المواجهة هي أفضل علاج للخوف: العلاج بالتعرُّض

المواجهة هي أفضل علاج للخوف: العلاج بالتعرُّض
(اخر تعديل 2024-03-26 05:28:16 )
بواسطة

تعد أسس العلاج بالتعرُّض جزءاً أساسياً من معظم الاتجاهات العلاجية النفسية، ومن ذلك العلاج السلوكي المعرفي وعلاج الصدمة النفسية وعلاج اضطرابات القلق والاكتئاب، ويعمل هذا النوع من العلاج على تغيير نمط الاستجابة النفسية للمواقف المحفزة وبناء الثقة بالنفس وتعزيز التحمل النفسي.

سنتعرف في هذا المقال إلى أنواع العلاج بالتعرُّض المختلفة، ومبادئ تطبيقها بفاعلية، إضافة إلى تسليط الضوء على فوائده ودوره في تحسين جودة حياة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية؛ لذا تابعوا معنا.

أنواع العلاج بالتعرُّض:

العلاج بالتعرُّض، المعروف أيضاً بأسماء أخرى مثل العلاج بالتفييض والعلاج الاستفزازي، يمثل نوعاً من العلاج السلوكي المعرفي يُستخدم لمعالجة مجموعة متنوعة من اضطرابات القلق، مثل الوسواس القهري والرهاب واضطراب ما بعد الصدمة وأمراض نفسية أخرى.

يقوم العلاج الاستفزازي بتعريض الفرد لمصادر القلق أو الرهبة بطريقة مدروسة ومنهجية، بهدف إطفاء الخوف الذي ينشأ من مصدر معين، ويتيح هذا التعرُّض للفرد التعامل بفاعلية مع المواقف أو الأشياء المثيرة للقلق والتغلب عليها، ومن أنواعه ما يأتي:

1. العلاج بالتعرُّض المعرفي:

يعتمد على مفهوم أساسي وهو تعريض الشخص لأفكاره واعتقاداته السلبية أو المواقف التي يخشاها، ويستخدم في علاج الاضطرابات مثل اضطراب الهلع والاضطراب الوسواسي القهري، ويهدف إلى تغيير الاعتقادات السلبية وتقليل القلق المرتبط بالأفكار السلبية.

2. العلاج بالتعرُّض للاضطرابات الوجدانية:

يتعامل مع تعرُّض الشخص للمشاعر السلبية مثل الغضب أو الحزن بطريقة منهجية، ويمكن استخدامه في علاج الاضطرابات مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) واضطراب الاكتئاب، ويهدف إلى تقليل تأثير المشاعر السلبية وتعزيز التحكم العاطفي.

3. العلاج بالتعرُّض للاضطرابات النفسية الأخرى:

يمكن تخصيص العلاج بالتعرُّض لعدد من الاضطرابات النفسية الأخرى، مثل اضطرابات الطعام واضطرابات الهوية، ويعتمد على مبادئ التعرُّض المشتركة وتكييفها لتناسب الحالة الخاصة للشخص.

4. تقنيات التعرُّض والتحكم في القلق:

يشمل استخدام تقنيات مختلفة مثل التعرُّض التدريجي والتعرُّض الاجتماعي، ويجب تعليم الشخص كيفية التعامل مع القلق في أثناء التعرُّض وتطبيق استراتيجيات للتحكم فيه.

5. التعريض الخيالي:

يتضمن تخيُّل الفرد للمواقف أو الأشياء المسببة للخوف للمساعدة على تقليل مشاعر القلق.

6. العلاج بالتعرُّض التفاعلي:

يتمثل في تمرير الشخص بمشاعر أو مواقف غير ضارة لتحقيق إزالة الخوف.

7. العلاج بالتعرُّض المباشر:

يتضمن مواجهة الشخص بشكل مباشر لمصادر الخوف أو الهلع.

8. العلاج بالتعرُّض للواقع الافتراضي:

يستخدم أجهزة محاكاة لتجربة مواقف تشبه تلك التي تسبب الخوف للفرد.

تعد هذه الأنواع مؤثرة في مساعدة الأفراد على التغلب على مشاعر القلق والرهبة وتحسين نوعية حياتهم، وهي بعض الأنواع الرئيسة للعلاج بالتعرُّض، وكل نوع له تقنياته الخاصة ويتم تطبيقه بناءً على احتياجات وتحديات الشخص المعني بالعلاج ونوع اضطرابه النفسي.

