دور المدرسة في التنشئة الاجتماعية للطفل وأهميتها

دور المدرسة في التنشئة الاجتماعية للطفل وأهميتها
(اخر تعديل 2024-03-12 05:07:13 )
بواسطة

تذكرت حينها بعض النماذج من الأطفال منهم من كانت لديهم عدوانية وعنف وغضب وسوء تعامل مع الآخرين، وتغيَّر ذلك تماماً بعد الالتحاق بالمدرسة، وخلاف ذلك صحيح أيضاً، فقد يتعلم الطالب العنف من زملائه أو نتيجة الأنظمة والقواعد الضابطة التي تُطبَّق في المدرسة والتي يصعب على الطالب التأقلم معها أحياناً ليؤكد ذلك كله على دور المدرسة الهام في التنشئة الاجتماعية.

يقضي الطفل في المدرسة ما يقارب 6 ساعات يومياً يقابل فيها نماذج متنوعة تجعله أكثر تكيفاً مع المجتمع مع مرور الزمن وتؤهله لمواجهة الحياة، ومقالنا الحالي سيحدِّثك عن أهمية دور المدرسة في التنشئة الاجتماعية، فاقرأ لتعرف أكثر.

مفهوم التنشئة الاجتماعية:

هي عملية بناء وتكوين شخصية الإنسان وتحديد سماتها ومعالمها، وتشمل التعلم والتعليم والتربية ليكتسب الفرد سلوكاً من المفترض أن يكون إيجابياً ليتمكن من التفاعل الاجتماعي بالشكل المناسب فيقوم بدوره في الحياة ويندمج مع الآخرين.

يُعَدُّ ذلك في حياة الطفل نقلة نوعية تنقل الطفل من الاعتماد على أهله في التصرف بالمواقف المختلفة إلى شخص قادر على تحكيم عقلة وعواطفه، فيتحكم بتصرفاته وانفعالاته ويتصرف وفقاً لقيم المجتمع، فينسجم مع محيطه.

لا يوجد حد معين لعملية التنشئة الاجتماعية؛ إذ تبدأ من طفولة الإنسان وتستمر طيلة حياته، ولا توجد مؤسسة معنية بالتنشئة الاجتماعية وحدها، فالجميع يشارك بذلك، وأهم المؤسسات المشاركة هي العائلة والمدرسة ووسائل الإعلام ودور العبادة وأيَّة مؤسسة يلتزم الفرد بالذهاب إليها بشكل مستمر.

دور المدرسة في التنشئة الاجتماعية للطفل:

نركز في مقالنا على دور المدرسة؛ وذلك لأنَّها المؤسسة الهامة التي يذهب إليها جميع الأطفال، وتضم أكبر عدد من النماذج المختلفة، وفيما يأتي توضيح لدور المدرسة:

1. تكمل المدرسة ما بدأت الأسرة به:

الأسرة هي بيئة صغيرة مهما بلغ عدد أفرادها، ولكنَّها البيئة الأكثر تأثيراً بالطفل، ولا يمكن للمدرسة أن تحل محلها؛ بل دورها هو استكمال دور الأسرة في تنشئة الطفل؛ لأنَّ الوقت الذي يقضيه الطفل في المدرسة يساوي تقريباً الوقت الذي يقضيه مع أفراد أسرته، لذلك يجب أن تكون القيم والمبادئ والأفكار التي يتم توجيه الطفل لها في المدرسة منسجمة مع بيئته الأسرية، وتصبح مهمة المدرسة في التنشئة الاجتماعية للطفل أصعب عندما يأتي الطفل من بيئة أسرية غير طبيعية يسودها التشتت أو الفوضى.

2. التخلص من التعقيدات:

يصعب على الطفل في البداية فهم العلاقات البشرية وكيفية التأقلم مع المجتمع المحيط به، وربما يواجه خوفاً وتوتراً وخجلاً عند تقرُّب شخص منه، ودور المدرسة هو كسر حاجز الخوف من خلال تبسيط التعقيدات بإعداد بيئة تقرِّب الأطفال من بعضهم بعضاً واعتماد أساليب تربية وتعليم تنشئ جواً من الألفة بين الأطفال ومعلميهم، فتعليم الطفل التكيف مع هذه البيئة يهيئ الطفل للتأقلم مع المجتمع بأكمله، ويشمل ذلك تعليم الطفل كيفية التأقلم مع الأشخاص المختلفين معهم مادياً، فتلك النقطة هامة جداً لبناء شخص لا يسعى إلى تأسيس علاقات اجتماعية مع من يشبه بالطبقة الاجتماعية؛ بل تأسيس العلاقات بناءً على المشاعر والتوافق الفكري.

