فوائد المواد المهلوسة للمرضى الذين يعانون من

فوائد المواد المهلوسة للمرضى الذين يعانون من
(اخر تعديل 2024-03-28 05:00:20 )
بواسطة

بينما يختار كثير من الناس تناول هذه العقاقير لأغراض ترفيهية، بدأ محترفو الصحة العقلية بالبحث في الفوائد المحتملة لها، وفي نتيجة ذلك، يصبح من الواضح أنَّ المواد المهلوسة قد تكون ذات فائدة لبعض قضايا الصحة العقلية؛ لذا سيستكشف هذا المقال الفوائد المحتمَلة لتناول المواد المهلوسة في أثناء التعامُل مع مرض عضال.

ما هي المواد المهلوسة؟

المواد المهلوسة هي مواد مخدِّرة تؤدي إلى تغيير واقع الأفراد الذين يتناولونها، وتشمل المواد المهلوسة الأكثر شيوعاً التي تُستخدَم بشكل علاجي "كيتامين"، و"إم دي إم إيه" (MDMA)، و"السيلوسيبين" (المعروف أحياناً باسم المشروم)، و(LSD) المعروف بشكل شائع باسم الحمض.

تُستخدَم كل هذه المواد في العلاج النفسي المساعد، ويساعد هذا النوع من الرعاية الصحية النفسية على علاج قضايا مثل اضطرابات الاكتئاب، واضطراب الوسواس القهري، واضطراب ما بعد الصدمة، واضطرابات الاستخدام الضار للمواد، ويُعَدُّ الكيتامين مخدراً يجعل المستخدمين ينفصلون عن الواقع.

الـ "إم دي إم إيه" هي مادة تشتهر بإنتاج تجارب حسية متسارعة وتعزيز المشاعر الإيجابية، ويرجع ذلك إلى تأثيرها في الدوبامين والنورأبينفرين والسيروتونين؛ وهي المواد الكيميائية في دماغنا التي تحفز مشاعر الاتصال والنشوة.

الأسيد الليزرجي (LSD) أو الحمض، يُنتج حالات هلوسة مستمرة، أما السيلوسيبين أو المشروم، يحرض أيضاً حالات هلوسة مستمرة، ويُعرَف بشكل خاص بتأثيره في إدراك الزمان والمكان.

كيف تساعد المواد المهلوسة في حالات المرض العضال؟

تُعَدُّ العلاجات النفسية المشاركة بالمواد المهلوسة مساعدة على علاج أولئك الذين يعانون من أمراض مستعصية، مثل سرطان مرحلة نهائية، فقد يعاني الأشخاص الذين يتم تشخيصهم بمرض عضال من اكتئاب شديد، إضافة إلى ذلك، قد يعاني الأفراد الذين يعانون من أمراض مستعصية أيضاً من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

قد يوفر العلاج النفسي المعاون بواسطة المواد المهلوسة الإغاثة الضرورية لأولئك الذين يعانون عقلياً وجسدياً، فلا يُعَدُّ أمراً نادراً أن يشعر الأفراد المصابون بأمراض عضال بالإحباط، والاكتئاب الوجداني والروحي، والشعور بالعجز عن الأمل، وحتى الانتحار.

قد يؤدي العلاج النفسي المشارك بالمواد المهلوسة للأشخاص الذين يعانون من أمراض عضال إلى زيادة الوضوح، والاسترخاء، والشعور بالاتصال، ويمكن أيضاً أن يُحدِث رؤى روحية عميقة خلال الجلسة، التي قد تساعد الأفراد المصابين بأمراض مستعصية على فهم المعاناة التي يمرون بها.

يتم إجراء العلاج النفسي المعاون بواسطة المواد المهلوسة في بيئة مريحة وهادئة تحت إشراف محترف في مجال الصحة النفسية؛ إذ تتنوع نتائج العلاج بالمواد المهلوسة، ويقول بعض الأشخاص إنَّهم لاحظوا تراجع أعراض القلق والاكتئاب لبضعة أسابيع إلى أشهر عدة، بينما يجد آخرون أنَّ أعراضهم تختفي نهائياً.

تشمل العوامل الرئيسة التي تسهم في نتائج العلاج، الإيجابية، والشعور بالاتصال بالمعالج الذي يقدِّم العلاج، والتحضير والتثقيف فيما يتعلق بعملية العلاج، والبيئة المريحة.

