كيف أنمي مهارات الذكاء العاطفي عند طفلي؟

كيف أنمي مهارات الذكاء العاطفي عند طفلي؟
(اخر تعديل 2024-03-26 04:49:14 )
بواسطة

في هذا العالم الذي يتطلب منا ليس فقط أن نكون ذكيين؛ بل أيضاً نقيي القلوب، يبرز دور الذكاء العاطفي بوصفه جسراً حيوياً يربط بين عقول أطفالنا وقلوبهم، ويوثق علاقاتهم مع محيطهم الاجتماعي، فالذكاء العاطفي مفتاح النجاح وتحقيق التوازن في الحياة وتنميته لدى الأطفال تُعَدُّ استثماراً ثميناً يحمل ثماراً طويلة الأمد.

في هذا المقال نرشدك إلى خطوات فعالة لتنمية مهارات الذكاء العاطفي لدى طفلك، ونكشف عن أسرار تحويل تفاعلاته العاطفية إلى أدوات تعليمية تُحدِث تأثيراً إيجابياً في حياته وعلاقاته المستقبلية.

ما هو الذكاء العاطفي؟

الذكاء العاطفي هو القدرة على استكشاف عوالمنا الداخلية، والتعرف إلى مشاعرنا الخاصة، وفهمها بعمق، وتنظيمها والتحكم بها، وتوجيهها نحو هدف محدد، وتحقيق التأثير الإيجابي في حياتنا، كما يعني الذكاء العاطفي النظر إلى الآخرين بعيون الفهم والتعاطف، فهو القدرة على التفاعل مع مشاعرهم، وتقديم الدعم والتشجيع في لحظاتهم الصعبة.

بفضل هذه القدرات، يصبح التواصل العاطفي سلاحاً فعالاً لبناء جسور الثقة والتعاون، وترسيخ العلاقات الإيجابية التي تنمو وتزدهر لتحقيق النجاح والسعادة في كل جانب من جوانب حياة الفرد والآخرين.

ما هي مهارات الذكاء العاطفي التي يجب تعليمها للأطفال؟

أولاً: الكفاءة الشخصية، وتتضمن

1. الوعي بالذات:

هو القدرة على فهم الذات ومشاعرها وقدراتها ونقاط القوة والضعف؛ لذا يحتاج الأطفال إلى تعلُّم المفردات الدالة على المشاعر المختلفة.

2. تنظيم الذات:

القدرة على التحكم في ردود الفعل العاطفية وتوجيهها بشكل إيجابي، مثل القدرة على التحكم في الغضب والتعبير عنه بشكل ملائم وبنَّاء.

3. الدافعية:

القدرة على تحفيز النفس والعمل نحو الأهداف بشغف وإصرار، فالأمل والتفاؤل من مكونات الدافعية الأساسية، وتعليمها للطفل من شأنه تخليصه من الاكتئاب والخوف، ويجعله أكثر نجاحاً في المدرسة.

ثانياً: الكفاءة الاجتماعية، وتتضمن

1. التعاطف:

القدرة على فهم مشاعر الآخرين ورؤية الأمور من منظوراتهم والتصرف وفقاً لذلك، فمهارات التواصل هي ما تعلِّم الطفل متى يستطيع فهم مشاعر الآخرين من إنسان يبكي أو من صديق يكتنفه الغضب.

2. المهارات الاجتماعية:

القدرة على بناء وصيانة العلاقات الإيجابية وفهم كيفية التفاعل مع الآخرين، فعندما يتعلق الأمر بالأطفال، يكتسبون هذه المهارات من خلال تجاربهم ومحاولاتهم؛ إذ يختبرون أنواعاً مختلفة من التفاعلات الاجتماعية، ويكتشفون الاستراتيجيات التي تجلب لهم النجاح والفاعلية.

عندما يستخدم الطفل التعبير اللفظي والانفعالي بشكل يلائم السياق الاجتماعي، أو يؤدي دوره بمهارة وفاعلية، يصبح هذا دليلاً على استيعابه للأساليب التي تسهم في نجاحه الاجتماعي، ويمكن لهذه التجارب المستمرة أن تعزز تطوُّره وتعلُّمه في بناء علاقات إيجابية وفعالة مع من حوله.

