أسباب العنف ضد الأطفال الأسرية والنفسية

أسباب العنف ضد الأطفال الأسرية والنفسية
(اخر تعديل 2024-04-27 06:00:18 )
بواسطة

على اختلاف أشكال العنف ضد الأطفال، إلا أنَّ آثاره المدمرة واحدة، فهو قد يؤدي إلى مشكلات وتشوهات جسدية وعاطفية وسلوكية طويلة الأمد، تمتد معه حتى مراحل عمره المتقدمة، وبصرف النظر عن أسباب العنف ضد الأطفال، إلا أنَّها جريمة يجب أن تتوقف على الفور، لينعم الأطفال بنشأة سليمة تؤهلهم لبناء شخصيات سوية متوازنة، وفعالة في المجتمع.

مقالنا اليوم يضيء على أسباب العنف ضد الأطفال الأسرية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية، وفيه حلول لمقاومة هذه الظاهرة، وسوف يقتنع بضرورة تنفيذها كل من يطلع على نتائج العنف ضد الأطفال التي نستعرضها أيضاً في رحاب مقالنا.

ما هي أسباب العنف ضد الأطفال؟

تتنوع أسباب العنف ضد الأطفال، ويمكن تقسيمها على أسباب أسرية ونفسية واجتماعية واقتصادية:

أولا: أسباب العنف ضد الأطفال الأسرية

غالباً ما يمارَس العنف ضد الأطفال من قِبل الوالدين أو أحد أفراد الأسرة، هذا المجتمع الذي من المفترض أن يكون البيئة الآمنة والحاضنة للطفل، والحامية له من أي اعتداء خارجي على شخصيته وكينونته، ومن أسباب العنف ضد الأطفال الأسرية نذكر:

  • تعرض الوالدين للعنف ضد الأطفال في طفولتهما، الأمر الذي يجعل العنف سلسلة متلاحقة تنتقل من الآباء إلى الأبناء.
  • جهل الوالدين بأصول التربية الصحيحة وظنُّهم بأنَّ تعنيف الأطفال اللفظي أو الجسدي هو أسلوب تربوي لتقويم السلوكات الخاطئة.
  • عدم فهم الوالدين لاحتياجات الطفل، وعدم امتلاكهما مهارات الذكاء العاطفي وأسس الحوار التي يجب تعليمه إياها ليعبِّر عن نفسه واحتياجاته.
  • تعاطي المخدرات والكحول،فقد يؤدي تعاطي المخدرات والكحول إلى اضطراب الوعي والسلوك، وهذا قد يزيد من خطر العنف ضد الأطفال.

ثانياً: أسباب العنف ضد الأطفال النفسية

قد يكون سبب العنف ضد الأطفال له مرد نفسي في شخصية الذي يعاملها بعنف، ومن الأسباب النفسية نذكر:

1. الاضطرابات النفسية:

قد تؤدي الاضطرابات النفسية، مثل اضطراب الشخصية الحدية أو اضطراب ما بعد الصدمة، أو الاكتئاب إلى سلوكات عنيفة.

2. التاريخ الشخصي للعنف:

إذا تعرض الشخص للعنف في طفولته، فمن المرجح أن يمارس العنف ضد الأطفال عندما يكبر.

3. الضغط النفسي الذي يتعرض له الوالدان خارج الأسرة سواء في العمل أم أي مكان آخر:

فيقومان بتفريغه على شكل عنف ضد أطفالهما.

4. ضعف ثقة المربي بنفسه:

التي يترجمها على شكل عنف لفظي أو جسدي على أطفاله لفرض حضوره وشخصيته.

ثالثاً: أسباب العنف ضد الأطفال الاجتماعية

يتحمل المجتمع نسبة لا بأس بها من مسؤولية العنف ضد الأطفال؛ إذ تتحول كثير من السلوكات المجتمعية إلى مسببات العنف ضد الأطفال، ونذكر منها:

  • انعدام القوانين المجتمعية التي تحمي الأفراد، وهذا يسبب تعرضهم المستمر للظلم والاضطهاد، الأمر الذي ينعكس على تعامل الأفراد مع أطفالهم ويسبب العنف ضد الأطفال.
  • قد يؤدي الإهمال الاجتماعي، مثل عدم توفر الرعاية الصحية والتعليم، إلى زيادة خطر العنف ضد الأطفال.
  • غياب الوعي والثقافة المجتمعية المتعلقة بدور الأطفال المستقبلي في تنمية المجتمع وضرورة تنشئتهم بطريقة سليمة وآمنة.
  • استخدام ثقافة العنف والقوة في التعاملات بين أفراد المجتمع فتتحول إلى أسلوب حياة.
  • العادات والتقاليد، ففي بعض الثقافات، قد توجد عادات وتقاليد تبرر العنف ضد الأطفال، مثل استخدام العقاب البدني بوصفه طريقة للتربية.