كيف تعمل المواد المهلوسة؟

وفقاً لتعريف معهد الصحة الوطني، تُعَدُّ المواد المهلوسة مواد نفسية قوية تعدِّل التفكير، وهذا يغير مزاج المستخدم وتصوراته عن طريق التأثير في الدوائر العصبية في كيمياء الدماغ التي تشمل السيروتونين؛ إذ تؤثر هذه المواد في القشرة الجبهية، والجزء من الدماغ الذي ينظم مدى شعورك وكيفية رؤيتك للعالم.

"يُعتقَد أنَّ المواد المهلوسة، مثل السيلوسيبين، تعمل جميعها على ما يُسمى بمستقبلات السيروتونين 2A"، وهذا ما يشرحه "تشارلز نيميروف" الطبيب والحاصل على درجة الدكتوراه، ورئيس قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية والمدير المشارك لمركز البحوث والعلاج بالمواد المهلوسة في كلية الطب بجامعة "تكساس" في مدينة "أوستن".

يصف "ماثيو جونسون" الحاصل على درجة الدكتوراه والأستاذ في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية "جونز هوبكنز" الطبية في "بالتيمور"، تنشيط نوع المستقبل السيروتونيني مثل "الخطوة الأولى في السلسلة" التي تؤدي إلى "تغييرات في التواصل الدماغي" في أثناء تجربة المواد المهلوسة.

يقول "ماثيو": "من المحتمل أن يختلف الدماغ على الأمد الطويل بطريقة تتناسب مع التحسينات النفسية والسلوكية" مشيراً إلى أنَّ السيلوسيبين "يعمل بشكل أكثر شبهاً بالعلاج النفسي من غيره من الأدوية النفسية"، ومهما كانت طريقة عمل المواد المهلوسة، فقد تبيَّن في ظروف معينة أنَّها تشكل إضافة فعالة للدعم النفسي للمرضى في نهاية الحياة.

في دراسة حديثة شملت أكثر من 3000 شخصاً بالغاً، وجد مركز "جونز هوبكنز" للأبحاث عن المواد المهلوسة والوعي أنَّ تناول هذه العقاقير في ظروف صحيحة جعل الناس أقل خوفاً من الموت، بنفس الطريقة التي قد تقلل بها تجربة الاقتراب من الموت غير المتعلقة بالمواد من خوف الموت، والنتيجة قد تكون تحسيناً كبيراً في جودة حياة المرضى الذين يعانون من أمراض مستعصية.

المواد المهلوسة ليست علاجاً عجائبياً، ويقول "جونسون" على سبيل المثال: "إنَّ العلاج يكون خطيراً وخاصةً بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون من الفصام أو أمراض القلب الحادة"، ويشير "غريغوري فونزو" الحاصل على درجة الدكتوراه والأستاذ المساعد والمدير المشارك لمركز الأبحاث والعلاج بالمواد المهلوسة في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب "ديل"، إلى أنَّ قياس المخاطر يتطلب إجراء مزيد من الأبحاث.

ركزت الدراسات الحالية تركيزاً رئيساً على تحديد الكفاءة، ولكنَّه يتعين إجراء دراسات مستقبلية بمشاركة أعداد أكبر من المشاركين لتحديد الأفراد الذين على الأرجح - والذين ليسوا على الأرجح - قد يستجيبون استجابة جيدة لهذا العلاج.

شاهد بالفديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

أداة قوية لمساعدة المحتضرين:

مع تزايد الاهتمام بالعلاج المساعد بواسطة المواد المهلوسة للقضاء على المشكلات التي يعاني منها العالم - بدءاً من الاكتئاب المدمر إلى الإدمان القاتل - يشير البحث وشهادات المرضى إلى أنَّ هذا النهج قد يكون أداة فعالة في نهاية الحياة.

يبدو أنَّ التجربة العقلية المؤثرة التي تسببها المهلوسات تهدئ هذا الرعب، وذلك استناداً إلى الدراسات الجامعية التي ذكرناها وإلى تقييمات المرضى بعد تجربتهم للعقاقير، مثل السيلوسيبين (المكون المهلوس في فطر الهالوسينوجين)، ووفقاً لتصريحات "تريم".

لقد وُصِف هذا العلاج بأنَّه "اختراق محتمل" لبعض المجالات المختصة بالرعاية التلطيفية، وقال "تريم" إنَّ هذا العلاج قد يكون "كأس الحياة المقدسة" لتحدٍ ربما يكون أصعب تحدٍ في الحياة "قبول الموت".

