قصص عن الصدق في عهد

قصص عن الصدق في عهد
(اخر تعديل 2023-06-21 03:06:16 )
بواسطة

لا يقتصر الصدق فقط على قول الحقيقة، فمفهومه مرتبطٌ أيضًا بنبذ الصفات المذمومة؛ كالغش، والخيانة، والخداع، والفساد، والكذب، وغيرها، ويعتبر الصدق من الصفات والأخلاق التي دعا الإسلام لها، وحث أتباعه على الالتزام بها، وقد ضرب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لنا أروع الأمثلة والمواقف، والتي تثني على قيمة الصدق وأهميته، وتدعو إليه، وإلى عدم التخلي عنه أبدًا؛ الصدق من المنجيات، والتي تنجي الإنسان من عواقب الأمور، وهو من الصفات الحسنة، والتي تمنح صاحبها سمعة لا تزول أبد الدهر.

من قصص الصدق في عهد الرسول ما يأتي:


قصة الأعرابي

عاش في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أعرابي، وقد آمن بالله، وبنبيه، وجاء يومًا إلى رسول الله يطلب منه أن يسمح له بالقتال في إحدى الغزوات، وكان الأعرابي يرجو الشهادة في سبيل الله، وقد سمح له رسول الله بالمشاركة في إحداها، وبالفعل شارك مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تلك الغزوة، ولكنه لم ينل الشهادة، وبعدما انتهت الغزوة، وتحقق النصر للمسلمين، تمّ جلب الغنائم من أجل تقسيمها، وحصل كل واحدٍ على حصته، لكن الأعرابي رفض أخذها، وتوجه إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقال له أنه لم يشارك في الغزوة ويقاتل فيها طمعًا أو رغبةً بالغنائم، وإنما فعل ذلك في سبيل الله ورغبة بالفوز بالشهادة والجنة التي تنتظر من يُقتل في سبيل الله، ورد عليه الرسول الكريم: "إن تصدق الله يصدقك"، بمعنى أنّ الله سيحقق لهذا الأعرابي مبتغاه إذا كان صادقًا برغبتهِ ونيته قبل شيء، وهذا ما فعله الأعرابي؛ فقد صدق نيته مع الله بكل جوارحه، وعندما قامت غزوة أخرى، سارع للمشاركة فيها، وفي نيته الصادقة الشهادة في سبيل الله، فاستشهد خلال القتال، ولما انتهت الغزوة، قام صحابة رسول الله بإحضاره إلى صاحبهم، فسألهم حينما رآه: "أهو هو؟"، فأجاب الصحابة بالإيجاب، فقال النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: "صدق الله فصدقه"، فقام رسول الله، وقام بغسل الأعرابي وتكفينه، ثم دعا له قائلاً: "اللهم هذا عبدُكَ خرجَ مُهاجرًا في سبيلِكَ، فقُتِلَ شهيدًا، أنا شهيدٌ على ذلِكَ".


قصة النبي وصدقه مع القبائل العربية

نشب خلافٌ بين القبائل العربية التي تسكن حول الكعبة يومًا، وكان سبب هذا الخلاف رغبة كل واحدةٍ من هذه القبائل بنيل شرف وضع الحجر الأسود في مكانه في الكعبة بعد تجديد بنائها، وتفاقم الخلاف لهذا السبب بينهم، واستمر ذلك لمدة، حتى اقترح أمية بن المغيرة المخزومي عليهم أن يحكموا الأمر الذي يختلفون فيه لأول من يدخل عليهم باب المسجد الحرام، فوافقت القبائل على ذلك، وقعدوا ينتظرون ذلك الشخص الذي سيدخل عليهم الباب، فإذا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم يدخل منه عليهم، فلما رأوه صاحوا: "هذا الأمين"، وقد كان النبي محمد معروفًا بصدقه وأمانته، فاحتكمت القبائل بأمر الحجر الأسود إليه، ولما انتهوا، طلب إحضار ثوب، فلما أحضروه وضع الحجر الأسود فيه، وطلب من كل قبيلة أن تمسك طرفًا من الثوب، ثم يرفعوه معًا، ففعلوا ما طلب، وساروا به إلى مكانه، وهناك تناوله النبي الكريم ووضعه في مكانه، وانتهى الجدال بين تلك القبائل، وكل ذلك بفضل الأمانة والصدق الذي امتاز به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.


قصة النبي وأمانته مع السيدة خديجة

عُرف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بين قومه بالصدق والأمانة، حتى أنّ قومه كانوا يأتمنونه بسبب ذلك على أموالهم وحاجاتهم، وقد سمعت السيدة خديجة بنت خويلد عنه، وكانت خديجة رضي الله عنها من أصحاب النسب والحسب في مكة، وكانت أيضًا من أثريائها، كما كانت تعمل في التجارة، وترسل القوافل، فطلبت من النبي محمد أن يسافر بتجارتها إلى الشام، وقد وافق صلى الله عليه وسلم، ورافقه في الرحلة غلام لها اسمه ميسرة، ولما عادت القافلة من الشام، كانت قد حازت الأرباح الوفيرة، وأخبر ميسرة السيدة خديجة بنت خويلد عما شهده في الرسول الكريم من صدقٍ، وأمانة، وإخلاص؛ الأمر الذي جعل السيدة خديجة تعجب به، لطيب أخلاقه وصدقه، وقد تزوجت به، وكانت أول من آمن به، ونصرته، ونصرت الرسالة التي جاء بها.