية، ويميل الأشخاص السلبيون إلى التفتيش عن المُنغِصات في المواقف السعيدة، ويتصرف الإيجابيون بطريقة مناقضة تماماً.

تتحقق السعادة عندما يكون موقف الإنسان إيجابياً تجاه كل ما يحصل في حياته؛ وهذا يعني أنَّها خيار شخصي خالص ولا تعتمد على أسباب محددة، لكن قد يشعر أكثر الناس تفاؤلاً بالسأم من وضعه عندما تقسو ظروف الحياة عليه ولا تسير الأمور في مصلحته.

كان أحد معارفي يمر بتجربة طلاق مريرة، كما أنَّه خسر عمله، وأوشك على الإفلاس، واستدان مبلغاً كبيراً من المال، فذهبت إلى مقابلته في تلك الفترة، وفكرت كيف سأواسيه وأخفف من مصابه، وأتعامل مع شكواه وهمومه ودموعه المتوقعة في مثل هذه الظروف الصعبة، تبيَّن لي حينها أنَّ الرجل متماسك تماماً ومستعد للمرحلة المقبلة من حياته، ويمتلك خطة لتجاوز وضعه الصعب.

لقد كان متفائلاً ويتحدث عن جمال اليوم والطقس، وأخبرني أنَّه باشر بتطبيق الخطة التي وضعها في ذلك الوقت لاستعادة السيطرة على حياته، ولم أستطع إخفاء دهشتي من وضعه وموقفه الإيجابي ممَّا ألمَّ به، وقد لاحظ بدوره صدمتي، وسألني مازحاً فيما إذا توقعت منه الشكوى والنحيب بسبب ما جرى له، ثم قال:

"يجب أن يتأقلم المرء مع وضعه وتكون استجابته إيجابية، فأنا مثلاً عاجز عن تغيير ما حدث معي؛ لكنَّني أستطيع التحكم بمستقبلي، ولقد خسرت وظيفتي وأموالي وانتهى زواجي؛ لكنَّني ممتن لنِعَمٍ كثيرة موجودة في حياتي، وتوجد نِعَم لا تُعَد ولا تُحصَى في حياة كل واحد منا".

هذا الكلام منطقي جداً ويتوافق مع رأي الفيلسوف "وليام بن" المذكور في بداية المقال.

أهمية الامتنان:

يشعر الإنسان بالقناعة ويقِّدر الوفرة الموجودة في حياته عندما يُحصي النِعم التي يحظى بها والأشياء التي يمتلكها ويستخف بها؛ لأنَّه معتاد على وجودها ولا يدرك أهميتها، مثل نعمة الصحة أو وفرة الطعام أو الأصدقاء الطيبين أو العائلة المُحِبَّة، أو الراتب الجيد في الوظيفة، أو أي سبب بسيط للسعادة؛ فالإنسان لا يقدِّر قيمة هذه النِعم حتى يفقدها أو يجد من هم بحاجة ماسة إليها.

يتغير موقف الإنسان وتزداد إيجابيته عندما يكثر من الامتنان ويقدِّر ما بحوزته، وهو ما يؤدي بدوره إلى تحسين كل من صحته النفسية والجسدية على حد سواء.

تقتضي إحدى الحلول الفاعلة للتخلص من الإجهاد النفسي الناجم عن ضغوطات الحياة ممارسة الامتنان؛ أي إحصاء النِعم التي يحظى بها الفرد، وسيشعر بالراحة والانفراج في الحال.

شاهد بالفديو: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

أساليب ممارسة الامتنان:

تقتضي إحدى الطرائق الفاعلة لممارسة الامتنان تدوين النِعم ضمن دفتر اليوميات، أو على ورقة وتعليقها على المرآة أو سطح المكتب في العمل حتى يتسنى لك رؤيتها يومياً.

من الهام أن تدوِّن هذه النِعم ولا تكتفي بالتفكير فيها؛ لأنَّ وجودها على الورق سيجعلك تلاحظها وتدرك أهميتها، ويزيد شعورك بالامتنان والتقدير.

يجب ألا تقتصر عملية التدوين على الممتلكات المادية مثل وفرة الملابس أو المنزل الفخم على سبيل المثال؛ بل يُستحسَن أن تركز على القيمة والنوع في الأشياء التي تذكرها بدل أن تنجر وراء الأشياء المادية.

يميل معظم الأفراد إلى إغفال النِعم الأساسية مثل الصحة الجيدة أو توفر مستلزمات الحياة مثل الماء النظيف؛ وذلك بسبب الوفرة الموجودة حولهم، ولهذا السبب يجب أن تُخصِّص بعض الوقت بين الحين والآخر لإحصاء الأشياء التي تنعم بها ويفتقر إليها غيرك، وستكتشف عندها كثرة الخير والتوفيق في حياتك.

في الختام:

يجب أن تفكر بالنِّعم التي تحظى بها وتقدِّر وجودها وتشعر بالامتنان تجاهها كل صباح حالما تستيقظ، وتستطيع أن تُعرِب عن امتنانك للأشخاص الذين تَعُدُّ وجودهم في حياتك نعمة ومكسباً، حتى تضفي مزيداً من البهجة والإيجابية على حياة كل منكما.

الذاكرة الجيدة هي التي تخزن النِّعم والمواقف الإيجابية، وتتخلص من المشكلات اليومية، وبناءً عليه يجب أن تداوم على تدوين الذكريات والنِّعم والأحداث الطيبة في حياتك.