تنتج الحكمة عن مجموعة من الخبرات والتّجارب التي يمرّ بها الأشخاص، ولا يشترط بذلك أن يكون الحكيم كبيراً في السّن؛ بل قد يكون الصّغار حكماء أيضاً، والحياة قطار سريع يحمل بجعبته الكثير من النصائح والتجارب، وعلينا أن ننهل منه على قدر استطاعتنا كي نتمكّن من العيش بسعادة..
ليس للحياة قيمة إذا لم نعرف الحكمة منها ومن وجودنا، ومن أجمل الحكم التي نتعلّمها من الحياة ما يأتي:
ذكر أنور العطّار العديد من الأمور التي تعلّمها في حياته وأعطته حكم عن الحياة لخّصها في الأبيات الآتية:
نعيم التأني
علمتني الحـياةُ أنّ التأنّـي
شدّ مـا كـان غايةَ المُتَمَنِّيفتزوّدتُ أيَّ زادٍ من الـصبروقـرَّبتُ حكمةَ الدهرِ منيلستُ أختارُ أن أكونَ عجولاًأدَعُ الغيبَ بين رجمٍ وظنِّقِسَمي لن تكون يوماً لغيريفـلأعوّدْ نفسي نعيم التأنّي
الهوى طفلٌ
الوجود صراعٌ
قد يكون للرسائل وقْع على نفوس الآخرين، فمن الرسائل التي يمكن الاستفادة منها في الحياة ما يأتي:
حياتُكَ أَنفاسٌ تُعَدُّ فكلَّما
مضَى نَفَسٌ أنقصتْ به جزءاويحييكَ ما يُفنيكَ في كل حالة
ويحدُوك حادٍ ما يريدُ بك الهُزْءافتصبحُ في نفْسٍ وتمشي بغيرِها
ومالكَ من عقْلٍ تُحسُّ به رزءاإنّي لأعْلَمُ ، واللّبيبُ خَبِيرُ
أن الحَياةَ وَإنْ حَرَصْتُ غُرُورُورَأيْتُ كُلا ما يُعَلّلُ نَفْسَهُ
بِتَعِلّةٍ وإلى الفَنَاءِ يَصِيرُحياة ٌ ما نريدُ لها زِيالا
ودنيا لا نَوَدّ لها انتقالاوعيشٌ في أُصول الموتِ سمٌّ
عُصارتُه ، وإن بَسَط الظلالاوأَيامٌ تطيرُ بنا سحابا
وإن خِيلَتْ تَدِبّ بنا نِمالانريها في الضمير هوى
وحبّا ونُسمِعها التبرُّمَ والملالاقِصارٌ حين نجري اللهوَ فيها
طوالٌ حين نقطعها فعالاولم تضق الحياة بنا ، ولكن
زحامُ السوءِ ضيَّقها مَجالاولم تقتل براحتها بَنيها
ولكن سابقوا الموتَ اقتتالاولو زاد الحياة الناس سعيا
وإخلاصا لزادتهم جمالاوما الحياةُ سوى حسناءَ فارِكة
مخطوبة من أحبَّاء وأعداءقد تمنعُ النفسَ أكفاء ذوي شغف
ورّبما وهبتها غيرَ أكفاءولا يزالُ على الحالينِ صاحبُها
معذَّبَ النفسِ فيها بيِّنَ الداءفإنْ عجِبتَ لشكوى شاعر طرِب
طولَ الليالي يُرى في زيّ بكاءفلستُ أجهلُ ما في العيش من نِعمٍ
أنا الخبيرُ بأشياء وأشياءولا أحبُّ ظلامَ القبر يغمُرني
أنا الخبيرُ بأشياء وأشياءوإنَّما أنا والدُّنيا ومحنتُها
كطالبِ الماء لمَّا غَصَّ بالماءأُريدُها لمسرات ، فتعكِسُها
وللهناءِ ، فَتثنيهِ لايذاءوقد تتبَّعتُ أسلافي فما وقعتْ
عيني على غير مشغوفِ بدُنياءذَمَّ الحياةَ أُناسٌ لم تُواتِهُمُ
ولا دَروا غيرَ دَرَّ الإبْل والشاءوقلَّدَتْهُمْ على العمياء جَمهرةٌ
تمشي على غير قصد خبطَ عشواءولو بدَتْ لهمُ الدُّنيا بزيِنتها
لقابلوها بتبجيل وإطراءعلى جنبات هذه الأرض نمشي
زمانا ثم ندفن في ثراهاويأتي بعدنا قوم وقوم
يعيشون الحياة كما تراهايذوقون النعيم بها وطورا
يذوقون المرارة من أساهاوكم من قد مضى من ألف جيل
