كيف أنجح في التعامل مع فريق عمل مشتت؟

كيف أنجح في التعامل مع فريق عمل مشتت؟
(اخر تعديل 2024-04-24 06:14:14 )
بواسطة

هنا تكمن أهمية العمل الجماعي في نجاح الشركات الذي يقوم على التعاون بين عدد من الأشخاص لتحقيق هدف واحد، ولا يُشترَط أن يمتلك فريق العمل الواحد مهارات متماثلة؛ إنَّما يتعاونون بما يمتلكونه من مهارات فردية مختلفة، وتنبع أهمية فريق العمل في الشركة من الآثار الإيجابية التي تظهر نتيجة عمله.

اليوم مع التغيرات الكثيرة والمتسارعة والتكنولوجيا والابتكارات الجديدة في مختلف مجالات العمل، أصبحت الحاجة إلى فرق عمل فعالة ومتعاونة أكبر، فالتحديات كبيرة والمنافسة كذلك، ونتيجة للتطورات التقنية الحاصلة، أصبح بإمكان الشركات الاعتماد في عملها على فريق عمل مشتت؛ ونقصد بالمشتت أن يكون الفريق منتشراً جغرافياً في مختلف أنحاء العالم، أو ربما موجوداً ضمن مبنى شركة واحد، لكن في أقسام مختلفة.

يقوم كل عضو بعمل منفصل عن الآخر وبمكتب لا يتعلق عمله بعمل المكتب الموجود فيه العضو الآخر، ولكنَّ الأعمال المنجزة مكمِّلة لبعضها بعضاً، وهنا تصبح إدارة فِرق العمل أصعب؛ ولأنَّ فِرق العمل المشتتة لم تعد استثناء؛ بل هي الأكثر انتشاراً في وقتنا الحالي، فيجب اتخاذ الطرائق الأفضل للنجاح في التعامل معها، وهذا ما سنقدِّمه في مقالنا الحالي.

التحديات التي تواجه فِرق العمل المشتتة:

قبل التعرف إلى طريقة التعامل مع فريق العمل المشتت، إليك بعض التحديات التي تواجه فِرق العمل عن بعد:

1. اختلاف ثقافة الشركة:

تختلف الثقافة من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى، وقد تتأثر العلاقة بين أعضاء الفريق أو العلاقة بين القائد والأعضاء باختلاف الهويات، وخاصةً في حال وجود اختلافات سياسية أو دينية بين الفئات التي ينتمي إليها أعضاء الفريق.

كل ما سبق يؤثر سلباً في سير عمل الفريق، ومن ثمَّ تنعكس الآثار بوضوح على عمل الشركة، والمهمة الأساسية للقائد هي عزل العمل عن أي اعتبارات دينية أو سياسية أو عرقية أو غيرها، ووضع خطوط حمراء يُمنَع تجاوزها في العمل أو خارجه لما ينتج عنها من صراعات بين أعضاء الفريق.

2. اختلاف العادات والتقاليد:

تختلف العادات من بلد لآخر أيضاً، ومن ثمَّ تؤثر في العلاقات بين أعضاء الفريق، فالأشياء المتاحة في بلد غير متاحة في الآخر، وكذلك واجب القائد وأعضاء الفريق الانتباه إلى طريقة تعاملهم مع بعضهم بعضاً بوصفه نوعاً من احترام عادات الآخرين وتقاليدهم.

3. اختلاف التوقيت الزمني:

هو أمر موجود في معظم فِرق العمل المشتتة، وتترتب عليه نتائج مختلفة سنتحدث عن كيفية التعامل معها في مقالنا لاحقاً.

شاهد بالفديو: 6 إجراءات يعزز بها القادة الناجحون التعاون في فرقهم

كيفية النجاح في التعامل مع فِرق العمل المشتتة:

يتطلب النجاح في التعامل مع فِرق العمل المشتتة الانتباه إلى نقاط عدة هامة تساعد على النجاح في تنفيذ المهام المختلفة، وأبرزها ما يأتي:

1. اتباع سياسة التواصل المكتوبة:

يعتمد التواصل بين أعضاء فريق العمل المشتتين والمدير على الاتصالات الشفهية عادةً، ولكنَّ تلك السياسة تتسبب غالباً في فشل الأعضاء في تنفيذ كثير من المهام؛ لأنَّ النسيان صفة موجودة فينا جميعاً، ونحن مخولون أن ننسى بعد انتهاء الحديث مباشرة.