أهمية الذكاء العاطفي:

  • يسهم في تحقيق تكيف الطفل مع محيطه الاجتماعي والبيئة التي يعيش فيها.
  • التدريب على مهارات الذكاء العاطفي واكتسابها يسهم في زيادة تحصيل الطفل الدراسي.
  • يسهم الذكاء العاطفي في الحد من انفعالات الطفل غير المضبوطة.
  • يسهم الذكاء العاطفي في تعزيز ثقة الطفل بنفسه، وهذا يسهم في تطوير شخصيته وقدرته على التعبير عن احتياجاته وآرائه بثقة ووضوح.
  • يساعد الذكاء العاطفي الطفل على فهم مشاعر الآخرين والتعامل معهم بشكل صحيح.
  • يساعد الذكاء العاطفي الطفل على التخلص من المشاعر السلبية مثل الخوف والقلق والعدوانية.
  • يساعد الذكاء العاطفي الأطفال على تطوير مهارات القيادة والتعاون، وهذا يجعلهم أكثر قدرة على العمل الجماعي وتحمُّل المسؤولية.
  • يساعد الذكاء العاطفي الطفل على التقليل من خطر مشكلات الصحة النفسية، فالأطفال الذين يمتلكون مهارات الذكاء العاطفي، عادةً ما يكونون أكثر مرونةً في التعامل مع التحديات النفسية والضغوطات اليومية.
  • يساعد الذكاء العاطفي الأطفال على تحفيز إبداعهم وابتكارهم؛ إذ يشجعهم على استكشاف أفكار جديدة والتعبير عن أنفسهم بطرائق مختلفة.
  • شاهد بالفديو: أركان الذكاء العاطفي الستة (طرق رفع الذكاء العاطفي)

    كيف أنمي مهارات الذكاء العاطفي عند طفلي؟

    1. مناقشة الأطفال في مشاعرهم:

    من الأساليب الفعالة لتنمية الذكاء العاطفي للأطفال هي المناقشة الفعالة في مشاعرهم وكيفية التعبير عنها، خاصةً العواطف الصعبة مثل الغضب؛ لذا يمكنك القيام بما يأتي لجعل هذه المناقشة ناجحة:

    • توفير الوقت للحديث مع الطفل بشكل دوري عن مشاعره، مثل "كيف كان يومك اليوم؟ وهل كنت سعيداً أم حزيناً؟".
    • استخدام الأسئلة المفتوحة؛ أي اطرح أسئلة تفتح الباب لمشاركة المشاعر بشكل مفصل، مثل "ما الذي جعلك تشعر بالفرح اليوم؟".
    • تشجيع الأطفال على التحدث عن مشاعرهم دون مخاوف أو أحكام سلبية، مثل "أنا أفهم، هل تريد أن تحكي لي مزيداً عن ذلك؟"، أو "هل تريد أن تحكي لي عن سبب غضبك؟".
    • تشجيع الأطفال على استخدام الرسم أو الكتابة أو التمثيل للتعبير عن مشاعرهم، فدع الطفل يرسم موقفاً يثير غضبه، وناقش مشاعره بعد ذلك.
    • التحدث عن الاستراتيجيات للتهدئة، فمثلاً اسأله "ماذا تعتقد أنَّك ستفعل عندما تشعر بالغضب؟".
    • تشجيع الأطفال على الصبر والاستماع لمشاعرهم ومشاعر الآخرين.

    2. تقبل جميع مشاعر الطفل وعدم التقليل من أي منها:

    يجب عليك تقبُّل جميع مشاعر الطفل وعدم التقليل من أي منها، فقد يشعر الطفل بالراحة والثقة عندما يشعر بأنَّ مشاعره محترَمة ومقبولة، فعندما يشعر الطفل بالحزن أو الغضب أو الخوف، من الهام البحث عن فهم لما يشعر بذلك دون إلقاء اللوم أو تقليل من مشاعره، مثل "أعرف أنَّك غاضب الآن، هل تريد أن تحكي لي لماذا؟"، كما ينبغي تجنب تقديم تقييمات سلبية للطفل عن مشاعره، مثل "الحزن طبيعي، لنبحث معاً كيف يمكننا مساعدتك".

    3. تشجيع الطفل على إقامة علاقات اجتماعية مع أقرانه:

    إقامة علاقات اجتماعية مع الأقران هي إحدى الطرائق الرئيسة لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال، فادعم الطفل في المشاركة في النشاطات الاجتماعية مثل اللعب والألعاب الجماعية؛ وذلك لتعزيز مهارات التعاون والتفاعل مع الآخرين، وكذلك حثه على الانضمام إلى نشاطات مدرسية أو مجتمعية مختلفة، مثل الأندية أو النشاطات الرياضية التي تعزز العلاقات مع أقرانه.