3. تهيئة الطفل اجتماعياً:

لا يمكن الهروب من القيم والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع أو تجاهل وجودها، ودور المدرسة هو نقل القيم الصحيحة وتفسيرها وشرح ثقافة المجتمع والإشارة إلى العادات السلبية وكيفية تجنبها لتجنب الوقوع في المشكلات، إضافة إلى تعليم الطفل كيفية التعامل مع المواقف السلبية وطرائق حل المشكلات وكيفية التعبير عن المشاعر الإيجابية والسلبية ليتمكن من إقامة علاقات سليمة، ويُعَدُّ ذلك جزءاً هاماً من تربية الطفل، فالتنشئة الاجتماعية للطفل في المدرسة تعني إكسابه طبيعة إنسانية لم تولَد معه، ولكنَّها تنمو تكيفاً مع المجتمع والمواقف التي يتعرض لها.

4. تزويد الطفل بخبرات حياتية:

لا يحتاج الطفل في حياته فقط إلى تعلُّم كيفية القراءة والحساب وما شابه ذلك من مواد تفرضها المناهج العلمية؛ إنَّما يحتاج أيضاً إلى تعلُّم مهارات وخبرات حياتية، وللمدرسة دور هام في تقديم معلومات تتعلق بحياة الطفل مثل تعليمه أهمية النظافة وكيفية الحفاظ على نظافته الشخصية وتزويده بمعلومات مناسبة لعمره عن نظام الغذاء الصحي والرياضة المناسبة، فقد تغيب تلك المعلومات عن ذهن والدته أو والده، فلا يتعلم ما يحتاج إليه يومياً.

إضافة إلى ذلك، فمن الضروري تقديم المعلومات الهامة التي تخص المكان الموجود فيه الطفل، مثل التحدث عن مدينته وميزاتها وما تشتهر به، والتحدث عن شخصيات هامة في الحياة، فجميعها معلومات هادفة وصحيحة تساهم في فهم المجتمع المحيط.

5. توسيع الدائرة الاجتماعية:

عندما يخرج الطفل من دائرته الصغيرة المتمثلة بالأسرة، قد يُصدَم بوجود نماذج مختلفة من أطفال ينتمون إلى بيئات مختلفة، وكلما كان العدد أكبر والبيئات أكثر تنوعاً، أصبحت مهمة المدرسة أصعب في شرح الاختلافات ومحاولة إيجاد النقاط المشتركة التي تقرِّب الأطفال من بعضهم بعضاً، ويساهم التنوع مساهمة كبيرة في تعريف الطفل إلى معايير اجتماعية مختلفة، ويعلِّمه احترام الآخرين والتعامل والتعاون معهم بصرف النظر عن وجود نقاط مشتركة أو عدم وجودها؛ بل يصبح الطفل قادراً على البحث عن النقاط المشتركة مع الآخرين مستقبلاً وبناء علاقات اجتماعية أكثر متانة.

6. تحفيز الطفل:

إنشاء بيئة تنافسية في المدرسة من خلال النشاطات والاختبارات المتنوعة تحفز الأطفال على إخراج أفضل ما لديهم من مهارات وتعزز الناحية الإبداعية في الطفل، فيسعى إلى إبراز نفسه ونيل مكانة مرموقة بين أقرانه، ولتحفيز الطفل يجب الاهتمام بميوله واكتشاف قدراته ورغباته من خلال تنظيم نشاطات فنية أو رياضية أو اجتماعية مثل الرحلات والمسابقات بأشكال مختلفة؛ إذ تفيد في اكتشاف المواهب وفي توطيد العلاقات بين الأطفال وإنشاء روح المنافسة والتعاون أيضاً؛ لأنَّها تعلِّم الطفل أهمية العمل الجماعي وإدارة الوقت.