هنا تكمن أهمية سياسة التواصل المكتوبة بحيث يتم تثبيت جميع المهام وتحديد المسؤوليات والوقت المخصص لإنجاز المهمة بشكل مكتوب وإرسالها لكل عضو بواسطة البريد الإلكتروني، أو طرائق أخرى يتم تحديدها بما يتناسب مع أعضاء الفريق.

2. الأهداف الواضحة:

هذه النقطة هامة جداً لمختلف فِرق العمل سواء المشتتة منها أم الموجودة في مكان واحد، فإن كان فريق العمل يريد النجاح المميَّز، فيجب أن يكون الهدف الذي يسعى إليه فريق العمل واضحاً، وخطة العمل واضحة أيضاً، فلا يتساءل أي عضو من أعضاء الفريق عمَّا يجب عليه فعله؛ بل فقط يجب عليه التفكير بكيفية إنجاز المهمة المطلوبة منه وتسليمها في الوقت المناسب.

لا ضرر من مشاركة أعضاء الفريق بوضع الأهداف، فمثلاً يمكن إعلام الفريق بالأهداف الشهرية أو السنوية وحتى اليومية منها وتحديد وقت يمكن فيه إرسال اقتراحات متعلقة بالعمل، إضافة إلى تحديد دور كل عضو من الأعضاء في مختلف المهام الموكلة إلى أعضاء الفريق.

3. المرونة والصبر:

تُعَدُّ هذه الصفات من صفات القائد الناجح الهامة التي تساعد على نجاح فريق العمل المشتت، فأن يكون مرناً يعني أنَّه قادر على تفهُّم اختلاف الظروف العملية والبيئية التي يعمل ضمنها أعضاء الفريق، والتي تنعكس على إنتاجية أعضاء الفريق، إضافة إلى اختلاف الخلفيات العلمية لكل عضو بحيث يتم توزيع المهام بما يتناسب مع خبرة كل عضو.

ينتج عن تفرُّق فريق العمل جغرافياً وجود جداول زمنية لأعضاء الفريق تختلف عن الجداول الزمنية لقائد الفريق، وفي بعض الأحيان تفشل التكنولوجيا في تحقيق التواصل بين أعضاء الفريق؛ وذلك نتيجة أعطال في الكهرباء أو شبكة الإنترنت مثلاً، لذلك الاجتماع مع أعضاء الفريق بواسطة مكالمة هاتفية أو فيديو يحتاج إلى تنسيق مسبق وأخذ اقتراحات جميع أعضاء فريق العمل في الحسبان.

4. تعزيز شعور الانتماء إلى الفريق:

شعور الثقة التي تتولد بين أعضاء الفريق الواحد ناتج عن طريقة التعامل العاطفية نوعاً ما التي تُشعِرهم بالمسؤولية تجاه الفريق، وعادةً يصعب إيصال هذا الشعور إلى أفراد الفريق المشتت، وخاصةً المشتت جغرافياً؛ إذ يشعر العضو بالانعزال عن باقي الأعضاء وعن القائد، فما هو الحل حينها؟

الحل هو التقرب من أعضاء الفريق والاهتمام بهم لبناء علاقة شخصية تساعد على تعزيز الثقة كما تفعل تماماً مع أعضاء الفريق الموجودين معك في مكان واحد، فتلقي التحية عليهم صباحاً مثلاً، لكن بواسطة الهاتف والبريد الإلكتروني، وترسل تهنئة في مناسباتهم الشخصية أو الأعياد الرسمية، وترجو لهم عطلة سعيدة، وتخبر الجميع عندما يقوم أحدهم بإنجاز ما لتهنئته والاحتفاء معه عن بعد.

يمكن سؤال الأعضاء باستمرار عن كيفية إنجازهم للأعمال، وهل توجد اقتراحات تفيد العمل من وجهة نظرهم، فالدردشة مع أعضاء الفريق تعزز التواصل الفعال، كما أنَّ القيادة الفعالة تعني أن يدافع القائد عن فريق عمله أمام الشركة كما يدافع عن نفسه، وأن يشعر بمسؤولياتهم ويطالب بحقوقهم، ويسعى إلى تحسين أحوالهم كما يسعى إلى تحسين حاله.