شاهد بالفديو: 10 نصائح للحصول على الراحة النفسية

مبادئ العلاج بالتعرُّض:

من مبادئ العلاج بالتعرُّض ما يأتي:

1. إنشاء بيئة آمنة للتعرُّض:

يعد هذا المبدأ أساسياً لنجاح العلاج بالتعرُّض، ويجب على المعالج والمريض إقامة بيئة آمنة وموثوقة يشعر فيها الشخص بأنَّه يمكنه التعامل مع المحفزات المسببة للقلق بأمان، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطوير علاقة ثقة بين المعالج والمريض وتوفير الدعم والتوجيه اللازمَين.

2. تحديد الأهداف والتوقعات:

يجب تحديد أهداف محددة وقابلة للقياس للعلاج بالتعرُّض، ويتعين على المريض والمعالج التوصل إلى تفاهم واضح عما يريد المريض تحقيقه من خلال العلاج، ويجب أن تكون لديهما توقعات واقعية بشأن الوقت والجهد الذي سيستغرقه العلاج لتحقيق الأهداف.

3. تقنيات التعرُّض:

يتضمن هذا المبدأ استخدام تقنيات التعرُّض المناسبة لحالة المريض، على سبيل المثال، يمكن تطبيق التعرُّض التدريجي الذي يتم فيه تقديم المحفزات المسببة للقلق بشكل تدريجي وتصاعدي، ويجب تعليم الشخص كيفية التفاعل مع هذه المحفزات ومواجهتها بدلاً من تجنبها.

4. التحكم في القلق:

يجب تعليم المريض كيفية التحكم في القلق والتوتر في أثناء التعرُّض، وذلك يمكن أن يشمل تعلم تقنيات التنفس العميق والاسترخاء، ويساعد التحكم في القلق المريضَ على تحمل التعرُّض للمواقف المحفزة للقلق بشكل أفضل.

5. التقييم وضبط العلاج:

يجب أن يتم تقييم تقدم المريض باستمرار خلال العلاج، ويتيح ذلك للمعالج ضبط العلاج وتعديله إذا كان ذلك ضرورياً، ويساعد التقييم على تحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى توجيه إضافي أو تعديلات في العلاج.

تشكل هذه المبادئ الأساس لعملية العلاج بالتعرُّض، وتساعد على تحقيق النجاح والتحسين النفسي للمريض، وتطبيق هذه المبادئ بعناية له تأثير كبير في تحسين جودة حياة الأفراد الذين يخضعون لهذا النوع من العلاج.

تقنيات العلاج بالتعرُّض:

تضم تقنيات العلاج بالتعرُّض مجموعة من الأساليب والتقنيات التي تستهدف مساعدة الأفراد على التغلب على القلق والخوف، وتشمل هذه التقنيات:

1. التخلص المنظم من الحساسية:

تعني تعريض الشخص تدريجياً لأسباب القلق برفق، مع تعليمه تقنيات الاسترخاء لمساعدته على التحكم في توتره وقلقه، ويشمل ذلك التركيز على التنفس العميق والتأمل.

2. تقنية الاستفزاز:

تتضمن تعريض الشخص لموقف أو حالة مخيفة، مع تعليمه كيفية التعامل مع هذه المواقف تدريجياً حتى يتمكن من التغلب على خوفه، وفي بعض الحالات، يمكن تعريض المريض لحالات أكثر تحدياً من تلك التي يخشاها عادة لتعليمه كيفية التعامل مع المخاوف.

3. التعرُّض التدريجي:

يتمثل في تعريض الشخص تدريجياً لمصادر القلق بشكل منظم، مع تعليمه كيفية التحكم في توتره وتخفيف قلقه خطوة بخطوة.

4. التعرُّض طويل الأمد:

يتضمن استرداد المريض ببطء وبشكل مدروس لحدث مخيف والتفاعل معه بطريقة آمنة، وهذا يساعد على تجاوز الصدمة بدلاً من تجنُّبها، ويُستخدم غالباً في علاج اضطراب ما بعد الصدمة.

فوائد العلاج بالتعرُّض:

من فوائد العلاج بالتعرُّض ما يأتي:

1. تحسين التحمل النفسي:

أحد أهم الفوائد للعلاج بالتعرُّض هو زيادة التحمل النفسي لدى الفرد، فعندما يتعرَّض الشخص للمحفزات التي يخشاها بشكل منتظم، يتعلَّم كيفية التعامل مع الضغط والتوتر بطرائق أفضل، وهذا قد يكون مفيداً في مختلف جوانب الحياة، ومن ذلك العلاقات الشخصية والعمل.