من الأفضل عند اكتشاف موهبة مميزة إخبار الأهل والتنسيق معهم، لتوجيه الطفل إلى مراكز خاصة تُعنى بتنمية المواهب، فيتم تعزيز موهبة الطفل بالتعاون بين المركز والمدرسة والأسرة حرصاً على مستقبل الطفل، فيصل إلى المكان الذي يستحقه لاحقاً.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتنمية الذكاء الاجتماعي للطفل

7. معالجة مشكلات الأطفال:

يمكن للمدرسة تحويل الطفل الذي يحمل صفات وسلوكاً سلبياً إلى عضو فعال في المجتمع، ويتطلب ذلك متابعة سلوك التلاميذ لتحديد السلوك السلبي بدقة مثل السرقة أو الكذب أو العنف أو الإهمال ومختلف المشكلات التي تنتج حتماً عن خلل في تربية الطفل أو في بيئته التي يعيش فيها، ويتم ذلك بالاستعانة باختصاصي نفسي أو اجتماعي مهمته البحث عن الأسباب والتقرب من الطفل وشرح خطورة وسلبيات سلوكه على الأمد البعيد، واتباع أساليب تربوية صحيحة وبإشراف اختصاصيين ليتم إعادة الطفل إلى فطرته السليمة، فإصلاح حال الطفل يساهم في إصلاح المجتمع بأكمله؛ وذلك لأنَّه يقلل من الأشخاص المنحرفين مستقبلاً وبناء مجتمع آمن وناجح يبدأ ببناء طفل متوازن وسليم نفسياً واجتماعياً.

أساليب المدرسة في تنشئة الأطفال اجتماعياً:

تعتمد تنشئة الطفل اجتماعياً وإنشاء انسجام بينه وبين مجتمعه على توفُّر أركان أساسية في المدرسة أبرزها ما يأتي:

1. المعلم:

هو عمود التنشئة الاجتماعية، فوظيفة المعلم لا تقتصر على تقديم المعلومات العلمية للطفل؛ إنَّما يجب إعداد المعلم جيداً ليصبح نموذجاً يحتذي به الطلاب ومحل ثقتهم، فيقتدوا به في السلوك والتصرفات، ولتكون قدرته على التمييز بين سلوك الطفل الطبيعي والسلوك المنحرف، وليتمكن من تقديم المعلومات التي يحتاجها الطفل في تلك المرحلة العمرية.

2. المواد المقدَّمة للطفل:

يجب إعداد منهاج متناسب مع درجة استيعاب الطالب، وتنظيم نشاطات تتناسب مع قدرات الأطفال وتقع ضمن مجالات اهتمامهم، إضافة إلى ضرورة تنظيم البيئة في المدرسة وضبطها بأفضل شكل.

3. أسلوب تقديم المعلومات:

يحدد أسلوب المعلم في تقديم المعلومات مقدار الاستفادة من المدرسة في التنشئة الاجتماعية للطفل، وعموماً يفضَّل اتباع الأساليب الحديثة، وتوفير وسائل تعليمية متنوعة، والابتعاد عن الروتين والرتابة، والعمل على ربط المعلومات النظرية بالتطبيق العملي.

في الختام:

تؤدي التنشئة الاجتماعية للطفل إلى تزويد المجتمع بعنصر فعال يسعى إلى النجاح ورفع مستوى مجتمعه، ويقلل من الأشخاص المنحرفين، وهذا يخفض المشكلات بنسبة كبيرة، ودور المدرسة في التنشئة الاجتماعية للطفل هام وأساسي، فالمدرسة تكمل ما بدأت الأسرة به وتساهم في التخلص من تعقيدات العلاقات البشرية وكسر الحواجز بين الأطفال لبناء علاقات سليمة، كما تنقل القيم والمبادئ والعادات السليمة السائدة في المجتمع للطفل بطريقة صحيحة ليتمكن من الانسجام مع مجتمع بأفضل شكل لاحقاً، وتزوِّده بالخبرات الحياتية المناسبة لمرحلته العمرية.

إضافة إلى أنَّ المدرسة تؤدي دوراً هاماً في تحفيز الطفل لإخراج أفضل ما لديه من مهارات ومواهب من خلال النشاطات والمسابقات التي تُعِدُّها لتقريب الأطفال من بعضهم وإزالة الفوارق الموجودة بينهم، أما الأطفال ممن يعانون من مشكلات نفسية أو اجتماعية فتؤدي المدرسة دوراً في علاجهم بإشراف اختصاصيين نفسيين واجتماعيين، ولتقوم المدرسة بدورها في التنشئة الاجتماعية تحتاج إلى معلمين تم إعدادهم نفسياً واجتماعياً، إضافة إلى مناهج وأساليب تربوية فعالة.