شاهد بالفديو: 6 خطوات لبناء فرق العمل الفعالة

5. متابعة أداء فريق العمل دون تعقيد:

الاختلافات الناتجة عن تشتت فريق العمل كثيرة، ومنها العمل في أوقات مختلفة، فينتج عن ذلك تسلسل في عمليات إنجاز المهام، فمنهم من يعمل في الوقت الذي يُعَدُّ ليلاً بالنسبة إلى قائد الفريق والآخر يعمل نهاراً.

لذلك لا يجب التدقيق على الوقت الذي يسلم كل منهم فيه عمله؛ إنَّما الهام هو إتمام العمل في التاريخ المتفق عليه والتركيز عند متابعة الأداء على النتيجة فقط، ومتابعة تقدُّم العمل قد تتم من خلال الاطلاع على التقارير في نهاية اليوم أو الأسبوع.

6. مؤتمر سنوي يجمع الفريق معاً:

الفريق المشتت لا يمكنه الاجتماع معاً طوال الوقت، ولكنَّ النجاح في عمل الشركة يحتاج إلى تضحية من الشركة أيضاً، كأن يتم تعيين وقت لمؤتمر سنوي يجمع أعضاء الفِرق مع قائدهم لمدة يوم أو أكثر في مكان محدد.

يجب على الشركة حينها العمل على جمعهم، كأن تدبِّر أمر تذاكر السفر ومكان الإقامة إلى حين انتهاء وقت المؤتمر، وعلى الرغم من أنَّ الأمر يبدو مكلفاً بعض الشيء، إلا أنَّ المؤتمر يساعد على مناقشة الإجراءات والسياسات المتَّبَعة في الشركة وجهاً لوجه، ويتيح إمكانية تبادل الآراء والأفكار ووجهات النظر المختلفة.

كثيراً ما تفشل التكنولوجيا في إيصال أفكارنا ومشاعرنا بالطريقة الصحيحة، ويلزم ذلك الاجتماع وجهاً لوجه، كما يمكن مناقشة التغيرات الطارئة على العمل وتقديم الشكر لصاحب التحسن الملحوظ والاحتفاء بالإنجازات التي قدَّمها فريق العمل.

قد تعتقد أنَّ تلك التفاصيل غير هامة، ولكنَّ جميعها يعود بآثار إيجابية وواضحة في العمل؛ وذلك لأنَّها تحمِّل الفريق مسؤولية النجاح المستمر، فيسعى كل فرد إلى تطوير نفسه ليصبح لائقاً بالشركة التي يعمل بها وليحافظ على هذا العمل.

في الختام:

غيَّرت التطورات والتغيرات الحاصلة في العالم والاعتماد الكبير على التكنولوجيا كثيراً من المفاهيم القديمة، فلا تُعَدُّ الحاجة إلى وجود فريق العمل في مكتب واحد كبيرة، فالآن يمكن بناء فريق عمل يعمل كل عضو منه في منزله في بلده.

يمكن النجاح في إنجاز المهام الموكلة لفريق العمل إن كانت القيادة فعالة، فأنت بصفتك قائداً لفريق عمل مشتت يجب عليك الانتباه إلى اختلاف الثقافة بين البلدان، وكذلك اختلاف العادات والتقاليد والوقت أيضاً، وواجبك أن تتعامل مع فريقك المشتت بطريقة مختلفة أهمها اتباع سياسة التواصل المكتوبة، فترسل التعليمات أو الملاحظات برسائل نصية مثلاً.

لا تعتمد على الاتصال الشفوي وتحرص على توضيح الأهداف، ولا تترك مجالاً للسؤال في ذهن أي عضو، وأن تتمتع بالمرونة والصبر شرط هام، فتقدِّر اختلاف الظروف والمهارات، ومن مهامك بصفتك قائداً تعزيز التواصل مع أعضاء الفريق لبناء علاقات وثيقة تُشعِرهم بالانتماء إلى الشركة، ويُفضَّل أيضاً السعي إلى جمع أعضاء الفريق مرة سنوياً إن أمكن، لما له من أثر إيجابي في سير عمل الشركة.