إقرأ أيضاً: العلاج النفسي وأهميته في الحفاظ على الصحة النفسية

تحقيق الانتصار على العذاب والخوف:

عدم الخوف من الموت المتربص بك يبعث بالراحة في النفس؛ إذ أظهرت الأبحاث من جامعة "جونز هوبكنز" وجامعة "نيويورك" أنَّه حتى جلسة واحدة مع السيلوسيبين وتمرينات العلاج المتزامنة أسفرت عن "تقليل ثابت وملحوظ" في قضايا نهاية الحياة، وذلك وفقاً لتصريحات "تريم"، كما تلاشى القلق والاكتئاب والألم والعذاب بسبب الاحتضار - الذي يُطلق عليه الخبراء اسم الضيق الوجودي - بسرعة، مع فوائد تدوم حتى 6 أشهر لدى غالبية المشاركين في الدراسة.

يقول "تريم": "الضيق الوجودي له مجموعة خاصة من الأعراض، ولا أظن أنَّ الأدوية المضادة للاكتئاب أو مضادات القلق تلمس حقاً تلك الفئة الخاصة من الضيق؛ لذا نحتاج إلى وسائل أخرى لجعل تلك الفترة في حياة الأشخاص أكثر تحمُّلاً".

مخاطر تناول المواد المهلوسة:

توجد مخاطر مرتبطة بتناول المواد المهلوسة، فقد تثير هذه المواد ردود فعل نفسية وجسدية ضارة مثل الغثيان والقيء وتغيرات في ضغط الدم؛ لذا يجب تناول المواد المهلوسة تحت إشراف اختصاصي مدرب، إضافة إلى ذلك، يجب على أي شخص يفكر في هذا النوع من العلاج أن يحرص على موازنة الفوائد والمخاطر بالتشاور مع محترف طبي.

إضافة إلى ذلك - وعلى الرغم من ندرة هذه الحالة - يوجد خطر تطوير اضطراب الإدراك بعد الهلوسة (HPPD)؛ وهو متلازمة تتسم بظهور أعراض حسية مستمرة أو متكررة تشبه تلك التي تتم تجربتها في أثناء تأثير المهلوس، فقد يؤدي هذا الاضطراب إلى اضطراب كبير في جودة حياة الفرد، ومع ذلك، يُعَدُّ خطر تطوير هذا الاضطراب منخفضاً عند تناول الدواء تحت الإشراف السريري المناسب.

إضافة إلى ذلك، يشمل الاستخدام غير المسؤول للمواد المهلوسة المخاطر الآتية:

1. التأثير في الصحة النفسية:

قد يسبب تأثير المواد المهلوسة تغييرات كبيرة في حالة العقل والمزاج، وقد يتسبب في تفاقم الحالات النفسية القائمة أو إحداث اضطرابات جديدة.

2. التبعات الاجتماعية والقانونية:

قد يؤدي استخدام المواد المهلوسة إلى مشكلات قانونية، خاصةً إذا كانت هذه المواد غير قانونية في المكان الذي يتم فيه تناولها، كما قد يؤدي الاستخدام غير المسؤول إلى مشكلات اجتماعية وعائلية.

3. التفاعل مع الأدوية الأخرى:

قد يحدث تداخل بين المواد المهلوسة والأدوية الأخرى التي يتناولها الفرد، وهذا يؤدي إلى آثار جانبية غير متوقعة أو تفاعلات ضارة.

4. الإدمان والتسمم:

على الرغم من ندرة حدوثها، قد يؤدي تناول المواد المهلوسة بشكل متكرر إلى الإدمان، كما يحمل بعضها خطر التسمم، خاصةً عند تجاوز الجرعات المألوفة.

5. التأثير في القدرات الحيوية:

قد تؤدي المواد المهلوسة إلى فقدان الانتباه وتشتت الانتباه ، وهذا قد يؤثر سلباً في القدرات الحيوية والأداء اليومي للفرد.

إقرأ أيضاً: 5 أسباب تستدعي زيارة الطبيب النفسي

في الختام:

يبرز العلاج المساعد بواسطة المواد المهلوسة بوصفه أداة قوية لتقديم دعم نفسي للأفراد المحتضرين؛ إذ يشير الأطباء والباحثون إلى أنَّ هذا النهج يُظهِر فاعلية في تقليل الرهبة والألم المصاحبَين لنهاية الحياة، بينما يرى بعضهم هذا العلاج "كأس الحياة المقدسة" للتغلب على تحدي قبول الموت.

مع الأبحاث المستمرة والتحديثات على مستوى التشريعات المتعلقة بالمواد المهلوسة، تظهر بعض الفرص لتوسيع استخدام هذا العلاج لتحسين جودة حياة الأفراد الذين يواجهون نهاية حياتهم؛ إذ يتطلع المجتمع الطبي إلى مزيد من الأبحاث والتطورات في هذا المجال، بهدف تقديم حل إنساني وفعال للتحديات النفسية المرتبطة بالموت.