4 نصائح تساعد القادة على تعزيز الأمان النفسي في

4 نصائح تساعد القادة على تعزيز الأمان النفسي في
(اخر تعديل 2024-03-04 04:35:14 )
بواسطة

تُعرِّف الدكتورة "إيمي إدموندسون" (Amy Edmondson) مصلح "الأمان النفسي" على النحو الآتي: "هو شعور الموظف بالأمان الذي يشجعه على مشاركة أفكاره بصراحة".

مع ذلك، من الصعب - دون إجراءات قيادية واضحة - أن يُقدِم الموظف على التعبير عن نفسه بصراحة، وأن تسود في الشركة ثقافة تكافئ الموظف الصريح؛ بل إنَّ واقع الحال يؤكِّد بوضوح أنَّ بيئات العمل يسودها نوع من الثقافة التي تحض الموظف على الاحتفاظ بأفكاره لنفسه، وعدم التعبير عنها علناً، وهذا يؤدي إلى تفويت فائدة مُحتملة لجميع أعضاء الفريق.

سنناقش في هذا المقال أهمية إنشاء ثقافة في الشركة تشجِّع الموظفين على الإقدام على المخاطرات، فقد أجرت شركة "غوغل" (Google) دراسة بهدف تعميق الفهم، واستمرت لمدة عامين، وتناولت أداء فريقها من الموظفين، وقد وجدت أنَّ القاسم المشترك لدى أعلى الموظفين أداءً هو شعورهم بالأمان النفسي.

مع ذلك، يؤكِّد استطلاع أجرته شركة "ماكينزي" (Mckinsey) خلال فترة الجائحة أنَّه لا يُظهِر سوى عدد قليل جداً من القادة السلوكات الإيجابية التي تساعد على تكريس هذه الثقافة التي يسودها شعور الموظفين بالأمان النفسي، مع العلم أنَّ المشكلة ليست في أنَّ القادة غير مقتنعين بضرورة هذا العامل؛ وإنَّما افتقار القادة أنفسهم إلى الدعم والتدريب الذي يؤهلهم لمساعدة الموظفين على الشعور بهذا الأمان.

لكنَّ الأمر الجيد أنَّه توجد بعض الدراسات الهامة التي تحدد خطوات معيَّنة قد تساعد القادة على إنشاء هذه الثقافة، ويتطلب هذا الأمر التثقيف والوعي وتوفير مناخ من الأمان لقادة الفِرق من أجل تدريبهم وتمكينهم من طرح الأسئلة الضرورية؛ لذا إليك فيما يأتي نصائح عملية ومستندة إلى أبحاث علمية تساعدك على تدريب القادة بكفاءة على الأمان النفسي. إليك:

4 نصائح تساعد القادة على تعزيز الأمان النفسي في مكان العمل:

1. مارِس التعاطف والاستجابات العاطفية:

يُعَدُّ التعاطف طريقة فعالة للغاية للبدء بالمحادثة، كما أنَّها ليست فكرة تُطرَح لأول مرة، ومع ذلك، يفتقر كثير من القادة إلى هذه المهارة الأساسية، ويشعرون بالحرج أو التردد عند إظهار التعاطف، وغالباً ما يتطلب التعاطف من القادة الخروج إلى حد بعيد من منطقة الراحة الخاصة بهم.

يُلاحَظ أنَّ الموظفين يتخذون موقفاً دفاعياً، ويتجنبون الصراحة عندما تفتقر بيئة العمل إلى التعاطف، وهذا يثبِّط عزيمتهم، ويدفعهم لكبت هواجسهم وما يشعرون به من أخطار، فلا غنى عن التعاطف من أجل الأمان النفسي لدى الفريق وتحقيق النتائج الإيجابية.

يمكن الاستفادة من هذا الوضع وتخفيف سلبياته من خلال توفير مهارات تواصل معيَّنة ومرتكزة على النتائج، مثل تبديد الخرافات عن كون التعاطف يؤدي إلى إظهار القائد بمظهر الضعيف، ويلغي الحدود بينه وبين الموظف.

يجب أن تعلِّم القائد كيفية التعبير عن مشاعره، والاعتراف بالصعوبات أو الحزن أو الإخفاق، وقد يتطلب ذلك توسيع معرفة القائد بالعواطف، بدءاً من تسمية كل عاطفة باسمها، وتعزيز الوعي العاطفي بالذات في بيئة آمنة لا يخشى فيها القائد من إطلاق الأحكام.

قد يستفيد القادة أيضاً من تقنيات التعلُّم كي يتعلموا الإصغاء بعناية، والتوقف قليلاً في أثناء الكلام، وطرح الأسئلة من أجل التحلي بالتعاطف بدلاً من إظهار عدم الاكتراث.

2. تعلَّم تطبيق أسلوب القيادة الشاملة التي تعزز شعور الموظف بالانتماء:

في حين أنَّ هذه النصيحة تتطلب إفراد مقال بالكامل عنها، إلا أنَّه من الضروري أن نؤكِّد ولو بإيجاز على أهمية الشمولية (الاهتمام بكافة أعضاء الفريق وأخذ مختلف وجهات النظر في الحسبان) في التدريب على القيادة؛ إذ تساعد الممارسات الشمولية القادة على استثمار التنوع في الفريق، ومن ثمَّ يتمكن الموظفون من إظهار اختلافاتهم عن بعضهم بعضاً دون خوف من الرفض أو أيَّة استجابة سلبية أخرى.