شاهد بالفديو: أهم النصائح لحماية الطفل من المشاكل النفسية

رابعاً: أسباب العنف ضد الأطفال الاقتصادية

لا يمكن فصل الظروف الاقتصادية التي تعيش بها الأسرة عن تصرفات أفرادها، وتُعَدُّ الأسباب الاقتصادية من أشهر أسباب العنف ضد الأطفال، ومنها:

  • الفقر الذي يسبب ضغطاً نفسياً كبيراً لرب الأسرة وشعوراً دائماً بالعجز عن تلبية متطلباتها، فيكون العنف ضد الأطفال تفريغاً لكل هذا التوتر.
  • انتشار البطالة التي تسبب وجود الوالدين بشكل دائم في المنزل وما يترتب على ذلك من ضغط نفسي وملل وتدقيق على جميع تصرفات الأطفال وأفعالهم العفوية.

من الهام ملاحظة أنَّ العنف ضد الأطفال ليس جريمة فردية؛ بل هو مشكلة مجتمعية؛ إذ توجد عوامل عدة تساهم في العنف ضد الأطفال، ومن الهام العمل على معالجة هذه العوامل للوقاية من العنف ضد الأطفال.

ما هي أنواع العنف ضد الأطفال؟

تتنوع أشكال العنف ضد الأطفال، ويمكن تعريفها بأنَّها مجمل التصرفات التي تلحق أذية نفسية أو جسدية أو معنوية أو جنسية بالطفل، وأنواع العنف ضد الأطفال هي:

أولاً: العنف الجسدي

يُعرَّف العنف الجسدي ضد الأطفال بأنَّه أي شكل من أشكال الإيذاء البدني للطفل، مثل:

1. الضرب:

استخدام اليدين أو الأرجل أو الأدوات لضرب الطفل.

2. الدفع أو الركل:

استخدام قوة الجسم إيذاء الطفل.

3. الحرق:

استخدام النار أو المواد الساخنة لإيذاء الطفل.

4. الكدمات:

استخدام قوة الجسم لإيذاء الطفل، وهذا يؤدي إلى كدمات.

5. الكسر:

استخدام قوة الجسم لإيذاء الطفل، وهذا يؤدي إلى كسر العظام.

6. الاختناق:

استخدام قوة الجسم لإيذاء الطفل، وهذا يؤدي إلى صعوبة التنفس.

7. التسمم:

إعطاء الطفل مواد سامة عن عمد.

ثانياً: العنف الجنسي

يُعرَّف العنف الجنسي ضد الأطفال بأنَّه أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي للطفل، مثل:

1. الاعتداء الجنسي:

أي اتصال جنسي غير قانوني أو غير مرغوب فيه بين شخص بالغ وطفل.

2. التحرش الجنسي:

أي سلوك جنسي غير لائق أو غير مرغوب فيه من قِبل شخص بالغ تجاه الطفل.

3. الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال:

استخدام الأطفال لأغراض جنسية مقابل المال أو أي شكل آخر من أشكال المكافأة.

ثالثاً: العنف النفسي

يُعرَّف العنف النفسي ضد الأطفال بأنَّه أي شكل من أشكال الإساءة العاطفية أو النفسية للطفل، مثل:

1. الإهمال:

عدم توفير الاحتياجات الأساسية للطفل، مثل الغذاء والمأوى والرعاية الطبية والتعليم.

2. التخلي:

التخلي عن الطفل أو تركه دون رعاية.

3. التخويف:

استخدام التهديدات أو الإهانات أو الصراخ لإخافة الطفل.

4. التنمر:

السلوك العدواني المتعمد الذي يهدف إلى إيذاء الطفل عاطفياً أو جسدياً.

5. التمييز:

معاملة الطفل بشكل مختلف أو غير عادل بسبب عرقه أو دينه أو جنسه أو أي عامل آخر.

شاهد بالفديو: 8 أخطاء شائعة في تربية الأطفال

رابعاً: العنف المعنوي

يشمل جميع السلوكات التي تسبب تحطيم معنويات الطفل وإهانته أو تخويفه مثل:

1. الشتم:

استخدام الألفاظ البذيئة في نعت الطفل أو التحدث معه.

2. الصراخ:

يشمل رفع الصوت في أثناء الحديث مع الطفل وتخويفه وإرباكه.

3. الإهانة:

تشمل التصرفات والعبارات التي من شأنها تحطيم معنويات الطفل والتقليل من احترامه سواء كان وحده أم أمام الآخرين.