على منوالهم نخطو رباهاوليس يعاد للإنسا ن دهر
إذا صفحاته يوما طواهاإن الحياة هي السعادة للذي
يزورُّ عن تزويرها وغرورهاوهي الشقاء لمن يرى أشواكها
فيفر من أزهارها وعبيرهاوالشهم من حذر المضرة واجتنى
وردَ الحياة وأمَّ روض سرورهاوقال أيضاً:إن الحياة أزاهر منظومة
والموت ينثر عقدها بيد القدروأخو النهى من لا تطيش حصاته
فيخال خلب لمعها برق المطرإن الحياة سفين إن نحوت بها
نحو الفضيلة تبلغ ساحل الظفروإن قصدت الهوى الخلاب تلق على
سيف يصيبك فيه فادح الضرروما الحياة سوى رؤيا فآونة
فيها الهناء وطورا حادث الغيرمن سره زمن ساءته أزمنة
فالمرء ما بين صفو العيش والكدرعلينا أن نكون متفائلين في الحياة مهما واجهنا من صعاب وتحديات، وذلك بالاستفادة من الأقوال الآتية:
الخواطر تتدفق فيها الحياة و تفيض قوة عليها، وتحمل معانٍ رقيقة مفعمة بالحنان، كما أنّ كُل الأشياء الجميلة في الحياة هشة، ومن المُمكن خسارتها بسهولة، ومن تلك الخواطر ما يأتي:
لتنجو في هذه الحياة عليك أن تكون خفيفاً، ألا تتعلق بشيء ولا بأحد، ما دام تناله ينال منك، وما تملكه تشقى به، فبعض الشقاء سببه داء الجشع حين تخلق لدينا هوس جمع المزيد منها، في جميع الحالات، ما لا تفارقه سيفارقك، لا أحد يمتلك أحداً أو شيئاً حقاً، أو يضمن الاستحواذ الأبدي عليه.
بعض الأيام ليست سوى أياماً سيئة، هذا كُل شيء، فنحنُ يجب أن نشعُر بالحُزن لمعرفة طعم السعادة بعد ذلِك، دائماً ما أُذكر نفسي كُلما نسيت، أن الأيام لن تكون كلها جيدة، هذه هي الطريقة التي تسير بها الحياة دائماً.
هُناك مزحة قديمة حول عجوزتين تزوران مطعماً، تقول الأولى: يا إلـهي، كم أنّ الطّعام في هذا المكان رديء لترُد عليها الأُخرى: أعلم تماماً، والكمّيات كم هي ضئيلة أيضاً! هذا بالضّبط ما أشعُر به إزاء الحياة، مليئة بالوحدة والبؤس والمُعاناة والتّعاسة، وفوق كلّ هذا تنتهي أسرع مِمّا نتخيّل.
إن الانتصار الحقيقي لأي إنسان ليس في أن يستثمر مكاسبه وأرباحه، وإنما الانتصار الأهم هو أن يحول هزائمه وعثراته وخسائره الشخصية إلى نجاحات وانتصارات، وهو أن يؤمن دائماً بأن الإرادة والكفاح والصبر على المكاره هي أسلحة الصباح لتحقيق الأماني والأحلام وقهر خفافيش الظلام التي تجمع بين الهاربين من الحياة.
الحياة الطيبة ليست كما يفهمها بعض الناسِ، السلامة من الآفات من فقرِ ومرضِ، لا بل الحياة الطيبة أن يكون الإنسان طيب القلبِ مُنشرح الصدر، مطمئناً بقضاء الله وقدره، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
ليس هناك ما ينقذنا من ملاحقة أحزاننا ويخرجنا من ذواتنا كالأطفال وعالمهم الخاص المسحور، إنه عالم البراءة والصدق والحرية، العالم الذي لم يصبغ بصباغ التمويه والزيف ولم تنقسم فيه الحياة بعد. كم أحب النظر في عيون الأطفال؛ كلما نظرت في عيني طفل أحسست بمزيج من البهجة والإشفاق، الإشفاق من أجل البراءة التي سيسرقها عالم الكبار بكل ما فيه من تشوش وبشاعات.