تكمن أهمية ذلك فيما تُظهِره الدراسات بوضوح من أنَّ التنوع يصبح عائقاً، وليس فرصة لنمو الفريق في حال افتقار الفريق إلى الشعور بالأمان النفسي، وهذا يعني أنَّك تخاطر في هذه الحالة بالحصول على نتائج عكسية من التنوع الموجود لدى الفريق، الأمر الذي يؤثِّر سلباً في رضى الموظفين وأدائهم.

إنَّ العامل الأساسي في تحويل التنوع بين أعضاء الفريق إلى سمة إيجابية تنعكس إيجاباً على أدائهم هو مدى شعورهم بالأمان النفسي؛ أي إنَّ التواصل يصبح أكثر كفاءة بسبب الاختلافات.

ضع في حسبانك بعض الممارسات مثل تمثُّل قِيم احترام الاختلافات، والاعتراف بأهمية التنوع من أجل كفاءة الفريق، وعدم الانسياق وراء التحيزات، والحفاظ على المعاملة المحترمة حتى في حال وجود نزاعات، والتأكيد على أهمية الإنصاف والشفافية قولاً وفعلاً، فقد يؤدي ذلك إلى مشاركة الموظفين بثقة، والتوصل إلى أفكار أفضل، وتعزيز روح التعاون والقرارات الحكيمة.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة في الإدارة و القيادة الحكيمة

3. شجِّع أسلوب القيادة الاستشارية والداعمة:

تؤكِّد دراسة حديثة أجرتها شركة "ماكينزي" على فوائد الأمان النفسي أنَّه يمكن للقادة من خلال تطوير مهارات معيَّنة إنشاء بيئة عمل أكثر أمناً، وتؤدي إلى رفع مستوى الأداء وبشكل أكثر كفاءة، ووجدت الدراسة أنَّ الممارسات السلطوية لقادة الشركات (التفرد بالرأي) تضر بالأمان النفسي، في حين يعزز أسلوب القيادة الاستشارية والداعمة من الأمان النفسي.

ضع في حسبانك السلوكات التي سيتبناها القادة عندما يمارسون القيادة الاستشارية، مثل الحوار المفتوح مع أعضاء الفريق، وطلب الآراء، والنظر في مقترحات الفريق حول القضايا التي تؤثِّر فيهم.

تقول الدراسة: "تؤثِّر القيادة الاستشارية للغاية - وإن كان تأثيراً غير مباشر - في شعور الموظفين بالأمان النفسي؛ وذلك لأنَّها تساعد على إنشاء مناخ إيجابي يشجِّع على العمل التعاوني، وقد يتضمن ذلك إظهار القادة للاهتمام والدعم لأعضاء الفريق، وليس بصفتهم موظفين فقط؛ بل بصفتهم أفراداً لهم حياتهم الشخصية خارج الوظيفة".

4. قدِّم تغذية راجعة محترمة وقابلة للتنفيذ:

التغذية الراجعة جزء هام للغاية من عملية التواصل الذي يعزز الأمان النفسي؛ نظراً لأنَّه يتم طلبها وتقديمها في ظل ظروف غير مريحة، فقد يصبح السلوك السيئ شائعاً لدى أعضاء الفريق عندما يعجز القائد عن ملاحظة السلوك الرديء، أو في حالة ملاحظته وعدم اتخاذ أي إجراء للرد عليه.

قد يتردد القادة بشأن تقديم تغذية راجعة حساسة؛ وذلك بسبب الشعور بعدم الارتياح، أو ما قد تسببه تغذيتهم الراجعة من نزاع مُحتمل مع الموظف، وسيؤدي ذلك إلى تمادي الموظفين الذين يرغبون بخرق القواعد، أو الذين لا يدركون تأثير سلوكاتهم في شعور باقي الموظفين بالأمان النفسي.

لا يتطلب تقديم تغذية راجعة بنَّاءة ومحترمة في نفس الوقت الشجاعة بقدر ما يتطلب إتقان الأسلوب، فعندما يعرف القادة الإجراءات المدعومة علمياً لتقديم التغذية الراجعة بشكل صحيح، فمن الممكن أن تؤدي إلى إضعاف عناد الموظف المخالف للغاية.

على سبيل المثال، قد يتحمس الموظفون للمشاركة بدلاً من الانكفاء عندما تقوم بتنبيههم إلى أنَّك على وشك تقديم تغذية راجعة، إضافة إلى ما سبق، من الضروري أن تقدِّم تغذية راجعة محترمة وعادلة ودقيقة عندما تقوم بتوضيح تأثير سلوك الموظف أو قراراته في باقي أعضاء الفريق، الأمر الذي يشجِّع على التغيير والتحسين.

في الختام:

يمكن لمديري أقسام التدريب في الشركات أن يصمموا برنامج التدريب بالاعتماد على الجوانب المفيدة التي تساعد على منح الموظفين شعوراً بالأمان النفسي، وعندما يدرك القادة تأثير سلوكهم وأفعالهم وقراراتهم وطريقة تواصلهم في شعور الموظف بالانتماء والأمان، فسوف يتبنَّون مفهوماً جديداً عن القيادة ذات الكفاءة بلا شك.