قصة النبي

قصة النبي
(اخر تعديل 2023-06-21 03:39:16 )
بواسطة

كانت في منطقة الحجر (ما بين تبوك والحجاز) حضارة عظيمة القوة، هي حضارة قوم ثمود، وهي حضارة فيها إحدى أقوام العرب التي أصبحت من الحضارات البائدة.

كان لتلك الحضارة العديد من مظاهر القوة، ومنها: قدرتهم على نحت البيوت والقصور في الجبال، ولكنهم كانوا مشركين يعبدون الأصنام، فبعث الله لهم النبي صالحًا رسولًا منهم يحذرهم من سوء عاقبة الشرك، فلم يصدقوه فبعث الله لهم آية تدلهم على أن صالحًا رسول من الله، وأن ما جاء به الله هو الحق.

اشتهرت هود قوم النبي صالح، بالنحت، والإعمار، فكانت معجزة النبي الذي بُعث فيهم من جنس ما اشتهروا به، إذ أخرج لهم صالح -عليه السلام- ناقة من الصخر وكانت ناقة عشراء (حامل)، وكانت تلك الناقة تُخرج لهم لبنًا يكفي كل أفراد القوم، وقد حذر صالح -عليه السلام- قومه من أن يمسوها بسوء.

وقد شرع الله لهم يومًا يشربون فيه من الماء الذي عندهم، ولها يوم خاص بها، كما قال الله تعالى: (وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

ولكن نفسوهم المستكبرة كفرت نعمة الله وآيته، وعنادًا منهم وتحديًّا لله تعالى قتلوا تلك الناقة، وطلبوا من صالح أن ينزل العذاب الذي وعدوا به استهزاء بوعود الله -جل وعلا-، كما قال الله تعالى: (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).

اجتمعت ثمود (قوم النبي صالح) على أن يقوموا بقتل النبي صالح -عليه السلام- وأهله وهم نائمون، واجتمعوا على أنهم إذا ما سألهم أهله وأولياء الدم عن مقتله، يجيبوهم بأنه لا علم لهم بمقتله، ولا من تولى قتله.

لكن الله جعل عاقبة مكرهم سوءا، إذ أنزل عليهم الصيحة حينها، يقول تعالى في معرض ذلك: (قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ* وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ).

لما قتل قوم النبي صالح الناقة، أحسوا بقرب عذابهم وهلاكهم، فندموا على ما فعلوه بالناقة، وكان قد أنذرهم النبي صالح ثلاثة أيام يقول تعالى: (فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)، فظهرت عليهم في كل يوم علامة من علامات العذاب.

وقد ذكر المفسرون أن اليوم الذي وعدهم به في العذاب كان يوم السبت، وفي اليوم الأول أي الأربعاء قد اصفرت وجوههم، ثم احمرت في الخميس، ثم اسودت في الجمعة، وفي قول مقاتل: "خرج في أبدانهم خراج مثل الحمص.

فكان في اليوم الأول أحمر ثم صار من الغد أصفر، ثم صار في الثالث أسود، وكان عقر الناقة يوم الأربعاء وهلاكهم يوم الأحد، انفقعت فيه تلك الخراجات وصاح عليهم جبريل صيحة فماتوا بالأمرين وكان ذلك ضحوة".

يقول تعالى في ذلك: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ* كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ).