قصص من التراث

قصص من التراث
(اخر تعديل 2023-06-21 10:00:18 )
بواسطة

يوضح هذا المقال بعض القصص الجميلة التي تروي التراث الجزائري، تلك القصص المسلية التي تحمل الكثير من العبر والدروس المستفادة للأحفاد:


قصة الغَنْجَة

يُحكى أنه في زمانٍ غابر كانت هناك فتاة جميلة تُسمى "غنجة"، وهي الفتاة الوحيدة لعائلتها الغنية، لهذا كان والدها شديد الخوف عليها فكان يخفيها عن أعين الرجال، حتى بلغت 14 عاماً وهي لا تعرف غير أهلها المقربين، فغير مسموح أن تخرج من المنزل أو أن تتحدث مع أي إنسان، وفي يوم من الأيام اجتاح البلاد جفافاً مريع يحمل معه ريحاً حارقة، فجفت الوديان، وذبل النبات، وهلك الحيوان، وساد القحط، فاتجه الناس إلى الطقوس، والطلاسم، والشعوذة معتقدون أن هذه الأفعال ستنجيهم ولكن سرعان ما خاب ظنهم، فاقترح رجال القرية أن يجتمعوا للتشاور وبينما هم في جمعهم قام رجل حكيم وخاطب والد غنجة قائلاً "يجب على ابنتك وهي رمز العفاف عندنا أن تخرج إلى العامة كاشفة الرأس والقدمين وبهذا سيذهب عنا البأس"، ولم يجد والد "غنجة" حلاً آخر فقبل بما قال الرجل الحكيم وأتى ابنته الحبيبة فضمها إلى صدره ثم كشف عن قدميها وفك ضفائرها فنسدل شعرها الغزير حتى بلغ أخمص قدميها، فوضع الأب يديه على رأس ابنته مُباركاً إياها وكانت غنجة في حيرة من الذي يدور حولها فقالت " أبي ما معنى الذي يجري؟ فأجابها والدها "سنعيد المياه إلى أرضنا إن شاء الله ذلك"، وسار بها الأب إلى عتبة البيت وما إن خطت غنجة بضع خطوات حتى حصلت المعجزة فهبت ريح قوية وتسابق من الغرب سحاب كثيف محمل بالمطر وأظلمت السماء ثم أمطرت على الأرض العطشة لمدة أربعة أيام وثلاث ليالٍ ارتوت فيها الأرض، واعترافاً بالجميل عاد الناس في اليوم الرابع لإقامة الاحتفالات حول بيت "غنجة" ولكن والدها واراها عن الأنظار خوفاً عليها فأسكنها في بيت بعيد لا يعرف طريقه غيره، وأوكل مهمة حمايتها إلى ثلاثة حراس، ولم تظهر "غنجة" بعد ذلك اليوم.


لم تحفظ الذاكرة الشعبية في أي منطقة جرت هذه الأحداث، ولكن الشيء المعروف هو أن الناس لا يزالون محتفظين بعادات ترجع أصولها إلى هذه القصة، إذ كلما هددهم الجفاف خرجوا منادين باسم غنجة.


قصة عمار الجايح

يُحكى أنه كانت أرملة تعيش مع ابنها اليتيم الذي كان يبلغ من العمر 16 عاماً أي في مُقتبل العمر، ولكنه لم يكن يُجدي النفع في أي شيء إلى أن لقبه الناس عمار الجايح، وكانت أمه المسكينة تعمل ليل نهار حتى تُربيه لقلة حيلته وذكائه، وفي يوم من الأيام ذهبت الأم إلى السوق لجلب بعض الطعام وأوصت ابنها أن يحرص على الدجاجة والصيصان من أن يخطفهم العُقاب فقال لها عمار لا تخافي سأحرسهم جيداً، وفور خروج أمه من المنزل شعر عمار بالنُعاس فقال في نفسه ماذا سأفعل بالدجاجة والصيصان؟ وبعد تفكير طويل قرر ربط الدجاجة مع الصيصان من قدمهم بخيط رفيع ووضعهم فوق السطح حتى لا يراهم العُقاب وذهب للنوم، وبعد وقت قصير عادة والدته إلى المنزل فسألته عن الدجاجة والصيصان فأجاب بالفكرة العبقرية التي خطرت على باله، فأخذت أمه المسكينة تبكي وتنوح وقالت له: بدل أن يأخذ العُقاب الدجاجة أو أحد الصيصان أنت بفعلك جعلته يأخذهم جميعاً وحرمتنا البيض، من أين سأعوض الدجاجة؟ وعندما رأوها الناس تبكي أشاروا عليها أن تُزوجه ليتعلم من زوجته الذكاء وأمور الحياة، فقررت الأم أن تزوج ابنها، وأخذته إلى قرية مُجاورة لا يعرفهم فيها أحد ليوافقوا على تزويجه وعند الذهاب لبيت العروس أوصت الأم ابنها أن لا يتحدث وقالت له لا تتحدث إلا عسل أريد أن تكون نحلة تُنقط عسل من فمك، وعند وصولهم إلى بيت العروس حدثت الكارثة الموعودة، سأله أبو العروس كيف حالك يا عمار؟ فأجاب ززززززززز ماذا تعمل يا عمار؟ ززززززززز وبقي هكذا حتى نهاية الحديث، فقالت أمه: إن ابني خجول قليلاً، وبينما هم يتحدثون قام عمار ليذهب للحمام وعند خروجه رأى النساء تدهن السمن لعمل الغداء فأخد يخبئ السمن في عباءته وتحت حزامه وعند العودة إلى المنزل قال لأمه: أحضرت لك الدهان يا أمي قالت الأم متفاجئة: من أين أتيت به! فأخبرها عمار بما حصل وبدأت الأم المسكينة بالبكاء، إلى أن جاء يوم العرس فخبأ عمار أحشاء خروف في ملابسه ليهديها لعروسه فتلطخت ملابسه بالدم وخافت العروس منه وخرجت لتذهب للحمام ثم هربت إلى بيت أهلها لتخبرهم بما حصل فيُخلصوها وعندما لم تعد العروس علمت أمه ما حصل فحزنت كثيراً، وبعد أيام أرسلته أمه لبيت أخته في قرية بعيدة ليأخذ البيض لها، وعندما تأخر ذهبت الأم لتفقده فوجده يرقد على البيض لكي يفقس فبكت الأم بحرقة على ابنها قليل الذكاء، فجاء رجل فارس معه سيف فسألها عن سبب بُكائها فأجابته بما حصل بالتفصيل فقام الفارس وقطع رأسه، وقال: هذا إنسان لا يستحق الحياة.