    4. تدريب الطفل على تسمية مشاعره وتزويده بالسلوكات الصحيحة لكل منها:

    يعتمد هذا النوع من التدريب على مساعدة الطفل على فهم مشاعره الشخصية والتفاعل بشكل صحي معها، ويمكن تحقيق ذلك من خلال:

    • تشجيع الطفل على التحدث عن مشاعره وتسميتها، على سبيل المثال، إذا كان الطفل يشعر بالحزن بسبب فقدان شيء ما، فقد يقول: "أنا حزين لأنَّني فقدت لعبتي المفضلة".
    • تقديم نماذج للتعبير عن المشاعر، فيمكنك أنت أو الكبار الآخرون القريبون من الطفل تقديم النماذج بالتعبير عن مشاعرهم بطريقة صحيحة، مثلاً "أشعر بالفرح لأنَّني رأيت صديقي اليوم".
    • عندما يشارك الطفل مشاعره، يجب تقديم الدعم والتفهم، فقد يكون الحوار مثل "كيف تشعر حينما يحدث ذلك؟" أو "ماذا نفعل لمساعدتك على التغلب على هذه المشاعر؟".
    • بمجرد تعرُّف الطفل إلى مشاعره، يمكن توجيهه نحو سلوكات صحيحة، على سبيل المثال، إذا كان غاضباً، فيمكن تعليمه كيفية التعامل مع الغضب بطرائق إيجابية مثل التنفس العميق أو البحث عن طرائق للتهدئة.

    5. استخدام أسلوب أداء الأدوار لشرح أنواع المشاعر والسلوكات المصاحِبة لها:

    أداء الأدوار هو أداة قوية لتعليم الأطفال عن المشاعر والسلوكات المصاحبة لها، فمن خلال تقديم سيناريوهات مختلفة، يمكن للأطفال تجربة مشاعر مختلفة وفهم كيفية التعامل معها، وإليك كيفية تطبيق هذا الأسلوب:

    • اختر مواقف مختلفة تحتوي على مشاعر متنوعة، مثل فرح، وحزن، وغضب، وخوف، وغير ذلك، على سبيل المثال، مواقف مثل فقدان شيء غالٍ، أو فرح بلقاء صديق قديم، أو غضب بسبب خلاف مع صديق.
    • دع الأطفال يتبنون الأدوار والشخصيات في هذه المواقف، على سبيل المثال، يمكن لشخص أن يكون الطفل الذي فقد شيئاً غالياً.
    • بعد انتهاء اللعبة، ناقش المشاعر التي تمت تجربتها والسلوكات التي اتُّبِعَت، واسأل الأطفال عن شعورهم في هذه المواقف، وما الذي فعلوه في رد فعلهم.
    • وجِّه الأطفال نحو السلوكات الصحيحة، واستخدم هذه الفرصة لتوجيه الأطفال إلى السلوكات الإيجابية التي يمكن اتباعها في مثل هذه المواقف، مثل كيفية التعبير عن الحزن أو الغضب بطرائق صحيحة، مثل طلب المساعدة أو التحدث إلى صديق أو إلى الأهل.

    6. أسلوب القصص:

    يُعَدُّ استخدام القصص لتنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال أداة فعالة، فيمكن اختيار القصص التي تحمل رسائل ودروساً عن المشاعر وكيفية التعامل معها بشكل صحيح، وعبر تجارب الشخصيات في القصص، يمكن للأطفال فهم وتعلُّم مهارات الذكاء العاطفي.

    شاهد بالفديو: 7 نصائح ذهبية لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال

    7. تدريب الطفل على مهارة اتخاذ القرار:

    تساعد هذه المهارة الأطفال على فهم كيفية اتخاذ القرارات الصحيحة بناءً على مجموعة متنوعة من العوامل والمعلومات المتاحة، والهدف هو تمكينهم من التفكير النقدي والتحليل السليم للخيارات المختلفة قبل اتخاذ القرار النهائي عبر هذا التدريب، ويمكن للطفل تطوير القدرة على التخطيط والتفكير المستقبلي والتعامل مع مشاعره المختلفة بشكل جيد.

    8. تدريب الطفل على تحمُّل المسؤولية:

    تعلِّم هذه المهارة الأطفال كيفية تحمُّل مسؤولية أفعالهم وقراراتهم وانعكاس النتائج على مشاعرهم، فيتعلمون كيفية تحمُّل العواقب لأفعالهم، ويتعلمون كيفية التصرف بشكل مسؤول في مختلف المواقف، مثلاً عندما ينسى الطفل مهمة مدرسية أو واجباً منزلياً، يتم توجيهه لتحمُّل المسؤولية ومعرفة كيفية التعامل مع النتائج، ويشمل ذلك مساعدته على تحديد خطوات يجب اتخاذها لتصحيح الخطأ، مثل التحدث مع المعلم أو تقديم اعتذار صادق.

