3 طرق تدمِّر وسائل التواصل الاجتماعي فيها حياتنا

3 طرق تدمِّر وسائل التواصل الاجتماعي فيها حياتنا
(اخر تعديل 2023-08-10 06:39:21 )
بواسطة

تسرق وسائل التواصل الاجتماعي كثيراً من وقتنا وحياتنا، وقد أظهرت إحصاءات مُجمَّعة من قبل ملفات الاكتتاب العام لشركة "فيسبوك" (Facebook)، أنَّ مستخدمي الموقع حول العالم يقضون 10.5 مليار دقيقة كل يوم باستخدام الموقع، وهذه إحصائية لا تشمل مستخدمي تطبيق الهاتف منه؛ أي نقضي ما مجموعه 20 عاماً على موقع "فيسبوك" (Facebook) بدلاً من الاندماج مع العالم الحقيقي، وهذا أمرٌ مزعج جداً.

يقضي المواطنون الأمريكيون ما معدَّله 4.7 ساعة يومياً باستخدام هواتفهم في إرسال الرسائل النصية والمحادثة وما إلى ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهذا يعني ضياع يومٍ كاملٍ من كلِّ أسبوعٍ من حياة كلِّ شخص.

هل حقَّاً تستحق وسائل التواصل الاجتماعي كلَّ هذا الوقت؟

نناقش فيما يأتي 3 طرائق تدمِّر بها وسائل التواصل الاجتماعي حياتنا:

1. الاستياء والمقارنة:

تربطك منصَّات التواصل الاجتماعي بأشخاصٍ من مختلف الأعراق والطبقات الاجتماعية، ممَّا يعني أنَّه يوجد دوماً احتمال كبير للتعرُّف إلى أشخاصٍ جدد قد يبدو أنَّ لهم مصدر دخلٍ أفضل، أو جسماً أكثر رشاقة، أو مهنةً أفضل، أو أشخاص يبدو أنَّهم يعيشون حياة أفضل من حياتك وأكثر سعادة.

بالنظر إلى ذلك، غالباً ما ستشعر بالحاجة إلى مقارنة نفسك مع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي هؤلاء يوماً ما، بطريقة أو بأخرى، وغالباً ما سترفع شأن الآخرين في أثناء هذه المقارنة، وتقلِّل قدر نفسك؛ وهذا لأنَّنا نتوقَّف عن تقدير مُمتلكاتنا وما يميِّزنا بمجرد أن نعتاد عليها.

يقودك ذلك في معظم الأحيان إلى الانبهار بمهارات الآخرين، في حين ترى نفسك شخصاً عادياً، فأنت لست الوحيد الذي يتعرَّض لهذا الضغط دون وعي؛ إذ يعيش جميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الواقع نفسه، ممَّا يؤدي إلى دخولهم في دوَّامة من الاكتئاب، كما يزعزع ثقتهم بأنفسهم أيضاً، وقد وصفت دراسة جديدة يموِّلها "المعهد الوطني للصحة" (National Institute of Health)، وسائل التواصل الاجتماعي بأنَّها أحد الأسباب الرئيسة للاكتئاب.

أفادت دراسة أُجرِيت على 298 شخصاً في "جامعة سالفورد" (University of Salford)، أنَّ 50 منهم صرَّحوا بأنَّ استخدامهم لشبكات التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك" (Facebook)، و"تويتر" (Twitter)، يجعل حياتهم أسوأ، وذكرت الدراسة أيضاً أنَّ المشاركين شعروا بأنَّ ثقتهم بأنفسهم تنخفض عند مقارنة إنجازاتهم بإنجازات أصدقائهم عبر الإنترنت، فمن السهل التقليل من شأن نفسك ورفع مستوى الآخرين بناءً على ما يعرضونه على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن لا تنسَ أبداً أنَّ لكلِّ شخص أسراراً تحدث وراء الكواليس لا يشاركها أبداً.

شاهد بالفيديو: سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي

2. جذب الانتباه:

معظم مشاهير اليوم مثل المغني "جاستن بيبر" (Justin Bieber)، وصلوا إلى النجومية بعد أن جذبوا انتباهاً كبيراً على الإنترنت؛ إذ تتيح لك وسائل التواصل الاجتماعي عرض مهاراتك، أو منتجاتك، أو خدماتك المختلفة على الجمهور المستهدف مباشرةً، وهذا أمرٌ جيد؛ إذ يساعد الناس على اكتشاف إبداعهم ومهاراتهم الخاصَّة ويدفعهم إلى النمو والحفاظ على متابعة الجمهور.

لكن بعد ذلك يتجاوز معظم مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الحدَّ المعقول، ويجعلون هذه الشهرة على وسائل الإعلام أولوية في حياتهم، ممَّا يدفعهم إلى فعل أيِّ شيء للحصول عليها، حتى لو تضمَّن ذلك إيذاء الآخرين.