أضرار العنف ضد الأطفال:

إنَّ العنف ضد الأطفال له آثار مدمرة في صحة الأطفال وتوازنهم النفسي واستقرارهم الجسدي، وقد يؤدي إلى مشكلات جسدية وعاطفية وسلوكية طويلة الأمد، مثل:

  • مشكلات صحية جسدية، مثل الإصابات والألم والأمراض المزمنة.
  • المشكلات الصحية العقلية، مثل الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية.
  • الشعور بالقلق والخوف.
  • انخفاض احترام الذات.
  • مشكلات في الثقة بالآخرين.
  • المشكلات السلوكية، مثل العدوانية والانحراف.
  • مشكلات في العلاقات.
  • مشكلات في التعليم والوظائف.
  • الطلاق أو الانفصال مستقبلاً عندما يصبح للطفل المعنَّف عائلة.
  • المشكلات المالية.
  • زيادة معدلات الجريمة في المجتمع.
  • انخفاض الإنتاجية في العمل.
  • هل يؤثر العنف ضد الأطفال في تحصيلهم الدراسي؟

    بالتأكيد، سوف يتأثر التحصيل الدراسي للأطفال الذين تعرضوا ويتعرضون للعنف، وعادةً ما يكون التراجع المفاجئ في التحصيل الدراسي إحدى الطرائق المسبِّبة لاكتشاف تعرض الطفل للعنف، وفيما يأتي بعض الطرائق التي قد يؤثر بها العنف ضد الأطفال في تحصيلهم العلمي:

    1. المشكلات الصحية الجسدية:

    قد تؤدي الإصابات الناتجة عن العنف إلى صعوبة التركيز في المدرسة أو المشاركة في النشاطات المدرسية.

    2. المشكلات الصحية العاطفية:

    قد يؤدي القلق والاكتئاب الناتجان عن العنف إلى صعوبة التركيز في المدرسة أو التعلم.

    3. المشكلات السلوكية:

    قد تؤدي العدوانية والسلوكات الاندفاعية الناتجة عن العنف إلى مشكلات في المدرسة، مثل الانسحاب من الدروس أو السلوك العدواني تجاه المعلمين أو الطلاب الآخرين.

    فيما يأتي بعض الأمثلة المحددة لكيفية تأثير العنف ضد الأطفال في التحصيل العلمي:

  • قد يجد الأطفال الذين تعرضوا للعنف صعوبة في التركيز في الفصل الدراسي.
  • قد يكون الأطفال الذين تعرضوا للعنف أقل عرضة للمشاركة في النشاطات المدرسية.
  • قد يكون الأطفال الذين تعرضوا للعنف أكثر عرضة للفشل في المدرسة أو تركها.
  • إقرأ أيضاً: مشاكل الأبوين وتأثيرها على نفسية الطفل

    الحلول الموجودة من أجل الوقاية من العنف ضد الأطفال:

    توجد طرائق عدة يمكن من خلالها الوقاية من العنف ضد الأطفال، مثل:

  • التوعية، من الهام توعية الناس بمخاطر العنف ضد الأطفال، ويتم ذلك من خلال حملات التوعية العامة، والبرامج التعليمية، ووسائل الإعلام.
  • التثقيف، من الهام تثقيف الناس بشأن كيفية التعامل مع الأطفال بطريقة آمنة وصحية، ويتم ذلك من خلال برامج التثقيف الأسري، وبرامج التدريب للمهنيين الذين يعملون مع الأطفال.
  • توفير الدعم للعائلات، من الهام توفير الدعم للعائلات التي لديها أطفال معرضون للخطر، ويشمل ذلك خدمات الرعاية الاجتماعية، والبرامج التعليمية، ومجموعات الدعم.
  • العدالة، من الهام أن يحاسَب مرتكبو العنف ضد الأطفال، ويشمل ذلك العقوبات الجنائية، والبرامج التأهيلية.
  • تشريع قوانين لحماية الأطفال من العنف.
  • توفير التمويل لبرامج الوقاية من العنف ضد الأطفال.
  • تعزيز التعاون بين مختلف الجهات الحكومية والمجتمعية المعنية بحماية الأطفال.
  • تعليم الأطفال احترام أجسادهم وأنفسهم وحقوقهم في حياة آمنة ومستقرة، ورفض أي عنف مهما كان مصدره وطلب المساعدة.
  • الإبلاغ عن العنف ضد الأطفال.
  • في الختام:

    إنَّ العنف ضد الأطفال مشكلة مجتمعية معقَّدة وتحتاج إلى تضافر عدد من الجهود لحلها، ويجب أن نتذكر أنَّ العنف ضد الأطفال جريمة لها آثار مدمرة في الأطفال والأسرة والمجتمع، فهو يؤدي إلى مشكلات صحية وجسدية وعاطفية وسلوكية قد تؤثر في قدرة الطفل على التأقلم وبناء شخصيته أيضاً والتعلم والتركيز في المدرسة.