    9. تدريب الطفل على تفريغ المشاعر السلبية:

    تدريب الأطفال على تفريغ المشاعر السلبية يعني تعليمهم كيفية التعبير عن مشاعرهم السلبية بطريقة صحية وبنَّاءة، والهدف هو تمكينهم من التعامل مع المشاعر السلبية بطريقة تساعدهم على تخفيف الضغط العاطفي والحفاظ على صحة عقلية إيجابية، وبعض الطرائق التي يمكن استخدامها:

    • تشجيع الطفل على التحدث عن مشاعره أو كتابتها في مذكرة، فمثلاً يمكنه كتابة يوميات أو رسائل لتفريغ مشاعره.
    • يمكن للأطفال التعبير عن مشاعرهم من خلال الرسم أو الألوان، فمثلاً يمكنهم رسم صورة تعبِّر عن مشاعر الغضب أو الحزن.
    • ممارسة التمرينات الرياضية أو النشاطات البدنية تساعد على تخفيف الضغط العاطفي وتفريغ الطاقة السلبية.
    • استخدام الألعاب مثل الدمى أو الشخصيات الخيالية لتمثيل المشاعر والمواقف التي يواجهها الطفل.

    10. النموذج الحسن:

    تقديم نماذج إيجابية وسلوكات صحيحة للأطفال؛ إذ يكون الكبار والأشخاص المحيطون بهم نماذج مثالية يُحتذى بها، ويتعلم الأطفال من خلال الملاحظة والتقليد للأشخاص الذين يُظهِرون سلوكات عاطفية واعية وصحية، فمثلاً إذا كنت والداً تُظهِر استجابة إيجابية للمشاعر وتتعامل بلطف واحترام مع الآخرين، فإنَّ طفلك سيتعلم منك كيفية التعامل مع الآخرين بشكل مماثل.

    11. الاستفادة من المواقف اليومية:

    يتعلق الأمر بالاستفادة من الأحداث اليومية والمواقف المختلفة التي تحدث في حياتهم لتعليمهم كيفية التعامل مع المشاعر والتفاعل بشكل صحيح، فمثلاً استخدام اللحظات التي يشعر فيها الطفل بمشاعر مختلفة مثل السعادة، والحزن، والغضب، والخوف لتعليمه كيفية التعبير عن تلك المشاعر بطريقة صحية وملائمة.

    12. الإشادة والتشجيع:

    تعتمد هذه الطريقة على تقديم التقدير والمدح للأطفال عند قيامهم بأفعال إيجابية أو تطوير مهارات جديدة؛ إذ يعزز هذا النوع من التفاعلات الإيجابية مشاعر الثقة بالنفس لدى الأطفال، ويعزز استمرارهم في تطوير مهاراتهم.

    مثلاً عندما يقوم الطفل بمجهود إضافي في إنجاز مهمة دراسية أو يُظهِر سلوكاً إيجابياً مع أحد الأصدقاء، يمكن تقديم الإشادة والتشجيع، كأن تقول: "أحسنت العمل يا طفلي، لقد قمت بجهد رائع في حل المسألة"، أو "كنت صديقاً جيداً اليوم، أنا فخور بك".

    13. التواصل مع المدرسة:

    التعاون مع المدرسة لتعزيز الممارسات التعليمية التي تدعم الذكاء العاطفي في الصفوف وخارجها، من خلال التواصل المنتظم مع المدرسة، فيمكن للوالدين أن يتابعا تطورات الطفل في الفصل الدراسي ويساعدا على حل أيَّة مشكلات قد تنشأ، فمثلاً إذا كان لدى الطفل مشكلة في فهم مادة معينة، يمكن للمعلمين والوالدين العمل معاً لتقديم الدعم اللازم لتحسين فهمه وأدائه.

    في الختام

    تُعَدُّ تنمية الذكاء العاطفي عند الطفل رحلة جميلة تحمل في طياتها كثيراً من الحب والتوجيه، فعندما ندرك أهمية بناء هذا النوع من الذكاء، نكوِّن أساساً قوياً لتطوير شخصية الطفل وتأهيله لمواجهة التحديات العاطفية في حياته، وباستخدام الأدوات المناسبة مثل الإشادة، والتواصل الدائم، واستخدام المواقف اليومية بوصفها فرصاً للتعلم، نقودهم نحو فهم عميق لمشاعرهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وهكذا يمكننا بناء أجيال متوازنة عاطفياً وجاهزة لمواجهة تحديات الحياة بثقة وحكمة.