وجد استطلاع جديد أجراه الباحث "كريج نيومارك" (Craig Newmark)، أنَّ 22% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وقعوا ضحايا للتنمُّر والمضايقة والتهديد في عام 2016، وخير مثال عن ذلك هو خسارة أبٍ لثلاثة أطفال وظيفته بعد أن نشرت زميلة له على مواقع التواصل الاجتماعي أنَّه قال نكتة غير أخلاقية وجدتها مزعجة، لم ينته الأمر عند هذا الحد؛ بل فقدت السيدة وظيفتها أيضاً عندما انقلب مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي ضدها تعاطفاً مع الرجل، لقد تدمَّرت المسيرة المهنية لكلٍّ منهما في لحظة، بسبب وسائل التواصل الاجتماعي.

أحد الأشكال الأُخرى التي يدمِّر بها التعرُّض لوسائل التواصل الاجتماعي حياة الناس، هي شعورهم براحةٍ أكبر خلف شاشاتهم، كما أصبح الجميع يظنُّ أنَّ شهرة وسائل التواصل الاجتماعي هي الهدف المرجو، ممَّا يؤدي دوراً كبيراً في زيادة معدلات الاكتئاب كما ذكرت الدراسة سابقاً، فبعض الناس يصلون إلى حدِّ تعديل صورهم لجذب الانتباه على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا لا يُظهِر سوى مدى افتقارهم إلى الثقة بالنفس، فمع أنَّهم قد ينالون اهتمام وسائل الإعلام، لكنَّهم غالباً ما يتألمون بشدِّة لكونهم لا يشبهون صورهم المعدَّلة، وهذه طريقة أخرى تؤدي بها وسائل التواصل الاجتماعي إلى الاكتئاب.

3. صعوبة التأقلم دون إنترنت:

لا شكَّ أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تُسهِّلُ علينا مقابلة أشخاص جدد من المحتمل أن تجمعنا بهم علاقات طويلة الأمد، لكن بعد ذلك، ماذا يحدث بعد أن نلتقي بهؤلاء الأشخاص الجدد؟ هل تنجح العلاقة بين الأزواج الذين يشاركون كلَّ تفاصيل علاقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي؟ ليس طويلاً.

أكَّد 24 شخصاً من المشاركين في استطلاع أنَّهم فوَّتوا لحظات هامَّة من حياتهم لأنَّهم كانوا يحاولون توثيق ومشاركة اللحظة عبر الإنترنت.

يبدو أنَّ شعارات "عش اللحظة" و"استمتع بكل لحظة" هي شعارات مستحيلة التحقيق هذه الأيام، فالجميع مشغولون إمَّا بمحاولة التقاط الصورة المثالية، أو البحث عن التعليق المثالي لجذب انتباه وسائل الإعلام.

تتأثَّر العلاقات في الحياة الواقعية بذلك أيضاً، فقد اعترف 11 شخصاً من المشاركين في الاستطلاع بأنَّ علاقاتهم عبر الإنترنت تقتصر على الظهور بمظهر رائع ومثير للاهتمام، وفي ذلك الكثير من المشكلات التي تُضاف إلى هذا الواقع المُعقَّد بالفعل، كما أنَّ الالتصاق بأجهزتنا الإلكترونية من الصباح إلى الليل يومياً من أجل وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بزيادة معدل الحوادث؛ إذ أفاد "مجلس السلامة الوطني" (National Safety Council)، في الولايات المتحدة أنَّ استخدام الهاتف الخلوي في أثناء القيادة يؤدي إلى 1.6 مليون حادث كل عام.

ناهيك عن تفضيل الكثيرين للتفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من التعامل وجهاً لوجه أو المشاركة الفعلية في اجتماعات العمل، وهذا كلُّه جزءٌ من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في الجنس البشري.

في الختام:

كل ذلك يحدث بمحض إرادتنا، ولا يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي إجبارنا على أي منها، ولم نشهد بعد شبكة وسائط اجتماعية تقوم بتحديث حالتنا المزاجية ونشاطاتنا تلقائياً، أو شبكة تردُّ تلقائياً على محادثاتنا، لكن مع ذلك ما تزال هذه المنصات تتيح أشياء غير طبيعية، مثل منح العالم كله إمكانية معرفة الكثير عن حياتنا، وتجعل منه أمراً لا يُقاوم تماماً.

لقد أضحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزَّأ من حياتنا، وليس بوسعنا التخلُّص منها بعد ذلك، لكن إن استُخدِمت بذكاء، فيمكن لفوائدها أن تتجاوز المساوئ، والأفضل لك أن تضع حدوداً تقيِّد قدرة الآخرين على معرفة تفاصيل حياتك، وتحدِّد ما يراه الأشخاص الذين لديهم الفضول لمعرفة ذلك، والنصيحة الأهم هي ألا تدعهم يعرفون الكثير.