شاهد بالفديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

2. تقليل القلق والخوف:

يساعد العلاج بالتعرُّض على تقليل مستويات القلق والخوف لدى الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية مثل اضطراب الهلع واضطراب الوسواس القهري، وبواسطة التعرُّض المنتظم لمصدر القلق، يمكن للشخص تقليل التفاعلات الزائدة وتطوير استجابات أكثر هدوءاً.

3. تطوير استراتيجيات التعامل مع المواقف المجهدة:

يساعد العلاج بالتعرُّض الأفراد على تطوير استراتيجيات فعَّالة للتعامُل مع المواقف المجهدة والتحديات في حياتهم، فيتعلم الشخص كيفية التفكير بشكل أكثر توازناً وكيفية اتخاذ قرارات أفضل في مواجهة المشكلات.

4. تحسين الجودة الحياتية:

عندما ينجح العلاج بالتعرُّض في تقليل القلق والخوف وزيادة التحمل النفسي، يؤدي ذلك إلى تحسين كبير في الجودة الحياتية للمريض، ويمكن للشخص أن يستمتع بحياته بشكل أفضل ويشارك بفاعلية أكبر في النشاطات الاجتماعية والعمل والعائلة.

5. التطور الشخصي والنمو:

يعزز العلاج بالتعرُّض من فرص التطور الشخصي والنمو، فيمكن للأفراد أن يكتشفوا قدراتهم في التعامل مع تحدياتهم النفسية وتجاوزها، ويمكن للعلاج أن يفتح أبواباً جديدة لتحقيق الأهداف وتطوير مهارات جديدة.

العلاج بالتعرُّض له فوائد ملموسة على الصعيدين النفسي والعاطفي، وهو طريق فعال للتغلب على الاضطرابات النفسية وتحسين جودة حياة الأفراد.

فاعلية العلاج بالتعرُّض:

يُعد العلاج بالتعرُّض "الاستفزازي" أداة فعالة في التعامل مع حالات الخوف والاضطراب، لكنَّ فاعليته تعتمد على اختيار الأسلوب المناسب لكل حالة بالتعاون بين الطبيب والمريض، كمثال على ذلك، أُجريت دراسة في عام 2013 على محاربين سابقين مصابين باضطراب ما بعد الصدمة، واستُخدِم فيها العلاج بالتعرُّض المطول، وقد أظهرت هذه الدراسة تحسناً ملحوظاً في حالتهم، وهذا يشير إلى فاعلية العلاج الاستفزازي في تخفيف الاكتئاب والأعراض المصاحبة للاضطراب.

إضافة إلى ذلك، أُجريَت دراسة أخرى في نفس العام على ناجين من زلزال في الصين باستخدام تقنيات مثل العلاج التدريجي والتخلص المنظم من الحساسية، وأظهرت النتائج أنَّ العلاج التدريجي كان أكثر فاعلية في تقليل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، والاكتئاب، والإجهاد النفسي.

يمكن القول إنَّ العلاج الاستفزازي فعَّال لنسبة كبيرة من مرضى اضطراب ما بعد الصدمة، ويمكن أن يساعدهم على التغلب على القلق والخوف الناجم عن تجاربهم الصعبة، وفي معظم الحالات، يمكن للأفراد التخلص تماماً من المخاوف التي كانوا يواجهونها بسبب الصدمة.

في الختام:

يعد العلاج بالتعرُّض أحد الأدوات القوية في مجال علاج اضطرابات القلق والرهبة، ويتيح للأفراد التعامل مع مصادر خوفهم بفاعلية وتحقيق تحسين كبير في نوعية حياتهم؛ لذا تعلُّم استراتيجيات التعامل مع المواقف المجهدة والتعرُّض لها يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في الصحة النفسية والعاطفية للأفراد.

نُذكِّر دائماً أنَّ البداية هي الخطوة الأولى نحو التغلب على القلق والرهبة، فإذا كنت تعاني من هذه الاضطرابات، فلا تتردد في مشاركة تجربتك مع محترفي الصحة النفسية والبحث عن العلاج المناسب، ويمكن أن يكون العلاج بالتعرُّض أداة قوية تساهم في تحسين جودة حياتك وتحقيق التوازن النفسي الذي تتطلَّع إليه.