ما هو الذكاء العاطفي ولماذا يجب الاهتمام به؟

ما هو الذكاء العاطفي ولماذا يجب الاهتمام به؟
(اخر تعديل 2024-04-05 05:56:15 )
بواسطة

أشاع المؤلف "دانيال جولمان" (Daniel Goleman) مصطلحَ "الذكاء العاطفي" في عام 1995، فقد ساعد كتابه "الذكاء العاطفي" (Emotional Intelligence) على فهم أنَّ القدرات التقنية والتحليلية ليست فقط هي التي تصنع قائداً ناجحاً، ومعدل الذكاء ليس المؤشر الوحيد على نجاحك، فنسبة الذكاء المرتفعة لا تعدُّ ضماناً للنجاح الوظيفي، وأنت بحاجة إلى قدراتك التقنية، أو كفاءاتك في مهارةٍ أو موضوعٍ معين، ولكن لتنجح أنت بحاجة إلى القدرة على الانسجام مع أشخاص آخرين.

يتمتع القادة الأكثر نجاحاً أيضاً بدرجةٍ عالية من الذكاء العاطفي، والأمر الجيد هو أنَّنا نستطيع تطوير الذكاء العاطفي بخلاف معدل الذكاء.

الذكاء العاطفي:

"هو القدرة على مراقبة المشاعر والعواطف لدينا ولدى الآخرين، والتمييز بينها واستخدام هذه المعلومات لتوجيه تفكير المرء وأفعاله".

-عالما النفس "بيتر سالوفي" (Peter Salovey) و"جون د. ماير" (John D. Mayer).

"القدرة على إدراكِ عواطفنا وعواطف الآخرين وتنظيمها".

-المؤلف "دانيال جولمان" (Daniel Goleman)، وعالم النفس "غاري تشيرنيس" (Gary Cherniss).

لماذا يجب الاهتمام بالذكاء العاطفي؟

"يرجع الفشل في الوظائف إلى أسباب تتعلق بالكفاءات العاطفية، مثل عدم القدرة على التعامل مع المشكلات الشخصية، أو عدم القدرة على قيادة الفريق في الأوقات الصعبة أو أوقات الصراع، أو عدم القدرة على التكيف مع التغيير أو كسب الثقة".

- مركز القيادة الإبداعية (The Center for Creative Leadership).

إذاً يمكننا معالجة هذه الأسباب، وتحسين وظائفنا إذا عززنا ثقافة الذكاء العاطفي في مؤسساتنا.

شاهد بالفديو: 7 مهارات عملية لتحسين الذكاء العاطفي من دانييل جولمان

مكونات الذكاء العاطفي:

يتكون الذكاء العاطفي من 5 مكونات:

1. الوعي الذاتي:

الشخص الواعي بذاته يفهم مزاجه وعواطفه وكيف يمكن للحالة المزاجية والعواطف أن تؤثر في الآخرين.

2. التنظيم الذاتي:

الشخص الذي يُجيد مهارة التنظيم الذاتي يفكر قبل أن يتصرف، فالشخص الذي يغضب ويصرخ ويرمي دفاتر الملاحظات في جميع أنحاء الغرفة؛ ليس لديه أدنى مستوى من مهارة التنظيم الذاتي.

3. الدافع:

إذا كنت تحب العمل ليس فقط من أجل المال أو من أجل المكانة، ولديك دافع قوي للإنجاز، فأنت تعرف ما يعنيه الدافع.

4. التعاطف:

يمكن للفرد المتعاطف أن يفهم عواطف الآخرين، ويتعلَّم أن يعاملهم بالطريقة التي يفضلونها.

5. المهارات الاجتماعية:

هل تعرف شخصاً قادراً على مقابلة أشخاص جدد وبناء علاقات ودية معهم على الفور؟

بالتأكيد هذا الشخص بارع جداً في مجال المهارات الاجتماعية.

مثال عن الوعي والتنظيم الذاتي:

لنأخذ مثال عن فتاة دخلت إلى مقهى لشراء فنجان من القهوة ونرى الفرق بين الحالتين:

1. غياب الوعي والتنظيم الذاتي:

دخلت "جين" (Jane) إلى المقهى لشراء القهوة، فوجدتْ النادل يتصفح الإنترنت على هاتفه المحمول، فاستشاطت غضباً ثم وبخته من أجل الإسراع في تحضير فنجان القهوة لها، وبعد أن أخذتْ فنجانها، ثم ركضت نحو الباب مسرعةً وأغلقته في وجه الشخص الذي يسير خلفها.

في السيناريو المذكور آنفاً، "جين" لم تكن مدركة لذاتها، ولم تفكر في تصرفاتها، وبالتأكيد هذا الأمر لا يُظهِر أي تنظيم ذاتي، ولو أنَّها عادت إلى المقهى بعد أن أساءت التصرف مع النادل واعتذرت منه، فستُظهِر إحدى السلوكات المرتبطة بالثقة؛ وتعدُّ الثقة من كفاءات التنظيم الذاتي، فالسلوك المرتبط بهذه الكفاءة؛ هو القدرة على الاعتراف بأخطائنا.

2. وجود الوعي والتنظيم الذاتي:

قبل أن تدخل "جين" إلى المقهى أخذت نفساً عميقاً، وكانت تعلم أنَّها متعبة ومتوترة، ويكاد صبرها أن ينفد وإذا قالت شيئاً ما ستندم عليه، ومع وضع هذه الفكرة في الحسبان، اقتربت "جين" من المنضدة وابتسمت وقالت بكل احترام وهدوء: "لو سمحت، أود أن أطلبَ فنجاناً من القهوة من فضلك"؛ لأنَّ جين تدرك تصرفاتها عندما تكون متعبة، فهي قادرة على ممارسة ضبط النفس، وقادرة على إدارة دوافعها وعواطفها المحطمة والبقاء هادئة وإيجابية، وأخذ نفس عميق والتفكير قبل أن تتحدث وعدم التصرف بطريقة سيئة، وبهذه الحالة لن تحتاجَ إلى العودة إلى المقهى والاعتذار؛ لأنَّها تجيد مهارة التنظيم الذاتي.

يعدُّ الوعي الذاتي والتنظيم الذاتي الأساس الذي تبني عليه ذكاءك العاطفي وتعززه، لذا فكر في الأمر، من أجل تنظيم سلوكك يجب أن تكون مدركاً له ولأسبابه وللأشياء التي تحفزه، وعندما تصبح مدركاً لذاتك، يمكنك البدء في إدارة نفسك ومنعها من التحدث بغضب مع النادل أو زملائك في العمل أو أصدقائك أو عائلتك.

في الختام:

لتطوير الوعي الذاتي؛ يجب عليك أن تتعلمَ كيف تراقب نفسك بموضوعية، وهذا يعني مراقبة المواقف التي شعرتَ فيها بعواطف سلبية، وهذه البداية جيدة للتعرف إلى تلك العواطف السلبية ثم السلوكات التي تُظهِرها عندما تختبر هذه العواطف.

ضع في حسبانك الاحتفاظ بدفتر يوميات يساعدك على مراقبة وتتبع نفسك عندما تتصرف بطريقة قد تندم عليها لاحقاً، وكيف كنت تشعر حينها؛ إذ تعدُّ الكتابة في دفتر اليوميات إحدى الطرائق الهامة لبناء وعيك وتنظيمك الذاتي.

تذكر أنَّك تستطيع تطوير الذكاء العاطفي، ومن خلال قراءة هذا المقال والتعرف إلى مفهوم الذكاء العاطفي، فقد اتخذت الخطوة الأولى لتطويره.